English
استقبل الرئيس الأمريكي جو بايدن، كما هو متوقع، العاهل الأردني الملك عبد الله في البيت الأبيض هذا الأسبوع بتأكيدات دعم غامرة، واصفًا إياه بـ "الصديق المخلص والمحترم" في "منطقة صعبة." ووعد بأن الولايات المتحدة، التي تقدم للمملكة مساعدات بمليارات الدولارات، "ستظل دائمًا إلى جانب الأردن"—وهي رسالة تهدف بلا شك إلى تبديد أي شكوك باقية حول سيطرة الملك على السلطة في عمّان. قبل أشهر فقط، تم إحباط مؤامرة انقلاب مزعومة ضد الملك عبد الله وهو أحد ملوك الشرق الأوسط المفضلين لدى الولايات المتحدة، حيث تذكر التقارير أن المؤمرة دُبّرت بمساعدة المملكة العربية السعودية وإسرائيل، ما كشف عن انقسامات في العائلة المالكة في الأردن.
لكن اجتماع بايدن الأول مع زعيم عربي في البيت الأبيض تجاهل الأسئلة التي يجب طرحها حقًا: لماذا تستمر حكومة الولايات المتحدة في دعم نظام ملكي غير منتخب وسلطوي وغير شعبي إلى حد كبير، والذي يعد الآن ثاني أكبر متلقي للمساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية بعد إسرائيل، حيث يصاحب ذلك توسع هائل في الوجود العسكري الأمريكي هناك؟ من الذي يتم خدمته حقًا ومن المتضرر؟
عادة ما يفلت ملك الديكتاتورية الأردنية من التدقيق، حيث تصبح انتهاكات هذا البلد مغمورة مقابل الانتهاكات الأكثر بشاعة التي ترتكبها حكومتين من كبار المتلقين للمساعدات الأمريكية: وهما الحكومتان المصرية والإسرائيلية. ليس هناك قتل جماعي للمتظاهرين ولا قصف جماعي للمدنيين في المملكة الهاشمية. ولكن هناك نظام ملكي يحكم بالإملاءات، تحت قناع برلمان بلا سلطة وتغيير مستمر لرؤساء الوزراء الذين لا يتمتعون بسلطة فعلية في الأمور الهامة التي تتعلق بالشؤون الأمنية والمالية في البلاد. يحافظ النظام الملكي على قبضته من خلال جهاز أمن داخلي قوي ومنتشر والذي غالبًا ما يتلقى أوسمة من مسؤولي المخابرات الغربية لتميزهم في إحكام القبضة على الأردنيين.
يمكن للمسؤولين الأردنيين احتجاز أي شخص يريدونه وفي أي وقت وللمدة التي يرغبون فيها، بالاعتماد على سلطات "الاعتقال الإداري" الواردة في "قانون منع الجرائم" دون أي إجراءات قضائية على الإطلاق. ويقومون بوضعهم في مقرات الاحتجاز، حيث يوجد أكثر من 10,000 محتجز يتم اعتقالهم من خلال هذه الاعتقالات الإدارية، وهو رقم كبير للغاية لدولة يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة. من بين المحتجزين آلاف النساء المتهمات من قبل أولياء أمورهن الذكور بالعصيان، أو مغادرة المنزل دون إذن، أو ممارسة الجنس خارج إطار الزواج. وفي بعض الأحيان، كما هو الحال مع احتجاز الأخ غير الشقيق للملك الأمير حمزة بن حسين، لا توجد محاولة للاستشهاد بأي أساس قانوني على الإطلاق: أعلن الملك عبد الله ببساطة أنه يحتجز ولي العهد السابق في أحد قصوره بسبب "شأن عائلي"، حيث تم اتهامه ولكن لم يتم توجيه أي اتهامات رسمية له في مؤامرة الانقلاب التي أُعلن عنها في أبريل/نيسان الماضي. ولا يستطيع أحد أن يعرف الفترة الزمنية التي سيحتجزه خلالها وظروف ذلك الاحتجاز.
إن سلسلة انتهاكات الحكومة الأردنية لحقوق مواطنيها كثيرة. وسيتعرض الأردنيون للسجن إذا انتقدوا الحكومة أو أظهروا احتجاجًا أو انضموا إلى نقابات مستقلة أو إذا قاموا بتنظيم إضراب. لكن يعتبر الأردن، كما هو الحال في المملكة المغربية، دولة أوتوقراطية ناعمة، حيث تعد بإصلاحات على الدوام لاسترضاء الجماهير في الداخل والخارج، لا سيما عندما يتفجر الغضب العام على صورة احتجاجات في الشوارع، ولكنها تفشل دائمًا في تحقيق أي تغيير فعلي لمنح الأردنيين صوتًا وسيطرة حقيقية، بما في ذلك مساءلة حكومتهم.
