English
ملخص
بعد شهور من التخطيط والإعداد، أشار مجلس أمناء الحوار الوطني في وقت سابق إلى أن الجلسات الموضوعية للحوار الوطني ستبدأ في أكتوبر/تشرين الأول، ولكن حتى كتابة هذه السطور، لم يتم تحديد موعد لتلك الجلسات. في أوائل سبتمبر/أيلول، عين مجلس الأمناء 44 مقررًا ومقررًا مساعدًا لتوجيه الحوار بعد الانتهاء من تشكيل اللجان الفرعية ضمن المحاور الثلاثة للحوار: السياسي والاجتماعي والاقتصادي، مؤكدين أن الحوار سيكون "شاملًا وحرًا". تواصل شخصيات المعارضة الضغط من أجل إطلاق سراح المزيد من السجناء السياسيين قبل بدء الجلسات الموضوعية. وعلى الرغم من أن الحكومة أطلقت سراح ما يقرب من 256 سجينًا سياسيًا محتجزين على ذمة المحاكمة منذ 9 سبتمبر/أيلول، إلا أنها جددت أيضًا الحبس الاحتياطي لما لا يقل عن 4,000 سجين سياسي واستدعت أكثر من 1,000 شخص لمواجهة اتهامات تتعلق بالمعارضة السياسية.
مع التقدم نحو الحوار، تضغط الشخصيات السياسية من أجل الإفراج عن مزيد من السجناء السياسيين، بينما تطالب أيضًا بإنهاء جميع عمليات الحبس الاحتياطي للمشتبه فيهم غير العنيفين، حيث أن كلا الإجراءين ضروريان للتغيير السياسي الهادف الذي وعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أنه سيتحقق من خلال هذا الحوار. إذا كانت الحكومة تريد إقناع المصريين بأن هذه العملية ليست مجرد وسيلة تجميلية لتحسين صورتها، فهي بحاجة إلى الإفراج عن عدد أكبر بكثير من السجناء السياسيين والبدء على الفور في الحوار في الجلسات الموضوعية والإعلان عن جميع المشاركين فيه.
التوصيات
- يجب على مجلس أمناء الحوار الوطني إظهار المزيد من الشفافية فيما يتعلق بعملية الحوار وتقديم إرشادات واضحة حول كيفية إجراء الحوار، ومن سيتم دعوته للمشاركة في جلسات اللجان الفرعية المتعددة، وكيف سيتم ضمان أن يكون هناك بث عام للجلسات الموضوعية.
- يجب على مجلس الأمناء التأكد من أنه يمكن للصحفيين الوصول إلى هذه الجلسات ورفع تقارير عنها وتقديم تقارير منتظمة عن التقدم المحرز إلى الشعب المصري.
- مع بدء الجلسات الموضوعية للحوار الوطني أواخر هذا العام، على الشخصيات السياسية وقادة المجتمع المدني الاستمرار في الضغط على الحكومة المصرية للإفراج عن المزيد من السجناء السياسيين وجعل إصلاح تشريعات الحبس الاحتياطي أولوية خلال الحوار الوطني.
- يجب على قادة الحكومات الغربية والمانحين الدوليين الضغط على الحكومة المصرية للإفراج عن المزيد من السجناء السياسيين، لا سيما وأن مصر تحتاج إلى مساعدات مالية كبيرة للتعامل مع أزمتها الاقتصادية المستمرة، ما يوفر للجهات الفاعلة الدولية نفوذًا للضغط من أجل إحداث إصلاحات.
خلفية معلومات
في 26 أبريل/نيسان، فاجأ الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤيديه وخصومه السياسيين عندما أعلن أن الحكومة المصرية ستعقد حوارًا وطنيًا للسماح بالمصالحة الوطنية. كان الإعلان خلال حضور السيسي إفطار الأسرة المصرية قرب نهاية شهر رمضان، حيث وعد بالسماح بمشاركة واسعة تمثل "جميع القوى السياسية في البلاد، دون استثناء أو تمييز". كما هو متصور، سيؤدي استكمال الحوار الوطني إلى مقترحات تشريعية يقوم السيسي ومستشاروه بمراجعتها وتقييمها وتنفيذ تلك التي يُعتقد أنها ستساعد في حل الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد.
