حمد الشامسي هو نائب رئيس الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع والمدير التنفيذي لمركز مناصرة معتقلي الإمارات
English
في 13 سبتمبر/أيلول 2021، أصدر مجلس الوزراء الإماراتي، وهو الجهاز التنفيذي الرئيسي للدولة، قراراً بإدراج اسمي، إلى جانب ثلاثة إماراتيين آخرين – وجميعهم معارضون سياسيون يعيشون الآن في المنفى، مثلي تماماً – على "قائمته المعتمدة للأشخاص والمنظمات الداعمة للإرهاب". وادعت الإمارات أن الإدراجات كانت "لاستهداف وتعطيل الشبكات المرتبطة بتمويل الإرهاب". لم يكن القرار مفاجئاً تماماً لي أو لزملائي – لأن السلطات في الإمارات تستخدم قانون مكافحة الإرهاب سيئ السمعة كسلاح ضد أي شخص يعارضهم. في نظر الحكومة: إن لم تكن معنا، فأنت إرهابي.
في الواقع، أنا مدافع إماراتي عن حقوق الإنسان، أعيش في المنفى في أوروبا، وأدير منظمة غير ربحية، مركز مناصرة معتقلي الإمارات، الذي يسعى للدفاع عن سجناء الرأي المحتجزين في الإمارات. قبل تسع سنوات، اتهمت غيابياً بتهم غامضة تتعلق بالأمن القومي، إلى جانب 93 معارضاً وناشطاً سياسياً إماراتياً آخرين. أصبحنا معاً معروفين باسم "الإمارات – 94". كما كنت عضواً في جمعية الإصلاح والتوجيه الإجتماعي التي كانت تعمل في الإمارات كمنظمة مجتمع مدني معتمدة من الحكومة منذ عام 1974، حتى تم حظرها في عام 2014.
مباشرة بعد أن سمعت خبر إدراجي على قائمة الإرهاب، اتصل بي الأصدقاء وكان لديهم نفس الأسئلة التي تشغلني. ما هو هدف الحكومة الإماراتية؟ ما الذي ستجنيه من وضع اسمك على قائمة الإرهاب أثناء وجودك في الخارج؟ قال لي العديد من أصدقائي ألا أقلق كثيراً، لأن قائمة الإرهاب الإماراتية غير معترف بها حتى في أوروبا والولايات المتحدة، وبالتالي لم تكن تساوي الحبر الذي كتبت به.
ولكن الإجابات على هذه الأسئلة لم تتأخر كثيراً. فبعد ساعات من صدور القراركان اسمي وصورتي وصور زملائي تملأ وسائل الإعلام المحلية والعالمية. أصبح من الواضح تماماً أن إدراجنا كإرهابيين هو تكتيك جديد لتشويه السمعة قامت به الحكومة الإماراتية، يهدف إلى تخويفنا ومنع الآخرين، داخل وخارج الإمارات العربية المتحدة، من التواصل والتعامل معنا تحت طائلة الملاحقة بتهمة التواصل مع إرهابيين، والتي قد تصل عقوبتها إلى السجن لمدة عشر سنوات في الإمارات. وقد توقف بعض الأصدقاء والزملاء عن التواصل معنا، خوفاً من التواصل مع أي شخص على قائمة الحكومة للإرهاب. حتى عائلاتنا باتت مهددة بالملاحقة القضائية في الإمارات إذا تبين أنهم "يتواصلون مع الإرهابيين".
والأدهى من ذلك هو أن الإنتربول قد يتم توظيفه ضدنا، وهو الجهاز الذي يرأسه الآن أحمد ناصر الريسي، الجنرال الإماراتي من وزارة الداخلية. هناك مخاوف متزايدة من أن يصدر الإنتربول تحت رئاسة الريسي إشعارات حمراء بضغط إماراتي لمنعنا من السفر وتقييد تحركاتنا. ففي الآونة الأخيرة، سلمت صربيا معارضاً بحرينياً بعد أن أصدر الإنتربول إشعاراً أحمر بناء على طلب البحرين، على الرغم من أمر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوقف تسليمه في انتظار مزيد من المعلومات حول قضيته، ولا سيما "المخاطر المحتملة للتعذيب و/أو سوء المعاملة التي سيواجهها مقدم الطلب إذا تم تسليمه إلى البحرين".
عقب تعيين الريسي رئيساً للإنتربول في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تلقيت سلسلة من رسائل التهديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تقول إن اعتقالي أصبح الآن "مسألة وقت فقط". وكان شكلاً جديداً من أشكال المضايقة والتخويف. جاءت هذه الرسائل من حسابات حقيقية ومزيفة على تويتر، بعضها لشخصيات مؤثرة داخل الإمارات العربية المتحدة.
