سام هيلر باحث ومحلل وزميل أبحاث في مؤسسة القرن يقيم في بيروت. يركز عمله على الجوانب السياسية والأمنية في لبنان وسوريا وجوارهما الإقليمي. وقد قام بنشر مقالات على نطاق واسع مع مجموعة الأزمات الدولية ومؤسسة القرن وفي بعض مؤسسات النشر مثل فورين أفيرز وور أون ذا روكس وذا ديلي بيست.
English
سيصوّت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الشهر المقبل على تجديد تفويضه بتقديم المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، متجاوزًا حكومة الرئيس بشار الأسد في دمشق. التصويت مهم لعواقبه الإنسانية على الحياة والموت في شمال غرب سوريا، على طول الحدود التركية. كما أنه مهم، ثانويًا، كحالة اختبار لسياسة إدارة بايدن المبكرة تجاه سوريا—حيث أنها أقل اعتمادًا على المواجهة مع الأسد وحلفائه، وإنما أكثر على القيام بما هو ضروري لمساعدة السوريين الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدات.
على مدار سبع سنوات من الحرب الأهلية السورية التي دامت عقدًا من الزمن، سمح مجلس الأمن لوكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة بتقديم مساعدات إنسانية مباشرة عبر الحدود إلى المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية "مع إخطار السلطات السورية"—أي بدون إذن مسبق من دمشق.
في عام 2014، صوّت مجلس الأمن بالإجماع على التفويض عبر الحدود ردًا على استمرار الحكومة السورية في عرقلة تقديم المساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرتها. كان ذلك بمثابة تقليص غير عادي لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة، والذي كان، في الوضع العادي، سيُلزم وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة بالعمل وفقًا لموافقة دمشق ودورها التنسيقي.
وبينما كان يقوم مجلس الأمن منذ ذلك الحين بتجديد هذا التفويض عبر الحدود لمدة عام أو ستة أشهر في كل مرة، كان يتم تضييق التفويض بشكل مطرد. سمح القرار الأصلي لعام 2014 باستخدام أربعة معابر حدودية رسمية مع تركيا والأردن والعراق.
عندما استعاد الجيش السوري المزيد من الأراضي على مستوى البلاد، بدأت روسيا—العضو الدائم في مجلس الأمن والحليف الرئيسي لسوريا—في المطالبة باستعادة السلطة الطبيعية السيادية لسوريا وإعادة تركيز استجابة الأمم المتحدة في مجال المساعدات في دمشق. كما عبرت موسكو عن مخاوف بشأن تحويل المساعدات من قبل المسلحين في مناطق سيطرة المتمردين.
عندما جدد مجلس الأمن التفويض في يناير/كانون الثاني 2020، تم تخفيض المعابر الأربعة الأصلية المصرح بها إلى اثنين بإصرار من روسيا—وكلاهما على الحدود التركية مع شمال غرب سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة. وعندما جاء التصويت على التجديد في يوليو/تموز 2020، نجحت روسيا وزميلتها الصين العضو الدائم في الضغط من أجل إزالة أحد هذين المعبرَين المتبقيين، في محافظة حلب الشمالية.
اليوم، المعبر الوحيد الذي لا يزال مصرحًا به بموجب تفويض مجلس الأمن هو باب الهوى، الذي يربط إدلب بمحافظة هاتاي في تركيا (من الجانب التركي يسمى المعبر سيلفيجوزو). وتخدم المساعدات التي يتم إيصالها عبر باب الهوى سكان إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة والمناطق المجاورة في محافظة حلب.
ينتهي تفويض الأمم المتحدة الحالي لتقديم هذه المساعدات الإنسانية مباشرة إلى شمال غرب سوريا من تركيا في 10 يوليو/تموز. وفي الفترة التي سبقت تصويت التجديد في مجلس الأمن، كرر الدبلوماسيون الروس شكوكهم بشأن ضرورة استمرار الآلية العابرة للحدود، وكذلك شكوكهم حول المساعدات في إدلب على وجه التحديد التي يسيطر عليها المسلحون.
لقد أشاروا إلى أن موقف روسيا من تجديد القرار يتوقف على إحراز تقدم في إيصال المساعدات "عبر الخطوط" إلى إدلب—عبر الخطوط الأمامية للحرب الأهلية، من مناطق سيطرة الحكومة السورية. وركزوا بشكل خاص على إرسال قافلة من الأمم المتحدة كان مخطط لها إلى مدينة دارة عزة التي تسيطر عليها المعارضة في منطقة بمحافظة حلب على الحدود مع إدلب. فشلت روسيا وتركيا—القوتان الخارجيتان الرئيسيتان على الأرض هناك—في التوسط في الترتيبات الأمنية واللوجستية لهذه القافلة لأكثر من عام.
