مايكل شيفر عمر-مان هو مدير أبحاث إسرائيل وفلسطين في منظمة (DAWN)
English
يبدو أن الطلقات النارية جاءت من العدم ما أسفر عن مقتل فلسطيني أعزل. في البداية، تكهن مسؤولون عسكريون إسرائيليون بأنه تم القتل بنيران طائشة أطلقها نشطاء فلسطينيون كانوا متواجدين بالقرب من المنطقة. ثم أشار متحدث باسم الجيش إلى أن إطلاق النار كان مبررًا. وفي وقت لاحق، تحدث المزيد من مسؤولي الجيش الإسرائيلي والصحفيين الموالين لهم وكبار السياسيين، ووصفوا مقطع الفيديو الخاص بإطلاق النار بأنه مفبرك، حتى أنهم أشاروا إلى أن القتل نفسه قد تم التخطيط له. بمجرد أن بدأ الاهتمام الأولي في التلاشي، أظهرت مقالة لشبكة "سي إن إن" ولقطات فيديو جديدة أن الرصاصة التي أدت إلى القتل تم إطلاقها بشكل شبه مؤكد من قبل جندي إسرائيلي—بشكل متعمد.
سيبدو هذا السياق مألوفًا بشكل مخيف لمن تابعوا مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة مؤخرًا. لكن هذه الأحداث وقعت في عام 2014 بعد أن قتل جندي إسرائيلي مراهقَين فلسطينيين غير مسلحين في الضفة الغربية، وأطلق النار عليهما من على بعد بضع مئات من الأقدام.
كانت الردود الإسرائيلية على مقتل أبو عاقلة متطابقة تقريبًا، من المتحدث باسم الجيش الذي قال إنها كانت "مسلحة" بكاميرا وأشار أنها قُتلت بنيران فلسطينية طائشة، إلى الرئيس الإسرائيلي الذي وصف لقطات الفيديو وتحقيق سي إن إن بأنها "حقائق مزيفة."
إنّ مقارنة الحالتين ببعضهما البعض أمر مفيد، حيث يُظهران كيف تتفاعل آلة "الهسبارة" الإسرائيلية عندما تقتل القوات الإسرائيلية مدنيين فلسطينيين وتثير اهتمامًا وغضبًا دوليين. ولكن الأهم من ذلك هو ما يمكن أن تخبرنا به هاتان الحالتان عن سبب عدم ثقة الفلسطينيين أو عدم تمكنهم من الثقة بأن بإسرائيل ستحقق في هذه الوقائع وتوفر العدالة أو المساءلة.
عدم الثقة له ما يبرره. لدى الجيش الإسرائيلي سجل مروع في التحقيق مع جنوده. تُظهر بيانات من منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "يش دين" أنه في السنوات الأخيرة، قدم الجيش الإسرائيلي لوائح اتهام في 2٪ فقط من الشكاوى على الجنود الذين أساءوا للفلسطينيين. في الحالات النادرة التي تتم فيها محاكمة وإدانة القوات الإسرائيلية، يتم منحهم عادةً صفقات إقرار قضائية تقلل من تهم القتل العمد إلى تهم أخف تتعلق بالقتل بإهمال وحتى استخدام السلاح بسبب الإهمال.
كان هذا هو الحال مع بن درعي، شرطي الحدود الإسرائيلي الذي قتل نديم نوارة البالغ من العمر 17 عامًا في قضية عام 2014 المذكورة أعلاه. تم القبض على درعي في البداية للاشتباه في ارتكابه جريمة قتل، وُوجهت إليه تهمة القتل غير العمد وتم إدانته بالقتل بسبب الإهمال، على الرغم من العديد من الأدلة على أنه يعرف بالضبط ما كان يفعله وأطلق النار على العديد من المتظاهرين الفلسطينيين الآخرين في ذلك اليوم. حُكم عليه بالسجن لمدة عام ونصف، ولكن تم الإفراج عنه في نهاية المطاف بعد أن قضى أقل من عام.
ومع ذلك، فإن قضيتي شيرين أبو عاقلة ونديم نوارة تبرزان من بين القضايا الأخرى. وفقًا لبيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، قتلت قوات الأمن الإسرائيلية 43 مدنيا فلسطينيًا في الضفة الغربية حتى الآن في عام 2022 وحده. مقتل أبو عاقلة وحده هو الذي احتل عناوين الصحف الدولية وولّد ضغوطًا على إسرائيل لبدء تحقيق.
