تتطلب إصلاحات السياسة الخارجية الحد من نفوذ الصناعة الدفاعية والحكومات الأجنبية.
(واشنطن العاصمة، 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2023)— خلص المشاركون في ورشة عمل نظمتها منظمة (DAWN) مع كلية الحقوق بجامعة ييل في 29 سبتمبر/أيلول 2023، الى أن وجود سياسة خارجية أمريكية متجذرة في ضبط النفس يمكنها ويجب عليها الوفاء بالالتزامات القانونية الدولية والتزامات حقوق الإنسان. وذكرت منظمة (DAWN) في ورقتها السياساتية المقدمة في الورشة أن أي تغييرات إيجابية في السياسة الخارجية الأمريكية ستتطلب من مجموعات المناصرة ومراكز الأبحاث بذل جهود للحد من قوة ونفوذ الصناعة الدفاعية والحكومات الأجنبية في واشنطن.
قالت سارة لي ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة (DAWN): "لقد شرعنا في إجراء هذه المناقشة المهمة حول كيفية تطوير سياسة أمريكية متجذرة في ضبط النفس للوفاء بالتزامات بلادنا الدولية لدعم حقوق الإنسان ووقف الفظائع في جميع أنحاء العالم". وأضافت: "وكما أظهرت حرب إسرائيل في غزة بوضوح، لا يمكن أن يكون هناك إصلاح في سياسة الولايات المتحدة حتى نخوض بشكل جماعي المعركة ضد نفوذ الحكومات الأجنبية وضغوط الصناعة الدفاعية في واشنطن".
ولدراسة مزايا وقيود سياسة خارجية أمريكية تتمتع بضبط نفس أكبر، استضافت منظمة (DAWN) ورشة عمل للخبراء بالتعاون مع كلية الحقوق بجامعة ييل، تحت عنوان "تجسير ضبط النفس والانخراط الإيجابي: نحو إطار جديد لسياسة أمريكية في الشرق الأوسط"، والتي جمعت باحثين ومحللي سياسات بارزين. وناقش المشاركون ما إذا كان من الممكن وضع إطار معياري جديد يتجاوز استراتيجية ضبط النفس. واقترح المتحدثون أساليب من شأنها إرساء سياسات الولايات المتحدة فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان ومواءمة المصالح الأمريكية مع سياسات أكثر نشاطًا وانخراطًا تساهم في التغيير الإيجابي والديمقراطي، مع تصحيح الأضرار التي ساهمت فيها الولايات المتحدة.
ومن بين المساهمين في ورشة العمل ماثيو دوس نائب الرئيس التنفيذي في مركز السياسة الدولية، وستيفن والت أستاذ مقعد روبرت ورينيه بيلفر للشؤون الدولية في كلية هارفارد كينيدي، ومايكل وحيد حنا مدير البرامج الأمريكية في مجموعة الأزمات الدولية، وإياد البغدادي كاتب ورئيس مؤسسة الكواكبي، ونادر هاشمي الأستاذ المشارك في جامعة جورج تاون ومدير مركز الوليد للتفاهم الإسلامي المسيحي، وأسلي بالي أستاذة القانون في كلية الحقوق بجامعة ييل، وإيما أشفورد زميلة أولى في مركز ستيمسون، وسارة لي ويتسن المديرة التنفيذية لمنظمة (DAWN).
تشمل الجهود المتزايدة لدفع الولايات المتحدة نحو سياسة خارجية تتسم بضبط النفس مجموعة واسعة من الأكاديميين والمحللين والمدافعين عن حقوق الإنسان وصانعي السياسات عبر مختلف الاتجاهات السياسية. هناك اعتراف واسع النطاق بأن عقودًا من السياسات التي اتبعتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والتي كانت مدفوعة في كثير من الحالات بالرغبة في الحفاظ على تفوق الولايات المتحدة، كانت لها نتائج عكسية، إذ لم تقوض الاستقرار والمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة فحسب، بل قوضت أيضًا حقوق الإنسان والديمقراطية في منطقة لا تزال استبدادية وعسكرية بأغلبية ساحقة. ومع ذلك، بالنسبة للكثيرين، فإن وجود سياسة خارجية أمريكية أكثر ضبطًا للنفس في الشرق الأوسط ستكون محدودة النطاق للغاية، حيث ستفشل في صياغة رؤية شاملة وإيجابية للمشاركة التي تخدم مصالح الولايات المتحدة وتدعم مسؤوليات أمريكا القانونية والأخلاقية تجاه المنطقة.
وقالت أسلي بالي، أستاذة القانون في كلية الحقوق بجامعة ييل: "لقد وفرت ورشة عمل "تجسير ضبط النفس" منتدىً فريدًا للخبراء لصياغة نهج بديل للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط يجمع بين فضائل ضبط النفس مع التركيز على الانخراط العملي والبناء في الديمقراطية وحقوق الإنسان وقضايا أخرى". وأضافت: "تسلط وجهات النظر المتنوعة للمشاركين الضوء على التعقيدات والمآزق الأخلاقية المرتبطة بالسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة—والحاجة الملحة إلى نهج جديد متعدد الأبعاد يأخذ في الاعتبار الإجراءات قصيرة المدى والعواقب طويلة المدى".
