جون تيرمن هو زميل في منظمة (DAWN) والمدير التنفيذي وعالم الأبحاث الرئيسي في مركز الدراسات الدولية التابع لمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا. شارك في تأليف كتاب "جمهوريات الأساطير: السرديات الوطنية والصراع بين الولايات المتحدة وإيران" (مطبعة جامعة جونز هوبكنز).
قبل ثلاثين عامًا، أطلق الرئيس جورج بوش الأب عملية عاصفة الصحراء، كرد قوي على غزو صدام حسين واحتلاله للكويت في أغسطس 1990.
هكذا بدأ تورط الولايات المتحدة الطويل والمتعرج في العراق. هذا التورط—في الواقع حرب لمدة ثلاثين عامًا—أودت بحياة العديد من الناس وتركت العراق دولة مدمرة. إنه يمثل تحديًا لجو بايدن وهو يتولى الرئاسة—أي كيفية حلحلة هذا الأمر. يظهر في التاريخ العديد من الدروس حول غطرسة السلطة وإغراءات الإمبراطورية. الأهم من ذلك كله، أنه يوضح فكرة أكثر بساطة: عندما تبدأ حربًا، تكون العواقب غير متوقعة تمامًا، وغالبًا ما تكون مأساوية.
حتى في ذلك "النجاح" الأول، كانت نتائج الطرد السريع للجيش العراقي من الكويت مفاجئة. من بين الأمور التي نتجت عن الحرب الأزمة الإنسانية في الشمال الكردي واتفاقية وقف إطلاق نار معيبة مع صدام سمحت له بقمع تمرد شيعي في الجنوب بوحشية وعقوبات قاتلة فُرضت خلال الحرب لكنها ظلت سارية لمدة اثني عشر عامًا.
أصبحت تلك العقوبات المرحلة الثانية من الوجود الأمريكي في العراق. (قد يقول البعض إنها كانت المرحلة الثالثة من حرب دامت أربعين عامًا، بدءًا بدعم الرئيس ريغان السخي لصدام أثناء الحرب العراقية الإيرانية). في الواقع، كانت العقوبات حربًا من نوع آخر حيث أنها لم تتسبب بوفيات عالية بشكل مخجل بين الأطفال فحسب، لكنها أدت كذلك إلى تآكل سيطرة بغداد على المحافظات وأدت إلى ظهور شيوخ وأئمة محليين أقوياء سياسيًا. كان لهذا التشتيت المركزي للسلطة السياسية والشرعية آثار بعيدة المدى في حرب 2003-2011، عندما ظهرت مقاومة عنيفة ومستمرة للقوات الأمريكية محليًا.
تلك المرحلة الثالثة، "عملية حرية العراق"، التي صوت السناتور بايدن لصالحها، كانت مبنية على برامج صدام المزعومة لبناء أسلحة دمار شامل، إلا أنه لم يتم العثور على مثل هذه البرامج. لكن هذا العذر لشن الحرب، المستند إلى أدلة ملفقة، أفسح المجال لمشروع بناء الديمقراطية الذي تم ابتكاره بصورة أو بأخرى بشكل سريع. ولأن البلاد دخلت بسرعة في حرب أهلية، فُرضت الأهداف السياسية من الأعلى—وعلى رأسهم المحتلون الأمريكيون الذين سارعوا بيأس للتعامل مع الفوضى وانعدام الأمن في جميع أنحاء العراق العربي.
في غضون ذلك، كره العراقيون العاديون الوجود الأمريكي، حيث تعرضت حياتهم للخطر وتعطلت أمورهم. ولقي مئات الآلاف من المدنيين حتفهم في أعمال العنف الحادة في 2005-2008، ونزح ما يصل إلى خمسة ملايين (واحد من كل خمسة عراقيين عرب) بسبب أعمال العنف. وتعرضت المستشفيات والمدارس وأنظمة المياه والصرف الصحي والكهرباء والخدمات الحيوية الأخرى للضرب.
كانت المرحلة التالية—صعود تنظيم الدولة الإسلامية—هي الطفل اللقيط للغزو والعملية الأمريكية. انجذب السُنّة الساخطون على الحُكّام الشيعة إلى المتطرفين بنفس الطريقة التي انحازوا بها إلى العشرات من جماعات المقاومة في حرب 2003-2011. لقد اعتبروا القتال دفاعًا ضد الغزاة ثم ضد انتقام الشيعة. نشأ تطرف "الخلافة" من مرحلة العقوبات ومن أعنف سنوات الاحتلال الأمريكي. تميل الحروب، كما شهدنا في الصراع البوسني وفي أماكن أخرى، إلى تقوية وتكثيف الهويات العرقية والطائفية.
العراق الآن في مرحلة عشوائية من الفساد الرسمي، واستمرار عدوى الميليشيات، والاضطراب من قبل الجيران والولايات المتحدة. وبعد استخدام طائرة أمريكية بدون طيار في العراق للقضاء على قاسم سليماني، أهم قادة الحرس الثوري الإيراني، طالب البرلمان العراقي بانسحاب القوات الأمريكية من بلادهم. وردّ الرئيس ترامب بالتهديد بفرض عقوبات وطالب العراق بدفع تكاليف إقامة قاعدة جوية أمريكية هناك. وصرخ ترامب قائلًا: "سوف نفرض عليهم عقوبات كما لم يسبق لهم أن رأوا مثلها من قبل. ستبدو العقوبات المفروضة على إيران صغيرة مقارنة بهذه العقوبات."
