سيفاغ كيشيشيان باحث في الشؤون الخليجية بمنظمة (DAWN)
يواجه ما لا يقل عن تسعة شبان سعوديين كانوا أحداثًا عندما ارتكبوا جرائمهم المزعومة الإعدام الوشيك في المملكة العربية السعودية—على الرغم من حقيقة أن السلطات السعودية قد ألغت أو حدّت بشدة من نطاق عقوبة الإعدام للمذنبين الأحداث في السنوات الأخيرة. كان أحد هؤلاء الشباب السعوديين التسعة المحكوم عليهم بالإعدام يبلغ من العمر 12 عامًا فقط وقت ارتكاب جريمته المزعومة.
إنّ عمليات الإعدام التي تلوح في الأفق تتعارض مع المرسوم الملكي الذي صدر في عام 2020 ونص على إلغاء عقوبة الإعدام بالنسبة لمعظم الجرائم المرتكبة عندما كان المتهمون قاصرين. جاء هذا المرسوم في أعقاب قانون الأحداث الذي تم تقديمه عام 2018، والذي حدد عقوبة قصوى بالسجن 10 سنوات لأي شخص دون سن 18 عاما مدانا بمعظم الجرائم التي كانت عقوبتها في السابق الإعدام.
تكشف وثائق المحكمة الخاصة بهؤلاء الأحداث التسعة أن القضاة السعوديين يهتمون بإصدار الأحكام القاسية أكثر من اهتمامهم بإقرار العدالة والالتزام بالإصلاحات القانونية. وبدلًا من الامتثال لقانون الأحداث، لا يزال القضاة يحكمون على القاصرين بالإعدام من خلال التجاهل الوقح لتواريخ ميلادهم وتواريخ جرائمهم المزعومة. من الواضح أنهم فهموا الرسالة عندما أمر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان باعتقال تسعة قضاة—وزاد العدد لاحقًا إلى 10—في أبريل/نيسان 2022 ومحاكمتهم جميعًا في محكمة الإرهاب التي تتمتع بسمعة سيئة في البلاد لكونهم متساهلون للغاية في أحكامهم—أو ما تم اعتباره "تهاونًا مع مجرمي أمن الدولة" و "خيانة عظمى".
الشبان التسعة المحكوم عليهم بالإعدام جميعهم من الشيعة، وجميعهم متهمون بالمشاركة في الاحتجاجات المناهضة للحكومة وارتكاب أعمال "إرهابية" باستثناء شخص واحد. اتبعت محاكمتهم وأحكام الإعدام جزئيًا القواعد القديمة للمحاكمات الجنائية السعودية. تظهر وثائق المحكمة أن السلطات حكمت على هؤلاء الشباب بالإعدام بعد محاكمات بالغة الجور. الدليل الوحيد الذي قدمته المحكمة ضدهم هو اعترافاتهم، التي ادعى جميع المتهمين أنها انتُزعت منهم عن طريق التعذيب والخداع.
القضاة السعوديون يهتمون بإصدار الأحكام القاسية أكثر من اهتمامهم بإقرار العدالة والالتزام بالإصلاحات القانونية. وبدلًا من الامتثال لقانون الأحداث، لا يزال القضاة يحكمون على القاصرين بالإعدام من خلال التجاهل الوقح لتواريخ ميلادهم وتواريخ جرائمهم المزعومة.
- سيفاك كيشيشيان
عبد الله الدرازي (واحد من تسعة شبان) اعتقلته قوات الأمن السعودية في عام 2014 عندما كان يبلغ من العمر 18 عامًا، لمشاركته في احتجاجات ضد معاملة الدولة للمواطنين الشيعة في القطيف شرق السعودية، متهمة إياه بجرائم يُزعم أنه ارتكبها عندما كان قاصرا. وبحسب ما ورد، فقد تم تعذيبه ليعترف، من بين أمور أخرى، بتشكيل "خلية إرهابية" وارتكاب أعمال "إرهابية". قال عبد الله للقاضي أن ضابط الأمن الذي استجوبه ظهر ذات يوم وخدعه ليوقّع على المستندات، مدعيًا أنها كانت من أجل الإفراج عنه وأوضحوا أنهم اكتشفوا أنه بريء بالفعل. هكذا انتهى الأمر بتوقيع عبد الله على وثيقة تحتوي على اعترافات كاذبة بارتكاب جريمة كقاصر لا علاقة له بها في الواقع.
وفي مايو/أيار، كتبت عائلة الدرازي رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكين، تطلب فيها من وزارة الخارجية التدخل في قضيته. وجاء في رسالتهم "ان حكومة المملكة العربية السعودية لا تصغي لصرخاتنا لكنها ستستمع إليكم". وألحقتها ست منظمات حقوقية برسالة مشتركة إلى بلينكين عشية زيارته إلى السعودية في أوائل يونيو/حزيران، تحثه على الضغط على السلطات السعودية للعدول عن إعدام الدرازي ومذنب آخر محكوم عليه بالإعدام، وهو يوسف المناسف. من غير الواضح ما إذا كان بلينكين قد أثار قضاياهم مع المسؤولين السعوديين أثناء تواجده في الرياض.
