أميد معماريان مدير التواصل لدى منظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن «DAWN».
أيمن نور، الذي لا يزال أبرز معارض سياسي ليبرالي مصري، يعيش في المنفى منذ عقد من الزمان، منذ انقلاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2013. بعد مغادرة مصر أولًا إلى بيروت، استقر نور في اسطنبول، حيث يعيش منذ عام 2015.
يقول نور في مقابلة حصرية مع مجلة "الديمقراطية في المنفى": "لقد كان انقلابًا على الثورة، لذلك غادرت. غادرتُ البلاد لأتمكن من التعبير عن رأيي وأقول ما أريده بشأن ما يحدث في بلدي".
قبل الانتفاضة الشعبية التي أدت إلى سقوط الرئيس حسني مبارك في عام 2011، كان نور وجه المعارضة السياسية المحاصرة في مصر. فقد خاض الانتخابات ضد مبارك في الانتخابات الرئاسية سيئة السمعة عام 2005، عندما سمح نظام مبارك، تحت ضغط من إدارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، لأول مرة بوجود أكثر من مرشح في الانتخابات. ومع ذلك فقد ضمن أن التصويت يخضع لرقابة محكمة وتشوبه مخالفات. وبعد أن حلّ نور ثانيًا بعد مبارك بفارق كبير، تم القبض على نور بتُهم ملفقة وقضى أكثر من ثلاث سنوات في السجن. تم إطلاق سراحه بشكل غير متوقع في عام 2009، فيما بدا وكأنه محاولة من قبل نظام مبارك لكسب ود إدارة الرئيس باراك أوباما الجديدة في واشنطن، بعد أن أمضى مبارك سنوات في رفض مطالبات إدارة بوش بالإفراج عن نور.
وفي أبريل/نيسان 2017، حكمت محكمة مصرية على نور غيابيًا بالسجن خمس سنوات بتهمة "نشر أخبار كاذبة"، وهدده نظام السيسي بتجريده من جنسيته المصرية—كما حدث مع النشطاء السياسيين المصريين والمنفيين الآخرين.
يقول نور لمجلة الديمقراطية في المنفى: "الحياة في المنفى لها قواعد مختلفة. فالإنسان عندما يبحث عن كتاب، لا يستطيع أن يجده هنا، وعندما يموت قريب له أو من أسرته، لا يستطيع أن يشارك في العزاء". وعلى الرغم من منفاه في تركيا، لا يزال نور منخرطًا سياسيًا في مصر، مما يساعد في تنظيم المعارضة ضد السيسي بأي طريقة ممكنة. في مقابلته، يشرح نور سبب تحول ما يسمى بالحوار الوطني للسيسي "إلى مهزلة لا معنى لها" ولماذا "القضية الأهم التي تواجه المعارضة المصرية هي وحدتهم".
يناقش نور أيضًا الواقع المرير في مصر تحت قمع السيسي الذي لا هوادة فيه. ويقول: "بعض الأشخاص يتم اعتقالهم، لكننا لا نعرف سبب اعتقالهم ولماذا يتم الإفراج عنهم أو لماذا لم يتم الإفراج عنهم. نسمع كل يوم تقريبًا عن وفاة معتقل جديد. لا أعرف معنى لهذه القسوة".
هذا مجرد جزء مما يسميه نور حجم مأساة مصر.
أجريت هذه المقابلة باللغة العربية بمساعدة حنين خرفان، مديرة الإعلام العربي في DAWN. تم تحرير النص التالي، المترجم من اللغة العربية الأصلية، بشكل خفيف من أجل الإيضاح ومناسبة طول المادة.
"أصبح لا يخلو يوم من خبر وفاة لأحد المعتقلين. لا أعرف معنى لهذه القسوة."
- ايمن نور
جمعتك صداقة طويلة مع جمال خاشقجي لأكثر من 30 عامًا. كيف تعرفت عليه؟
كانت بداية تعارفنا من خلال جريدة الحياة اللندنية وهي جريدة تم تأسيسها في لندن وكنت مدير تحرير الجريدة في مصر وشمال افريقيا. وكان جمال مراسل الجريدة في جدة، واظن أن اول لقاء لنا كان في لندن واستمرت هذه العلاقة طوال 30 سنة دون انقطاع، حتى الفترات التي كان يتم فيها اعتقالي في السجن كان جمال تقريبا غير المصري الوحيد الذي كان يزورني في فترة اعتقالي وبالذات في فترة الاعتقال الأخيرة واستمرت هذه العلاقة حتى قبل وفاته بساعات أو أيام قليلة.
هل تستطيع أن تخبرنا أكثر عن زيارته لك في السجن؟
زارني جمال أكثر من مرة ولكن آخر زيارة كانت زيارة مهمة لأنها كانت في وقت بداية حملة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وكنت قد كتبت مقالا عنوانه "رسالة إلى أوباما" وفي هذا اللقاء سلمت المقال لجمال بهدف ترجمته إلى اللغة الانجليزية وإرساله إلى من يعنيهم الامر، وفعلا قام بإرسال المقال إلى عدد من الصحف الأمريكية التي قامت بنشره. وأظن أن اوباما نشره على صفحته على الفيسبوك أثناء فترة ترشحه. وكان هذا أهم ما حصل أثناء الزيارة الأخيرة لي في السجن.
