English
في مايو/أيار 2010، قدمت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال-فلسطين، وهي منظمة غير حكومية بارزة في رام الله، تقريرًا إلى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب تطرق إلى الاعتداء الجنسي أو التهديد بالاعتداء الجنسي على الأطفال الفلسطينيين بين الأعمار 13 و 16 من قبل جنود وشرطة الاحتلال. في عام 2016، أصدرت مؤسسة الضمير، التي تدافع عن السجناء السياسيين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية والفلسطينية، تحليلًا قانونيًا شاملًا لسياسة إسرائيل الخاصة بالاعتقال الإداري للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وغزة، ووثقت بدقة كيف تنتهك إسرائيل القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان الدولية. وفي عام 2014، قادت مؤسسة الحق، إلى جانب العديد من منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية الأخرى، الجهود بتقديم أدلة إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل خلال هجومها على غزة عام 2014.
في الأسبوع الماضي، صنفت إسرائيل منظمات المجتمع المدني الفلسطينية الثلاث هذه، إلى جانب ثلاث منظمات أخرى—اتحاد لجان المرأة الفلسطينية واتحاد لجان العمل الزراعي ومركز بيسان للبحث والتطوير—على أنها "منظمات إرهابية"، وهي خطوة تهدد عمل تلك المنظمات والعاملين فيها. جاء ذلك من خلال أمر عسكري وقعه وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، استند إلى قانون مكافحة الإرهاب لعام 2016 واتهم المنظمات غير الحكومية بشكل غامض بأنها تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي الفصيل السياسي اليساري الصغير الذي تصنفه إسرائيل والولايات المتحدة، وكذلك العديد من حلفائهم، منظمة إرهابية بسبب الهجمات السابقة المنسوبة إلى أعضائها.
لطالما استخدمت إسرائيل اتهامات بالإرهاب والتحريض لحرمان الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية. تطبق إسرائيل معايير مفترضة حول الأنشطة والجمعيات "العدائية" و "غير القانونية" و "الإرهابية" ضد الفلسطينيين والتي لا تنطبق أبدًا على سكانها، مثلما قال عضو إسرائيلي في الكنيست مؤخرًا لزملائه العرب الفلسطينيين: "أنتم هنا عن طريق الخطأ—لأن بن غوريون لم يكمل المهمة على أتم وجه ويطردكم في عام 1948"، أو عنف المستوطنين الفاضح والمدمّر على نحو متزايد في الضفة الغربية، والذي غالبًا ما يتم ارتكابه في حضور واضح للجنود الإسرائيليين.
توفر منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية الست هذه بيانات وتحليلات من أرض الواقع غير متاحة للصحفيين والأكاديميين الذين يحاولون تغطية الضفة الغربية وغزة. تدافع هذه المنظمات عن الفلسطينيين الأكثر تهميشًا، وتعمل مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية الأخرى في جميع أنحاء العالم، وقد حصلت على جوائز وأوسمة دولية لمناصرتها وعملها الخدمي. كما أنها توفر تحليلًا نقديًا في تصحيح الرواية غير المتوازنة التي يتبناها العديد من مراقبي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بما في ذلك العديد من وسائل الإعلام الغربية. وكما أشار المدير التنفيذي الإسرائيلي لمنظمة "الآباء ضد احتجاز الأطفال" في صحيفة هآرتس، "إذا كانت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال منظمة إرهابية، فماذا علينا أن نطلق على الميليشيات المسلحة التي تؤذي الأطفال؟ ماذا يجب علينا أن نطلق على المنظمات التي تحرم الأطفال من حقوقهم وتعرض رفاهيتهم وسلامتهم للخطر؟" تقوم هذه المنظمات بالعمل الذي يمكن أن تقوم به حكومة فلسطينية شرعية فعالة، إذا لم تتنصل السلطة الفلسطينية من واجباتها وتستخدم قمع شعبها للحفاظ على سلطتها.
استندت الحكومة الإسرائيلية في تصنيفها لعمل المجتمع المدني هذا كواجهة للإرهاب على معلومات اعتبرتها على الفور سرية. غانتس، الذي كان قائدًا لهيئة الأركان العامة لجيش الدفاع الإسرائيلي والذي قد قاد الجيش الإسرائيلي خلال حربي 2012 و 2014 على غزة—حيث تم تدمير عشرات الآلاف من المنازل وتم قتل الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم صحفيين وعاملين في المجال الطبي—لم يقدم أي تفاصيل حول صلات المنظمات غير الحكومية المزعومة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
كما أنه تجاهل على ما يبدو مشاركة أي دليل تمتلكه إسرائيل مع نظرائه الأمريكيين، الذين زعموا أنهم سيطلبون من الحكومة الإسرائيلية "مزيدًا من المعلومات" حول الخطوة المفاجئة. وقالت بعثة الاتحاد الأوروبي للفلسطينيين إنها "تسعى للحصول على توضيحات" من إسرائيل أيضًا. وقالت في بيان على تويتر: "المزاعم السابقة بإساءة استخدام أموال الاتحاد الأوروبي من قبل شركاء معينين في منظمات المجتمع المدني الفلسطينية لم يتم إثباتها". والجدير بالذكر أنه لم يتم حتى الآن التشكيك في أي تعاملات محددة لهذه المنظمات الفلسطينية، ولم يتم اعتقال أي فرد من أي من هذه المنظمات غير الحكومية لارتكاب جريمة مزعومة تتعلق بتصنيف "الإرهاب".
