سيكون لدى جو بايدن، بمجرد أن يؤدي اليمين الدستورية كرئيس، فرصة نادرة لفعل الأمر الصحيح وفي الوقت نفسه كسب انتصار في السياسة الخارجية وانتصار سياسي محلي من خلال وقف المساعدات العسكرية الأمريكية للحرب على اليمن.
تسبب النزاع الذي تقوده السعودية والإمارات في مقتل أكثر من 200,000 شخص ودمّر البنية التحتية الرئيسية وساهم في تفشي وباء الكوليرا وترك 20 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي. أقر مجلسا الكونغرس الأمريكي العام الماضي إجراءً يستند إلى قانون صلاحيات الحرب لسحب الولايات المتحدة من حرب اليمن، في أصوات شملت سبعة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ وستة عشر من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين، لكن القرار رفضه الرئيس دونالد ترامب مستخدمًا حق الفيتو عندما وصل مكتبه.
لن يكون سحب بايدن المساعدة الأمريكية كافيًا لإنهاء الحرب. يجب على الرئيس الأمريكي الجديد أن يوضح لكلا الدولتين العربيتين، كما فعلت ألمانيا، أنهما لا يمكنهما توقع شراء أنظمة أسلحة عالية التقنية طالما أنهما يواصلان هذه الحرب المدمرة. هناك بالفعل معارضة من الحزبين لبيع طائرات الشبح (F-35) إلى الإمارات العربية المتحدة. تم التعهد بهذه الطائرات من قبل إدارة ترامب كجزء مما يسمى بـ "اتفاقيات أبراهام"، والتي بموجبها قامت أبوظبي بتطبيع العلاقات مع دولة إسرائيل، والتي لم تكن اتفاقية سلام بقدر ما كانت صفقة أسلحة.
بدأت مأساة اليمن في عام 2015، عندما قاد وزير الدفاع السعودي آنذاك وولي العهد حاليًا محمد بن سلمان، والحاكم الفعلي للإمارات ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، تحالفًا في شن الحرب. لقد شعروا بالذعر من قيام الحوثيين— وهو الاسم الشائع لـ (أنصار الله)، وهي ميليشيا حزبية تنحدر من المذهب الشيعي الزيدي— بانقلاب في صنعاء، حيث أطاحوا بالرئيس عبد ربه منصور هادي.
وصل هادي إلى السلطة في استفتاء عام 2012 بعد الإطاحة بسلفه في ثورات الربيع العربي الشبابية. وبعد الإطاحة بهادي، حاول الحوثيون السيطرة على البلاد بأكملها واستولوا على ميناء عدن الجنوبي لفترة وجيزة قبل أن تطردهم القوات الإماراتية المتحالفة مع القوات الوطنية للرئيس المعزول هادي.
على الرغم من أن المتحاربين يتهمون الحوثيين بأنهم دُمى في يد إيران، إلا أن أنصار الله هم في الواقع حركة يمنية أصيلة نشأت من الهيمنة السعودية على بلدهم ومحاولات الوهابية لتغييرهم. استغلت إيران بعد ذلك التدخل السعودي الإماراتي لتزويد الحوثيين ببعض الأسلحة، بما في ذلك صواريخ بعيدة المدى ومساعدات بعشرات أو حتى مئات الملايين من الدولارات، بما فيها الوقود. هذه مساهمات إيرانية صغيرة نسبيًا في حرب كلفت المتحاربين مليارات الدولارات.
لقد بالغ المتحاربون في مدى تورط إيران في الحرب لأغراض دعائية. في الواقع، معظم أسلحة الحوثيين أمريكية وتأتي من مخازن للجيش اليمني سُمح للمتمردين بالدخول إليها من قبل فصيل من الجيش اليمني كان يقف إلى جانبهم.
