توصف سقطرى بأنها "جوهرة خليج عدن" و "المكان الأكثر غرابة على وجه الأرض"، فهي أرخبيل يمني من عالم آخر يقع على بعد 150 ميلاً من القرن الأفريقي. في السنوات الأخيرة، كانت هناك منافسة جيوسياسية متزايدة بين مختلف الجهات الفاعلة على الساحة الدولية والتي تسعى جميعها إلى تأكيد نفوذ أكبر على هذا الأرخبيل، الذي يقع في موقع استراتيجي بين بحر العرب وخليج عدن وخليج عُمان.
بشكل عام، تجنّبت سقطرى الحرب الأهلية اليمنية ومستوى العنف المروع الذي شهدته أجزاء أخرى من البلاد. ومع ذلك، اندلعت اشتباكات عسكرية بين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي والقوات الموالية للحكومة اليمنية هناك في 30 أبريل/نيسان 2020. لكن بعد أن دعا محافظ سقطرى والمجلس الانتقالي الجنوبي الحكومة السعودية للتدخل آلت الأمور إلى التهدئة. جاءت هذه الحادثة بعد قرابة عامين من وصول الدبابات والعسكريين الإماراتيين إلى الأرخبيل، ما أثار توترات كبيرة بين أبو ظبي وحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي الضعيفة. وردًا على "اعتداء الإمارات غير المبرر على سيادة اليمن"، رفعت حكومة هادي شكواها إلى الأمم المتحدة. وعلى الرغم من الانسحاب الرسمي لدولة الإمارات من اليمن في عام 2019، فليس سرًا أن الإماراتيين يحتفظون بنفوذ كبير في سقطرى.
خلال عام 2020، بدأ عدد من وسائل الإعلام التركية والقطرية في الغالب في نشر تقارير عن خطط مزعومة لإنشاء قاعدة استخباراتية إماراتية إسرائيلية في سقطرى. على الرغم من أنه من غير الواضح ما مدى حقيقة ذلك، فيمكن القول بأن التنسيق الإماراتي الإسرائيلي في سقطرى هو احتمال حقيقي بسبب التطورات الإقليمية المختلفة التي دفعت أبوظبي إلى تحالف أكبر مع تل أبيب بعد ستة أشهر تقريبًا من إعلان اتفاق إبراهام.
إذا بدأت الإمارات العربية المتحدة العمل مع إسرائيل في اليمن، فقد يكون لمثل هذا التطور تأثير كبير على الوضع السياسي المتفجر في البلاد مع استمرار الحرب الأهلية متعددة الأوجه. قد تكون النتيجة تأجيج المشاعر المعادية للإمارات من جانب اليمنيين الذين لديهم، إلى حد كبير، حساسية تجاه إسرائيل ويتعاطفون مع النضال الفلسطيني. فعلى حد تعبير الصحفي اليمني المستقل أبو بكر الفقيه، فإن "أي تنسيق إماراتي إسرائيلي في اليمن سيقابله زيادة في العداء للإمارات بين أوساط اليمنيين، الذين سيشعرون أن أبوظبي بلا شك هي "يد إسرائيل في بلادهم."
على الرغم من حقيقة أن اليمنيين لديهم وجهات نظر سلبية تجاه إسرائيل، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي لديه وجهة نظر مختلفة عن الدولة اليهودية. فبحكم حقيقة أن أبو ظبي تسيطر على المجلس الانتقالي الجنوبي—لدرجة أن العديد من الخبراء يصفون هذه الجماعة اليمنية الجنوبية بأنها "وكيل" إماراتي—فإنه يمكن القول أن أي إجراءات تتخذها الإمارات في اليمن وتتعلق بإسرائيل ستحظى بمباركة المجلس الانتقالي الجنوبي. ومن الأمثلة على ذلك إشادة قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي باتفاق إبراهام بعد وقت قصير من إعلانه في 13 أغسطس/آب.
