DAWN’s experts are the driving force behind the organization’s mission and vision. Our experts complement our research work and bolster our advocacy efforts.

No posts found!

Read all the latest articles from the DAWN team of Experts and Contributors.

السوريون.. الخطر القادم من الشرق!

فجأة أصبح السوريون تحت الأضواء، تحدث عنهم الجميع وعرضت عنهم الأفلام في أكبر المهرجانات، وتم إطلاق حملات متتالية للتضامن معهم وتخفيف آلام اللجوء، وتم طباعة الكتب والمنشورات تحاول شرح ما حصل ويحصل لهم.. وككل حدث عالمي يستقطب الرأي العام، يبدأ الاهتمام بالخفوت رويداً رويداً، وتحتل أحداث أخرى عناوين الأخبار.. ووجد فريق آخر، كان بعيداً عن الأضواء، طريقه لتصدر المشهد، وبدأ بمحاكمة السوريين على كل شيء.

وهكذا أصبح تاريخ سوريا ومجتمعها بعلاقاته وقيمه وإثنياته، عرضة للاستهداف وإطلاق الأحكام من قبل البروباغندا الشعبوية، بهدف الاستثمار السياسي للتغطية الإعلامية الكبيرة لوصول اللاجئين. وتعالت التحذيرات من الخطر القادم على المجتمعات الغربية، بل قام الكثير من قيادات اليمين المتطرف بإعلان تأييدهم لبشار الأسد وشكره بعضهم.

يا فرحة ما تمت

الحملة المتعددة الأوجه والمستمرة بلا كلل مع الكم الكبير من الإشاعات، أدت إلى ما يشبه الكوميديا السوداء.

فالاتهامات التي صار يكيلها اليمين المتطرف للسوريين وتحميلهم مسؤولية تدهور الاقتصاد، ونقص فرص العمل وخطرهم على هوية المجتمعات، كل ذلك، مع الجرأة على استعادة المفردات العنصرية التي من المفترض أنها تنتمي لعصر مضى، خلق نوعاً من الرعب الجديد والعدائية عند بعض مواطني الدول التي استقبلت اللاجئين.

 وهذا أدى بالسوريين، بمعظمهم، سواء داخل أو خارج سوريا ليصبحوا بحال الدفاع عن النفس وعن مجتمعاتهم لرد الشائعات والاتهامات، ومع ازدياد خوفهم من التعرض لمواقف عنصرية عاد الرقيب الذاتي وبات المكان يحدد نوع الحديث وعلو الصوت.

وكما يقال بأن الأحداث الكبرى تحمل عادة جرائر ما قبلها، تم تحميل اللاجئين السوريين جل ما حدث منذ مطلع القرن. وهكذا، وبما أن الحرب على الإرهاب تشغل الكوكب، قرر مكافحو الإرهاب إجراء الفحوص عن نوع المسلمين في سوريا، أهم سلفيون أم صوفيون؟ معتدلون وسطيون أم متطرفون أصوليون؟ كم مرة في اليوم يرددون كلمة الله أكبر، أيشربون الخمر أم يكتفون بالشاي؟

وعادت القضايا التي استعصت على العرب منذ مطلع القرن الماضي ليتم طرحها على السوريين، والطلب منهم توضيح موقفهم منها.

وتم طرح الأسئلة والإشكاليات من جديد، لكن هذه المرة على شعب بأكمله. هل الإسلام دين ودولة أم دين فقط؟ وهل تريدون حكم الشريعة أم القوانين الوضعية؟

ومن المحتمل أن علي عبد الرازق توقع أن يبقى كتابه "الإسلام وأصول الحكم"*، 1925، محل سجال ونقاشات لا تنتهي لسنوات طويلة، وأن يكون طرحه حول مفهوم الخلافة بأنه دنيوي، ورفضه إضفاء صفة القدسية عليه ضمن قضايا أخرى في كتابه، والذي تسبب في فصله من الأزهر، عالقاً بين تكفير وقبول حتى الآن.

