سولافة مجدي صحفية مصرية ومدافعة عن حقوق الإنسان. سجينة سياسية سابقة في مصر، اعتقلت مع زوجها من 2019 إلى 2021
ملاحظة المحرر: المقال التالي مقتبس من الكلمة التي ألقتها سلافة مجدي في فعالية منظمة (DAWN) الأخيرة في واشنطن لإحياء ذكرى وإرث جمال خاشقجي. تم تكريم سلافة مجدي، إلى جانب الصحفي أيمن محي الدين، بجائزة النزاهة الأولى من منظمة (DAWN)، تكريمًا للأصوات التي تُعتبر الأفضل في تمثيل التزام جمال خاشقجي بالحرية والديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
في الليلة التي تم فيها اختطافي في أحد شوارع القاهرة على أيدي قوات الأمن المصرية التي لا ترحم، تم تقييد يداي وتعصيب عينيّ وقيل لي أنني يجب أن أنسى اسمي. الرقم 99—هوية السجن الخاصة بي—سيكون هويتي الجديدة. نعم، يسمينا ضباط الأمن المصريون بالأرقام خلف جدران الاعتقال تلك.
عندما أتذكر أطول وأحلك الليالي داخل زنزانة باردة لا ترحم، عندما يتم إغلاق أبواب السجن علينا لعدة أشهر، عندما شعرت أنني على وشك الموت من الجوع والبرد، وأنا أتقاسم نفس الزنزانة مع 150 امرأة أخرى في سجن القناطر نساء، لا زلت أفكر في ذلك الرقم.
لكن وسط هذا الظلام، أتذكر أيضًا المقاومة والإصرار على التمسك بالحياة. فقد كان خارج أسوار السجن أشخاص يهتمون بي ويطالبون بحريتنا. كان عليّ أن أبقى قوية، وألا أسمح أبدًا بأن أكون مجرد رقم في نظام السجون من قبل حكومة أنكرت وجودنا كسجناء سياسيين.
أنا أحد الناجين من محنة لا ينبغي لأي صحفي أن يمر بها. جريمتي كانت قيامي بعملي، وهو قول الحقيقة في وجه السلطة. لكن من وجهة نظر الحكومة المصرية، كان ذلك كافيًا لوصمي بالإرهابية وتجريدي من حريتي، وإبعادي عن ابني الصغير خالد لمدة عامين تقريبًا. عندما تم اعتقالي في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بعد مداهمة وسائل إعلام مستقلة في القاهرة، تم كذلك اعتقال زوجي المصور الصحفي حسام الصياد. خالد، الذي كان عمره سبع سنوات فقط، ظل بدون والديه.
أنا أحد الناجين من محنة لا ينبغي لأي صحفي أن يمر بها. جريمتي كانت قيامي بعملي، وهو قول الحقيقة في وجه السلطة.
- سلافة مجدي
في السجن، أصبحت زميلاتي في الزنزانة، ومعظمهن من الصحفيات، وخاصة زميلتي الأسيرة حسيبة محسوب، مصدر إلهامي. إنّ قصص صمودهن في مواجهة الظلم هي شهادة على قوة الروح الإنسانية—وتذكير صارخ بالحاجة الملحة إلى العدالة والمساواة في مصر وفي جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ليس فقط للصحفيات ولكن أيضًا لكل من يجرؤ على قول الحقيقة في وجه السلطة.
لقد سألني الكثير من الناس عن سبب اختياري أن أصبح صحفية في مصر، البلد الذي تم فيه توثيق مخاطر العمل في هذه المهنة في ظل النظام الحالي للرئيس عبد الفتاح السيسي. الجواب بسيط ولكنه عميق: أنا أؤمن بالقوة التحويلية للحقيقة، بغض النظر عن مدى صعوبة ذلك.
كصحفية مصرية، شهدتُ معاناة مواطني بلدي، وقمع حرية التعبير، وتآكل حقوق الإنسان الأساسية. كان واضحًا بالنسبة لي أن الصمت في وجه الظلم ليس خيارًا. وفي مصر، أصبحت الصحافة طريقًا للعدالة والخلاص.
إنّ سجني الظالم لم يؤد إلا إلى تعزيز إيماني بالمبادئ الأساسية للصحافة وحقوق الإنسان. الصحافة ليست مجرد مهنة، إنها تسلط الضوء على أحلك زوايا المجتمع. يتعلق الأمر بإعطاء صوت لمن لا صوت لهم وللمضطهدين، وهي منصة لمن يتم إسكاتهم. لا تقتصر الصحافة على نقل الحقائق فحسب، بل يتعلق الأمر بمحاسبة الجمهور لأصحاب السلطة.
لقد اضطر عدد كبير جدًا من الصحفيين الشجعان في العالم العربي إلى المخاطرة بحياتهم من أجل الحقيقة ودفع الثمن النهائي، وخاصة زميلنا الراحل جمال خاشقجي.
ولولا دعم الآخرين الذين يدافعون عن إطلاق سراحي، لما كنتُ هنا اليوم، وأواصل القيام بما أؤمن به كصحفية. لكنني أيضًا لم أكن لأتمكن من البقاء على قيد الحياة في السجن دون رعاية ودعم زملائي في الزنزانة، زميلاتي في المعاناة، اللاتي يستحقن الآن تضحيتي والتزامي من أجل إطلاق سراحهن. لا يزلن في السجون في مصر، خلف القضبان الحديدية، وقد تم اختزال إنسانيتهن برقم، ويواجهن نفس التهديد بالتعذيب الذي واجهته. يجب إطلاق سراحهن أيضًا.
يجب على الحكومة المصرية التوقف عن معاملة الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان وأي شخص يجرؤ على الاحتجاج على أنهم مجرد أرقام في السجن. يجب أن تعترف بنا كأشخاص لهم وجوه وقصص وحياة. وعلى الرغم من أنني لا أستطيع العودة إلى وطني، إلا أنني لا أزال ثابتة على إيماني بأنني سأعود يومًا ما إلى مصر مرفوعة الرأس.