آدم شابيرو مدير قسم المناصرة لإسرائيل وفلسطين في منظمة (DAWN)
في مداهمة قبل الفجر في العام الماضي، اقتحم جنود إسرائيليون مكتب مركز بيسان للبحوث والإنماء في رام الله، وصادروا ملفات ومواد مكتبية أخرى من المنظمة الفلسطينية غير الحكومية. وبعد أن تركوا وراءهم أمرًا عسكريًا يفيد بأن مركز بيسان غير قانوني، قام الجنود بلحام باب مكتب المركز. شنت القوات الإسرائيلية غارات متزامنة على ست منظمات مجتمع مدني فلسطينية أخرى في رام الله: مؤسسة الضمير ومؤسسة الحق والحركة الدولية للدفاع عن الأطفال-فلسطين واتحاد لجان العمل الزراعي ولجان العمل الصحي واتحاد لجان المرأة الفلسطينية.
وجاءت هذه المداهمات في أعقاب الإعلان الذي تم إدانته على نطاق واسع في عام 2021 من قبل وزارة الدفاع الإسرائيلية بأن ستًا من تلك المنظمات الفلسطينية هي كيانات "إرهابية". وقالت مديرة مؤسسة الضمير، سحر فرنسيس، في مقابلة العام الماضي مع منظمة (DAWN)، إنّ ما يسمى بالتصنيفات الإرهابية "هي جزء من تاريخ طويل من حملات المضايقة والتشهير ضد منظمات المجتمع المدني الفلسطيني".
يعمل أبي العبودي، بصفته المدير التنفيذي لمركز بيسان للبحوث والانماء، في قلب المجتمع المدني الفلسطيني منذ سنوات. ويركز مركز بيسان، الذي تأسس عام 1989، على انتهاكات الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للفلسطينيين، "ولكن أيضًا على الطرق والأساليب البديلة لتحقيق التنمية في ظل الاحتلال"، كما أوضح في مقابلة معه. يقود مركز بيسان أيضًا مبادرة جديدة، تسمى المؤتمر الشعبي الفلسطيني–14 مليون، للجمع بين النشطاء الفلسطينيين والمجتمع المدني من جميع أنحاء فلسطين وإسرائيل والشتات الفلسطيني للضغط من أجل مطلب واحد موحد: دمقرطة النظام السياسي الفلسطيني المتحجر وغير الخاضع للمساءلة.
لكن مركز بيسان لا يزال يواجه القمع ليس فقط من قبل القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة ولكن أيضًا من قبل السلطة الفلسطينية التي حاولت تقييد أنشطة مركز بيسان، في محاولة لوقف الانتقادات الموجهة للقيادة الفلسطينية والمطالبة بإجراء انتخابات حرة. يقول العبودي: "تشعر أحيانًا أنك تتعرض للهجوم من كل جانب في فلسطين. ما يشترك فيه الاحتلال والسلطة الفلسطينية هو أنهم لا يريدون المساءلة. ولأنهم لا يريدون أي مساءلة، فإنهم يستخدمون المزيد والمزيد من الإجراءات المتطرفة لقمع المعارضة".
في مقابلة مع مجلة الديمقراطية في المنفى، يحدد العبودي الخطوات اللازمة لإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، لإحداث تغيير ديمقراطي في السياسة الفلسطينية.
تم تحرير النص التالي بشكل طفيف من أجل الإيضاح وملائمة طول المادة.
"تشعر أحيانًا أنك تتعرض للهجوم من كل جانب في فلسطين. ما يشترك فيه الاحتلال والسلطة الفلسطينية هو أنهم لا يريدون المساءلة. ولأنهم لا يريدون أي مساءلة، فإنهم يستخدمون المزيد والمزيد من الإجراءات المتطرفة لقمع المعارضة".
أُبَي العبودي
لقد تم استهدافك أنت ومنظمتك، فضلًا عن منظمات المجتمع المدني الفلسطينية الأخرى، بطرق عديدة من قبل إسرائيل، بما في ذلك من خلال برنامج التجسس بيغاسوس. كما صنفت إسرائيل ظلمًا عددًا من منظمات المجتمع المدني على أنها منظمات "إرهابية" وحاولت إقناع دول أجنبية بأن هذه المنظمات وموظفيها إرهابيون. لكن في نفس الوقت، أنت تواجه قمعًا من السلطة الفلسطينية بسبب تعبئة وتنظيم المجتمع المدني.