أهمية التجديد
منطقة شمال غرب سوريا الذي تسيطر عليها المعارضة هي تركيز مكثف للاحتياجات الإنسانية. هذه المنطقة الصغيرة نسبيًا مكتظة بالنازحين الذين فروا من تقدم الجيش السوري في أماكن أخرى والذين، في كثير من الحالات، استنفدوا كل الموارد المتاحة لديهم لإعالة أنفسهم.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن الشمال الغربي يستضيف أكثر من 4 ملايين سوري، من بينهم أكثر من 2.7 مليون نازح داخلي. يعيش ما يقرب من 1.6 مليون شخص في مخيمات ويعتمدون بشكل خاص على المساعدات الإنسانية. بشكل عام، يعتمد 2.4 مليون شخص في شمال غرب سوريا الآن على مساعدات الأمم المتحدة عبر الحدود.
إذا لم يتم تجديد تفويض مجلس الأمن عبر الحدود، فإن التداعيات الإنسانية تبدو خطيرة. وسيعني ذلك وقف مساعدات الأمم المتحدة التي يتم إيصالها عبر باب الهوى، بما في ذلك، وفقًا لمنسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة المنتهية فترته، مارك لوكوك، توصيل الغذاء إلى 1.4 مليون شخص شهريًا و "ملايين" العلاجات الطبية.
بالإضافة إلى فقدان تلك المساعدات، سيتعين على الأمم المتحدة أيضًا إنهاء الدعم الفني واللوجستي الذي تقدمه عبر مختلف القطاعات الإنسانية ودورها العام في تنسيق جهود العديد من الجهات الفاعلة الإنسانية المشاركة في استجابة المساعدات عبر الحدود. لن تكون قادرة بعد الآن على توجيه ما يقرب من 300 مليون دولار من الدعم المالي للمنظمات الشريكة المحلية. يبدو أن عدم التجديد سيعني أيضًا إنهاء توفير لقاحات كورونا التي تدعمها الأمم المتحدة في شمال غرب سوريا.
لا يعني عدم تجديد التفويض إغلاق معبر باب الهوى، أو أن الشمال الغربي سيُحاصر بالكامل. ستظل المنطقة تستفيد من الشحنات القادمة من غير الأمم المتحدة عبر المعبر، بما في ذلك الشاحنات التجارية التي تقدم المساعدات للمنظمات غير الحكومية الدولية الرئيسية ومنظمات الإغاثة المحلية والإقليمية والجمعيات الخيرية.
يعتمد شمال شرق سوريا بالمثل على معبر سيمالكا مع إقليم كردستان العراق—المسمى فيش خابور على الجانب العراقي—والذي تعمل من خلاله منظمات الإغاثة أيضًا خارج رعاية الأمم المتحدة. تقوم وكالات الأمم المتحدة حاليًا بتخزين المساعدات مسبقًا داخل شمال غرب سوريا تحسبًا للتصويت على التجديد في يوليو/تموز.
لكن العاملين في المجال الإنساني يصرون على أنه لا بديل عن استمرار وصول الأمم المتحدة عبر الحدود إلى شمال غرب سوريا. فبدون ذلك، ستنخفض المساعدات إلى شمال غرب سوريا بشكل كبير وستكون أكثر اضطرابًا. لنأخذ مثالاً رئيسيًا واحدًا فقط: تعاني سوريا من أزمة جوع على مستوى البلاد—والتي قمتُ بتغطيتها مؤخرًا بمزيد من التفصيل في تقرير لمؤسسة القرن—والشمال الغربي هو المنطقة الأكثر معاناة من "انعدام الأمن الغذائي" في البلاد.
في الوقت الحالي، تصل المساعدات الغذائية الحيوية إلى سكان المنطقة عبر الحدود مع تركيا. ومع ذلك، إذا لم يتم تجديد التفويض عبر الحدود، فإن المنظمات غير الحكومية تقدّر أنها يمكن أن تحل محل جزء بسيط فقط من الإمدادات الغذائية التي توفرها الأمم المتحدة الآن، ما يترك أكثر من مليون سوري بدون مساعدات غذائية ومعرضين لخطر الجوع.
