ملخص
يوصف بأنه أمير وسيم ذو كاريزما ويتحدث لغات متعددة وحاصل على شهادات من جامعة السوربون الفرنسية وجامعة أكسفورد، الأمير سلمان، 38 عامًا، المعروف باسم غزالان، محتجز منذ يناير/كانون الثاني 2018، مع والده، كجزء من حملة عنيفة من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تستهدف المنافسين في العائلة المالكة.
في يوم اعتقال الأمير سلمان، قام ضباط الأمن بقيادة سعود القحطاني -مستشار ولي العهد محمد بن سلمان آنذاك- بضرب الأمير سلمان حتى فقد وعيه. ونقلوه إلى فندق ريتز كارلتون، لمعالجته على ما يبدو من إصاباته، ومن ثم تم نقله إلى سجن الحائر منتصف يناير/كانون الثاني 2018.
وتم اعتقال والده في 5 يناير/كانون الثاني 2018. كان الأمير سلمان واحدًا من 381 فردًا، بينهم مسؤولين كبار، اعتقلهم محمد بن سلمان كجزء من خطواته غير المسبوقة لتوطيد سلطته وتهميش المنافسين الفعليين أو المفترضين، بعد تعيينه وليًا للعهد في 21 يوليو/تموز 2017.
قام محمد بن سلمان باعتقال العديد من الأمراء الذين يُعتبرون من ذوي النفوذ منهم متعب بن عبد الله وتركي بن عبد الله والوليد بن طلال وآخرين. قال أحد ضباط الأمن السعوديين المشاركين في الاعتقالات أنهم يشتبهون في وجود اتصالات مشبوهة بين الأمير سلمان ووالده مع قوى أجنبية، بحسب شاهد عيان.
لكن الحكومة السعودية لم تقدم أي دليل، ولم توجه اتهام رسمي لأي من الرجلين بأي جريمة ولم تستجوب الأمير سلمان أو والده ولو مرة واحدة. منعت السلطات السعودية الأمير ووالده من الاتصال بمحامٍ. في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أخفى مسؤولون سعوديون الأمير سلمان ووالده، ونقلوهما إلى مكان مجهول. ولم يُسمع عنهما منذ ذلك الحين.
المنهجية
أجرى باحثو منظمة (DAWN) مقابلات مع مصادر مقرّبة من المحتجز وحصلوا على وثائق ومعلومات أخرى من مصادر منشورة نعتبرها موثوقة، كما هو موضح أدناه. تشمل المقابلات ما يلي:
المصدر (ح): في عام 2020، مقابلات أجريت بتاريخ 28-31 أكتوبر/تشرين الأول و5-6 نوفمبر/تشرين الثاني و13-17 نوفمبر/تشرين الثاني و22 نوفمبر/تشرين الثاني. في عام 2021، مقابلات أجريت بتاريخ 8-12 فبراير/شباط و31 مارس/آذار. هذا المصدر مقرّب من الأمير سلمان وعمل معه ولأسرته لأكثر من عقد من الزمن.
ذهب هذا المصدر مع الأمير سلمان بالسيارة إلى قصر الحكم في 4 يناير/كانون الثاني 2018، وشهد مداهمة منزل والد الأمير في 5 يناير/كانون الثاني 2018. كما قام المصدر (ح) باطلاعنا على بعض الوثائق القانونية المتعلقة بالأمير سلمان وقضيته.
المصدر (ب): مقابلات أجريت بتاريخ 28 أكتوبر/تشرين الأول و26 نوفمبر/تشرين الثاني 2020. هذا المصدر صديق للأمير سلمان وحضر مناسبات وسافر معه قبل الاعتقال. لن نقوم بكشف هوية هذين المصدرين لحماية أمنهما. وسنشير إليهما أدناه باسم "المصدر (ح)" و "المصدر (ب)".