كيف تشعر بأنك مستهدف من قبل هذين الكيانين في نفس الوقت، فهما ظاهريًا كيانان يفترض أنهما متعارضان؟
هذا سؤال وجيه. في بعض الأحيان تشعر أنك تتعرض للهجوم من كل جانب في فلسطين. يحدث هذا في الواقع كثيرًا مع مركز بيسان، لأن ما نحاول القيام به هو الكشف عن التواطؤ في انتهاكات حقوق الإنسان والمساعدة في نشر هذا الوعي في المجتمع الفلسطيني، وخاصة من خلال القاعدة الشعبية. ما يشترك فيه الاحتلال والسلطة الفلسطينية هو أنهم لا يريدون المساءلة. ولأنهم لا يريدون أي مساءلة، فإنهم يستخدمون المزيد والمزيد من الإجراءات المتطرفة لقمع المعارضة.
اعتُقلت من قبل إسرائيل في عام 2019، واعتُقلت من قبل السلطة الفلسطينية في عام 2021. بالنسبة لإسرائيل، بالطبع، هناك مسألة وطنية حيث أن هذا احتلال، والاحتلال يعتقل الفلسطينيين بشكل منهجي. لكن بالنسبة للسلطة الفلسطينية، أصبحت قضية ديمقراطية داخلية ومساءلة بالنسبة لي كفلسطيني.
لا أريد استبدال الجندي الإسرائيلي بالجندي الفلسطيني، أو السجين الإسرائيلي بسجين فلسطيني، أو الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان بانتهاكات فلسطينية لحقوق الإنسان. ما نريده كفلسطينيين هي أمور بسيطة. لهذا يقف الفلسطينيون ضد هذه الإجراءات. نريد الكرامة ونريد الحرية ونريد المساءلة والحق في ممارسة معتقداتنا وممارسة حرية التنقل والقدرة على التطور مثل الدول الأخرى، وبناء مستقبلنا الخاص لنا ولأطفالنا.
ونعم، هذه الحقوق الأساسية يتم حرماننا منها من قبل الاحتلال—ولكن أيضًا من قبل السلطة الفلسطينية الفاسدة. هذه حقيقة معروفة وموثقة جيدًا. حتى مسؤولي السلطة الفلسطينية تحدثوا عن ذلك. تحول نظام غير ديمقراطي إلى ديكتاتورية. وبطبيعة الحال، فإن جهاز الأمن غير خاضع للمساءلة. وقّعت السلطة الفلسطينية على العديد من المواثيق الدولية، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، لكنها لا تزال تستخدم التعذيب بشكل منهجي في سجونها. إنهم يقيدون الفضاء المدني، ولا يزالون يفرضون سياسات اقتصادية واجتماعية تحابي الأغنياء والأقوياء في النخبة في السلطة الفلسطينية، بدلًا من مساعدة الناس على العيش.
ما الذي دفع جهود إنشاء المؤتمر الشعبي الفلسطيني- 14 مليون؟ ما هي الفكرة الأساسية من وراء المؤتمر، ولماذا هو الوقت المناسب لها؟
حسنًا، بالنسبة لنا كمجتمع مدني فلسطيني وكناشطين، بدأنا بالتظاهر والتجمع في الشوارع بعد اغتيال نزار بنات على يد السلطة الفلسطينية. تظاهرنا ورفعنا أصواتنا مطالبين بالمحاسبة على مقتل نزار، وطالبنا بإرساء الديمقراطية للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، وطالبنا بحماية حرياتنا.
كنا من خلفيات مختلفة. لم نعمل معًا من قبل، كنا مجموعة كبيرة. التقينا في الشوارع وفي سجون السلطة الفلسطينية، وبدأنا نتحدث عن كيف يمكننا الضغط من أجل التغيير في المجتمع الفلسطيني. اتفقنا على إطلاق التحالف الشعبي من أجل التغيير—وهو حركة اجتماعية تهدف إلى دمقرطة المجال العام الفلسطيني، حيث تفاعل مع التحالف أشخاص من غزة ومن الخارج، وفلسطينيين من الشتات، ومن فلسطينيي 1948، ومن كل مكان. السبب الجذري للمشكلة هو غياب الديمقراطية في منظمة التحرير الفلسطينية.