عبور المساعدات الإنسانية عبر الخطوط الأمامية من مناطق سيطرة الحكومة ليس بديلًا حقيقيًا. حتى لو تمكنت تركيا وروسيا من ترتيب قوافل المساعدات إلى إدلب، فلا توجد طريقة معقولة يمكن أن تؤدي من خلالها المساعدات عبر الخطوط إلى توفير كمية ونوعية المساعدات التي يتم تسليمها حاليًا عبر باب الهوى. يعد تجديد التفويض عبر الحدود ضرورة بالنسبة للسوريين المستضعفين في شمال غرب سوريا.
نهج عملي للمضي قدماً
من المعقول تمامًا استنكار إصرار روسيا في الماضي على تضييق تفويض الأمم المتحدة عبر الحدود—والذي يبدو أنه تسبب في ضرر حقيقي في شمال شرق سوريا—وتهديداتها المستترة الآن لتفويض باب الهوى. هذا نهج أخلاقي قائم على الحقوق لهذه القضية. مع ذلك، هناك نهج آخر يركز على كيفية ضمان استمرار المساعدات المنقذة للحياة لسكان شمال غرب سوريا عمليًا.
لأنه عندما يتعلق الأمر بالفعل بتأمين تجديد التفويض عبر الحدود، فمن غير المرجح أن تكوت إدانة روسيا عاملًا مساعدًا في ذلك. يبدو المسؤولون الروس منيعين لمحاولات فضحهم علانية. وهناك القليل من الوسائل الجيدة الأخرى التي يمكن للدول من خلالها ممارسة الضغط على الروس وإجبارهم على السماح بتجديد التفويض.
بالنظر إلى هيكلة مجلس الأمن—وبشكل خاص قدرة أي من أعضائه الخمسة الدائمين على ممارسة حق النقض—فإن أي نهج يضع هؤلاء الأعضاء الدائمين ضد بعضهم البعض من غير المرجح أن يكون مثمرًا. يتطلب التقدم بأي قرار حد أدنى من الإجماع بين الأعضاء الأساسيين في مجلس الأمن، إن لم يكن لتأمين تصويت إيجابي من جميع الأعضاء الخمسة الدائمين، فعلى الأقل لإقناعهم بالامتناع عن التصويت.
الحقيقة الصعبة هي أن تفويض الأمم المتحدة الإنساني عبر الحدود يعد تجاوزًا استثنائيًا على سيادة دولة عضو. تم الاتفاق في الأصل على هذا التفويض من قبل مجلس الأمن بأكمله، وهو يتطلب موافقة الأعضاء الخمسة الدائمين لاستمراره.
بدون وجود مثل هذا الإجماع، يكون عدم التجديد هو النافذ. إذن، يجب على أي شخص لديه دافع لتأمين تجديد التفويض عبر الحدود ألا يفكر في كيفية هزيمة روس خبثاء، بل في كيفية قيام مجلس الأمن بأكمله، ككيان واحد، بإبقاء هذا المعبر الأخير إلى شمال غرب سوريا مفتوحًا.
ومن المشجع أن إدارة بايدن اتخذت حتى الآن نهجًا أكثر توافقية بشأن تجديد تفويض الأمم المتحدة. وقد أثبتت التزامها بالتجديد، بما في ذلك الزيارة التي قامت بها سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد في وقت سابق من هذا الشهر إلى باب الهوى والتي حظيت بتغطية إعلامية جيدة.
لقد أثارت الإدارة هذه المسألة مع موسكو على أعلى المستويات، وتبنت لهجة واعظة تجاه الروس حثتهم بها على الاستجابة للاحتياجات الإنسانية الواضحة في هذا الجزء من سوريا.
أبلغت إدارة بايدن مختلف جهات الحكومة الأمريكية أن تخفيف المعاناة الإنسانية من بين أولويات سياستها العليا بشأن سوريا. يعدّ تصويت شهر يوليو/تموز على تجديد التفويض عبر الحدود اختبارًا مبكرًا لهذا النهج السياسي الذي يركز على الإنسان بشكل أكبر.
إذا سمحت روسيا بتجديد التفويض عبر الحدود، فقد يفتح ذلك الباب أمام مناقشات تابعة لذلك بين واشنطن وموسكو حول كيفية تحسين ظروف المدنيين في سوريا وتخفيف بعض الآثار الإنسانية للعقوبات الأمريكية. قد يكون لدى الولايات المتحدة والدول الأخرى المهتمة بتجديد التفويض عبر الحدود القليل من "العصي" الفعالة للتأثير على تصويت روسيا، لكن هذه هي "الجزرة" التي تملكها على ما يبدو.
