DAWN’s experts are the driving force behind the organization’s mission and vision. Our experts complement our research work and bolster our advocacy efforts.

No posts found!

Read all the latest articles from the DAWN team of Experts and Contributors.

افتتان أميركا بالملوك العرب في غير محله

Avatar photo

شون يوم أستاذ مشارك في العلوم السياسية بجامعة تمبل، ومتخصص في سياسات الشرق الأوسط والسياسات الخارجية الأمريكية.

English

أصابت الحملة الأمنية في الأردن الشهر الماضي والتي وقع في شركها الأمير حمزة بن الحسين، ولي العهد السابق، والتي أثارت لفترة وجيزة شبح عدم الاستقرار في المملكة الهاشمية، وترًا خفيًا في السياسة الخارجية الأمريكية.

تعتبر الدول ذات الأنظمة الملكية الحاكمة مثل الأردن والسعودية والكويت من بين أكثر الدول الاستبدادية التابعة لواشنطن في الشرق الأوسط. فقد دعموا بثبات المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، بما في ذلك حروبها المُكلفة، مقابل مكافآت دبلوماسية ومساعدات اقتصادية ومبيعات عسكرية.

ومع ذلك، وعندما يرتكبون انتهاكات استبدادية، تُترك الولايات المتحدة للدفاع عن الممارسات البغيضة التي تتعارض مع التزاماتها الخاصة بحقوق الإنسان.

لكن ما سبب افتتان واشنطن بهذه الأنظمة؟ أحد الأسباب هو الافتراض الخادع بأن الأنظمة الملكية الحاكمة تمثل أكثر أشكال الحكم اعتدالًا في الشرق الأوسط. ففي حين أن "الجمهوريات الوهمية" مثل مصر وسوريا والسودان عانت جميعها من انتفاضات ثورية منذ الربيع العربي، تُظهر الأنظمة الملكية العربية بريق شرعيتها الثقافية.

فيدّعي ملوكهم الإحسان والعدالة وأنهم يقودون شعوبهم نحو الإصلاحات الديمقراطية، حيث يصرّ جميعهم أنهم يقومون فعلًا بتلك الإصلاحات. إضافة الى ذلك، لا تحتاج هذه الأنظمة إلى التعامل مع السياسات القبيحة للانتخابات الاستقطابية، لأن الخلافة الوراثية وليس صناديق الاقتراع هي التي تحدد من يمارس السلطة خلَفًا للملك.

ورغم ذلك، فإن هذه الصورة الرومانسية تواجه حقيقة مزعجة: فهذه الأنظمة بطبيعتها تركّز سلطة غير عادية داخل قمة ضيقة من النخب الملكية. فعندما يختلف بعض أفراد العائلة المالكة حول كيفية حكم البلاد، تتغلّب الأجنحة المتشددة حتمًا، على الأصوات الإصلاحية. ثم يعبّرون عن انتصارهم من خلال سحق المعارضة الشعبية. مكائد القصور الحاكمة وتفاقم القمع يعزز كل منهما الآخر.

بالإضافة إلى ذلك، فإن مبدأ السلطة مدى الحياة يعني أن هناك القليل من الملاذ الذي يمكن للمجتمع أن يلجأ إليه إذا قام زعيم الأسرة الحاكمة بسحق حقوق الإنسان. بينما يبقى المواطنون عالقون في نواقص الرجل الأوحد الذي فاز في اليانصيب الجيني، والذي لا بد أن يكون رجلًا وليس امرأة.

إن معضلات النزاع الداخلي الملكي والشخصية المتقلّبة ليست سيناريوهات افتراضية. فقد حدثت لمعظم الملكيات العربية خلال العقد الماضي. كما أنهم يسيرون جنبًا إلى جنب مع جو متدهور من عدم التسامح يتم فيه وضع النشطاء والمعارضين من المغرب إلى الأردن والخليج في غياهب السجون، إذ أن جريمتهم الوحيدة هي الإشارة إلى مشاكل الفساد وسوء الإدارة والتمييز.