كيف تمكن جمال خاشقجي من زيارتك أثناء وجودك في السجن وكيف كان من الممكن أن يساعدك بأي شكل من الأشكال أثناء وجودك في السجن؟
الحقيقة أنه قانونيا لا يستطيع ان يزورني لان زيارتي من أي أجنبي كانت ممنوعة، وتم رفض زيارات من اعضاء في مجلس البرلمان الأوروبي. وكان نائب رئيس البرلمان الأوروبي ادوارد مكميلن سكوت وغيره من الشخصيات المهمة (بما فيهم كوندليزا رايس) قد طلبوا زيارتي إلا أن طلبهم قد رفض. لكن جمال رحمه الله كان يزورني بطريقة فيها بعض التحايل حيث كان يشبه أحد أبناء خالتي فكان يدخل باستخدام بطاقة أبناء خالتي باعتباره قريبا من الدرجة الأولى وباعتباره مصري وليس أجنبيا وليس جمال خاشقجي. وكان جمال يتحدث أحيانا باللهجة المصرية ولم يكن من السهل اكتشاف أنه ليس ابن خالتي.
عندما قُتل جمال خاشقجي، اصبح العديد من المعارضين في الخارج يخشون على حياتهم. قامت دول وشركات متعددة باختراق هاتفك. كيف تقيم الوضع بعد خمس سنوات على مقتل جمال؟
يبدو أن إفلات المجرمين من العقاب في واقعة جمال خاشقجي فتح مرة اخرى شهية الأنظمة الاستبدادية والدول الاستبدادية لمضايقة المعارضين في الخارج وأبسط دليل على ذلك ما نشر في الأيام الأخيرة أنه تم القبض على أعضاء شبكة تجسس إسرائيلية في إسطنبول حيث كانوا يضعون أجهزة مراقبة في سيارت من يستهدفونهم ويخترقون (الواي فاي) في بيوتهم، وكان أول اسم ذكر ممن استهدفوا أنا نفسي -شخصي المتواضع. وبالتالي أصبح الخطر خطرا حقيقيا ومتكررا حيث اكتشف معمل citizen lab في كندا وجود تجسس على هاتفي الشخصي من خلال برنامجين إسرائيليين. بعد مرور سنوات على مقتل خاشقجي وإفلات المجرمين من العقاب، أعتقد أن هناك لامبالاة في مضايقة الصحفيين والمعارضين في الخارج حيث تصاعدت ظاهرة استهداف المعارضين في الخارج في السنوات الأخيرة.
وعدت إدارة بايدن بملاحقة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ، لكنهم لم يفعلوا ذلك. هل خلق ذلك شعورا بالخوف لدى المعارضين الذين يعيشون في الخارج؟ هل تعتقد أن محمد بن سلمان حقق هدفه في خلق جو من الخوف؟
هناك نوع من الإحساس بالإحباط الشديد خاصة في المعارضة الليبرالية وأنا واحد منهم حيث كان لدينا أمل دائما أن الإدارة الديمقراطية والتي يرأسها بايدن لا يمكن أن تتخلى عن الالتزامات التي اعلنت عنها بنسبة 100 بالمئة، كان هناك احتمالات لدينا بأن وعود بايدن الانتخابية ستنخفض بنسبة 50 بالمئة تحت تأثير المصالح مثلا، أما أن تنخفض بنسبة 100 بالمئة فكان هذا شيء صادم وتحديدا للمعارضة اليبرالية الموجودة في المنطقة العربية بشكل عام والخارج بشكل خاص.
لا شك أن أقل ما يمكن وصف موقف إدارة بايدن بأنه موقف صادم وقد أصابنا بفقدان الثقة في ليبراليتنا التي كنا نباهي بها التيارات الأخرى اليسارية والإسلامية، لأن خيبة الأمل كانت كبيرة جدا في إدارة بايدن سواء في ملف جمال خاشقجي أو في ملف الديمقراطية بشكل عام. ودعني أخبرك عن واقعة خطيرة ففي إدارة جورج دبليو بوش الجمهورية، خرج بوش في أكثر من خطاب وطالب بحقوقي وبالإفراج عني وتمنى أن يراني في مؤتمرالديمقراطية سنة 2008. أما إدارة الرئيس جو بايدن فقد منعت حتى حصولي على تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية. فتخيل حجم النتاقض الصادم والمؤسف الذي نعيشه مع إدارة بايدن.