بدأ التخطيط للحوار الوطني ببطء، ولكن تسارعت الوتيرة بعد أن عينت إدارة الحوار الوطني مجلس أمناء الحوار الوطني في 26 يونيو/حزيران. بدأ المجلس المكون من تسعة عشر عضوًا، المكلف بتنظيم الحوار وإتمامه، الاجتماع في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب لتصميم عمليات الحوار، بما في ذلك هيكله وتنظيمه. من خلال سلسلة من الاجتماعات، أنشأ مجلس الأمناء ثلاثة محاور رئيسية: محور سياسي ومحور اجتماعي ومحور اقتصادي، بالإضافة إلى 15 لجنة فرعية. في 3 أغسطس/آب، اجتمع المجلس لإنشاء المحور الاقتصادي، ثم أوقف أنشطته مؤقتًا حتى اجتماعه التالي الذي كان من المقرر أن يتم في 27 أغسطس/آب. تم تأجيل اجتماع 27 أغسطس/آب إلى 5 سبتمبر/أيلول، حيث كان العديد من الأعضاء مسافرين أو مرضى.
قبل اجتماع 5 سبتمبر/أيلول، أعلن المجلس أن الحوار الوطني سينتقل قريبًا من مرحلة التخطيط إلى الجلسات النقاشية الموضوعية. في اجتماع 5 سبتمبر/أيلول، عين المجلس المقررين العامين والمقررين المساعدين للمحاور الرئيسية الثلاثة، بمن فيهم علي الدين هلال كمقرر عام للمحور السياسي. كما عين حسام بدراوي كمستشار للحوار لتقديم رؤية مصر 2030.
اجتمع المجلس مرة أخرى في 10 سبتمبر/أيلول، حيث عين 44 مقررًا ومقررًا مساعدًا لبقية اللجان الفرعية. والأهم من ذلك، أن أحد هؤلاء هو المعتقل السياسي السابق خالد داوود، الذي تم تعيينه مساعدًا لمقرر اللجنة الفرعية للأحزاب السياسية.
كما أضاف لجنتين فرعيتين من خلال توسيع اللجان الفرعية في المحور السياسي. بدلًا من ثلاث لجان فرعية، سيضم المحور السياسي الآن خمس لجان فرعية. وأضاف مجلس الأمناء لجنة فرعية للسياحة في المحور الاقتصادي، وبذلك يصل إجمالي اللجان الفرعية في هذا المحور إلى ثمانية، وأضاف لجنة فرعية للشباب في المحور الاجتماعي، وبذلك يصل إجمالي اللجان الفرعية في هذا المحور إلى ستة. في المجموع، عين المجلس 44 مقررًا ومقررًا مساعدًا في اجتماعي سبتمبر/أيلول.
أشار محامي حقوق الإنسان وعضو مجلس الحوار الوطني نجاد البرعي إلى أن المجلس نظر في 550 مرشحًا قبل اختيار الـ 44 مقررًا ومقررًا مساعدًا. وقال البرعي أيضًا أن الاختيارات تعكس تنوعًا كبيرًا في الفكر والرأي السياسي، حيث أن الحوار الوطني هو أكثر من مجرد نقاش بين الحكومة والمعارضة: "إنه حوار بين مختلف القوى السياسية الموالية والمعارضة، وسيضم أيضًا خبراء اجتماعيين واقتصاديين. ومن المتوقع أن يتوصلوا معًا إلى توافق في الآراء بشأن الأولويات الوطنية للعقد القادم".
حاول المجلس تقسيم المقررين بالتساوي بين أفراد ينتمون إلى حزب سياسي ومستقلين سياسيين. ووصل إلى مجموعة مختارة من 23 مستقلًا و 21 فردًا منتمين إلى أحزاب سياسية. حصل حزب مستقبل وطن على أكثر التعيينات كمقرر، بواقع سبعة مقررين. الأحزاب السياسية الأخرى التي تم اختيار أعضائها كمقررين أو مقررين مساعدين تشمل التجمع والوفد والإصلاح والتنمية والعدل والدستور والليبراليين المصريين والاشتراكيين الأحرار، من بين أحزاب أخرى.
