محمد كمال باحث مساعد في منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN)، حيث يعمل على حماية حقوق الإنسان في مصر والمنطقة.
English
اختفى أيمن هدهود، الاقتصادي المعروف في مصر والمنتقد المتكرر للسياسات الاقتصادية لحكومة السيسي، في القاهرة في 5 فبراير/شباط 2022. وتوفي هدهود لاحقًا في ظروف غامضة في مستشفى للصحة العقلية تديره الدولة في 5 مارس/آذار. نفت السلطات المصرية احتجاز أيمن لأسابيع بعد ذلك، ولم تخطر أسرة أيمن بوفاته إلا بعد أكثر من شهر، في 9 أبريل/نيسان. أظهرت التقارير اللاحقة أن السلطات المصرية أخفت أيمن قسرًا، حيث قدّم المسؤولون المصريون تفسيرات متضاربة وغير معقولة لاعتقاله ووفاته.
قام عمر هدهود، الأخ الأكبر لأيمن، بعدة محاولات للتحقق من مكان وجود أيمن وزيارته بعد اختفائه. قام عمر بزيارات متعددة إلى مختلف أقسام الشرطة المصرية لتحديد مكان أيمن، لكن السلطات لم تفده بأي معلومات عن أخيه. بعد علم أسرته باحتجاز أيمن في مستشفى العباسية للصحة النفسية في القاهرة، ذهبوا إلى المستشفى، ولكن نفى مسؤولو المستشفى في البداية وجود أيمن هناك، ثم أصروا على ضرورة وجود إذن من النائب العام قبل أي زيارة لأيمن. وبعد أن تم تضليل عمر لأشهر، لم يعلم بوفاة شقيقه إلا في اليوم الذي استدعاه المسؤولون المصريون لأخذ جثة شقيقه من مشرحة المستشفى.
بعد وفاة أيمن، ظهرت تقارير بسرعة تشير إلى تعرض أيمن للتعذيب قبل وفاته. أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر بيانًا أشار فيه إلى قلقه من "الاختفاء القسري المزعوم" لأيمن، وبدأت النيابة العامة تحقيقًا، بما في ذلك تشريح الجثة، بشأن سبب وفاة أيمن وما إذا كان قد تعرّض للتعذيب أثناء احتجازه لدى الدولة. ذكرت عائلة أيمن أن آثار التعذيب كانت ظاهرة على جسده والتقطت صورًا لتوثيق هذا الانتهاك، لكن مسؤولو المستشفى أجبروهم على حذف الصور. بقي بعض من هذه الصور، وخلص خبراء الطب الشرعي العاملون مع منظمات حقوق الإنسان إلى احتمال حدوث تعذيب أو سوء معاملة.
ومما لا يثير الدهشة، أن النائب العام المصري توصل إلى استنتاج مختلف وهو أنه لا توجد مؤشرات على التعذيب أو سوء المعاملة، وأن أيمن توفي بسبب مرض في القلب، دون خطأ من سلطات الاحتجاز. ورفض المسؤولون المصريون السماح للخبراء الخارجيين بفحص جثة أيمن أو إجراء تشريح مستقل للجثة.
في مقابلة مع منظمة (DAWN) من منزله في القاهرة، روى عمر هدهود محاولته اليائسة للعثور على شقيقه في الحجز واستعادة جثته في نهاية المطاف. كما تحدث عن البحث الذي جعل أيمن هدفًا لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي—حول سيطرة الجيش على الاقتصاد، وإفلاس مصر المحتمل، وكيف "يدير السيسي الاقتصاد كما لو كان ملكية شخص واحد." قال عمر عن شقيقه أن ذلك البحث "أودى بحياته."
تم تحرير النص التالي بشكل طفيف من أجل الإيضاح وملائمة طول المادة.
هل لك أن تخبرنا عن أخيك الباحث الاقتصادي أيمن هدهود؟
باختصار، كان أيمن منذ بداية حياته جادًا جدًا، وكانت اهتماماته الثقافية أكبر من سنه. نشأ في بيئة ثقافية قائمة على أفكار المعارضة. قرأ بجنون وجدية وباهتمام كبير بما يقرأ، وكانت قدرته الفكرية ملحوظة للجميع. كانت الحقيقة أساس حياته، وكان العلم أول اهتماماته.