ذكرت في احدى مقابلاتك ان مقتل خاشقجي شيئ رمزي لأن الأنظمة يمكنها الآن ملاحقة المنشقين خارج حدودها. هل تعتقد أن الطريقة التي تعامل بها المجتمع الدولي مع قضية خاشقجي وإفلات المتورطين في جريمة القتل من العقاب رمزية أيضًا، حيث ان الأنظمة ستلاحق الآن المنشقين دون خوف من المحاسبة؟
ان فكرة الإفلات من العقاب هي مسألة خطيرة جدا على المجتمع الدولي ككل وليس فقط على المعارضين أوالسياسيين، فهي فكرة خطيرة في مواجهة القيم الإنسانية. ونضيف إلى هذا أن الإفلات من العقاب في الجرائم التي ترتكب في حق المعارضين هو نوع من أنواع تكريس ثقافة استبدادية وكأن الدول هي مقاطعات يملكها قادة هذه الدول ويفعلون بها ما يريدون، وهذا متناقض تماما مع كل القيم الدولية التي انتشرت ما بعد الحرب العالمية الثانية، ولا نستطيع أبدا ان نفصل بين إهمال قضايا الإصلاح الديمقراطي في العالم في السنوات الأخيرة وبين تمدد ظاهرة بوتن وعدوانه على أوكرانيا وغيرها من الوقائع الخطيرة التي تهدد الأمن والسلم العالمي، لأن نظام بوتن هو نظام استبدادي ولو كان هناك مواجهة حقيقية للاستبداد ماكانت الحرب التي وقعت في أوكرانيا قد وقعت بالفعل من خلال هذا العدوان لهذا المستبد المتغطرس. نحن أمام حالة من حالات الانفلات نتيجة غياب بعض القيم ونتيجة للإفلات من العقاب وعدم المساءلة، فلا أحد يسائل أحد على أي جريمة ترتكب، ومثال على ذلك افلات بشار الأسد من جرائمه وعودته مرة أخرى إلى المجتمع الإقليمي من خلال جامعة الدول العربية والدول العربية، أو حتى من خلال المجتمع الدولي الذي بدأ يتسامح مع بشار الأسد. كل هذه مؤشرات خطيرة تهدم مكتسبات الإنسانية في المرحلة الأخيرة.
لقد كنت مرشحًا رئاسيًا خلال الانتخابات الرئاسية سيئة السمعة عام 2005 في مصر، الا انك غادرت البلاد في عام 2013 بعد الانقلاب. ما الذي دفعك لمغادرة البلاد؟
لقد كان انقلابا على الثورة ، وقد خرجت في عام 2013 حيث أقمت لمدة عامين في لبنان ثم انتقلت إلى تركيا بعد انتهاء جواز سفري وامتناع السلطات المصرية عن تجديد جوازي أووثيقة سفري. سافرت لأتمكن من ابدء رأيي وحتى أقول كلمتي فيما يحدث في بلدي، ومن أجل هذا قمت بتأسيس قناة فضائية اسمها قناة الشرق وهي قناة معارضة مصرية، وقد لعبت دورا كبيرا في الكشف عن كثير من انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في مصر وفي العالم العربي بشكل عام.
هل تحققت اهداف قناة الشرق الفضائية ؟
لم يكن لدي أهداف شخصية بقدر ما كان لدي رغبة في أن يكون لدى الشعب المصري متنفس وفوجئت أن قناة الشرق أصبحت متنفسا ليس فقط للشعب المصري، ولكن لكثير من الشعوب التي تعاني من الاستبداد ومن الاضطهاد. وبالتالي ونحن نبدأ العام العاشر من عمر قناة الشرق أعتقد أنها حققت الكثير مما كنا نتمنى سواء في إطار الوعي وتوعية الجمهور أو في مواجهة الظالمين والمستبدين.
ماذا تتوقع أن يحدث لك إذا بقيت في مصر أثناء قيامك بهذا العمل الذي تقوم به الآن ؟
لقد تم اعتقالي خمس مرات في حياتي ولم يكن لدي مانع أبدا أن أعتقل للمرة السادسة.
لو كنت موجودا في مصر كنت اعتقلت بالتأكيد، فالناس الآن تعتقل في بلادي بسبب تغريدة أو منشور على فيسبوك أو حتى بلا سبب. بعض الناس تعتقل ولا نعرف لماذا اعتقلت ولماذا افرج عنها أو لماذا لم يتم الافراج عنهم. نحن في وضع صعب جدا على المستوى الحقوقي. عمري الآن 59 عاما ولست حريصا على أن أقضي عشر سنوات من عمري – ولا أظن أن من المتبقي لي عشرة سنوات- رهن اعتقال في ظل ظروف غير إنسانية وغير مناسبة لحياة البشر، فأنا لا توجد لدي هذه الرغبة، بالإضافة إلى وجود رغبة لدي بلعب دور في تصحيح الأوضاع في بلدي وهذا شيء لم أكن لأستطيع فعله لو كنت في بلدي، فأنا الآن أتولى منصب رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية وهي المعارضة المصرية في الخارج وهذا المكان يساعدني لأساعد المظلومين في بلدي، وحتى هذا المنصب لم أكن لأستطيع أن أشغله لو كنت داخل مصر.