جاء رد الفعل بسرعة، حيث وصفت أكثر من عشرين منظمة غير حكومية إسرائيلية تعمل مع هذه المنظمات الفلسطينية الست التصنيف بأنه "عمل جبان، وأنه من سمات الأنظمة الاستبدادية القمعية". ودعت المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إلى إلغاء القرار على الفور، مشيرة إلى أن هذا التبرير لا أساس له وأن إسرائيل تعتبر أفعالًا مثل "تعزيز الخطوات ضد إسرائيل في الساحة الدولية" بمثابة إرهاب. وفي مقال افتتاحي بعنوان "وصمة عار على إسرائيل"، ذكرت صحيفة هآرتس: "هناك خط مستقيم من تعريف النضال اللاعنفي ضد الاحتلال بأنه "إرهاب دبلوماسي" وتصنيف جماعات حقوق الإنسان على أنها منظمات إرهابية".
المعنى الحرفي واضح: كل مقاومة للاحتلال هي إرهاب". كما حذرت صحيفة جيروزاليم بوست المحافظة: "من السهل إصدار بيانات وإعلان أن منظمة غير حكومية هي جزء من مشروع إرهابي، لكن من الصعب إثبات ذلك،" في إشارة إلى محمد الحلبي، الرئيس السابق لمنظمة غير حكومية مقرها غزة تتهمها إسرائيل بتحويل ملايين الدولارات من أموال المساعدات إلى حماس، على الرغم من أن إسرائيل لم تقدم حتى الآن أي دليل موثوق به عن جرائمه المفترضة. وهو معتقل في السجون الإسرائيلية منذ أكثر من خمس سنوات، وحُرم من الإفراج عنه بكفالة واقتيد إلى 165 جلسة محاكمة قيل عنها أنها سرية.
في الواقع، هذه القصة للأسف لا تبدأ ولا تنتهي مع هذه المنظمات غير الحكومية الفلسطينية الست، أو مع الحلبي—أو باعتقال شذى عودة، مديرة لجان العمل الصحي الفلسطينية، في يوليو/تموز الماضي، أو ترحيل عمر شاكر، مدير شؤون إسرائيل وفلسطين في منظمة هيومن رايتس ووتش في عام 2019. هذا التصنيف هو مجرد أحدث تطور في حملة إسرائيلية مستمرة ومتنامية بشكل متزايد ضد المجتمع المدني الفلسطيني—على خلفية التوسع المستمر في المستوطنات في الضفة الغربية، والقيود المفروضة على حركة الفلسطينيين، والتصريحات الوقحة العديدة من السياسيين الإسرائيليين بأن ليس لديهم مصلحة في دولة فلسطينية.
ويشمل ذلك رئيس الوزراء الحالي نفتالي بينيت، الذي قال في وقت سابق: "سأفعل كل ما في وسعي للتأكد من عدم حصولهم على دولة". نفس منتقدي تصنيف إسرائيل للمنظمات الفلسطينية بأنها "إرهابية" الأسبوع الماضي أصدروا عشرات الإدانات المماثلة للقمع الإسرائيلي للمجتمع المدني الفلسطيني لعقود. وقد أدى الإفلات من العقاب وعدم الرغبة في تحميل إسرائيل المسؤولية عن احتلالها للأراضي الفلسطينية الذي دام 54 عامًا وجميع مظاهره إلى هذا التصعيد. وإذا تُرك الأمر دون رادع، فلن تكون هذه الخطوة الأخيرة بالتأكيد.
هذه الهجمات نفسها على المجتمع المدني تتم من قبل الأنظمة القمعية في تركيا ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والصين وروسيا، ودول أخرى. بعض هذه الدول، مثل إسرائيل، حلفاء مقربون للولايات المتحدة، بينما تتمتع دول أخرى بعلاقات اقتصادية مربحة مع الولايات المتحدة وأوروبا، بل ويجلسون في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
تم الإشادة بالعديد من دول الخليج، التي هي من بين الدول الأقل تمثيلًا للشعوب والأكثر قمعًا في العالم، باعتبارها تقدمية صريحة بسبب التطبيع الجديد مع إسرائيل، والذي يبدو من الناحية العملية بأنه صفقة استثمار وأسلحة أكثر من كونه اتفاق دبلوماسي. يأتي هذا التطبيع في الوقت الذي اعترفت فيه المنظمات غير الحكومية الدولية والإسرائيلية مثل منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة بتسيلم ومنظمة يش دين رسميًا بأن معاملة إسرائيل للفلسطينيين في جميع أنحاء الأراضي المحتلة وإسرائيل هو دليل على الفصل العنصري.
هذه الدلالة الأخيرة على التراجع الديمقراطي الإسرائيلي لا تكشف شيئًا جديدًا عن إسرائيل. كان التهديد الذي تشكله هذه المنظمات غير الحكومية الفلسطينية الست، من وجهة نظر إسرائيل، يتحدى ويعطل نظامها القمعي. وكما قالت رئيسة مؤسسة الضمير، سحر فرنسيس، "لقد تم استهدافنا لسنوات، لسبب واحد: لقد نجحنا في تغيير الخطاب في جميع أنحاء العالم من خلال الحديث عن الفصل العنصري، وليس الاحتلال فقط، ونحن نقدم الأدلة إلى لاهاي".
وأضافت: "رسالتنا، إلى جانب المنظمات الأخرى، هي أننا لن نتوقف عن العمل… لن نتوقف عن تقديم الخدمات لمن يحتاجنا. نحن نرفض السكوت على حكم الفصل العنصري الذي يقوم به الاحتلال". يبقى أن نرى ما إذا كانت القوى التي تمكّن وتعزز قمع إسرائيل لحقوق الفلسطينيين، وخاصة الولايات المتحدة، لديها القدرة على الوعي الذاتي لدعم ما تقول إنها تدعمه، بدلًا من إدامة الواقع الحالي الذي تعتبر فيه حقوق الإنسان مجرد نقطة نقاش.