خلفية معلومات شخصية
وُلد الأمير سلمان في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1982 في الرياض، وهو أحد أفراد العائلة المالكة السعودية. يسميه أصدقاؤه "سلمان غزالان،" دلالة على المظهر الحسن للغزال في الثقافة العربية. والده هو الأمير عبد العزيز بن سلمان بن محمد آل سعود، ووالدته هي الأميرة نوف بنت عبد الله بن عبد الرحمن، ابنة شقيق الملك عبد العزيز وابنة عم الملك السعودي الحالي سلمان.
نشأ الأمير سلمان في الرياض وتزوج في عام 2012 الأميرة عريب بنت عبد الله آل سعود، ابنة العاهل السعودي السابق عبد الله. وحضر حفل الزفاف العديد من أفراد العائلة المالكة السعودية، بما في ذلك الملك سلمان. لديه ابنة اسمها نوف.
تلقى الأمير سلمان تعليمه المبكر في مدرسة نجد بالرياض وتخرج من كلية الحقوق بجامعة الملك سعود بالرياض. أكمل دراساته العليا في جامعة أكسفورد وحصل على درجة الماجستير في القانون الدولي من جامعة سانت كليمنتس.
وفي وقت لاحق، حصل على الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة السوربون في باريس. كانت أطروحته للدكتوراه عبارة عن دراسة مقارنة للتحديات القانونية لقانون الشركات في السعودية. لغته الأم هي العربية، ويتحدث الإنجليزية والفرنسية بطلاقة ويتحدث الإيطالية بشكل مبتدئ.
الخلفية المهنية
بحسب المصدر (ح)، عرض الملك الراحل عبد الله والملك الحالي سلمان على الأمير سلمان مناصب حكومية، لكنه رفض. وقد أخبر المصدر (ح) أنه يعتقد أن بإمكانه أن يخدم الناس بشكل أفضل كمواطن وليس كمسؤول رسمي.
أسس الأمير سلمان شركة (Buonasera) المتحدة، وهي شركة طيران خاصة، في عام 2015 وشغل منصب الرئيس التنفيذي لها. وتم إغلاق الشركة بعد اعتقاله. كما أسس مشروعًا خيريًا، اسمه "نادي المحركين" وهو عبارة عن منصة تهدف إلى جلب القادة الشباب من العالم معًا لتبادل الأفكار الإبداعية وبناء الشبكات وتعزيز التبادل الثقافي الهادف.
التقى بالعديد من السياسيين والقادة في العالم وحصل على الميدالية الذهبية الرئاسية من إيطاليا وأعلى ميدالية في ألمانيا، والتي تُمنح لأكثر القادة تأثيرًا في العالم في الثقافة والتعليم والعمل الخيري.
وقت وظروف الاعتقال
حتى قبل أن يصبح محمد بن سلمان وليًا للعهد، كانت هناك مؤشرات مبكرة على أنه كان ينظر إلى علاقات الأمير سلمان بالخارج على أنها تهديد. وفقًا لعائلة الأمير سلمان، كما نقله المصدر (ح).
في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2016، وفي الوقت الذي كان فيه محمد بن سلمان نائبًا لولي العهد، التقى الأمير سلمان بعضو الكونغرس الديمقراطي الأمريكي آدم شيف مع أحد الداعمين للحزب الديمقراطي آندي خواجة، في بيفرلي هيلز، كاليفورنيا.
وفي اليوم نفسه، تلقت أسرة الأمير سلمان اتصالًا هاتفيًا من خالد بن عبد الرحمن العيسى، رئيس الديوان الملكي السعودي آنذاك، يأمر فيه الأمير سلمان بالعودة إلى المملكة.
امتثل الأمير سلمان للأمر، معتقدًا أن عودته ستسمح له بتلطيف الأجواء بشأن اجتماعه مع عضو الكونغرس شيف وإقناع الديوان الملكي بأن الاجتماع لا يشكل تدخلًا سياسيًا، بحسب المصدر (ح) والعائلة. وقال المصدر (ح) أن الأمير قلّل من رحلاته إلى الخارج بعد هذه الحادثة.