هناك ما يقدر بنحو 60 ألف سجين سياسي في مصر. ما رأيك في ما لا يعرفه العالم عن حجم انتهاكات حقوق الإنسان في مصر؟
نحن نذكر رقم 60ألف معتقل قضوا عشر سنوات معتقلين ببساطة شديدة وكأنه شيء عادي، لكن من جرب الاعتقال في ظل الظروف العادية يعرف حجم هذه المأساة في ظل ظروف استثنائية وغير عادية. أنا لا أفهم معنى أن يكون شخص ممنوعا من الزيارة، فلا يزوره أحد من أهله لمدة خمس أو ست سنوات. لا أعرف معنى المنع من العلاج والإهمال الطبي المتعمد حيث أصبح لا يخلو يوم من خبر وفاة لأحد المعتقلين. لا أعرف معنى لهذه القسوة. إن مشكلة مصر الآن هي القسوة. دائما ما كان لدينا معتقلين ودائما كان لدينا معتقلات إلا أن القسوة الحالية لم تكن بهذه الصورة، فالمشكلة الحقيقية التي لا يعرفها العالم ولا يمكن أن يشعر بها إلا من جربها هي فكرة القسوة، حيث التعامل بلا إنسانية ولا شعور بالمسؤولية. وأبسط مثال لهذا أن رئيس الجمهورية المشير عبد الفتاح السيسي خرج منذ أيام قليلة في خطاب وقال أن "المعتقلين مسؤوليتي أمام الله فلا يسألني أحد عنهم لأن الله سيحاسبني عليهم"، وأنا في الحقيقة لست ضد فكرة أن الله سيحاسبه، ولكني ضد أن يكون هناك مسؤول بشري ونحن على قيد الحياة يطلب تأجيل حسابه عن أرواح 60,000 بني آدم لما بعد يوم الحساب. لم أسمع أبدا في حياتي عن هذا المنطق من قبل ولا أظن أن هذا المنطق كان موجودا حتى أيام هتلر. القسوة وعدم الاكتراث بحق الناس في الحياة هي النقطة التي ربما لا يتنبه لها لا الغرب ولا الشرق.
"لا شك أن السيسي هو وريث طبيعي لنظام مبارك."
- ايمن نور
ما هو تقييمك لـ "الحوار الوطني" في مصر؟ ماذا يعني هذا الحوار للمعارضين ونشطاء المجتمع المدني؟
أطلق السيسي الدعوة للحوار الوطني منذ عامين بالفعل وكانت الدعوة وفقا لنصها الأول تدل أنه حوار وطني لا يستثني أحد، ولا يوجد أي استثناء ولكن بعد ذلك تبين أنه لا يستثني أحدا إلا أحد. في البداية قالوا أنه يستثني الإخوان المسلمين -إلا أنني طبعا هذه الفكرة- ثم توسع هذا الاستثناء الواحد ليشمل كل الموجودين من المعارضين في الخارج وجزء كبير منهم ليسوا من الإخوان المسلمين كحالتي مثلا وليسوا إسلاميين أصلا، أي لا علاقة لهم بالتيار كله، فأصبح الاستثناء يشمل المعارضة في الخارج، وبعد ذلك امتد الاستثناء ليشمل كل من في الخارج سواء كان من المعارضة أوحتى لا ينتمي للمعارضة ثم اتسع أيضا فبدأ يختار من داخل المعارضين في مصر معارضين يسمح لهم بالمشاركة في الحوار واخرين لا يسمح لهم بالمشاركة في الحوار، فبعد سنة كانوا ما زالوا يحضرون لهذا الحوار الذي بدأ منذ شهور قليلة فتبين أنه حوار المتشابهين، أي مجموعة من الناس المتشابهين يكلمون بعضهم البعض.
كما قاموا باستثناء ثلاث قضايا من الحوار: أولهم قضية تعديل الدستور وهي أهم قضية في الإصلاح الديمقراطي. والقضية الثانية هي ملف العلاقات الخارجية، فهو أيضا ملف مستثنى من الحوار أيضا وممنوع الكلام به، وآخر قضية مستثنية هي قضايا الأمن القومي وهي تمثل بالطبع كل شيء لأي وطن كقضية سد النهضة مثلا، فهي قضية أمن قومي ولكن يمنع أن تناقش في الحوار.
أي قضية لها علاقة بمصالح مصر هي قضية أمن قومي ولكنها ممنوعة من المناقشة في الحوار، وأي حوار يستثني من المحاورين معظمهم ويستثني من قضايا الحوار معظمها فقد أفرغ هذا الحوار من مضمونه. فدعوت بصفتي رئيسا للمعارضة في الخارج إلى حوار في الخارج، وشارك في هذا الحوار الذي استمر 100 يوم آلاف من المصريين، حيث ضم جميع الفصائل السياسية من ليبراليين ومستقلين وإسلاميين وجماعة الإخوان المسلمين واليساريين والشيوعيين، وسميناه "الحوار الشعبي" وأنتج أوراقا في 1200 صفحة من التوصيات وتمت طباعتهم في كتاب وأرسلنا هذا الكتاب للسلطات المصرية على أمل أن يستفيدوا من توصيات هذا الحوار الذي تم في الخارج، لكنهم لم يفتحوا صفحة واحدة في هذا الحوار وتحول الحوار إلى مهزلة ليس لها أي معنى.