أولًا، علينا الأخذ في الاعتبار تأثيرات الخلافات الملكية. ففي الأردن، بررت مزاعم رسمية روّجت لعملية تخطيط لانقلاب، اعتقال الأمير حمزة و 17 آخرين في أبريل/نيسان، بمن فيهم فرد آخر من العائلة المالكة.

وكانت العملية الأمنية تهدف أيضًا من خلال ملاحقة حمزة إلى تكميم المعارضة الداخلية، لا سيما بالنظر إلى شعبية انتقادات حمزة الصريحة بين الأردنيين المحبطين من الاقتصاد المتدهور ووعود الإصلاح من الملك عبد الله التي تأخرت طويلًا في الواقع.

ولم يكن هذا عملًا منفردًا، فمنذ بداية جائحة كورونا، احتجزت السلطات الأردنية مجموعة من النقاد السياسيين الآخرين، مثل المتظاهرين الشباب والصحفيين المستقلّين وقادة نقابة المعلمين التي يبلغ قوامها مائة ألف، والتي تم إغلاقها في أغسطس/آب الماضي.

والمثال الأكثر وضوحًا هو الكويت، التي تدهورت سمعتها باعتبارها أكثر ملكية عربية ليبرالية. قبل عقد من الزمان، اهتزت عائلتها الحاكمة، آل الصباح، بسبب تنافس مرير بين اثنين من المتنافسين الملكيين على العرش، الشيخ ناصر المحمد والشيخ أحمد الفهد.

لم يقتصر انتصار الشيخ ناصر على تهميش الشيخ أحمد، وهو شخصية لها احترامها بين أوساط المعارضة الليبرالية في الكويت، بل حفز أيضًا جهدًا جديدًا شرسًا لتجريم كل المعارضة السياسية. منذ ذلك الحين، أدت سياسات "القبضة الحديدية" التي يمارسها النظام إلى سجن العديد من الكويتيين الذين اعتبروا الحريات التعبيرية أمرًا مفروغًا منه، بما في ذلك أعضاء مجلس الأمة المنتخبين ودعاة مكافحة الفساد والمتظاهرين المدنيين وحتى مستخدمي تويتر.

وتوجد أنماط مماثلة في أماكن أخرى، ففي عهد أسرة آل خليفة في البحرين، قام جناح الخوالد المحافظ بتهميش المزيد من الأمراء الإصلاحيين بشكل متكرر، بمن فيهم ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة.

وتظل رؤيتهم المتشددة، التي تتعامل مع الأغلبية الشيعية في المملكة على أنها تهديد أمني وجودي، حجر الزاوية في سياسة الدولة. وكانت النتيجة حملة بشعة من الاعتقال والتعذيب ضد النشطاء السلميين منذ الربيع العربي.

كما وظهرت نسخة أقل تطرفًا من هذا الأمر في المغرب، حيث قام المتشددون الملكيون بمضايقة الأمير مولاي هشام بن عبد الله بعد أن انفصل عن القصر عام 2002 وحثّ على تبني إصلاحات ديمقراطية. واندمجت تلك الحملة ضد "الأمير المتمرد" في جهد أوسع لخنق المجتمع المدني، حيث يعاني الصحفيون والمتظاهرون بشكل خاص من غضب القضاء القسري.

ثانيًا، أدى تعسف الملكية أيضًا إلى تدهور حماية حقوق الإنسان، خاصة في المملكة العربية السعودية في عهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة.

فقد فتحْت وعوده الفخمة بإصلاح الاقتصاد الريعي في المملكة وتوسيع نطاق الحقوق الاجتماعية، الغطاء هناك عن سجل مروع من العنف ضد طيف مخيف من الأصوات السعودية.

ويصوّر المدافعون عن ولي العهد محمد بن سلمان على أنه شخصية يساء فهمها تتطلب أفكارها الإصلاحية تدميرًا إبداعيًا للطرق القديمة، لكن مثل هذه التخيلات تستند إلى المقامرة الخطيرة بأن محمد بن سلمان هو فعلًا الشخص الذي يعلقون عليه آمالهم.