هذا ليس حدثاً منعزلاً، بل هو جزء من دائرة المعاناة التي يواجهها الإماراتيون من قبل حكومتنا التي تزعم أنها "تحارب الإرهاب". وقد أصبحت هذه الكلمة – الإرهاب – أسهل طريقة للإمارات لتبرير انتهاك حقوق مواطنيها وحرياتهم، التي أضفي عليها الشرعية من خلال ما يسمى بقانون مكافحة الإرهاب، الذي هو في الحقيقة أداة لسحق حقوق الإنسان. هذا القانون الذي صدر في عام 2014، يطبق تعريفاً شاملاً للإرهاب، لذلك ليس مفاجئاً أن يكون هذا القمع هو النتيجة. ووفقاً للقانون، فإن أي شخص "يثير الذعر بين مجموعة من الناس" و"يعادي الدولة" يمكن اعتباره "إرهابيا". أعطى القانون مجلس الوزراء الإماراتي سلطة إصدار "قوائم بالمنظمات الإرهابية أو الأشخاص الذين يشكلون تهديدا للدولة"، مثل تلك التي أنا عليها.
هل من المستغرب أن يتم تصنيف المحامين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الإمارات بشكل متزايد على أنهم إرهابيون، وأي نشاطات سلمية على أنها أعمال إرهابية؟ بل ذهبت السلطات الإماراتية إلى أبعد من ذلك وصنفت بعض جماعات حقوق الإنسان كمنظمات إرهابية، مثل الكرامة، وهي منظمة غير حكومية مقرها في جنيف. كما احتجزت الإمارات وحكمت على عبد الرحمن النحاس، المدافع السوري عن حقوق الإنسان المقيم في الإمارات منذ عام 2013، بالسجن عشر سنوات بتهمة "تقديم معلومات كاذبة عن البلاد إلى منظمة دولية" و"التواصل مع منظمات إرهابية"، وكلها تتعلق باتصالاته مع الكرامة.
على الرغم من تحذيرات منظمات حقوق الإنسان بشأن قانون مكافحة الإرهاب ومطالبها المستمرة بتعديله، واصلت الحكومة الإماراتية استخدامه كسلاح ضد أي معارضة سياسية. في البداية، انتهكت حقوق الأفراد المتهمين بارتكاب أعمال "إرهابية"، حيث احتجزت العديد منهم بل أن بعضهم يزعمون أنهم تعرضوا للتعذيب في سجون سرية. ثم تطور الأمر إلى ملاحقة المعارضين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان. والآن، يستخدم القانون لمقاضاة ومضايقة المنفيين السياسيين والمعارضين في الخارج.
الضرر الذي ألحقه قانون مكافحة الإرهاب الإماراتي واضح، من الإعتقالات غير المبررة وانتهاكات حقوق الإنسان، إلى تدمير مصدر رزق الشخص، حتى لو كان قد فر من الإمارات. مثل هذه الإنتهاكات للحقوق والحريات الأساسية ينبغي أن تكون بمثابة تحذير للمجتمع الدولي بأن هذه القوانين الكاسحة لم تخرج فقط عن أهدافها المعلنة لمكافحة الإرهاب فحسب، بل أصبحت أداة خطيرة في أيدي الأنظمة الإستبدادية لتلصق تهمة الإرهاب بمن تشاء، بغض النظرعن التكلفة التي سيدفعونها هم وعائلاتهم.
وقد بات واضحاً أن الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والمقرّرة الخاصة المعنيّة بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة في سياق مكافحة الإرهاب، فيونوالا ني أولاين، ليست كافية لردع الإمارات أو غيرها من الدول عن إساءة استخدام قوانين مكافحة الإرهاب. فرغم بيانات الإدانة وطلبات فيونوالا ني أولاين المتكررة لزيارة الإمارات، وتأكيدها على ضرورة تعديل القوانيين الإماراتية بما يتوافق مع المعايير الدولية، إلا أن السلطات الإماراتية تستمر بتجاهل كل ذلك، وماضية في سياستها التي تنتهك حقوق الإنسان، وهو ما يعني أن الأمر بات بحاجة لوقفة جادة للمجتمع الدولي من أجل وقف هذه الممارسات.
تستغل الإمارات شبح الإرهاب لإسكات أي معارضة في الداخل. يجب على المجتمع الدولي، وخاصة الدول التي تعتبر الإمارات شريكاً موثوقاً به في مكافحة الإرهاب، الضغط على حكومتها لاحترام حقوق الإنسان والتوقف عن إستخدام الإرهاب كذريعة لملاحقة معارضيها السياسيين.