لماذا في اعتقادك لم يطلعوا حتى على أي نقطة من النقاط التي أخرجها الحوار في الخارج؟
لانهم غير جادين في قضية الإصلاح. لقد اتخذوا قراراتهم في بعض الأمور مثل قرار اجراء انتخابات المحلية وهم كانوا سينتهون من الحوار إلى هذه النقاط التي قرروها من البداية. وما هذا الحوار الذي يقولون أنهم سيعرضون مخرجاته على الرئيس للحصول على موافقته وليقرر ما يوافق عليه، وما لا يوافق عليه يتم إلغائه؟ ما هذا الحوار وما قيمة هذا الحوار؟ كانوا يستطيعون القيام بكتابة رسالة موجهة للرئيس والحصول على موافقته بدلا من القيام بهذا الحوار الذي أفرغ من مضمونه بالنسبة لهم.
ما رأيك في الانتخابات الرئاسية المصرية التي ستجرى في فبراير 2024؟
أرسل لي النظام في مصر هدية في أول أيام العيد وكانت الهدية ادراجي أنا و80 ليبرالي على قائمة الإرهاب في مصر، وكان الهدف من وضعي في هذه القائمة هو منعي من الترشح للانتخابات، والحقيقة إنني لست مستغربا من هذا الفعل رغم أنه لا علاقة لي بالإرهاب وحتى ال80 شخص الآخرين الذين تم وضعهم على القائمة لا علاقة لهم بالارهاب، فكلهم أعضاء في حزبي ونحن حزب ليبرالي. كما تشمل القائمة مذيعين وصحفيين موجودين في قناة الشرق وهي قناة ليبرالية. وبالتالي لم تكن مفاجأة أن يبدأ النظام حملته الانتخابية بمنعي من الترشح، لكننا أمام عملية انتخابية لم نتيقن حتى الآن من جديتها، فقد طلبنا عشرة ضمانات وبعد أربعة أيام من طلب هذه الضمانات العشرة تم وضعي على قائمة الإرهاب وهذه رسالة للاخرين ولارهابهم حتى لا يقوموا بطلب ضمانات، وذلك بالرغم من أن بعض الضمانات التي طلبت تعكس ما تحدث عنه السيسي نفسه. فقد طلبت مثلا رقابة دولية على الانتخابات، وقد كان السيسي يوم 13 يناير 2022 قال في مؤتمر دولي للشباب في مدينة شرم الشيخ أنه مستعد لتوفير الرقابة الدولية للانتخابات، ولكن مجرد ما طلبنا هذا الطلب وضعونا على قائمة الإرهاب وكأننا طالبنا بجريمة، ولذلك حتى الآن لم يتبين مدى جدية العملية الانتخابية ولن تكون هناك جدية إلا إذا كان هناك ضمانات يستجيب لها النظام حتى لا تتكرر مأساة انتخابات 2018.
ماذا تتوقع من منظمات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في الضغط على حكومة السيسي لإجراء انتخابات حرة ونزيهة؟ هل لديهم أدنى فرصة للنجاح في هذا؟
ان فكرة الضغط من المنظمات الدولية هي مسألة مهمة لكن للأسف ليس لدينا أمل كبير فيها، فما زال المجتمع الدولي متواطئ بدرجة كبيرة مع السيسي، فبالرغم من وجود نوع من التخلي الإقليمي عن السيسي من السعودية والإمارات لكن ما زالت هناك دول تدعم بقاء السيسي إما بدعوى أنه يواجه الإرهاب وهذه أكذوبة، أو أنه يواجه الهجرة غير المشروعة وهذه أكذوبة ثانيه. ولكن في كل الحالات ينبغي أن نطالب المجتمع الدولي بكل مؤسساته وتحديدا الأمم المتحدة التي يوجد فيها قسم خاص يعنى بفكرة المساعدة الانتخابية أن يتقدموا بطلبات واضحة لتقديم المساعدة الفنية ورقابة حقيقية على مسار العملية الانتخابية التي ستقام في مصر، كما نتمنى من البرلمان الأوروبي أن يتخذ نفس الموقف. فإذا كان المجتمع الدولي يريد أن يعرف الحقيقة عليه أن يطلب رقابة حقيقية على هذه الانتخابات.
ما هو نوع الضغط الذي يمكن أن يكون فعالاً على حكومات مثل السيسي التي لها علاقة وثيقة مع الغرب؟ اقتصادية أم سياسية؟ ما نوع الضغط الذي تعتقد أنهم سيستجيبون له؟
أنا أعتقد أن الضغط الاقتصادي مؤثر جدا إلا أن هذه الأنظمة على استعداد لأن تبيع ملابسها ولا تفرط في السلطة، فمن الممكن أن يضحي بمصالح اقتصادية رغم أنها هي التي توجعه أكثر في مقابل أن يبقى في السلطة وأن لا يتأثر موقعه.