وبمجرد أن أصبح الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد في 21 يوليو/تموز 2017، اتخذ خطوات غير مسبوقة لتثبيت سلطته وتهميش المنافسين الفعليين والمفترضين. بدأت هذه التحركات بإزاحة ولي العهد السابق محمد بن نايف من وزارة الداخلية وتجريده من سلطات أمن الدولة، التي أعاد محمد بن سلمان تنظيمها في جهاز حكومي جديد تابع له، أسماه رئاسة أمن الدولة.
كما أزاح محمد بن سلمان أيضًا منافسًا آخر هو الأمير متعب بن عبد الله، من الحرس الوطني، وهو المنصب الذي سيطر عليه فرعه من العائلة المالكة لعقود. قبل صعود محمد بن سلمان إلى السلطة، كانت العائلة المالكة السعودية تعمل من خلال نوع من نظام داخلي لتقاسم السلطة، حيث سُمح لفروع مختلفة من العائلة بالسيطرة على وظائف الدولة المختلفة.
شرع محمد بن سلمان في عمليتي تطهير سياسي رئيسيتين، الأولى شملت عدد كبير من الأثرياء في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، حيث طلب مسؤولون سعوديون منهم المال، والثانية في يناير/كانون الثاني 2018، شملت المنافسين المفترضين من العائلة المالكة، بمن فيهم الأمير سلمان ووالده.
في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، شرع محمد بن سلمان في حملة ضد الفساد استهدفت أكثر من 200 شخصية سعودية، بما في ذلك أمراء كانوا أقوياء مثل الأمير تركي بن عبد الله، نجل الملك الراحل عبد الله وأمير منطقة الرياض السابق.
عندما انتهت عملية تطهير الأفراد الأثرياء المشتبه في ارتكابهم أعمال فساد في عام 2019، قام مسؤولون سعوديون بقيادة سعود القحطاني -مستشار ولي العهد محمد بن سلمان آنذاك- باعتقال ما مجموعه 381 شخصًا أو الاعتداء عليهم جسديًا أو طلب أموال منهم، من بينهم ما لا يقل عن 11 من الأمراء.
وأيضًا تحت إشراف لجنة مكافحة الفساد التي يديرها ولي العهد محمد بن سلمان، أفرجت السلطات السعودية عنهم مقابل "تسويات مالية". وقال الديوان الملكي إنه استعاد ما بين 100 و 107 مليار دولار في إطار هذه الحملة. لم توجه السلطات لهؤلاء الأفراد تهمًا بارتكاب جرائم ولم ترفع دعوى في محكمة مدنية للحصول على تعويضات مالية.
في 4 يناير/كانون الثاني 2018، بعد منتصف الليل، اتصل مسؤول من الديوان الملكي بالمنزل الذي كان الأمير سلمان يعيش فيه مع والده في الرياض، بينما كان الأمير سلمان نائمًا. وطلب المسؤول من والده الأمير عبد العزيز إبلاغ الأمير سلمان بزيارة قصر الحكم بالرياض في أسرع وقت ممكن.
في وقت لاحق من صباح ذلك اليوم، توجه الأمير سلمان إلى قصر الحكم. وعندما وصل، رأى أن ما يقرب من عشرين أو ثلاثين فردًا من عائلة آل سعود المالكة قد تم استدعاؤهم أيضًا "للقاء" الأمير، ولكن لم يكن الأمير هناك ولا أي مسؤول آخر لاستقبالهم.
صلوا الفجر وانتظروا الاجتماع الذي لم يتم. بعد بضع ساعات، وصل رجال مسلحون من قوة خاصة أنشأها محمد بن سلمان، تسمى "كتيبة السيف الأجرب" بقيادة سعود القحطاني. بدأ المسلحون في اعتقال أفراد العائلة المالكة الذين احتجوا على سوء معاملتهم.