كان أيمن باحثًا متميزًا. هل يمكنك إخبارنا عن حياته المهنية؟
تخرج أيمن من قسم العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وذهب للعمل في مجال البحوث السياسية والاقتصادية. أكمل رسالة الماجستير في الموازنة العامة [للحكومة المصرية]، وأصبح فيما بعد من أفضل الخبراء في مصر في هذا المجال. كان دائمًا يبحث في القضايا الشائكة.
طلبت منه الجامعة الأمريكية بالقاهرة تولي منصب المراقب المالي الذي لم يدم فيه طويلًا بسبب اصطدامه بالفساد المالي المروع داخل الجامعة. ثم عاد للبحث والعمل في تحليل الموازنة، وأسس شركة لهذا الغرض. كان هذا عمله المفضل طوال حياته. اقتنع أيمن بالعودة إلى السياسة، وطمح إلى إنشاء صحيفة تسمى المدائن، تهدف إلى إحياء الوطن، لكن المشروع لم ينجح، حيث منعت السلطات الطبعة الأولى. كان لديه مشروع كتاب وذكر لي جزءًا من البحث الذي عنونه الحقائق.
ما هي بعض المواضيع التي تدور حول بحث أيمن الاقتصادي؟
تضمنت الموضوعات الأمور التي تمت مؤخرًا مثل الانتخابات والموازنة العامة والفساد والجيش في الاقتصاد—وهذا هو الموضوع الأكثر حساسية. كانت هذه مجالات البحث منذ بداية حياته المهنية، والتي من وجهة نظره أدت إلى تدمير الدولة وتحويل قدراتها من خلال إلغاء الإدارة العامة والقانون، ما أدى إلى سيطرة رجل واحد. ثم تطرق إلى تفاصيل تتعلق بسيطرة العصابة الحاكمة على قدرات الدولة، ثم أخيرًا عن اقتصاد الجيش، وهو الأمر الذي أودى بحياته.
ما هي تفاصيل ليلة القبض على أخيك؟
التقينا، كالعادة، لتناول العشاء والنقاش المستمر. كان أحد أصدقائي معنا. كنت الأقرب إلى أيمن. لم يكن يعتبرني أخًا فقط، بل أيضًا صديقه المقرب، الذي يحتفظ بجميع أسراره بحكم المهنة طوال حياتنا. نحن نعمل في نفس المجال، الاقتصاد. ثم، [بعد العشاء]، ذهب إلى موعد خاص به واختفى.
تحدث أيمن عن الخطر الذي واجهه قبل شهرين من اختفائه، وفهمتُ طبيعة الخطر الذي شعر به الذي كان بسبب بحثه الأخير حول إفلاس مصر. كان أيمن أول من توقع إفلاس مصر وألقى باللوم في الانهيار الاقتصادي المرتقب على سيطرة الجيش على الاقتصاد.
ماذا فعلت عائلتك عندما اختفى أيمن تلك الليلة؟ ما هي الإجراءات التي قمتم بها منذ ذلك الحين؟
كان حدسي يقول لي أن أمرًا سيئًا قد حدث. اتصلتُ بمن أعرفهم في الحكومة وفي مكتب أنور السادات [عضو سابق في البرلمان وزعيم حزب الإصلاح والتنمية، وهو ابن شقيق الرئيس المصري السابق ويحمل اسمه]. نصحوني بالانتظار 48 ساعة للتأكد. وفقًا للقانون، يجب أن يمر يومان قبل أن نتمكن من إبلاغ الشرطة عن فقدان شخص، لكنني شعرتُ بالخطر ورتبت أفكاري لإعداد الإجراء المناسب.