أكد المنسق العام للحوار الوطني ضياء رشوان بشكل مستمر أن الحوار الوطني يجب أن يقدم مقترحات تشريعية أو تنفيذية ملموسة لتقديمها إلى السيسي، ويجب أن ينهي أعماله في غضون ستة أشهر من بدايته، مع رفع تقارير عن التقدم المحرز خلال العملية. في 10 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن المجلس أن 15 أكتوبر/تشرين الأول هو الموعد النهائي لتقديم أسماء المشاركين المحتملين في الحوار. وبناءً عليه، مع توقع بدء الجلسات الموضوعية على ما يبدو خلال أسابيع فقط، سيبدأ المصريون قريبًا في رؤية ما إذا كان بإمكان رشوان توجيه العملية لتحقيق هذه الأهداف أو ما إذا كان الحوار الوطني مجرد مسرح سياسي فارغ أو سراب بدلًا من كونه تغيير حقيقي، بحسب ما توقع العديد من المعلقين.
المشاركة في الحوار الوطني ورد الحركة المدنية الديمقراطية
أصبحت المشاركة في الحوار الوطني بحد ذاتها قضية متنازع عليها بين النشطاء المدنيين والسياسيين في البلاد، حيث انتقد البعض أولئك الذين اختاروا المشاركة، بحجة أنهم عملوا على إضفاء الشرعية على الجهود التجميلية للحكومة لتصوير نفسها على أنها مستعدة للإصلاح. حثت منظمة (DAWN) قادة المعارضة داخل مصر وخارجها على الحفاظ على التضامن وتجنب السماح لمقارباتهم المختلفة ومبرراتهم للمشاركة في الحوار الوطني أو مقاطعته لتقسيمهم وتشتيت الانتباه عن عجز الحكومة المصرية عن معالجة قضايا حقوق الإنسان والحكم والأزمات الاقتصادية التي أوجدتها. كما أوصت جميع الأطراف بالسماح لرؤية تطور العملية واحترام حجج بعضهم البعض للحصول على أي مكاسب سياسية وحقوقية ممكنة في هذه النافذة الضيقة.
ستعتمد مصداقية الحوار الوطني بشكل كبير بالنسبة للعديد من المصريين على مدى مشاركة المعارضة السياسية المسموح بها في العملية. قلة من الشخصيات السياسية رفضت العملية بشكل قاطع، لكن العديد من الأفراد والأحزاب أكدوا أن مشاركتهم يجب أن تقوم على أساس اتخاذ الحكومة تدابير لإظهار أنها جادة بشأن الإصلاح وأنها ستسمح بإجراء نقاش مفتوح وصادق. بالنسبة للكثيرين، يشمل ذلك الإفراج عن السجناء السياسيين، سواء كانوا معتقلين تعسفيًا من خلال الحبس الاحتياطي أو المدانين ظلمًا بسبب الممارسة السلمية أو التعبير السياسي.
ويشمل ذلك الحركة المدنية الديمقراطية، وهو تحالف من الأحزاب السياسية الليبرالية والشخصيات العامة التي تشكل أكبر مجموعة معارضة في مصر. في وقت سابق من هذا العام، قدمت الحركة قائمة تضم 1,074 سجينًا سياسيًا لإصدار عفو رئاسي أو الإفراج عنهم، لكن حتى الآن، أفرجت السلطات المصرية عن أقل من نصف هؤلاء الأفراد. ومع ذلك، على الرغم من بعض الاختلافات الداخلية، رحبت الحركة بالحوار الوطني، ووصف أحد الأعضاء العملية بأنها "فرصة للتعبير عن مخاوفنا وإيصال أصواتنا". والآن، على بُعد أسابيع فقط من موعد الجلسات الموضوعية على ما يبدو، كررت الحركة دعواتها للإفراج عن مزيد من السجناء السياسيين وفتح المزيد من الحيز السياسي.