فأنا مع فكرة أن يكون هناك ثلاثة أنواع من الضغط:
ضغط اقتصادي وهذا مهم جدا، وضغط سياسي وضغط اقتصادي سياسي متدرج، بمعنى أن يقال له "إذا وافقت على رقابة دولية سنقدم منح قدرها كذا وكذا ولن نمنع عنك المنح التي تحصل عليها، فلو تكلمنا عن المعونة العسكرية للجيش مثلا، من الممكن أن يتم ربطها بالتقدم في مسار الضمانات الانتخابية، فأنا أعتقد في هذه الحالة أن الجيش سيمارس الضغط على السيسي ليقدم تنازلات وضمانات في هذا الاتجاه.
قد يعتقد البعض أن مشكلة السيسي هي الإخوان المسلمين ، لكن يمكننا أن نرى أنه لا يتسامح مع الليبراليين أيضًا. ماذا يخبرنا هذا عن السيسي وحكومته؟
السيسي لديه مشكلة مع أي آخر، وبالنسبة له أي آخر لا يؤيده فهو من الإخوان المسلمين، لدرجة أن هذه القضية أصبحت نكتة سخيفة يضحك الناس عليها في مصر، فأي شخص سيء هو إخوان بالنسبة لهم حتى لو كان مسيحيا، وحتى لو كان ليس مسلما أصلا فهو إخوان مسلمين، لأنه لا يتفق معه وهذا شيء خطير جدا في الحقيقة لأن السيسي يشعر أن هذه الفزاعة قد نجحت مع الغرب. فقائمة ال81 شخص التي أصدرها العيد الماضي والتي وضعني على رأسها تضم أسماء أشخاص مسيحيين. فقد تحول الموضوع إلى هزل، وهو ليس موضوع جديا ومن يعتقد أن السيسي مشكلته مع الإخوان فلديه مشكلة.
تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم ملايين الدولارات كمساعدة عسكرية لمصر وتعتبر الحكومة المصرية حليفا لها. ما هي مخاطر تجاهل الولايات المتحدة لانتهاكات حقوق الإنسان؟ هل تعتقد أن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه مصر شجعت السيسي على هذه الانتهاكات ؟
لا شك أن السيسي هو وريث طبيعي لنظام مبارك الذي كان لديه خبرة ليست بالقليلة في كيفية التعاطي مع الأزمات مع الولايات المتحدة الأمريكية، وكيف يتم امتصاص هذه الأزمات من خلال الضغط على المصالح والضغط على الأمور ذات الصلة بقطاع غزة والملف الفلسطيني، والضغط من خلال التلويح بعلاقات مع روسيا والصين. في الحقيقة أصبحوا يفهمون جيدا كيف تفكر الإدارة الأمريكية وأصبح لديهم شركات كبيرة تحصل على أموال كثيرة لها علاقة بصناعة اللوبيات وغيرها، وحتى أن هناك نواب في الكونغرس تغير موقفهم نتيجة تدخل هذه الشركات. وبالتالي فإن النظام أصبح لا يخشى أمريكا وأمريكا هي التي أصبحت للأسف في كثير من الأحيان تخشى الصدام مع النظام المصري وهذه كارثة بمعنى الكلمة. ليست كارثة فقط على الشأن الحكومي والشأن الديمقراطي ولكنها أيضا كارثة في إطار التوازن في الدور الإقليمي حيث يتم الان توسيع الدور الصيني في إفريقيا والمنطقة العربية بشكل عام، ويتم التحالف غير المعلن مع روسيا في كثير من الملفات ومن بينها ملف الحرب الأوكرانية. وهذا بالتأكيد ليس غائبا عن الولايات المتحدة الأمريكية، بالاضافة الى فكرة عودة العلاقات مع إيران في المرحلة القادمة حيث هناك عودة وشيكة للعلاقات مع إيران. كل هذا يؤكد ضعف القدرة الأمريكية على التعامل مع الشأن المصري بشكل خاص.
إذن، السيسي لا يخشى الولايات المتحدة. حتى لو هددت الولايات المتحدة بقطع المساعدات العسكرية أو معاقبة السيسي ومسؤوليه المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان؟ هل تعتقد أن أيًا من هذه الأعمال من شأنه أن يردع النظام المصري، أم أنه سيستمر في فعل ما يفعله؟
دعونا نتكلم بواقعية. المؤسسة العسكرية هي من يحكم بشكل فعلي من خلال مندوبها وهو السيسي. المؤسسة العسكرية معنية جدا بالمساعدات العسكرية تحديدا، والتلميح بوقف المساعدات العسكرية سيغير موقف المؤسسة العسكرية من السيسي شخصيا، وبالتالي فإن فكرة تغيير السيسي لا بد أن تمر من خلال موافقة من المؤسسة العسكرية، والمؤسسة العسكرية لن تتخذ هذا القرار إلا إذا شعرت أن هناك تهديد لمصالحها الاقتصادية وأهمها قضية المساعدات العسكرية. ان المساعدات العسكرية ليست رقما ضخما ولكنه رقم رمزي تسعى المؤسسة العسكرية للمحافظة عليه بكل السبل، وأنا أذكر عندما كنت مرشحا لرئاسة الجمهورية عام 2005 التقيت بعدد من قيادات المؤسسة العسكرية، والسؤال الوحيد الذي وجهوه في هذا اللقاء هو: هل ستستطيع أن تحافظ على المعونة العسكرية الأمريكية ام لا؟ وكان هذا عام2005 ، فهذه مسألة مهمة جدا للمؤسسة ولن تفرط بها.