كما توقعت، بعد مرور 48 ساعة فقط، جاء عنصر من أمن الدولة إلى منزل العائلة وأخبرنا أن أيمن اعتُقل واحتُجز في قسم الأميرية وأن علينا الذهاب إلى هناك. وأضاف ضابط شرطة أن أيمن ما زال قيد التحقيق. طلبنا من الضابط أن نزور أيمن ونحضر له الطعام والملابس، لكنه أخبرنا أن الزيارة ممنوعة. كما أُبلغنا أن الغرض من الاعتقال هو الاستفسار عن عائلته وشقيقه الذي هو أنا.
هل ذهبت إلى قسم شرطة العامرية؟
في اليوم الثالث [من اختفاء أيمن] ذهبنا إلى قسم شرطة الأميرية، وطردتنا الشرطة وأخبرتنا أنه لا يُسمح لنا بزيارته. وأخبرونا أنه لم يكن من المفترض أن نأتي، وأن قسم الشرطة سيتصل بنا. علمنا أنه بحسب محضر الشرطة، تم اعتقال أيمن في قسم قصر النيل، لكن قسم الأميرية هو الذي أبلغنا باعتقال أيمن. أعتقد أن الأمر كله كذبة، وأن أيمن اعتُقل مباشرة من قبل قوات أمن الدولة واقتيد إلى مكان مجهول.
متى وكيف علمت أن السلطات المصرية نقلت أيمن إلى مستشفى العباسية للصحة النفسية؟
لم تأخذه السلطات المصرية إلى المستشفى إلا بعد وفاته. كانت كذبة لإخفاء حقيقة أنه تم تصفيته. أبلغَنا مكتب أنور السادات أن أيمن موجود في المستشفى. ذهبتُ إلى المستشفى، لكنهم أنكروا وجوده في البداية، ثم أصروا على وجوده هناك، وكان ذلك كذبًا كذلك لاستهلاك الوقت. علمنا أنه اعتُقل بتهمة كاذبة تتعلق بسرقة سيارة في السنبلاوين بمحافظة الدقهلية [شمال القاهرة]. طلبت منا إدارة المستشفى الحصول على تصريح زيارة من مكتب النائب العام. لكن تفاجأنا عندما ذهبنا إلى النيابة العامة أنه لم يكن هناك رقم سجل أو قضية لأيمن. ثم ذهبنا إلى نيابة السنبلاوين بالدقهلية ولم نجد أي قضية تخص أيمن. عدنا أخيرًا إلى المستشفى، وقالوا لنا مجددًا أن زيارة أيمن ممنوعة. عدنا مرة أخرى إلى مكتب النائب العام الذي سألنا عن رقم القضية وقال أنه لا توجد قضية تخص أيمن هدهود.
زعمت السلطات المصرية أن أيمن ظهرت عليه علامات الفصام، لكن عائلتك نفت هذه المزاعم. هل يمكنك إخبارنا بالتفاصيل؟ لماذا قدمت السلطات هذه الادعاءات؟
إنها كذبة حقيرة لتبرير اغتياله. كانت كذبة فاضحة بالنظر إلى تعاقب الأحداث حتى اليوم الأخير الذي تناولنا فيه العشاء.
متى ذهبت إلى مستشفى العباسية للصحة النفسية لرؤية ما فعلته إدارة المستشفى؟
بمجرد أن أخبرنا مكتب أنور السادات [أن أيمن كان هناك]. كما قلت سابقًا، زعم مدير المستشفى أن أيمن متهم بسرقة سيارة من السنبلاوين التي تبعد حوالي 120 كيلومترًا عن القاهرة. كان هذا الادعاء لتضليلنا وكسب الوقت والتعليمات من أجهزة الدولة. كنا نذهب إلى المستشفى يوميًا تقريبًا. لكن من خلال المعلومات الخاطئة التي يقدموها لنا، كانوا متحكمين بالموقف.
تولى مكتب أنور السادات الاتصالات بالنيابة عنا وأخبرونا أن أيمن في المستشفى. ذهب أعضاء مكتبه أيضًا إلى المستشفى وأخبرونا أن المستشفى قالوا أن أيمن موجود هناك، ولم يُسمح لهم بزيارته.