إذا كانوا مخطئين—وبكل المقاييس هم كذلك—فلا مفر منه لجيلين آخرين من المواطنين السعوديين. ولا توجد ضمانات مؤسسية لمنع محمد بن سلمان من إطلاق المزيد من الوحشية على النقاد في العقود المقبلة.

علماء السياسة لديهم مصطلح لهذا الوضع: "السلطانية." تظهر السلطانية عندما يرى المستبدون الغارقون في السلطة المطلقة أن أنظمتهم هي أدوات شخصية، ويجعلون جميع السياسات الرئيسية، بما في ذلك القمع، قائمة على أهوائهم الاندفاعية.

الممالك الحاكمة معرضة بشكل خاص لهذه الحالة المرضية، لأن الخلافة الوراثية تمنح قادتها السيادة مدى الحياة كمسألة قانونية. وبالإضافة إلى المملكة العربية السعودية، يحدث هذا الأمر أيضًا في دولة الإمارات العربية المتحدة المجاورة، حيث قام ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد بالمثل من خلال قيادة المؤسسات العامة لخنق المعارضة الداخلية، مع تقديم دولة الإمارات للعالم كنموذج للتسامح.

إن ديناميات النزاعات الداخلية بين الأسر الحاكمة والتعسف الملكي تضع حقوق الإنسان في مأزق. ونظرًا لأن السياسة الخارجية الأمريكية ترى واهمة أن الملكية الحاكمة تظل رهانًا استراتيجيًا آمنًا في الشرق الأوسط، فإن النشطاء الديمقراطيين لا يجدون سوى القليل من المساعدة في واشنطن.

لم تندد إدارة بايدن علنًا بالحملة السياسية الأخيرة في الأردن، تمامًا مثلما لم تقل الإدارات السابقة أي شيء عن قمع مماثل في الكويت والبحرين والمغرب. وعلى الرغم من وعد بايدن المعلن بتعزيز الديمقراطية، ومراجعة مبيعات الأسلحة إلى الخليج وحتى "إعادة تقييم" العلاقة الأمريكية السعودية، فإن ذلك لم يحدث أيضًا، بصرف النظر عن وقف الدعم للتدخل العسكري المروع الذي تقوده السعودية في اليمن.

وبينما حوّلت المواقف الجيوسياسية ضد إيران، أمر إعادة تقويم العلاقات الأمريكية السعودية إلى انتقادات شفهية بسيطة،  فإن مبيعات الأسلحة إلى الإمارات تسير الآن كما هو مخطط لها.

لقد حان الوقت لإعادة النظر في عقلية الاستمرار بنفس السياسة. الملكيات الحاكمة ليست نوعًا استثنائيًا أو "أكثر ليونة" من الاستبدادية، ومثل جميع أشكال الحكومات، فهي تعاني من مشاكل داخلية من صنع ذاتها.

إن السلطة مدى الحياة والخلافة الوراثية لم تحصّن الملكيات العربية من المعارضة والانشقاق، حتى في الوقت الذي تترك فيه هذه الأنظمة وراءها أثرًا مروعًا من القمع.

وأخيراً، ومن خلال الاستثمار بكثافة في حلفائها من الأسر الحاكمة في الشرق الأوسط، تتحمل الولايات المتحدة أيضًا المسؤولية الأخلاقية عن انتهاكاتهم الداخلية. إن العمل من أجل دعم حقوق الإنسان نادرًا ما يكون هو الخيار الأنسب، ولكنه دائمًا الخيار الصحيح.

Want more insights like this?

Get our newsletter straight to your inbox

Support Us

We hope you enjoyed this paywall-free article. We’re a non-profit organization supported by incredible people like you who are united by a shared vision: to right the wrongs that persist and to advocate for justice and reform where it is needed most.

Your support of a one-time or monthly contribution — no matter how small — helps us invest in our vital research, reporting, and advocacy work.

مقالات ذات صلةالمشاركات

related

ساعدوا "دون" على حماية حياة وحقوق الفلسطينيين في غزة.

إننا نناضل من أجل وقف إطلاق النار ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين المسؤولين عن جرائم الحرب في غزة.