لقد مر ما يقرب من ثماني سنوات منذ أن غادرت إلى المنفى في تركيا. هل تعتقد أن الجالية المصرية في المنفى بتركيا آمنة؟
حتى الآن لا يوجد خطر يذكر، ولكن تظهر بعض الأمور المقلقة مثل الإعلان عن القبض على شبكة تجسس إسرائيلية في الأيام الأخيرة. كما ان وجود اسمي في مقدمة اسماء المستهدفين من قبل هذه الشبكة التي تعمل لحساب الموساد قد أصابني ببعض من الأرق بلا شك وهو أرق طبيعي وليس خوفا، فقد أصبت بحالة من عدم الارتياح. ولكن إجمالا وبالرغم من تحسن العلاقات المصرية التركية لم يمارس علينا أي شكل من أشكال الضغط الشديد الذي لا نحتمله.
بما أنك تطرقت إلى موضوع شبكة التجسس، كشفت صحيفة ديلي صباح التركية، مطلع شهر تموز (يوليو)، أن المخابرات التركية ألقت القبض على سبعة جواسيس دربهم الموساد للتجسس على الأجانب، وخاصة العرب، في البلاد، وهم جزء من شبكة تضم أكثر من 50 شخصًا. ما رأيك في ذلك؟
لم يكن الموضوع مفاجئا لأن تركيا بلد مفتوحة للسائحين وللأجانب بشكل عام، فدخول شخصيات تعمل لحساب أجهزة المخابرات وأن يتم تجنيدها لبعض العناصر العربية أوالتركية هي مسألة متوقعة، ولكن أن تكون هناك شبكة بهذا الحجم تستهدف عددا قليلا جدا من المعارضين المصريين على وجه التحديد فهذا يثير علامات الاستفهام. ولماذا المصريين تحديدا؟ فأنا قد أفهم انه قد يحدث مع شخصيات أو قيادات فلسطينية تتبع لحماس على سبيل المثال، أوغيرها، ولكن في الحقيقة استهداف الموساد لمعارضين مصريين بعضهم ليبراليين وليسوا إسلاميين أصلا هي مسألة محيرة فعلا، ولا إجابات لدي على هذا السؤال، وأن يتم ذلك بعد عام واحد من الكشف عن اختراقين لهاتفي ببرنامجين إسرائيليين هي مسألة لا يوجد تبرير منطقي لها بالنسبة لي.
كيف تتفاعل مع المجتمع المصري وتحافظ على ارتباطك به على بعد آلاف الأميال من وطنك؟
ان موضوع الأميال والأمتار والكيلومترات في هذا الزمن لم يعد هو المهم، فعندما يريد أصدقائي من السياسيين المصريين أن يعرفوا ما حدث في الحزب الفلاني أو ما حدث اليوم في المحكمة الفلانية يقومون بسؤالي باعتباري متعايش مع الحالة المصرية بنسبة 100% وعندما يسألني البعض: هل تفكر بالعودة إلى مصر؟ فأنا أرد ردا واحدا "ومن قال أني تركت مصر؟ أنا أعيش في مصر. حتى لو كان جسدي خارج مصر إلا أنا عقلي وقلبي وأنصاري ومؤيديني كلهم موجودين في مصر وأنا على صلة يومية بهم."
كيف غيرت الحياة في المنفى الطريقة التي ترى بها العالم، بما في ذلك السياسة والنشاط والقيم الديمقراطية؟
نحن نتكلم عن عشر سنوات، وأنا لا أدري إذا كان السنوات ام المنفى هي التي غيرت أشياء كثيرة في رؤيتي لكل القضايا المشار إليها. ان عشر سنوات ليست بفترة قليلة في عمر البشر. الحياة في المنفى لها قواعد مختلفة. لا شك أنها تجرية قاسية. وهذه التجربة تجعل الإنسان يعيد تقييمه لكل الأمور مرة أخرى وفقا لمعطيات الواقع. بالتأكيد الأوضاع في بلدنا ليست أفضل، وليست في أفضل أحوالها لكن الإقامة خارج بلدك هي مسألة مؤلمة جدا. يكفي أن الإنسان عندما يريد أن يبحث عن كتاب له، لا يستطيع أن يجده وعندما يموت قريب له او من أسرته لا يستطيع أن يشارك في العزاء، وهي مسألة في الحقيقة غيرت من نظرة الإنسان للحياة بشكل عام وللأوضاع السياسية والإقليمية والدولية بشكل خاص. فنحن الآن أمام عالم أكثر شراسة مما كنا نرى ويبدو أننا أثناء وجودنا في بلادنا كنا أكثر رومانسية أكثر من مما ينبغي.