 ولكن من المؤكد أنه لم يتوقع أن تتم مطالبة شعب يتعرض لحرب إبادة شاملة بتقديم الإجابة النهائية على كل تلك القضايا. شعب أدين بسبب تنظيمات أتت من خارج حدوده وتشكلت بعيداً عن أراضيه، وظهرت فجأة برايتها السوداء، وخلافتها الوهمية ضمن شكوك كبيرة حول دور لمخابرات النظام في رعايتها من الأساس.

هذه الحملات امتدت لتطال كل من دعم السوريين لا سيما في المجال الإغاثي والإنساني، ودفعت البعض إلى حد الانتحار كما حصل مع البريطاني "جيمس لو ميزورييه" أحد مؤسسي منظمة "الخوذ البيضاء" التي قامت بجهد هائل لتقديم خدمات الدفاع المدني للسوريين وساهمت بانقاذ العديد من الأرواح.

القصة المأساوية لميزورييه كما روتها صحيفة الغارديان في تقرير مطول تظهر كيف أن الحملة المركزة التي قادتها روسيا على المنظمة، والتشكيك في منتسبيها، واتهامها بالعلاقة مع المخابرات، واتهامها بالفبركة، أدت إلى ضغوط هائلة على الرجل، أدت به للانتحار، لا سيما مع انصياع الدول الأوروبية لتلك الحملة عبر طرح المزيد من الأسئلة وإجراء التحقيقات.

في إحدى الندوات حول سوريا، وجه أحد الحاضرين سؤالاً: ما هو شكل الدولة السورية المستقبلية؟

المشكلة في السؤال كانت أنه أتى في وقت كان يتم فيه تهجير أهل الغوطة الشرقية، قرب دمشق، إلى الشمال السوري، وذلك بعد حصار يعتبر الأطول واستخدام السلاح الكيميائي عدة مرات..

حسناً كان هناك من أسرع في تقديم الإجابة المطلوبة: "دولة مدنية حديثة… بعد أن نجد خياماً تكفي المهجرين من ريف دمشق"!

—–

*علي عبد الرازق (1888 – 1966): مفكر مصري درس العلوم الشرعية في جامعة الأزهر، وحصل على شهادة القانون من جامعة أوكسفورد البريطانية.

 أصدر في عام 1925 كتابه المثير للجدل "الإسلام وأصول الحكم" يدعو فيه إلى فصل الدين عن الدولة، ويقول فيه بأن الخلافة نظام حكم دنيوي وليس ديني، كما أنه يقول في كتابه أن الدين الإسلامي لا يفرض على المسلمين نظام حكم معين.

كلام عبد الرازق أثار غضب الأزهر الذي قام بفصله وتجريده من شهاداته، وتأتي أهمية الكتاب أنه جاء من عالم أزهري، وما يزال الكتاب محل جدل حتى اليوم.

***

الصورة لنازحين سوريين يتوجهون من دير الزور إلى مخيمات اللاجئين على مشارف الرقة في 24 سبتمبر/أيلول 2017 بينما يقاتل المقاتلون السوريون المدعومون من القوات الخاصة الأمريكية لتطهير آخر متبقين من جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية المتحصنين في معقلهم المنهار. (مصدر الصورة BULENT KILIC / AFP عبر Getty Images)

Want more insights like this?

Get our newsletter straight to your inbox

Support Us

We hope you enjoyed this paywall-free article. We’re a non-profit organization supported by incredible people like you who are united by a shared vision: to right the wrongs that persist and to advocate for justice and reform where it is needed most.

Your support of a one-time or monthly contribution — no matter how small — helps us invest in our vital research, reporting, and advocacy work.

مقالات ذات صلةالمشاركات

related

ساعدوا "دون" على حماية حياة وحقوق الفلسطينيين في غزة.

إننا نناضل من أجل وقف إطلاق النار ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين المسؤولين عن جرائم الحرب في غزة.