DAWN’s experts are the driving force behind the organization’s mission and vision. Our experts complement our research work and bolster our advocacy efforts.

No posts found!

Read all the latest articles from the DAWN team of Experts and Contributors.

آمال السودان في الديمقراطية تواجه عدوًا قديمًا مألوفًا في الجيش

Avatar photo

محمود الدنعو هو صحافي ومحلل سياسي سوداني

English

قطع الانقلاب العسكري الذي وقع الشهر الماضي في السودان، بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، الطريق مرة أخرى أمام تطلعات الشعب السوداني للانعتاق من الدائرة الدكتاتورية الطويلة والمتعرجة في بلادهم. فعلى مدى العقود الستة الماضية، اتسمت الحياة السياسية في السودان بفترات قصيرة من الحكم الديمقراطي بقيادة مدنيين، عادةً ما تنتهي بانقلاب ينذر بنظام استبدادي. البرهان ليس أول ضابط عسكري يطيح بحكومة مدنية في الخرطوم، فتاريخ السودان الحديث يزخر بمؤامرات الجنرالات الذين تمكن بعضهم من الاستيلاء على السلطة وفشل بعضهم (وآخرون ما زالوا بلا شك ينتظرون لحظتهم). كلهم برروا انقلاباتهم بأنها انحازت إلى جانب "الشعب" وتذرعوا بضرورة حماية أمن البلاد من "فوضى" الديمقراطية والحكم المدني. وفي كل مرة، يشكّل أتباعهم جوقة لتزيين سوءات حكم العسكر.

على الرغم من الآمال التي ظهرت عقب الإطاحة بديكتاتورية عمر البشير التي استمرت 30 عامًا في عام 2019، يواجه السودان الآن عقبة مألوفة للغاية على طريق الديمقراطية. على مدار عامين في السلطة، كانت الحكومة الانتقالية في السودان، المعروفة باسم مجلس السيادة والمكونة من ممثلين مدنيين وعسكريين، تعاني من الاقتتال الداخلي والتدهور الاقتصادي في البلاد وانعدام الأمن على نطاق واسع وهي الأمور التي تم ترحيلها من عهد البشير، وهي ايضا الأشواك التي وضعها الجنرالات عمدًا في طريق الحكومة، بما يشمل التحرك البطيء للإصلاحات الاقتصادية. لكن على الرغم من عيوبها، كانت هذه الحكومة برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، حتى انقلاب أكتوبر/تشرين الأول، الأمل الوحيد في تخليص السودان من قمع حكم العسكر—وهو هدف الثورة الشعبية التي أنهت نظام البشير وحكم الفرد.

وقّع حمدوك، بعد اعتقاله في أعقاب الانقلاب، اتفاقًا سياسيًا مع الجيش الأسبوع الماضي نتج عنه الإفراج عنه من الإقامة الجبرية وإعادته إلى منصب رئيس الوزراء. وقال أنه أبرم الاتفاق: "لوضع حد لإراقة الدماء" في الشوارع، حيث قُتل متظاهرون على أيدي قوات الأمن في الخرطوم ومدن أخرى، لكن المحتجين رأوا في ذلك خيانة. ورفضت قوى الحرية والتغيير، التحالف المدني الذي تقاسم السلطة مع الجيش في مجلس السيادة قبل الانقلاب، هذا الاتفاق، وكذلك رفضته عدة أحزاب سياسية معارضة، بما في ذلك حزب الأمة وحزب المؤتمر الوطني.