سأل الأمير سلمان الرجال عن سبب الدعوة والاعتقالات. وردًا على ذلك، قام مسلحون من الكتيبة بأمر من سعود القحطاني بضربه أمام الآخرين، حتى سقط أرضًا فاقدًا للوعي، بحسب عائلته، كما تم إخبار المصدر (ح). في ذلك الوقت، كان المصدر (ح) ينتظر بالخارج.
ووصف النائب العام السعودي سعود المعجب الظروف بأنها "تجمهر" قام به بعض الأمراء في قصر ملكي في الرياض لمطالبة الدولة بدفع فواتير خدمات المياه والكهرباء. وأضاف المعجب أن الأمراء رفضوا المغادرة فقام رجال الأمن باعتقالهم.
ومع ذلك، نفت عائلة الأمير سلمان، وفقًا للمصدر (ح)، رواية المعجب، مؤكدةً بأن الأمراء الأثرياء لايمكن أن يهتموا بمبالغ صغيرة من المال، مشيرةً إلى أن الأمير سلمان والآخرين معه تم استدعاؤهم فكيف يكونوا جاءوا للاعتراض على فواتير؟!
سعود القحطاني، المستشار السابق لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أشرف بنفسه على الاعتقالات والضرب، بحسب الأسرة، كما أفاد المصدر (ح). بعد أن فقد الأمير سلمان وعيه، أخرجه عناصر من كتيبة السيف الأجرب مع أحد عشر أميرًا آخر من مكان الحادثة.
ثم أخذوا الأمير سلمان إلى فندق ريتز كارلتون في الرياض، حيث أقاموا مستشفى للسجناء ووضعوه فيه حتى التأمت جراحه التي نتجت عن الضرب. اعتقلت السلطات السعودية والد الأمير سلمان بعد يوم واحد من اعتقال نجله (انظر قسم: الأثر على الأسرة).
وفقًا للعائلة كما نقله المصدر (ح)، فإن مسؤولي أمن الدولة، الذين يعملون في رئاسة أمن الدولة السعودية، احتجزوا الأمير سلمان في فندق الريتز كارلتون لمدة أسبوعين تقريبًا قبل نقله إلى سجن الحائر بحلول منتصف يناير/كانون الثاني 2018. أمضى الأمير سلمان هناك أكثر من عام. وبحسب المصدر (ح)، فإنه خلال الأشهر الثمانية الأولى له في سجن الحائر، والتي كان خلالها العقيد سعد السلوم هو مدير السجن، وضع مسؤولو السجن الأمير سلمان بمعزل عن العالم الخارجي، دون مكالمات هاتفية أو زيارات. وبعد مارس/آذار 2019 تقريبًا، نقله مسؤولو أمن الدولة إلى فيلا خاصة بالرياض، داخل قصر الملك سعود للضيافة.
الإجراءات القضائية والقانونية
على الرغم من احتجازهم لأكثر من ثلاث سنوات، لم توجه السلطات السعودية تهمًا للأمير سلمان أو والده الأمير عبد العزيز بأي جريمة. وتم حرمانهما من توكيل محامي، ولم يتم استجواب الأمير ووالده أبدًا، بحسب المصدر (ح)، الذي تلقى المعلومات من أفراد الأسرة.
ظروف الاعتقال
في يوم اعتقاله في يناير/كانون الثاني 2018، قام عناصر من كتيبة السيف الأجرب بقيادة سعود القحطاني بضرب الأمير سلمان بشدة. نُقل الأمير سلمان لاحقًا إلى فندق ريتز كارلتون حيث تم معالجته من جراحه. وبقي هناك قرابة أسبوعين إلى أن نقله ضباط أمن الدولة إلى سجن الحائر منتصف يناير/كانون الثاني 2018، وبعد ذلك إلى قصر الضيافة.