وفي حين يُعتبر إعدام الأحداث والبالغين بناءً على اعترافات منتزعة تحت التعذيب أو بالخداع ممارسة طويلة الأمد في السعودية، تكشف وثائق المحكمة الأخيرة عن خطوات إضافية تتخذها السلطات السعودية لتأمين إدانات مشكوك فيها للأحداث الجانحين، حيث تتغاضى العديد من وثائق المحكمة الآن عن تاريخ ميلاد المدعى عليه، والذي كانت تضيفه وثائق المحكمة سابقًا عند أول ذكر لاسم المدعى عليه، وعادةً ما يكون في الصفحة الأولى. ان وثائق المحكمة لاثنين من تسعة شبان سعوديين يواجهون الإعدام—جواد قريريص، بتاريخ 5 نوفمبر/ـشرين الثاني 2022، وحسن الفرج، بتاريخ 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2022—لا تتضمن تواريخ ميلادهم أو تواريخ ميلاد المتهمين الآخرين.
وبالمثل، لم تعد وثائق المحكمة الأخيرة تشير إلى التاريخ الذي يُتهم فيه المدعى عليه بارتكاب جريمة. ففي السابق، كانت تشير وثائق المحاكم السعودية في كثير من الأحيان، ولكن ليس دائمًا، إلى التواريخ الدقيقة للأحداث والحوادث التي حكم فيها القاضي على شخص بعقوبة محددة. فإن وثائق محكمة الدرازي، على سبيل المثال، لا تحدد تواريخ جرائمه المزعومة. في مثل هذه الحالات، ستكشف هذه التواريخ بوضوح أن المدعى عليه كان أقل من 18 عامًا في ذلك الوقت. إن إزالة تواريخ الميلاد وتواريخ الجريمة المزعومة تعيق معرفة هذا الأمر.
يهتم القضاة السعوديون بإنقاذ أعناقهم أكثر من اهتمامهم بتنفيذ القوانين السعودية. إن الإصلاحات القانونية في السعودية لا معنى لها في ظل هذا الحكم التعسفي.
- سيفاك كيشيشيان
لكن لا ينتهي الأمر هنا. يتحايل قضاة سعوديون على التعديلات القانونية التي أدخلها قانون الأحداث والمرسوم الملكي لعام 2020 ويصدرون أحكامًا بالإعدام على الأحداث المخالفين لجرائم يعاقب عليها القانون الإسلامي بالتعزير. إن عقوبات التعزير موضوعة للجرائم التي ليس لها عقوبات محددة في الشريعة. يحظر قانون 2018 على وجه التحديد استخدام عقوبة الإعدام للمذنبين الأحداث في قضايا التعزير. يُترك تحديد شدة العقوبات على الجرائم التي يُعاقب عليها بموجب التعزير للقاضي عادة ليقررها، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. وهي تختلف عن عقوبات الحدود—وهي العقوبات المحددة في الشريعة الإسلامية، مثل الردة وقطع الطريق والسرقة والزنا، وما إلى ذلك—والتي تنص الشريعة على عقوبات ثابتة لها وفقًا للقرآن أو الحديث وتحظر أيضًا استخدام الاعترافات بالإكراه كدليل.
واتهمت النيابة السعودية الدرازي بارتكاب جرائم مختلفة، بعضها يعاقب عليه بالحد والبعض الآخر بالتعزير. حدثت بعض هذه الجرائم المزعومة عندما كان الدرازي دون سن 18 عامًا، والبعض الآخر عندما كان أكبر من 18 عامًا بقليل. ولا تذكر وثائق المحكمة التواريخ التي يُفترض أن الدرازي ارتكب فيها أيًا من هذه الجرائم. وبما أن الدرازي قال للقاضي أنه تعرض للتعذيب والتضليل للتوقيع على "الاعتراف" الذي شكل الدليل الوحيد لجميع "جرائمه"، لم يستطع القاضي الحكم عليه بالإعدام بموجب الحدود، لأن الشريعة تحظر بوضوح استخدام عقوبة الإعدام في الحدود عندما تستند الأدلة إلى اعترافات يزعم المتهم أنه أُجبر على الإدلاء بها.
لكن القاضي بدا حريصًا على إصدار حكم بالإعدام على الدرازي، حتى لو لم يستطع فعل ذلك من خلال عقوبة الحدود. كما أنه لا يمكنه الحكم على الدرازي بالإعدام باعتباره حدثًا "مذنبا" بموجب التعزير، لأن قانون الأحداث يحظر ذلك بوضوح. وبدلًا من ذلك، حكم على الدرازي بالإعدام تعزيرًا باعتباره مجرمًا بالغًا متجاهلًا تواريخ جرائمه المزعومة.
وكما تكشف قضية الدرازي والأمثلة الأخرى، فإن الإصلاحات القانونية في السعودية لا معنى لها في ظل هذا الحكم التعسفي. إنّ إزالة تواريخ الميلاد والجرائم المزعومة من وثائق المحكمة، والقفز على النصوص القانونية والالتفاف عليها والحكم على العديد من الشباب السعوديين حتى الموت، يشير إلى أنه في ظل حكم محمد بن سلمان الاستبدادي المتزايد، يهتم القضاة السعوديون بإنقاذ أعناقهم أكثر من اهتمامهم بتنفيذ القوانين السعودية. ففي نهاية المطاف، "الخيانة العظمى"—وهو ما اتهم محمد بن سلمان القضاة العشرة السابقين لتساهلهم في أحكامهم—هي جريمة يُعاقب عليها بالإعدام في السعودية.