بعد اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني في 5 سبتمبر/أيلول، اجتمعت الحركة المدنية الديمقراطية وأصدرت بيانًا في 7 سبتمبر/أيلول حدد خمس نقاط رئيسية تتعلق بالحوار. ركزت النقطة الأولى على بطء وتيرة الإفراج عن السجناء السياسيين واتهمت الحكومة "بتبني سياسة التباطؤ في إخلاء السبيل وعلى فترات متباعدة". أما النقطة الثانية فقد انتقدت استمرار اعتقال المصريين بسبب تعبيرهم عن آرائهم السياسية وهجمات الحكومة المستمرة على وسائل الإعلام. كما ندد البيان بتبني الحكومة إجراءات اقتصادية وسياسية قبل بدء الحوار، وأكد أن مشاركة الحركة في الاجتماعات التحضيرية للحوار لا تعني الموافقة على قرارات الحكومة أو سياساتها الأخيرة، واقترحت الحركة إنشاء لجان فرعية إضافية في المحور السياسي من خلال تقسيم اللجنة الفرعية للحقوق السياسية والأحزاب والتمثيل النيابي إلى ثلاث لجان فرعية منفصلة.
وافق رشوان على النظر في النقطة الأخيرة، وقَبِل المجلس هذا الاقتراح في اجتماعه في 10 سبتمبر/أيلول. ومع ذلك، هاجمت شخصيات موالية للحكومة الحركة على بيانها، بما في ذلك تقديم مزاعم لا أساس لها في أن الجماعة تدعم الإرهاب. جاء طلب الحركة بتشكيل لجان فرعية إضافية جزئيًا بسبب اعتراضها على تعيين مجلس الأمناء هلال مقررًا للمحور السياسي، نظرًا لعلاقة هلال الوثيقة بالرئيس السابق حسني مبارك ودعمه للسيسي. كما انتقدت الحركة اختيار المقررين والمقررين المساعدين باعتبارهم غير منقسمين بالتساوي، حيث أن أكثرهم من الموالين للنظام، بالإضافة إلى الوصف المضلل لبعض الشخصيات المؤيدة للحكومة بأنهم أعضاء في المعارضة.
إلى جانب عملية الحوار الوطني التي تقودها الحكومة، دعا ثلاثة من قادة المعارضة البارزين خارج البلاد، وهم أيمن نور وممدوح حمزة ومحمود وهبة، إلى "حوار وطني في المنفى" موازٍ. شارك العديد من الشخصيات المعارضة في المنفى في هذا الحوار ونشروا كتابًا يعرض بالتفصيل توصياتهم بشأن الإصلاحات في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
لا يوجد تاريخ رسمي لبدء العملية وسط بطء الإفراج عن السجناء السياسيين والهجمات الإعلامية
على الرغم من أن مجلس الأمناء لم يعلن بعد عن الموعد الرسمي لبدء الجلسات الموضوعية، إلا أن أعضاء المجلس صرحوا علنًا أنهم يتوقعون أن تبدأ هذه الجلسات "قريبًا" دون الإعلان عن تاريخ البدء الرسمي. قال مصدر في مجلس الأمناء: "لا أعتقد أن الجلسات الأولى للحوار الوطني ستبدأ قبل مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي". إنّ فشل الحكومة في تحديد موعد لبدء الحوار، مع الاستفادة من الدعاية الدولية الإيجابية لعملية الحوار، يشير للكثيرين أن الحوار ليس عملية إصلاح جادة.
وأوضح المجلس أن الأكاديمية الوطنية للتدريب ستستضيف الجلسات الموضوعية، وقال أنه سيولي اهتمامًا خاصًا للأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني، حيث واجهت هذه المجموعات قمعًا حكوميًا شديدًا. كما يصر على أن عملية الحوار الوطني ستكون "شاملة وحرة".
تبقى الأسئلة حول كيفية إجراء المجلس للحوار، ومن سيتم دعوته للمشاركة في جلسات اللجان الفرعية المتعددة، وكيف سيتم ضمان أن يكون هناك بث عام للجلسات الموضوعية، كما وعد المجلس في وقت سابق من هذا العام. كما لا تزال هناك مخاوف جدية حول كيفية تنظيم الصحفيين الذين يغطون الحوار الوطني، خاصة بعد الهجمات الإعلامية الأخيرة على مدى مصر، وكيف سيقدم المجلس تقارير عن تقدم الحوار للشعب المصري.