وفقًا للعائلة، كما نقله المصدر (ح)، بعد أن نقل المسؤولون الأمير سلمان إلى قصر الضيافة في مارس/آذار 2019 أو ما يقارب تلك الفترة، تمكّن الأمير سلمان من إجراء مكالمات أسبوعية مع أسرته. وبعد بضعة أشهر، سُمح له مع والده بتلقي زيارات عائلية مرة واحدة في الأسبوع حتى بداية عام 2020، بالتزامن مع جائحة كورونا.
وتوقفت الزيارات بداية عام 2020، واستمرت المكالمات حتى الأسبوع الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2020. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، نقل مسؤولو أمن الدولة الأمير سلمان إلى مكان مجهول وأوقفوا المكالمات الهاتفية. منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020، لم يُسمع أي شيء عن الأمير سلمان، ولا يزال مكانه مجهولًا حتى يونيو/حزيران 2021، حيث أخفته السلطات السعودية قسراً.
الأثر على الحياة المهنية
بحسب المصدر (ح)، فقد الأمير سلمان شركته الخاصة للطيران خلال سنوات احتجازه. وأُغلقت مشاريعه الخيرية والمجتمعية، وخسر ممتلكاته وتشتت موظفوه.
الأثر على الأسرة
وفقًا للعائلة، كما نقله المصدر (ح) لمنظمة (DAWN)، ووفقًا للمصدر (ح) الذي كان شاهد عيان بنفسه على الحادثة، فإنه في 4 يناير/كانون الثاني 2018، بعد أن ذهب الأمير سلمان إلى قصر الحكم بالرياض، توجه والده الأمير عبد العزيز بن سلمان بن محمد إلى القصر وشهد المشادة الكلامية بين نجله وأفراد من كتيبة السيف الأجرب، وشهد كذلك ضرب نجله.
ثم عاد الأمير عبد العزيز إلى قصره وحاول الاتصال بأصدقائه في باريس لطلب المساعدة. بعد ذلك بيوم، في 5 يناير/كانون الثاني 2018، حوالي الساعة 8:30 صباحًا، داهم قرابة 100-150 عنصرًا مسلحًا من كتيبة السيف الأجرب بقيادة سعود القحطاني قصره واعتقلوه.
وخلال المداهمة، حطم المسلحون كاميرات القصر، وسأله أفراد القوة الذين اعتقلوا الأمير عبد العزيز عن سبب "تواصله بكيانات أجنبية"، بحسب المصدر (ح) الذي شهد عملية الاعتقال.
لأكثر من عام (من منتصف يناير/كانون الثاني 2018 إلى مارس/آذار 2019)، احتجز ضباط أمن الدولة والد الأمير سلمان، الأمير عبد العزيز في سجن الحائر.
ومثل ابنه، احتُجز الأمير عبد العزيز بمعزل عن العالم الخارجي خلال الأشهر الثمانية الأولى، دون مكالمات هاتفية أو زيارات. وبعد مارس/آذار 2019 أو ما يقارب تلك الفترة، نقله مسؤولو أمن الدولة مع ابنه إلى الفيلا الخاصة بالرياض، داخل قصر الملك سعود للضيافة، بحسب المصدر (ح).
بحسب الأسرة، كما نقله المصدر (ح)، فإنه أثناء تواجد الأمير عبد العزيز في قصر الضيافة، كان بمقدوره، مثل ابنه، إجراء مكالمات أسبوعية مع الأسرة. وبعد بضعة أشهر، سُمح له بتلقي زيارات عائلية مرة واحدة كل أسبوع حتى بداية عام 2020 بالتزامن مع جائحة كورونا.
ثم أوقفت الزيارات، لكن المكالمات الهاتفية استمرت حتى الأسبوع الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2020. وأخفى مسؤولون سعوديون الأمير عبد العزيز في نفس الوقت الذي أخفوا فيه نجله.