تضمنت الجلسة الأولى في ورشة العمل ، التي قدمها ستيفن والت ومايكل وحيد حنا وإياد البغدادي وأدارها ماثيو دوس، بحث معنى ضبط النفس عمليًا بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية وقيودها المتصورة، وتحديدًا في حالة سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. أما الجلسة الثانية، التي قدمتها أسلي بالي وإيما أشفورد وسارة لي ويتسن، وأدارها نادر هاشمي، فقد بحثت في استراتيجية معيارية إيجابية لانخراط الولايات المتحدة في المنطقة، بحثًا عن رؤية بديلة للسياسة الخارجية الأمريكية التي تربط بين مزايا ضبط النفس والفجوات التي تتركها في المسؤولية والمساءلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ولتحفيز المزيد من النقاش حول هذه الأسئلة المهمة للسياسة الخارجية الأمريكية، ستنشر منظمة (DAWN) مجموعة مختارة من المقالات المقتبسة من الأوراق المقدمة في ورشة العمل في مجلتها الإلكترونية "الديمقراطية في المنفى". يمكن الاطلاع على تقرير يوضح تفاصيل إجراءات ورشة عمل "تجسير ضبط النفس" هنا.
يقول عالم السياسة ستيفن والت، أستاذ مقعد روبرت ورينيه بيلفر للشؤون الدولية في كلية كينيدي بجامعة هارفرد في أول مقالتين منشورتين في مجلة "الديمقراطية في المنفى" في هذه السلسلة: "إنّ وجود سياسة خارجية أكثر ضبطًا للنفس هي أفضل طريقة للحفاظ على أمن الولايات المتحدة وازدهارها، وقد تكون أيضًا أفضل طريقة لتعزيز القيم الأساسية التي يتقاسمها الواقعيون والتقدميون".
وكتبت إيما أشفورد، الزميلة البارزة في برنامج إعادة تصور الإستراتيجية الأمريكية الكبرى في مركز ستيمسون: "لقد فشلت استراتيجية ضبط النفس في السيطرة على السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط على الرغم من الأهداف المعلنة، بدرجات متفاوتة، لثلاثة رؤساء متعاقبين. ولقد سمحت كل إدارة لسياسات الماضي والجمود بالتغلب على محاولات تقييم المصالح الأمريكية في المنطقة بشكل مناسب اليوم، وأظهرت كل إدارة عجزًا كبيرًا عن قبول وجود حدود لقدرة الولايات المتحدة على تشكيل المنطقة ودولها".
وقدمت أسلي بالي رؤية لكيفية إصلاح سياسة الولايات المتحدة لمعالجة التزامات البلاد القانونية والأخلاقية الدولية، حيث قالت: "إنّ الامتناع عن الأنشطة التي تضر بحقوق الإنسان هو الطريقة الأولى التي يمكن للولايات المتحدة أن تساهم بها بشكل إيجابي في حماية حقوق الإنسان. من الصعب المبالغة في تقدير الأضرار التي نتجت عن استراتيجية الولايات المتحدة اليوم". وتناولت ويتسن العقبات التي تعترض أي إصلاحات في السياسة الخارجية في واشنطن ومقترحات منظمة (DAWN) للحد من سلطة ونفوذ الحكومات الأجنبية والصناعة الدفاعية.
ورشة العمل "تجسير ضبط النفس والانخراط الإيجابي: نحو إطار جديد لسياسة أمريكية في الشرق الأوسط" هي أحدث ورشة عمل حول السياسة الخارجية تعقدها منظمة (DAWN). ففي عام 2022، شاركت منظمة (DAWN) ومركز شيل لحقوق الإنسان الدولية في كلية الحقوق بجامعة ييل في رعاية "حقوق الإنسان تذهب إلى الحرب"، وهي ورشة عمل للخبراء ركزت على كيفية مشاركة مجموعات حقوق الإنسان ومنظمات المناصرة في نقاش السياسات والخطاب القانوني المتعلق بالقانون الإنساني الدولي وما إذا كانت النُهُج البديلة قادرة على حماية حقوق الإنسان وتعزيزها بشكل أفضل قبل اندلاع النزاعات المسلحة.
وفي عام 2021، شاركت منظمة (DAWN) ومركز الدراسات الدولية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في رعاية "تقييد المساعدات العسكرية"، وهي ورشة عمل تدور حول دراسة المبادئ والفعالية والأضرار المحتملة لشروط نقل الأسلحة الأمريكية والدعم الاقتصادي والدبلوماسي للحكومات المسيئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بناءً على إصلاحات في سجلهم في مجال حقوق الإنسان.
وفي وقت سابق من هذا العام، في يناير/كانون الثاني 2023، شاركت منظمة (DAWN) في استضافة مؤتمر بالتعاون مع مؤسسة توكل كرمان ومركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورج تاون حول كيفية بناء السلام والديمقراطية المستدامين في اليمن. وفي أبريل/نيسان 2023، شاركت منظمة (DAWN) ومشروع الأويغور لحقوق الإنسان في استضافة ورشة عمل للخبراء حول تواطؤ الحكومات الاستبدادية في الشرق الأوسط مع قمع الصين للأقلية المسلمة من الأويغور.
المقالات المقتبسة من جميع ورش العمل وهذه المؤتمرات متوفرة في مجلة "الديمقراطية في المنفى" الخاصة بمنظمة (DAWN).