لقد مزقت الحرب القوى السياسية الرئيسية في اليمن، والحوثيون ليسوا القضية الوحيدة— فهناك الانفصاليون الجنوبيون، والإصلاح الذين هم فرع من جماعة الإخوان المسلمين، والوطنيون الذين قاتلوا بعضهم بعضًا وكذلك أنصار الله. خاض وكلاء السعودية في بعض الأحيان حربًا مع وكلاء الإمارات. وبعد أكثر من نصف عقد، فشلت السعودية والإمارات بشكل واضح في كسب الحرب، لكنهما ساهمتا في تحويل اليمن إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
ذكر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارك لوكوك في أكتوبر/تشرين الأول أن هناك حاليًا 47 جبهة عسكرية نشطة في جميع أنحاء البلاد، ما أدى إلى نزوح 150 ألف يمني هذا العام وحده. وقد لجأ مليون شخص نزحوا منذ بدء القتال إلى مأرب وما حولها في الجنوب حيث قد تندلع هناك معركة كبرى. ويقدّر لوكوك أن الضربات الجوية أو عمليات القصف المدفعي أصابت مزرعة واحدة على الأقل يوميًا على مدار العامين الماضيين، وأن الأضرار التي لحقت بالبُنية التحتية المدنية مستمرة وواسعة النطاق، ما أدى إلى تفاقم النقص الحاد في الغذاء في البلاد.
والسبب الرئيسي لجميع الأزمات هو إغلاق ميناء الحديدة الرئيسي في الشمال، والذي يتم من خلاله استيراد نسبة كبيرة من أغذية البلاد. هذا الميناء محاصر من قبل القوات الوطنية المدعومة من السعودية والإمارات التي يقودها الرئيس المخلوع منصور هادي، وغالبا ما تُغلق الطرق المؤدية إليه. وحذر لوكوك من قضية ميناء الحديدة قائلًا: "إن أي شيء يهدد عمله السلس والمستمر سيعرّض حياة الملايين من الناس للخطر." حتى في محافظة الحديدة بالقرب من الميناء، أفادت نسبة 10 إلى 30 بالمائة من الأسر بسوء استهلاك الغذاء في العام الماضي، ونزوح مئات الآلاف بسبب القتال. تم إدخال ما يقرب من 15,000 إلى 20,000 طفل شهريًا إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد الشديد أو سوء التغذية الحاد المعتدل في المحافظة في عام 2019. كما شكلت جائحة فيروس كورونا عبئًا إضافيًا، على الرغم من صعوبة قياس آثاره الكاملة بسبب الحرب. وبغض النظر عن ذلك، يشعر اليمنيون بأن الوباء الأخير يسهل أمره مقارنة بمشاكل البلاد الأخرى الشديدة.
لقد دفعت حرب اليمن أكثر من ثلثي هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 28 مليون نسمة إلى المعاناة من انعدام الأمن الغذائي وتشريد الملايين. إنها وصمة عار على سمعة الولايات المتحدة التي مكنت هؤلاء المتحاربين، وكذلك على الأمم المتحدة لفشلها في وضع عقوبات على المهاجمين وعلى السعودية والإمارات وحلفائهم.
لدى الرئيس القادم بايدن فرصة لإنهاء هذه الفظائع المستمرة، وبدء إدارته الجديدة بموقف قائم على المبادئ قد وافق عليه مجلسا الكونغرس. يمكنه أن يرسل رسالة إلى العالم بأن الولايات المتحدة ستكون القائدة مرة أخرى في مجال حقوق الإنسان. قبل الانقلاب الحوثي غير الحكيم، كان اليمن يسير على الطريق الصحيح لوضع دستور جديد والذهاب إلى انتخابات برلمانية. يجب أن يكون هذا هو الهدف. لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال المفاوضات والدبلوماسية، وليس من خلال قصف المدن المدنية بواسطة طائرات (F-35) الأمريكية من ارتفاع 30,000 قدم.
يمكن أن يبدأ حل هذه الحرب فقط بإنهاء الأعمال العدائية. هذا الأمر صحيح للغاية لأنه إذا لم يتم إنهاء الأعمال العدائية في الوقت القريب، فقد يخسر اليمن جيلًا كاملًا بسبب المجاعة.
***
تعليق على الصورة: الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن يشارك في اجتماع افتراضي مع مؤتمر رؤساء البلديات الأمريكية من كوينز في ويلمنجتون بولاية ديلاوير بتاريخ 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2020. عيّن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن يوم الاثنين أنتوني بلينكين صاحب الخبرة الكبيرة وزيرًا للخارجية، كما رشح أول رئيسة من النساء للاستخبارات، وخبيرًا لقضايا المناخ، مع الوعد بالعودة إلى أصحاب الخبرات بعد سنوات دونالد ترامب المضطربة. (تصوير شندان خانا/ وكالة الصحافة الفرنسية AFP) (تصوير شاندان خانا/ وكالة الصحافة الفرنسية AFP عبر غيتي إيماجز).