ومع ذلك، من المرجح أن يعتمد تجديد التفويض في المقام الأول على اتفاق جانبي بين تركيا وروسيا. بدا ضغط أنقرة مفتاحًا لإقناع موسكو بالسماح بالتجديد من قبل. تربط البلدين علاقة ثنائية معقدة ولكنها مهمة تشمل عددًا من الملفات على مستوى العالم. حتى الآن، بدت روسيا غير راغبة في إلحاق الضرر بالمصالح التركية من خلال إنهاء إيصال المساعدات عبر الحدود إلى مناطق في سوريا تستثمر فيها تركيا جهودًا كبيرة، ما قد يهدد الاستقرار على طول الحدود التركية.
هذه المرة، يبدو أنه يتعين على تركيا تمكين المساعدات الإنسانية عبر الخطوط الأمامية لسوريا، والتي أشار المسؤولون الروس مرارًا إلى أنها ضرورية لتصويتهم على تجديد التفويض عبر الحدود. أخبرني دبلوماسيون غربيون أنه—على عكس افتراض بعض المحللين والمراقبين—لم يتم منع القوافل العابرة للخطوط المتجهة إلى إدلب من قبل دمشق، بل من قبل هيئة تحرير الشام، الفصيل المتمرد الذي خلف جبهة النصرة التابعة للقاعدة.
تنتشر القوات التركية داخل إدلب في إطار وقف إطلاق النار المتفق عليه مع روسيا، وتجري تركيا حوارًا مستمرًا مع هيئة تحرير الشام التي تسيطر على منطقة إدلب. وقد اشتكى المسؤولون الروس من أن نظرائهم الأتراك لم يفعلوا ما يكفي لتسهيل المساعدات عبر الخطوط، والأهم من ذلك، لضمان امتثال مقاتلي هيئة تحرير الشام.
حل وسط لا بد منه
حتى لو كان هذا النوع من المساعدات عبر الخطوط لا يمكن أبدًا أن يحل محل المساعدات القادمة مباشرة من تركيا عبر باب الهوى، فإن محاولة ذلك لا تزال تبدو جديرة بالتجربة، حتى وإن كان ذلك فقط لإشباع رغبة موسكو في تأكيد رمزي لوحدة أراضي سوريا وتأمين قبول روسيا بتجديد تفويض الأمم المتحدة.
قالت إدارة بايدن، التي قامت بالتنسيق عن كثب مع تركيا بشأن التجديد، أنها تدعم توسيع إيصال المساعدات الإنسانية بجميع أنواعها في سوريا، بما في ذلك عبر الحدود وعبر الخطوط. كما أعربت الأمم المتحدة عن ضرورة تقديم مساعدات عبر الحدود وعبر الخطوط. من جانبها، قالت تركيا إنها مستعدة لدعم المساعدات عبر الخطوط الأمامية لسوريا، كمكمّل للعمليات عبر الحدود. نأمل أن تفعل تركيا ما يكفي للفوز بموافقة روسيا على تجديد التفويض.
في مرحلة ما، ستنتهي استجابة المساعدات التي تقوم بها الأمم المتحدة عبر الحدود. سيوفر تجديد التفويض في الشهر المقبل فقط مهلة لستة أشهر أو سنة أخرى، وفي نهايتها سنعود إلى نفس النقاش الشائك. التفويض غير طبيعي وانحراف عن النظام الدولي ونظام الأمم المتحدة القائم على سيادة الدولة، ومن المحتمل ألا تستمر إلى الأبد موافقة روسيا على التجديد المستمر للتفويض. يبدو أن العودة إلى طبيعة الأمور أمر لا مفر منه.
ومع ذلك، وبالنظر إلى حجم المعاناة الإنسانية في شمال غرب سوريا—بل في جميع أنحاء البلاد—لا يزال يتعين تجديد التفويض طالما كان ذلك ممكنًا. ولهذه الغاية، لا يوجد بديل جيد لنهج إدارة بايدن التوافقي لتأمين تصويت روسيا الإيجابي في مجلس الأمن.
مع القليل من الحظ، سيفتح تجديد التفويض الشهر المقبل المزيد من الفرص للتعاون على تحسين الظروف الإنسانية للسوريين في جميع أنحاء البلاد. لكن في الوقت الحالي، سيحصل الملايين في شمال غرب سوريا الذين يعتمدون على المساعدات من تركيا على المساعدات التي يحتاجونها فقط إذا تمكن أعضاء مجلس الأمن من التوصل إلى حل وسط معًا.