ولكن حتى في قضية أبو عاقلة—على الرغم من كونها مواطنة أمريكية، وحقيقة أن الجيش الإسرائيلي يدّعي أنه حدد هوية الجندي الذي "ربما" قتلها—فقد أشارت الشرطة العسكرية الإسرائيلية بالفعل إلى أنها لن تجري حتى تحقيقًا جنائيًا. وبدلًا من ذلك، سيعتمد الجيش على تحقيق عملياتي يجريه قائد الوحدة، الذي، كما أشار الصحفي الإسرائيلي حجي مطر، "لديه مصلحة شخصية واضحة في الدفاع عن نفسه ورجاله." (ليس لأن القائد المذكور لديه ما يدعو للقلق، وإنما لأنه لا يوجد مفهوم لمسؤولية القيادة في القانون الإسرائيلي).
هذا، بالطبع، هو المعيار في إسرائيل. على الرغم من أن الشرطة العسكرية الإسرائيلية، على الورق، تتبع سياسة فتح تحقيق فوري وتلقائي في أي وقت يقتل فيه جنود جيش الدفاع الإسرائيلي مدنيًا في الضفة الغربية المحتلة—باستثناء عندما يُقتلون في مواقف "ذات طبيعة قتالية حقيقية"—إلا أن هذا الأمر بعيد كل البعد عما يحدث في الواقع.
قال زيف ستال، المدير التنفيذي لمنظمة "يش دين: "إنّ غموض هذا المصطلح، "طبيعة قتالية حقيقية"، يساهم في إضفاء الشرعية على قتل الفلسطينيين على يد جنود إسرائيليين، ويتم استخدامه في كثير من الحالات من قبل الشرطة العسكرية لتجنب فتح تحقيقات جنائية ضد الجنود، حتى في حالات إطلاق النار المميت."
كما أن كون شيرين أبو عاقلة كانت صحفية ليس له أثر يذكر عندما يتعلق الأمر بالإفلات شبه المضمون من العقاب الذي يتمتع به الجنود الإسرائيليون، الذين قتلوا ما لا يقل عن 30 صحفيًا في الضفة الغربية وغزة منذ عام 2000، وفقًا لمنظمة مراسلون بلا حدود، وإصابة العشرات بالذخيرة الحية.
سألت وكالة فرانس برس الجيش الإسرائيلي مؤخرًا عن عدد الجنود الذين حوكموا لقتلهم صحفي في تلك الفترة الزمنية. لم يتمكن المتحدث العسكري من عرض قضية واحدة تم فيها توجيه الاتهامات للجنود.
يشمل ذلك مقتل الصحفي المقيم في غزة ياسر مرتجى، والذي، في ظروف تذكرنا بشكل محبط بشيرين أبو عاقلة، قُتل على يد قناص إسرائيلي بينما كان يرتدي سترة "صحافة" كانت ظاهرة بوضوح. كان واحدًا من خمسة صحفيين فلسطينيين على الأقل أطلق عليهم قناصة إسرائيليون النار في يوم واحد من الاحتجاجات على طول حدود غزة في عام 2018. لم يتم توجيه أي تهمة لجندي إسرائيلي في مقتل مرتجى أو إطلاق النار على الصحفيين الآخرين الذين كانوا يغطون تلك المظاهرات.
بعد مقتل مرتجى وجرح العشرات من الصحفيين الآخرين في عام 2018، سألتُ الجيش الإسرائيلي في خمس مناسبات مختلفة عن التغييرات التي سيجريها الجيش لحماية حياة الصحفيين أو محاسبة من يؤذونهم. على الرغم من أن مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أقر بتلقي أسئلتي (كنتُ أعمل كصحفي معتمد في إسرائيل في ذلك الوقت)، إلا أنه رفض الرد.
إنّ القول بأن الفلسطينيين ليس لديهم سبب للثقة في النظام القانوني الإسرائيلي الذي يمكنه توفير العدالة لهم ليس مجرد عبارة عابرة، بل إنه واقع. إنّ موقف ونهج النظام السياسي والقانوني والعسكري الإسرائيلي بأكمله تجاه الفلسطينيين غير عادل في جوهره لدرجة أن إنشاء أي دائرة موثوقة لتوفير العدالة أو المساءلة من أجل الفلسطينيين، حتى على المستوى الفردي، من شأنه أن يقوّض النظام الإسرائيلي بأكمله. أو كما قال الرئيس السابق للمحكمة العليا الإسرائيلية، آشر غرونيس، في دعم قانون المواطنة الإسرائيلي التمييزي، "حقوق الإنسان ليست وصفة للانتحار القومي."
إذا كانت هناك عدالة أو محاسبة على مقتل شيرين أبو عاقلة، فلن يتم هذا الأمر في إسرائيل.