انتهاكات الحقوق
إنّ اعتقال الأمير سلمان آل سعود ووالده مخالف لأحكام القانون المحلي والدولي. تنص المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ("الإعلان العالمي") على أنه "لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفًا". وتبني وثائق حقوق الإنسان الأخرى على نطاق هذا الحق الأساسي، بما في ذلك مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن ("مجموعة المبادئ") والميثاق العربي لحقوق الإنسان.
وبموجب هذه الصكوك، فإن تصرفات السعودية في سجن الأمير سلمان ووالده تشكل اعتقالًا تعسفيًا، وبالتالي انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان الخاصة بهم.
يستمع فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي ("الفريق العامل") إلى مطالبات الأفراد الذين حُرموا من حريتهم بشكل تعسفي أو يتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان. وجد الفريق العامل أن الاحتجاز يعتبر "تعسفيًا" عندما يندرج ضمن أي فئة من الفئات التالية:
- عندما يتعذر التذرع بأي أساس قانوني يبرر الحرمان من الحرية.
- إذا كان الحرمان من الحرية ناجمًا عن ممارسة الحقوق والحريات التي تمنحها بعض الحقوق المكفولة في الإعلان العالمي أو العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك الحق في حرية التعبير.
- عندما يكون الحق في محاكمة عادلة قد انتُهك بشكل خطير بحيث يضفي على الحرمان من الحرية طابعًا تعسفيًا.
- عندما يتعرض طالبو اللجوء والمهاجرون واللاجئون للاحتجاز الإداري المطوّل دون إمكانية المراجعة أو الانتصاف الإداري أو القضائي.
- عندما يشكل سلب الحرية انتهاكًا للقانون الدولي على أساس التمييز، بما في ذلك التمييز في الرأي السياسي، والذي يهدف أو يمكن أن يؤدي إلى تجاهل المساواة بين البشر.
انتهكت السلطات السعودية المادة 9 من الإعلان العالمي بما يتوافق مع الفئتين الأولى والثالثة، بالإضافة إلى العديد من الانتهاكات الأخرى للإعلان العالمي.
كما أن احتجاز الأمير سلمان ووالده ينتهك مقتضيات نظام الإجراءات الجزائية السعودي، الذي يحظر على السلطات احتجاز المشتبه بهم لأكثر من ستة أشهر قبل توجيه تهم لهم بارتكاب جريمة.
الحرمان التعسفي من الحرية
لم يكن لإجراءات الحكومة السعودية باعتقال الأمير سلمان في 4 يناير/كانون الثاني 2018 ووالده في 5 يناير/كانون الثاني 2018 أي أساس قانوني بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. لم تمنحهما السلطات مذكرة توقيف، ولم تبلغهما على الفور بأسباب اعتقالهما والتهم التي سيواجهانها.
احتجزتهما الحكومة بمعزل عن العالم الخارجي بين 5 يناير/كانون الثاني 2018 وحوالي منتصف أغسطس/آب 2018، دون السماح لهما بمقابلة أفراد أسرتيهما أو محاميهما. لقد تعرضا للاختفاء القسري في مكان مجهول من نوفمبر/تشرين الثاني 2020 وحتى الآن (1 يونيو/حزيران 2021).
تعتبر ممارسة الاختفاء القسري شكلًا من أشكال الاحتجاز التعسفي المشدد بشكل خاص (انظر الرأي رقم 82/2018، الفقرة 28). ولم يعتمد احتجازهما الاحتياطي على اعتبارات فردية للمخاطر النسبية التي يشكلانها، ولم تنظر السلطات قط في بدائل لسجنهما.