أعاد انقلاب البرهان إشعال جذوة المقاومة الشعبية للأنظمة العسكرية، والتي تعود إلى عقود في السودان. أعلنت البلاد استقلالها عن الحكم الاستعماري الأنجلو-مصري في عام 1955 بعمل ديمقراطي جريء: فقد صوّت أعضاء أول برلمان منتخب لصالح استقلال السودان. منذ ذلك الحين، عمل الجيش في أغلب الأحيان كعائق أمام الحكم المدني الناشئ، ما عطّل إحراز أي تقدم بعد استقلال السودان في عام 1956. فقد أطاح الفريق إبراهيم عبود بأول حكومة سودانية مستقلة، بقيادة رئيس الوزراء إسماعيل الأزهري في عام 1958، أي بعد عامين فقط من تشكيلها—لإنهاء ما أسماه عبود "حالة الانحطاط والفوضى وعدم الاستقرار في البلاد." وعندما تم الإطاحة بعبود في انقلاب عام 1964، كان للسودان حكومة مدنية لفترة وجيزة مرة أخرى—ولكن حتى عام 1969 فقط، وبعد ذلك هيمنت الأنظمة العسكرية في السودان على مدى حربين أهليتين طويلتين.

ومع ذلك، فقد تمت الإطاحة بكل طاغية عسكري، بغض النظر عن مدة حكمه، من خلال انتفاضة شعبية ساحقة، مثل ثورتي أكتوبر/تشرين الأول 1964 التي أنهت حكم عبود وأبريل/نيسان 2019 التي أنهت حكم البشير. أعقب ذلك حكومات انتقالية مهدت الطريق لعودة قصيرة إلى الديمقراطية الانتخابية. ثم يتكرر هذا النمط، عندما يأتي جنرال مغامر سياسيًا تسانده سرًا قوى سياسية أخرى لعرقلة المسار الديمقراطي.

تذوق الشعب السوداني باكرًا طعم الديمقراطية بجلاء الاستعمار البريطاني عبر ممارسة برلمانية ناضجة ونشوء الأحزاب السياسية في أربعينيات القرن الماضي. ومع ذلك، فإن بعض هذه الأحزاب نفسها كانت متواطئة مع الجيش، ما يقوض المؤسسات نفسها التي يُتوقع منهم احترامها وتقويتها. حظيت جميع الانقلابات العسكرية في السودان بدعم الأحزاب السياسية حيث دفعت وأغرت الجيش لقطع الطريق أمام الديمقراطية، إلى جانب قوى إقليمية ودولية التي من المرجح أن تتعارض مصالحها مع ظهور حكم مدني ديمقراطي حقيقي في الخرطوم.

من حيث الشكل، يبدو أن لاعبين إقليميين ساعدوا في التخطيط لانقلاب البرهان ودعمه. فبحسب بعض التقارير، أرسلت إسرائيل وفدًا إلى السودان ضم أعضاء من جهاز الموساد الاستخباراتي أثناء الانقلاب، بعد أن زار وفد أمني سوداني إسرائيل سرًا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ووصفت صحيفة هآرتس اليومية البرهان بأنه "رجل إسرائيل في السودان" لأنه دعا إلى التطبيع الكامل للعلاقات مع إسرائيل العام الماضي، وهي سياسة لا يدعمها الجانب المدني في الحكومة الانتقالية أو معظم السودانيين. كما عيّن البرهان مؤخرًا أبو القاسم برطم، وهو مدافع بارز عن التطبيع مع إسرائيل، في مجلس السيادة الجديد بعد الانقلاب.

ورفع المتظاهرون السودانيون في الشوارع لافتات تتهم مصر والإمارات صراحة بالتخطيط للانقلاب ودعمه. تم الكشف عن الطريقة التي قامت بها مصر بإعطاء الضوء الأخضر لانقلاب البرهان في تقرير تم نشره الشهر الماضي. كما نظمت الجاليات السودانية في الشتات احتجاجات متزامنة أمام السفارات المصرية والإماراتية في الخارج للتعبير عن معارضتهم للانقلاب وتواطؤ الحكومتين في دعم البرهان. حتى عندما قالت الحكومة الإماراتية منذ ذلك الحين أنها ترحب بالتسوية السياسية في السودان وانخرطت في محادثات، إلا أنه "وكأن الإماراتيون يتفاوضون نيابة عن البرهان، ما يعكس دورهم المهم في دعم انقلابه ضد الحكومة المدنية،" بحسب ما ذكره خليل. العناني.