لا تكترث واشنطن بالنظر إلى ما وراء ظاهر هذه المملكة، لأن همها الوحيد هو ضمان نظام ملكي مستقر وخاضع يخدم تأكيدات أمريكا المفترضة والقديمة للمصالح الإقليمية، والتي لا يتم التشكيك فيها أبدًا: فيتم إنفاق المليارات سنويًا للحفاظ على سلام الأردن البارد مع إسرائيل، وإنشاء قواعد جديدة ومتنامية للقوات الأمريكية، بما في ذلك الأسلحة والأفراد الذين تم نقلهم من قطر. يُشار أيضًا إلى التعاون في مكافحة الإرهاب بشكل روتيني باعتباره جانبًا حاسمًا في العلاقة بين الولايات المتحدة والأردن، دون التدقيق في ثمن ذلك. وقّعت الولايات المتحدة والمملكة الأردنية اتفاقية أمنية جديدة في وقت مبكر من هذا العام، بما في ذلك اتفاقية تسمح للجنود الأمريكيين بحمل أسلحتهم علانية في البلاد. كان هذا البند مرفوضًا ومثيرًا للجدل للأردنيين لدرجة أن الملك لم يستطع حتى الحصول على موافقة البرلمان. لذلك تجاوز الملك بالطبع البرلمان ووافق على الاتفاقية بمرسوم ملكي في مارس/آذار. لا يبدو أن أيًا من ذلك مهم بالنسبة بايدن، الذي شكر الملك عبد الله في البيت الأبيض على "علاقته الدائمة والاستراتيجية مع الولايات المتحدة."
لا تظهر التوترات في العلاقة إلا عندما تقاوم المملكة الأردنية قليلًا أوامر من يفرض عليها الإملاءات، مثل رفضها قبول نقل السيطرة على الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، بما في ذلك المسجد الأقصى، إلى المملكة العربية السعودية—والذي يبدو أنه تم عرضه من قبل إدارة ترامب العام الماضي كوسيلة تحفيزية في محاولة فاشلة في اللحظات الأخيرة لإقناع السعوديين بالتوقيع على اتفاقيات إبراهام لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. كانت العقوبة السعودية الإسرائيلية المزعومة ضد الملك عبد الله—التي ذكرت التقارير إنهما تعاونتا مع مدبري الانقلاب في الأردن هذا الربيع لإزاحة الملك بسبب مقاومته—خطوة غير مقبولة بالنسبة لإدارة بايدن، التي قامت بطمأنة الملك عبد الله على دعمها له. وبعد قيام بايدن بإجراء أول اتصال له مع زعيم عربي بعد انتخابه مع الملك عبد الله، يمنحه بايدن الآن شرف كونه أول زعيم من منطقة الشرق الأوسط يزور البيت الأبيض خلال فترة رئاسته.
لكن ماذا عن دعم الشعب الأردني؟ هل ستتحمل إدارة بايدن مسؤولية الإضرار بمصالحهم وحقوقهم من خلال مساعدة ترسانة القمع الملكية؟ لنكن صريحين: الملك لا يمثل شعب الأردن شرعيًا، ودعمه يتعارض مع دعم الشعب الأردني. يجب على الولايات المتحدة أن تتصالح مع هذه الحقيقة. وماذا عن تعهد بايدن بـ "تنشيط" دعم أمريكا للديمقراطية وحقوق الإنسان حول العالم؟ كيف سيروّج لأمريكا و "العالم الحر" كبديل أفضل من المنافسين المستبدين في الصين وروسيا، في حين أن العالم بأسره يمكن أن يرى بوضوح كيف يتبخر التزامه بهذه القيم المعلنة في الأردن وبقية دول منطقة الشرق الأوسط؟
كانت إدارة بايدن حكيمة، في أماكن أخرى من المنطقة، في السعي إلى اتفاقية نووية جديدة مع إيران، والتي نأمل أن تُنهي العقوبات ضد الشعب الإيراني التي استمرت لأكثر من عقد من الزمن. تحرّك بايدن أيضًا لإنهاء واحدة على الأقل من حروب أمريكا التي لا نهاية لها منذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول، من خلال انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان. لكن يجب على إدارته أن تذهب إلى أبعد من ذلك وأن تعيد النظر فيما يسمى بمصالح الأمن القومي الأمريكي التي تتطلب دعمًا سياسيًا وعسكريًا غير محدود لصالح قادة الشرق الأوسط المستبدين والمسيئين والقائمين على سياسة الفصل العنصري. هذه المساعدات الأمريكية تجعل الولايات المتحدة متواطئة في اضطهاد الشعوب التي تحكمها تلك الدول قسرًا، وتورط أمريكا في صراعاتهم الإقليمية، بلا فائدة واضحة للشعب الأمريكي.