في مواجهة الانتقادات المستمرة للبطء الشديد في الإفراج عن السجناء السياسيين، أفرجت السلطات المصرية عن 33 سجينًا سياسيًا في 9 سبتمبر/أيلول، و 46 سجينًا سياسيًا في 15 سبتمبر/أيلول، و 50 سجينًا آخر في 2 أكتوبر/تشرين الأول. وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت لجنة العفو الرئاسية المصرية عن خطة بالإفراج عن 70 معتقلًا، وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت أن السلطات أفرجت عن 25 محتجز في الحبس الاحتياطي.
ولم يكن كافيًا للسلطات المصرية أن تبطئ عملية الإفراج عن السجناء السياسيين، حيث أعادت اعتقال الناشط شريف الروبي بعد 3 أشهر من إطلاق سراحه في عفو رئاسي. إنّ الشخصيات السياسية والمدافعين عن حقوق الإنسان يعتبرون ذلك علامة واضحة على أن الحكومة ليست جادة في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
منذ إعلان السيسي عن الحوار الوطني في 26 أبريل/نيسان، جددت الحكومة اعتقال ما لا يقل عن 4,000 سجين سياسي من خلال الحبس الاحتياطي. وبالمثل، بين 23 أبريل/نيسان و 12 سبتمبر/أيلول، أفادت منظمة العفو الدولية أن السلطات المصرية استدعت 1,019 فردًا إلى النائب العام في القاهرة بتهم تتعلق بالتعبير السياسي. خلال هذه الفترة، أمرت الحكومة بالإفراج عن 336 سجينًا سياسيًا، لكن لم يتضح عدد الذين أفرجت عنهم بالفعل.
وبينما رحب قادة في المعارضة مثل مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي، بعمليات الإفراج هذه، أشاروا أيضًا إلى بقاء العديد من السجناء السياسيين في السجن، بمن فيهم الناشطين الحقوقيين أحمد دومة وعلاء عبد الفتاح ومحمد الباقر والمرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح وخيرت الشاطر الرئيس السابق لحزب الحرية والتنمية التابع لجماعة الإخوان المسلمين، والطالب أنس البلتاجي البالغ من العمر 19 عامًا. في 12 سبتمبر/أيلول، قال علاء عبد الفتاح أنه قد يموت في السجن بسبب تدهور صحته وسط إضراب عن الطعام يقترب الآن من سبعة أشهر. على الرغم من أن علاء عبد الفتاح أصبح مواطنًا بريطانيًا منذ ما يقرب من عام، إلا أن السلطات المصرية لم تسمح بعد للمسؤولين البريطانيين بمقابلته، وهو انتهاك صارخ لحقوق علاء القنصلية.
كان محامي حقوق الإنسان والناشط العمالي هيثم محمدين واحدًا من 46 سجينًا سياسيًا تم الإفراج عنهم في 15 سبتمبر/أيلول. وكانت السلطات المصرية قد احتجزت محمدين منذ مايو/أيار 2019 بتهم لا أساس لها، بما في ذلك المشاركة في منظمة إرهابية لتحقيق هدفها، ونشر أخبار وبيانات كاذبة، والاستخدام السيء لمنصات التواصل الاجتماعي، لكن لم يتم محاكمته أبدًا أمام محكمة. قبل إطلاق سراحه، طلب محامي محمدين أن يتم عرضه على طبيب متخصص بسبب تدهور صحته.
هنأ حمدين صباحي، مؤسس حزب الكرامة والمرشح الرئاسي السابق، المعتقلين على إطلاق سراحهم. مثل العديد من قادة المجتمع المدني، دعا صباحي إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين قبل بدء الحوار الوطني، وقال بأن استمرار اعتقال السجناء السياسيين لا يخدم مصلحة أحد. كما ذكر صباحي بأن الحوار الوطني سيكون اختبارًا ليس فقط للحكومة ومؤيديها، ولكن للمعارضة، حيث ستحتاج شخصيات المعارضة والأحزاب السياسية إلى اقتراح حلول وسياسات عملية لمعالجة أزمات مصر، وليس مجرد وصف للمشاكل.