متى علمت بوفاة أيمن؟
اخترق أحد أصدقاء أيمن سجلات المستشفى واكتشف أن عبارة "توفي يوم 5 مارس/آذار" كانت مكتوبة بجانب اسمه. كان ذلك في الأول من أبريل/نيسان. ذهبتُ إلى المستشفى، لكنهم نفوا هذه المعلومة تمامًا. كان معي أحد أصدقائي، وهو لواء في الشرطة المصرية. لن أذكر اسمه، لكن إدارة المستشفى أخبرتنا أن أوراق المستشفى لم تذكر وفاة أيمن.
لماذا لم تبلغكم السلطات في وقت سابق إذا كان أيمن قد توفي قبل شهر؟
لا بد أن يكون السبب هو إخفاء الجريمة. كانت المشكلة التي واجهوها هي انتشار خبر اختفاء أيمن على نطاق واسع خارج مصر. على سبيل المثال، عندما زار وزير الخارجية المصري سامح شكري الولايات المتحدة، سأله الصحفيون عن اختفاء أيمن. [السلطات] وضعت جثة أخي في الثلاجة لمدة 35 يومًا، وهي غير مناسبة لحفظ الجثة لأكثر من يومين. أعتقد أنهم فعلوا ذلك لاحتمال تحلل جسده وإخفاء آثار التعذيب. لكن خططهم باءت بالفشل: جثة أيمن لم تتحلل، وبقيت آثار التعذيب.
علمنا بوفاته رسميًا عندما تم إخطارنا من قبل ضابط من قسم شرطة مدينة نصر بعد 35 يومًا من وفاته.
زعمت السلطات المصرية أن أيمن اعتُقل أثناء محاولة اقتحام شقة في الزمالك، الحي الراقي وسط القاهرة. كما زعموا أنه حاول سرقة سيارة من السنبلاوين في دلتا النيل. ما هو ردك على هذه الادعاءات المتضاربة؟
هذه أكاذيب من قبل السلطات المصرية، وهذه الروايات المتضاربة دليل صارخ على هذه الأكاذيب. العنوان المذكور في محضر الشرطة هو 15 شارع مرعشلي بالزمالك. هذا العنوان يشغله استشاري ويحرسه أعوان وزارة الداخلية عند الباب. لا يسمح لك بالدخول إلا بعد اكتمال الإجراءات الأمنية، ويوجد هناك حارس مسلح على مدار 24 ساعة في اليوم. لكن لدى كوستا كوفي نفس العنوان أيضًا. استخدم أيمن هذا المقهى كـ "مقر" لأنه قريب من الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
أعتقد أن أيمن قد اختُطف من داخل مقهى كوستا كوفي، وعندما قاوم ورفض الاختطاف بدأوا بضربه حتى استسلم. ويمكن أنهم سحبوه إلى ميكروباص كان في انتظارهم. حتى لو كان هناك أشخاص تجمعوا وشاهدوا، كان بإمكان العملاء الذين خطفوه ادعاء أنه إرهابي لتخويف أولئك الذين كانوا يراقبون المشهد.
علاوة على ذلك، في نفس المكان، هناك 14 كاميرا أمنية للمبنى، وعشرات الكاميرات غير المباشرة. رفضت النيابة مشاهدة التسجيلات من هذه الكاميرات الأمنية وهددتنا أنه ينبغي علينا عدم التحدث عن هذا الموضوع.
ارتباك السلطات واضح، من ادعاء سرقة سيارة على بعد 120 كيلومترًا من القاهرة إلى اقتحام شقة في الزمالك. علاوة على ذلك، عندما يتم القبض على شخص ما من قبل الشرطة ونقله إلى مركز الشرطة، فإن مركز الشرطة يحتوي على كاميرات تراقب القسم على مدار الساعة، كما أن الأماكن التي يتم فيها حفظ سجلات الشرطة تكون تحت كاميرات مراقبة. حتى مكتب النائب العام به كاميرات مراقبة. لكن كل طلباتنا لرؤية التسجيلات من هذه الكاميرات قوبلت بالرفض.