تربط كل من البرهان والفريق محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، علاقات قوية ومريبة مع مصر. حميدتي هو قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية، التي رفضت الاندماج في الجيش النظامي. فقد عملت هذه القوات كمرتزقة في اليمن، حيث قاتلوا الحوثيين نيابة عن الإمارات والسعودية. يُقال أن البرهان صديق للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ويقال أنه كان في زيارة سرية لمصر قبل ساعات فقط من الانقلاب، ربما طلبًا لنصحه ومشاركته. مدير المخابرات المصرية عباس كامل يتنقل ذهابًا وإيابًا بين القاهرة والخرطوم منذ الانقلاب. وبحسب ما ذكرته بعض التقارير، قال عباس كامل للبرهان عشية الانقلاب: "على حمدوك أن يرحل." على مر السنين، كانت هناك تنسيقات وثيقة بين الجيشين السوداني والمصري، بما في ذلك من خلال المناورات العسكرية المشتركة "حراس النيل."

ورغم أن الإمارات، إلى جانب الولايات المتحدة والسعودية وبريطانيا، كانت جزءًا من البيان المشترك الشهر الماضي الذي دعا إلى إعادة الحكم المدني في السودان بعد الانقلاب، إلا أنها تظل المستفيد الرئيسي من استمرار الحكم العسكري في الخرطوم. وبالإضافة إلى الاستفادة من القوات المرتزقة السودانية في اليمن، ترحب الإمارات أيضًا بسياسة الجيش السوداني للتطبيع مع إسرائيل. كما أن مصر لم تصف الاضطرابات في السودان بأنها انقلاب، وبدلًا من ذلك أصدرت بيانًا فاترًا يدعو الأطراف في السودان إلى "ضبط النفس."

لكن انقلاب البرهان لم يكن ليحدث لولا دعم هؤلاء اللاعبين الإقليميين. فحاضنته السياسية الهشة تتكون من فلول نظام البشير السابق، إلى جانب ثلة من السياسيين الانتهازيين. هذا الأسبوع فقط، أعاد رئيس المحكمة العليا المعين حديثًا في عهد البرهان جميع قضاة عهد البشير الذين كانت لجنة مكافحة الفساد التابعة للحكومة الانتقالية، أقالتهم من مناصبهم. يكافح نظام الانقلاب الجديد حاليًا لمقاومة الرفض الشعبي الساحق في السودان وموجات الضغط الدولي.

الشباب الثائر الذي لا يزال في الشوارع في السودان يُبدي حماسًا وصمودًا منقطع النظير. إنهم مستعدون للموت دفاعًا عن حياض الديمقراطية إذا لم يُسمح لهم بالعيش فيها. ويعتقدون أن وجود حكومة ديمقراطية هو الحل الوحيد لوحدة السودان سياسيًا واقتصاديًا، ولن يتخلوا عن الدفاع عنها رغم آلة القمع التي أطلقها البرهان منذ اندلاع الاحتجاجات السلمية ضد انقلابه. لا تزال الآمال كبيرة في أن يتمكن هؤلاء الشباب من إعادة السودان إلى الطريق الشائك نحو الديمقراطية، وأن تتمكن الحكومة المدنية من إكمال مهام فترتها الانتقالية وتمهيد الطريق لمزيد من الانتخابات الحرة والنزيهة.

Want more insights like this?

Get our newsletter straight to your inbox

Support Us

We hope you enjoyed this paywall-free article. We’re a non-profit organization supported by incredible people like you who are united by a shared vision: to right the wrongs that persist and to advocate for justice and reform where it is needed most.

Your support of a one-time or monthly contribution — no matter how small — helps us invest in our vital research, reporting, and advocacy work.

مقالات ذات صلةالمشاركات

related

ساعدوا "دون" على حماية حياة وحقوق الفلسطينيين في غزة.

إننا نناضل من أجل وقف إطلاق النار ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين المسؤولين عن جرائم الحرب في غزة.