تمر مصر بأزمة اقتصادية مع معدل تضخم قياسي. هل هذا هو التحدي الأكبر الذي تواجهه البلاد الآن؟
أنا أعتقد أن التحدي الرئيسي هو تحدي اقتصادي له علاقة بتزايد حجم الدين العام، وتحديدا الدين الخارجي الذي بلغ في أقل من عشرة سنوات 164 مليار دولار، بينما كان قبل عشر سنوات – أي في 2013 – لا يتجاوز ال60 مليار دولار في أعلى أوقات. فنحن أمام تضاعف الدين الخارجي وأمام قروض سيستحق سدادها في الشهور القليلة القادمة. النظام في مصر لا يملك أي سيولة لسداد هذه القروض. النظام في مصر يسعى لبيع كل شيء من أصول (وهي ملك للشعب) في حال سداد الديون والقروض التي لم يكن الشعب سببا في اقتراضها ولا أشرف على انفاقها ولا يعرف أين ذهبت هذه الأموال الضخمة. نحن نتحدث عن أكثر من 100 مليار دولار لا نعرف أين ذهبت ولا على أي الأوجه أنفقت. ولا أتهم أي أحد بالسرقة، ولكن على الأقل، بالخلل في الأولويات والسفه في الإنفاق، وهذا هو التحدي الأكبر الذي ستواجهه مصر سواء بقي السيسي أم رحل.
ما رأيك في العلاقة بين السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان؟ هل أدت الطبيعة القمعية لحكومتيهما الاستبداديتين إلى تقريبهما أم أن هناك اختلافات بينهما؟
لقد ظهر في العام الماضي أن هناك خلافات كثيرة، وجزء منها أن النظام السعودي يرى انه القائد الفعلي والحقيقي للمنطقة العربية وأنه لن يسمح لمصر بأن تبقى في نفس مركزها القيادي الذي كانت تتمتع به لسنوات طويلة، والسبب طبعا أن النظام المصري يعتمد على النظام السعودي في تمويل احتياجاته المالية. أوقفت السعودية دعمها غير المحدود الذي كانت تقدمه للسيسي خلال العام الماضي، ولم يعد سرا أن هناك خلافا بين الرجلين – محمد بن سلمان والسيسي.
كمعارضة مصرية، عرضنا مبادرة للمصالحة بين المعارضة ودول الخليج إلا أن محمد بن سلمان لم يتحمس حتى الآن لهذه الخطوة رغم خلافه الظاهر والمعلن مع نظام السيسي.
عند النظر إلى المعارضة المصرية في السنوات القليلة الماضية، ما هي الأشياء التي كان بإمكانهم القيام بها بشكل أفضل ليكونوا أكثر فعالية؟
أنا أعتقد أن أهم قضية تواجه المعارضة هي وحدة المعارضة، وقد نجحنا في توحيد المعارضة من خلال اتحاد القوى الوطنية المصرية لكن أصبح هناك مشكلة من نوع خاص وهي الانشقاقات داخل الفصائل ذاتها بمعنى أن الفصيل الذي ينتمي للإخوان المسلمين تعرض لانشقاقات داخلية، وبالتالي أصبح هذا ينعكس على جزء من المعارضة المصرية. صحيح ان هناك تحالف يجمعنا ولكنه تحالف يحتاج إلى كثير من الدعم بسبب بعض المشاكل الداخلية في تيار الإخوان المسلمين والتي تنعكس – حتى لو كان ذلك عكس رغبتنا- بشكل أو بآخر على المعارضة المصرية. هناك تقارب الآن بين الداخل والخارج، ولكن ليس بالدرجة الكافية حيث ما زال الداخل يخشى من التعاون المعلن مع الخارج. فحتى لو كان هناك تعاون الآن فهو تعاون غير معلن وهذا يؤثر أيضا على أداء المعارضة ككل.
وماذا عن التعاون بين مختلف فصائل المعارضة خاصة فيما يتعلق بالخلافات الأيديولوجية بين الإخوان المسلمين والليبراليين؟
ان الاختلاف في وجهات النظر في بعض القضايا هومن طبيعة الأشياء، لكن هناك اتفاق في بعض المظالم، فنحن ضد ما يتعرض له الاخوان المسلمون من انتهاكات لحقوق الإنسان، ولكن هذا لا يعني أننا متفقون مع الكثير من مواقف الإخوان المسلمين السابقة ولا موافقهم الحالية، وأنا أطالب دائما أخواننا في جماعة الإخوان المسلمين وفي التيار الإسلامي بشكل عام بضرورة تطوير خطابهم السياسي في المرحلة القادمة وأهمية الفصل بين الدين والسياسة وبين التنظيم والحزب. فإذا أرادوا عملا سياسيا فأهلا وسهلا، فهم مصريون ولهم كل الحقوق، ولكن إذا كان هذا العمل سيتم من خلال المظلة الدينية فأنا أعتقد أننا أمام مشكلة وهذا يعني أنه لم يتعلم أحد شيئا من الأخطاء الماضية. أتمنى أن يعيد التيارالاسلامي تقديم أفكاره وخطابه السياسي بشكل مختلف عن الخطاب الذي أعطى الفرصة للانقلاب على الديمقراطية والثورة في مصرفي 2013.