هل زودتكم السلطات المصرية أو أطلعتكم على تقرير اعتقال أيمن، أو أي سجلات لتحقيقاتها؟
لا، لم يحدث ذلك قط. كانت جميع التواصلات شفهية ومتضاربة، ولم يسمحوا لنا حتى بنسخ ورقة. لم يشاركوا أي لقطات للكاميرا، حتى كاميرات المستشفى. متى وصل الى المستشفى؟ اكتشفنا أن جناح المستشفى الذي أقام فيه يخضع للمراقبة بالكاميرات على مدار 24 ساعة في اليوم. سألنا الأطباء، فقالوا أن مراقبة الجناح بالكاميرات إجراء أساسي، حيث يدخل المريض 45 يومًا للمراقبة، ما يعني أن الكاميرات كانت تعمل وتسجل أثناء تحقيق النيابة.
أيمن لم يدخل المستشفى لتلقي العلاج. تم نقله إلى المستشفى بعد مقتله. تصريحات المستشفى متضاربة. قال مدير الجناح أن أيمن توفي قبل 15 يومًا، وقال الادعاء أنه توفي قبل 35 يومًا. أحد المستشارين كتب تقريرًا عن وفاة أيمن لم أره. وقال لي مستشار آخر أنه تم استدعائه بعد وفاة أيمن ورفض كتابة تقرير لأنه علم بوفاة أيمن. كل الكلام متضارب وغير صحيح.
قال الأطباء المتعاطفون معنا أن أيمن دخل المستشفى الساعة 11:00 مساءً. ولم يره أحد. في 10 أبريل/نيسان، قالت ممرضات المشرحة أن جثة أيمن دخلت الثلاجة مع اثنين آخرين قبل 35 يومًا من هذه المحادثة، ما يعني وفاة أيمن في 5 مارس/آذار 2022.
رفض مدير المستشفى التحدث إلينا أو إعطائنا أي معلومات واكتفى بالقول "اذهبوا إلى النيابة، لا علاقة لي بهذا الأمر." كل شخص يقول أمر مختلف. هذا هو الوضع والله وحده يعلم الحقيقة.
عندما ذهبتَ لاستعادة جثة أيمن، هل كانت هناك علامات مشبوهة أو علامات إيذاء؟ قلتَ سابقًا أن جمجمة أيمن مكسورة. هل يمكنك تأكيد ذلك؟
نعم، كان الدم لا يزال جافًا وفي جميع أنحاء جسده، وكانت الكسور والحروق واضحة جدًا. عندما صورتُ جثة أيمن أخذوا هاتفي وكسروه. كانوا غاضبين جدًا. أثناء غسل جثمان أيمن تمكنتُ من تصوير ونقل الصور مباشرة قبل مغادرة المشرحة. كانت الكسور في الجمجمة واضحة جدًا. كما كانت هناك كسور في عظام الصدر، وكان هناك تقرح كبير في الظهر. رأيتُ حروقًا بالسجائر، حيث أن العديد من البقع لم تتجاوز سنتيمترًا واحدًا في صدره ووجهه. بالتأكيد، حروق السجائر وآثار التعذيب واضحة جدًا. لقد ذكرتُ كل هذا للنائب العام وأصررتُ على تسجيله رغم اعتراض المحقق.
[ملاحظة: اطّلعت منظمة (DAWN) وصحيفة نيويورك تايمز على هذه الصور قبل أن تنشر صحيفة نيويورك تايمز مقالًا يشرح بالتفصيل قضية أيمن ووفاته في 27 أبريل/نيسان 2022. كما اطّلعت منظمة العفو الدولية على هذه الصور وشاركتها مع خبراء الطب الشرعي قبل أن يخلصوا إلى أن هذه الصور وغيرها من الأدلة "توحي بقوة بأن أيمن هدهود قد تعرض للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة قبل وفاته.]