إن قيام الولايات المتحدة بتهديد حكومة العراق بالعقوبات من أجل الحفاظ على قواتها البالغ قوامها 5,200 جندي هناك هو نتيجة متوقعة لهذه الثلاثين عامًا. إن الولايات المتحدة غير المرغوب فيها وغير الفعالة وغير الصادقة قد اختُزلت إلى مثل هذه المساومات التافهة. تم الإعلان عن انسحاب جزئي منذ ذلك الحين، على الرغم من أنه من غير الواضح ما هو الغرض من بقاء القوات في مثل هذا الجو المشحون.
تشير قضية السيادة أيضًا إلى مرحلة أخرى من الأساس المنطقي الكامن وراء وجودنا العسكري الطويل في البلاد، وهي احتواء إيران. خلال سنوات حُكم الرئيس ريغان، كان هذا واضحًا تمامًا عندما دعمت الولايات المتحدة صدام أثناء الحرب الإيرانية العراقية. ومنذ غزو عام 2003، أصبح ذلك جزءًا أساسيًا من استراتيجية واشنطن، وهي استراتيجية أخرى فاشلة. تستمر الميليشيات والسياسيون المدعومون من إيران في لعب دور بارز في أي أمر يحدث في البلاد.
من بين ألغاز "احذر مما تتمناه" في هذه الثلاثين عامًا أسباب هذا التدخل الثقيل والمضطرب أخلاقيًا والمُكلف في العراق. وصف جيمس بيكر، وزير الخارجية أثناء عملية عاصفة الصحراء، هذه الأسباب بإيجاز بأنها "النفط." كان أمن إسرائيل أيضًا عنصرًا أساسيًا في واشنطن. كانت حيلة أسلحة الدمار الشامل جيدة، حيث كانت السبب الرئيسي وراء اثني عشر عامًا من العقوبات بالإضافة إلى الغزو في عام 2003. أصبح بناء الديمقراطية هو الموقف الاحتياطي عندما تم اكتشاف عدم وجود أسلحة الدمار الشامل وفشل العراقيون في استقبالنا كمحرّرين، لكنها كانت مهمة حمقاء في ضوء السياسات السامة في العراق والفساد الواسع، الذي هو من أسوأ ما يكون في العالم.
تضيف هذه الأحداث إلى تاريخ من الفشل الذريع والجهود غير المكتملة لتصحيح فوضى التدخل الأمريكي. يرجح أن أكثر من مليون مدني لقوا حتفهم نتيجة العقوبات والغزو الأمريكي. لا يزال الفقر والنزوح والتفكك الاجتماعي ينخر بالبلاد. كما تظل الطائفية أمرٌ خبيث. ويتعاظم تأثير تنظيم داعش. كما أن نفوذ إيران مرتفع ولا ينضب. هل توقع أحد في عام 1990 أو 2003 هذه النتائج؟ هل توقع ذلك بايدن؟
أحد الدروس المستفادة هو عدم القدرة على التنبؤ بنتائج الحرب والعقوبات. لكن هناك دروس عديدة أخرى تستحق النظر، من بينها غطرسة الإيمان بالقوة الصلبة، وإذعان وسائل الإعلام، وعدم الصدق المستمر من قبل المسؤولين الحكوميين بشأن الأفعال والنوايا، ولامبالاة الجمهور الأمريكي بمعاناة العراقيين، وتضحية رجالنا ونسائنا لمثل هذه الأسباب الهشة والمزدوجة في كثير من الأحيان.
من غير المعروف ما سيفعله بايدن في العراق والمنطقة بشكل أوسع. فلديه ميل للتدخلات، ولكن إذا كان هناك أي حقيقة تاريخية خلال الـ 75 سنة الماضية في عدم جدوى المغامرة العسكرية، فهي العراق. من المؤكد أننا مدينون بالمساعدة في إعادة إعمار العراق، لكن القيام بدور عسكري إضافي في تلك البلاد هو مهمة حمقاء. إن وجود تفكير جديد حول كيفية تأثير دورنا في العراق على القضايا الأخرى ذات الصلة—الحرب الأهلية السورية والفشل الطويل لسياسة الولايات المتحدة تجاه إيران— هو أمر سليم. كما أن وجود عملية حوار طويلة مع هذه الدول والملكيات الخليجية وتركيا ولبنان وغيرها حول أمن المنطقة قد تؤتي ثمارها إذا تم تنحية الميل الأمريكي للسيطرة على الأحداث ودحر الثورة الإيرانية.
ليست هذه هي المرة الأولى التي يواجه فيها المسؤولون الأمريكيون فشلًا مكلفًا. كانت التدخلات الأمريكية في كوريا وفيتنام كارثية على نحو مماثل. ومع هذه العقود الثلاثة في العراق، نتعلم مرة أخرى القاعدة الأساسية لنزاع ما بعد عام 1945: الحرب وعواقبها هي سيد متقلّب لا يرحم.
***
تعليق على الصورة: بغداد، العراق— 15 ديسمبر/كانون الأول: أفراد من الجيش الأمريكي يحنون رؤوسهم أثناء الصلاة خلال حفل تم فيه سحب علم القوات الأمريكية في العراق كإشارة إلى رحيل القوات الأمريكية من العراق في قاعدة ساثر الجوية السابقة في 15 ديسمبر./كانون الأول 2011 في بغداد، العراق. من المقرر أن تغادر القوات الأمريكية العراق بالكامل بحلول 31 ديسمبر، ويوجد حاليًا حوالي 4000 جندي في العراق. (تصوير ماريو تاما/ جيتي إيماجز).