نتيجة لذلك، فإن معاملة السعودية للأمير سلمان ووالده تنتهك المادة 9 من الإعلان العالمي (انظر الرأي رقم 33/2020، الفقرة 76). علاوة على ذلك، من خلال رفض السماح للأمير سلمان ووالده برفع دعاوى للطعن في قانونية اعتقالهما، خالفت المملكة العربية السعودية أيضًا المبادئ 11 و32 و 37 من مجموعة المبادئ، التي تنص على ضرورة الضمانات القضائية في حالات الحرمان من الحرية.
الحق في المعاملة الإنسانية وحظر التعذيب
أخيرًا، والأكثر خطورة، قدمت عائلة الأمير سلمان والمقربون منه مزاعم موثوقة بتعرض الأمير سلمان للتعذيب أثناء اعتقاله، بما في ذلك الضرب والإيذاء الجسدي. تحظر المادة 5 من الإعلان العالمي والمادتان 2 و16 (1) من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ممارسة التعذيب بشكل مطلق.
الاستنتاج
أظهرت الحكومة السعودية، في تعاملها مع الأمير سلمان ووالده، تجاهلًا واضحًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان. نأمل أن تحدد المزيد من التحقيقات، بما في ذلك من قبل المقرر الخاص المعني بالاحتجاز التعسفي والمقرر الخاص المعني بالتعذيب، مدى انتهاكات الحكومات.
ومع ذلك، فقد كان واضحًا منذ البداية أن الأمير سلمان ووالده قد عانا من انتهاك غير معقول لحقوقهما بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
المسؤولون المشاركون في الملاحقة القضائية
1- سعود القحطاني، مستشار رفيع سابق لولي العهد
كان سعود القحطاني مستشارًا مقربًا لمحمد بن سلمان وداعمًا شرسًا. كتب ذات مرة على حسابه الموقوف على تويتر، "أنا موظف ومنفذ أمين لأوامر سيدي الملك وسمو ولي العهد الأمين".
وبحسب الأسرة والمصدر (ح)، فقد أشرف سعود القحطاني على الاعتقالات والتعديات الجسدية على الأمير سلمان في قصر الحكم بالرياض. كما أشرف على اعتقال وإساءة معاملة والد الأمير سلمان أثناء اعتقاله من قصره في الرياض. وخلال مداهمة القصر، وحطمت القوة التي قادها القحطاني كاميرات القصر.
وسأله أفراد القوة عن سبب تواصله بـ "جهات أجنبية"، بحسب المصدر (ح) الذي كان حاضرًا في كلا الحادثتين. يشير هذا السؤال إلى عدم وجود أساس قانوني لاعتقاله، حيث لم تطرح القوة التي قادها القحطاني أي أسئلة حول نشاط إجرامي فعلي، ولم يتم توجيه أي تهم.
2- النائب العام سعود المعجب
يتحمل المعجب، بصفته النائب العام، المسؤولية الكاملة عن الملاحقة عن القضايا الجنائية والتحقيق في مزاعم التعذيب والانتهاكات. المعجب، بصفته نائبًا عامًا، يرأس النيابة العامة.
في تبرير اعتقال الأمير سلمان وأفراد آخرين من العائلة المالكة في قصر الحاكم بالرياض، قال النائب العام السعودي: "على الرغم من إبلاغهم بأن مطالبهم غير مشروعة، رفض الأمراء الأحد عشر مغادرة المنطقة، الأمر الذي أخلّ بالأمن والنظام العام. وتدخل عناصر من الأجهزة الأمنية لإعادة النظام وتم اعتقال الأمراء.".
وزعم البيان أن الاعتقالات كانت بسبب "التجمهر في قصر ملكي في الرياض لمطالبة الدولة بمواصلة دفع فواتير الكهرباء والمياه لهم". هذا التوصيف لا يتطابق مع الحقائق على الأرض، بما في ذلك حقيقة أن الأمير سلمان جاء إلى قصر الحكم بناء على طلب المسؤولين السعوديين.