هل عرفت ما حدث في المستشفى وأدى إلى وفاة أيمن؟
كل المعلومات متناقضة. كان مما قيل أن أيمن نُقل إلى المستشفى بعد وفاته، وأن أيمن دخل المستشفى الساعة 11 مساءً. بتعليمات من مدير المستشفى—لكن كل المعلومات المتضاربة تناقض بعضها البعض.
الخوف يسيطر على الموقف. كان هناك بعض أصحاب الضمير الحي تحدثوا إلينا سرًا عن دخول أيمن إلى المستشفى. قال أحدهم: "لم يره أحد. اطلبوا تسجيلات الكاميرات وستعرفون الحقيقة. مدير المستشفى هو المجرم. قضيتكم ليست الأولى."
وقال عامل المشرحة الذي تسلم الجثمان: "أين كنتم منذ 5 مارس/آذار؟ دخلت ثلاث جثث في نفس الوقت دون معلومات عائلية، وكانت السلطات تنوي دفنها في مقابر خيرية كمجهولي هوية."
دعت الحكومة الأمريكية السلطات المصرية إلى إجراء تحقيق موثوق في وفاة أيمن. هل سيحدث هذا الأمر؟
لا. السلطات المصرية لن ترد. أو سيقومون ببساطة بإدانة رجالهم الذين حصلوا على موافقة لارتكاب جريمة القتل. سيتم تطويل القضية حتى يتم نسيان الموضوع، كما هو الحال دائمًا في مثل هذه الحالات. أعتقد أن السلطات ستبحث عن صفقات ستجعل الأمريكيين يومًا ما ينسون هذه القضية.
ما كان موقفك عندما قررت الدائرة الثامنة والعشرون لمحكمة جنايات القاهرة إغلاق قضية مقتل أيمن؟
لم نر القضية، ولم نتمكن من تصوير التحقيق، ولم نقرأ تقرير القضية. قالوا لنا، "إذا أردتم قراءة القضية، فسوف نعطيكم إياها، ولديكم ساعتان فقط لقراءتها." منعونا من تصوير التحقيق باستخدام الهواتف المحمولة وحتى كتابتها باستخدام الأقلام. تجاوز تقرير القضية 500 ورقة. كيف يمكن لنا أن نقرأ ذلك في ساعتين؟
هل أدى بحث أيمن حول دور الجيش المصري في الاقتصاد إلى اعتقاله ووفاته؟
في الواقع، كان هذا سببًا أساسيًا لذلك، وقلتُ هذا لصحيفة نيويورك تايمز. أيمن، كما ذكرت، كان أول من تحدث عن إمكانية إفلاس مصر. كما كشف أن الحكومة الحاكمة في مصر عصابة خطيرة تصادر الأملاك في جميع أنحاء البلاد، وتدير الاقتصاد وكأنها ملكية لرجل واحد.
أصدر مكتب النائب العام بيانًا في 18 أبريل/نيسان جاء فيه أن وفاة أيمن لم تكن جنائية—وأنه توفي متأثرًا بمرض في القلب—ولم تظهر على جسده علامات التعذيب أو سوء المعاملة. ما هو ردك؟
أثناء تحقيق النائب العام، أصررتُ على تسجيل آثار التعذيب على جسد أيمن، وكنت على استعداد بأن يتم إعادة فحص جسده، بشرط أن يتم فحصه من قبل لجنة من خارج مصر وأن يقوموا بتشريح الجثة. طبعًا هذا الطلب قوبل بالرفض والتهكم لكن أؤكد لكم أنه تم الإعداد لكل شيء.
لماذا تتستر السلطات المصرية على مقتل أيمن؟
آخر بحث نشره أيمن كان في ديسمبر/كانون الأول 2021 [عن إفلاس مصر المحتمل والدور الضخم للجيش في الاقتصاد] وكان فضيحة لهم، لذلك قررت الحكومة تصفيته.
كيف تريد أن يتذكر الناس أيمن؟
كل ما أتمناه أن يتذكر الناس مساهمات أيمن العلمية، وأنه لم يتخل عن الالتزام بمسؤوليته المهنية أو التصرف بأمانة، وكذلك قيمة الأبحاث التي قدمها للناس.