وبالتالي، على الرغم من عدم وجود اتفاق دبلوماسي رسمي بين إسرائيل والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي هو (على الأقل في الوقت الحالي) جهة فاعلة غير حكومية، فيمكن القول بأن المجلس الانتقالي الجنوبي هو القوة الأكثر صداقة لإسرائيل في اليمن. قد يرى هذا الفصيل الانفصالي، الذي يسيطر على سقطرى، أن العلاقة الضمنية مع إسرائيل تخدم أجندته طويلة المدى في عدن وأماكن أخرى في جنوب اليمن. فقد ذكر نبيل نويرة، وهو محلل مستقل في الشأن اليمني: "يعتقد المجلس الانتقالي الجنوبي أن تقاربهم مع إسرائيل سيساعد في إقامة دولتهم المستقلة." وأضاف: "لذلك، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي يؤيد التنسيق الإماراتي الإسرائيلي في اليمن في حين يعارضه باقي المكونات اليمنية."
يمكن للإسرائيليين أن يروا احتمال إيجاد موطئ قدم لهم في سقطرى عبر الإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي باعتبارها "فرصة لا تُفوَّت" لمراقبة أنشطة طهران في جميع أنحاء بحر العرب والمحيط الهندي الأوسع كما يذكر الفقيه. بطبيعة الحال، وفي إطار هذا السياق، فإن دخول إسرائيل إلى سقطرى سوف يتماشى مع هدف السياسة الخارجية لواشنطن في مواجهة أجندة السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية. تدرك الإمارات كيف يمكن لهذا أن يعزز شراكة أبوظبي مع الولايات المتحدة، خاصة في الوقت الذي يعارض فيه العديد من المشرعين الأمريكيين صفقة السلاح المثيرة للجدل بقيمة 23 مليار دولار أمريكي إلى الإمارات.
إذا تم تمكين الإمارات في اليمن من خلال شرائها طائرات مقاتلة من طراز F-35 وطائرات ريبر بدون طيار وصواريخ جو-جو وذخائر، يمكن لأبوظبي أن تهدئ من مخاوف واشنطن من خلال استخدام قوتها لتمكين الإسرائيليين من متابعة سياساتهم المعادية لإيران في هذا الأرخبيل اليمني المُطل على باب المندب. سيرى صانعو السياسات الأمريكيون مثل هذا الوجود الإسرائيلي الذي تسهّله الإمارات في سقطرى على أنه حصن ضد الأنشطة الإيرانية في اليمن وكذلك القرن الأفريقي، وهي منطقة مضطربة تمارس طهران فيها درجات متفاوتة من النفوذ منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
بالنظر إلى المستقبل، فإن إمكانية تنسيق الإماراتيين والإسرائيليين لأنشطتهم في سقطرى، على افتراض أن هذا لم يبدأ أصلًا، قد يكون له تداعيات جيوسياسية كبيرة على الشرق الأوسط وآسيا. يمكن أن يؤدي النفوذ الإسرائيلي الأكبر في المحيط الهندي إلى تسهيل ظهور "المثلث الهندي الإماراتي الإسرائيلي" الذي لا يواجه إيران فحسب، بل باكستان أيضًا. بالنسبة للمسؤولين في كل من طهران وإسلام أباد، فإن مثل هذا التطور سيكون مزعجًا.
سيحتاج المحللون في عام 2021 إلى مراقبة الوضع في سقطرى ومراقبة أي تنسيق إماراتي إسرائيلي محتمل. بالإضافة إلى ساحل البحر الأحمر—إريتريا وبونتلاند وما إلى ذلك—يمكن أن تكون سقطرى واحدة من المناطق التي نشهد فيها الطرق التي تؤثر بها الشراكة الإماراتية الإسرائيلية على الأوضاع الجيوسياسية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأفريقيا.
جورجيو كافييرو (@GiorgioCafiero) هو الرئيس التنفيذي لمؤسسة "Gulf State Analytics" (@GulfStateAnalyt) وهي مؤسسة استشارية للمخاطر الجيوسياسية مقرها واشنطن العاصمة.
***
الصورة: مقاتلون من قوة الحزام الأمني التي دربتها الإمارات ويهيمن عليها أعضاء من المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى إلى استقلال جنوب اليمن، فوق دبابة في مدينة شُقرة الساحلية الجنوبية باليمن، شرقي مدينة عدن بتاريخ 27 أغسطس/آب 2019. —جددت السعودية والإمارات دعوتهما في وقت سابق هذا الأسبوع لإجراء محادثات سلام بين الحكومة اليمنية والانفصاليين الجنوبيين، وحثت على وقف إطلاق النار بعد اشتباكات دامية. (تصوير -/ وكالة الصحافة الفرنسية AFP) (تصوير -/ وكالة الصحافة الفرنسية AFP عبر غيتي إيماجز).