كان المعجب، على أقل تقدير، على علم بالظروف المحيطة باعتقال الأميرين واحتجازهما، لكنه لم يتدخل في انتهاك حقوقهما، ولم يوجه لهما اتهامات بارتكاب جريمة أو أن يقوم بإطلاق سراحهما، ولم يبلغ الأسرة عن مكان تواجدهما، كما لم يقم بالتحقيق في الاعتداء الجسدي على الأمير سلمان من قبل القوة التي قادها القحطاني. ولا يزال على رأس الجهة المسؤولة عن الاختفاء القسري لكلا الأميرين.
3- العقيد سعد السلوم، سجن المباحث العامة بالحائر
كان السلوم مديرًا لسجن الحائر التابع لرئاسة أمن الدولة منذ بداية عام 2018 على الأقل وحتى سبتمبر/أيلول 2020. وبذلك، فقد كان مسؤولًا عن معاملة السجناء المحتجزين هناك أثناء تلك الفترة.
خلال الفترة التي قضاها مديرًا للسجن، من منتصف يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول 2018، احتجز مسؤولو السجن الأمير سلمان ووالده بمعزل عن العالم الخارجي في سجن الحائر دون مبرر.
ردود الفعل الدولية
في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أشارت تقارير إلى وجود جهود من الحكومة الفرنسية والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للإفراج عن الأمير سلمان.
وفي فبراير/شباط 2020، زار وفد من الاتحاد الأوروبي المملكة العربية السعودية ودعا إلى إطلاق سراح أفراد العائلة المالكة بمن فيهم الأمير سلمان ووالده. ودعا مارك تارابيلا، نائب رئيس وفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع شبه الجزيرة العربية، البرلمان الأوروبي للضغط على الحكومة السعودية للإفراج عن الأمير سلمان.
كما أشار في رسالته إلى مناشدة أخرى للحكومة السعودية من البرلمان الأوروبي تم فيها طلب معلومات عن الأمير ووضعه، لكن دون جدوى. وقال تارابيلا أن إطلاق سراح الأمير سيعزز العلاقة بين أوروبا والسعودية.
وفي مايو/أيار 2020، وقّع روبرت ستريك، وهو عضو ضغط أمريكي، عقدًا بقيمة مليوني دولار مع أحد مساعدي الأمير سلمان بن عبد العزيز للدفاع عن الأمير. وبحسب دي دبليو، "تحظى هذه الخطوة بدعم حكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي".
وفي أغسطس/آب 2020، قدمت مجموعة منّا لحقوق الإنسان ومقرها جنيف ومنظمة القسط التي تتخذ من لندن مقرًا لها شكوى لدى فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في جنيف بشأن اعتقال وسوء معاملة الأمير ووالده.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، أصدر الاتحاد الأوروبي قرارًا بخفض رتبة الوفد إلى قمة مجموعة العشرين في السعودية، مشيرًا إلى انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان، بما في ذلك قضية الأمير سلمان.
وفي 4 فبراير/شباط 2021، أرسل عضو البرلمان الأوروبي مارك تارابيلا رسالة إلى عضو الكونغرس الأمريكي آدم شيف للتعاون في الضغط على الحكومة السعودية للإفراج عن الأمير سلمان ووالده (حصلت منظمة (DAWN) على نسخة من الرسالة).
قال تارابيلا في الرسالة: "هذا هو الوقت المناسب للتعاون وتقديم الحلول السياسية والدبلوماسية من أجل تحقيق العدالة من خلال وضع حد للاعتقال التعسفي لسلمان بن عبد العزيز بن سلمان آل سعود ووالده".
وفي 30 مارس/آذار 2021، أشار تقرير حقوق الإنسان السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية إلى قضية الأمير سلمان حيث ذكر أنه "لم يتم استجواب الأمير ووالده أو توجيه اتهامات لهما أبدًا منذ بدء احتجازهما قبل أكثر من عامين ونصف".