قبل عمليات الإفراج عن السجناء السياسيين في 9 سبتمبر/أيلول، واصلت السلطات المصرية هجومها على وسائل الإعلام باعتقال رئيسة تحرير مدى مصر لينا عطا الله وثلاثة من كتّاب مدى مصر وهم رنا ممدوح وسارة سيف الدين وبيسان كساب. استجوبت النيابة هؤلاء الصحفيين بتهم القذف والتشهير و "نشر أخبار كاذبة تهدف إلى تعكير صفو السلم العام" بسبب بمقالة نُشرت بتاريخ 31 أغسطس/آب تتحدث عن فساد أعضاء حزب المستقبل الوطني، وهو حزب سياسي وثيق الصلة بالسيسي ولديه أكبر عدد من المقررين والمقررين المساعدين في الحوار الوطني. كما اتهمت النيابة لينا عطا الله بـ "تشغيل موقع إلكتروني غير مرخص"، رغم أنها حاولت تسجيل موقع مدى مصر مرارًا وتكرارًا منذ عام 2018.
أدى هذا الهجوم على واحدة من آخر الوسائل الإعلامية الإخبارية المستقلة في مصر إلى استنتاج أن الحكومة ليست جادة بشأن الحوار الوطني أو الإصلاح السياسي. على الرغم من صعوبة الاستنتاج بدقة كاملة، فقد سجنت السلطات المصرية ما لا يقل عن 733 صحفيًا وعاملًا إعلاميًا بين عامي 2013 و 2020. منذ صعود السيسي إلى السلطة عبر انقلاب عسكري في عام 2013، استهدفت السلطات المصرية بشكل منهجي الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام وضايقتهم واعتقلتهم وسجنتهم، ما يجعل مصر من أسوأ الأماكن بالنسبة للصحفيين في العالم. صنفت منظمة مراسلون بلا حدود مصر في المرتبة 168 من أصل 180 دولة في مؤشرها السنوي وتصف البلاد بأنها "واحدة من أكبر السجون في العالم للصحفيين".
الخاتمة
يجب على قادة المعارضة الاستمرار في الضغط على الحكومة المصرية للإفراج عن المزيد من السجناء السياسيين وإجراء إصلاحات فعلية لفتح المجال السياسي في مصر. ومن أهم هذه الإصلاحات الحاجة إلى تعديل تشريعات الحبس الاحتياطي ووقف "إعادة تدوير" القضايا عندما يصل المحتجزون إلى الحد القانوني الأقصى للحبس الاحتياطي البالغ سنتين حيث لا يمكن للحكومة تقديم مبررات لاستمرار الاحتجاز. في حين يتوقع القليل أن يؤدي الحوار الوطني إلى إحداث تغيير كبير أو اختراقات سياسية من خلال الاستمرار في الانخراط بجدية في العملية، يمكن للمعارضة إجبار الحكومة على تبرير ممارساتها السياسية القمعية وسياساتها الاقتصادية الكارثية. هذا وحده يمكن أن يؤدي إلى مساحة سياسية أكبر وإدارة أفضل. وبهذا المعنى، قد لا تكون أهم مساهمة للحوار الوطني هي أي نتيجة محددة، ولكن الاعتراف الأكبر بأن حكومة السيسي ليس لديها سوى القليل لتُظهره على مدار عقد من الحكم الاستبدادي. حتى الآن، لم يعلن مجلس أمناء الحوار الوطني عن موعد محدد لبدء الحوار، وأسماء المشاركين غير معروفة، إلى جانب عدم الانتهاء بعد من جدول الأعمال. كل هذه الحقائق تجعل السياسيين داخل مصر وخارجها يتأكدون من أن الحوار الوطني مجرد مسرحية طويلة المدى تقوم بها الحكومة لمجرد إرسال رسالة للمجتمع الدولي بأنهم في طريقهم إلى الإصلاح السياسي.