يجب أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية في بيت جميع الفلسطينيين. وهكذا خرج اسم المؤتمر الشعبي–14 مليون. تمكنا من عقد مؤتمرنا الأول في ديسمبر/كانون الأول 2022، حيث عملنا على تحقيق هذا النوع من التواصل بين مختلف النشطاء والعمل معًا.
من أجل الدفع باتجاه التغيير الديمقراطي، تمكنا في هذا المؤتمر من انتخاب لجنة منتشرة في جميع الأماكن التي يتواجد فيها الفلسطينيون، سواء في الشتات أو هنا—كندا وأوروبا وسوريا ولبنان والأردن وأيضًا في فلسطين التاريخية. لقد عملنا معًا، محاولين أولًا رفع مستوى الوعي حول فكرة إضفاء الديمقراطية على منظمة التحرير الفلسطينية، ولكننا أيضًا ندافع معًا من أجل خلق ضغط اجتماعي يجبر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية على إجراء انتخابات عامة للمجلس الوطني الفلسطيني.
كيف بدأ الأمر؟ ومن الذي بدأ بذلك؟
وجدنا بعضنا البعض في الشوارع والسجون—سجون السلطة الفلسطينية، وليس السجون الإسرائيلية. قد يجد بعض الناس ذلك مفاجئًا. ربما يكون هناك نقص في الوعي حول نوع القمع الذي يواجهه الفلسطينيون من السلطة الفلسطينية، وخاصة أولئك الذين يحاولون تحدي قضايا الفساد أو انعدام التمثيل في الممارسة الديمقراطية.
منعت السلطة الفلسطينية الانتخابات العامة عن الجمهور الفلسطيني منذ عام 2009. وفي نفس العام، انتهت رئاسة محمود عباس، لكنه لم يُجر انتخابات عامة. وفي عام 2010، انتهت أيضًا دورة المجلس التشريعي الفلسطيني [الهيئة التشريعية للسلطة الفلسطينية]. تقوم السلطة الفلسطينية بقمع نشطاء فلسطينيين معارضين يطالبون بالوحدة وتغيير الاتجاه والإصلاح.
هذا ليس شيئًا جديدًا. كنت شابًا صغيرًا، كنت في السادسة عشرة من عمري تقريبًا، عندما صدر في عام 1999 أول بيان عام حول فساد السلطة الفلسطينية—التي كان عمرها حوالي خمس سنوات في ذلك الوقت. أُطلق عليه اسم "بيان الـ20"، لأن 20 ناشطًا وقّعوا عليه. نحن نعتبر أنفسنا استمرارًا لذلك الجهد.
بعض هؤلاء النشطاء، رهن الاعتقال في سجون السلطة الفلسطينية، وبعضهم تعرض لإطلاق النار. وفي الواقع، لا يزال بعض هؤلاء النشطاء معنا اليوم في المؤتمر الشعبي- 14 مليون. ما نراه بأنفسنا هو أن المشكلة الرئيسية للسلطة الفلسطينية هي أن قيادتها غير مسؤولة أمام الشعب، وأنها تحصل على شرعية من منظمة التحرير الفلسطينية.
يزعمون أنهم ثوار. إنهم يدّعون الحق في القيادة وبالتالي يمكنهم فعل ما يريدون—وأنهم يفهمون السياق السياسي والسياق الوطني والسياق الدولي أفضل بكثير من أي فلسطيني آخر، وأن ما يقررونه يجب أن يتم، سواء بالقوة أو بالإقناع. لكن قدرتها على إقناع الناس اختفت فعليًا. في الوقت الحاضر، تقوم السلطة الفلسطينية باعتقال الناس وتضييق الخناق على النشطاء. حدثت أولى حملات القمع الكبرى بعد الانقسام الفلسطيني [بعد فوز حماس في الانتخابات عام 2006 وتوليها السلطة في نهاية المطاف في غزة]، حيث استهدفت الحملة الأحزاب الإسلامية.
بعد ذلك، استمروا في قمع النشطاء الذين كانوا يطالبون بالتوحيد الوطني ورفع العقوبات عن غزة. وفي عام 2018، فرضت السلطة الفلسطينية عقوبات على غزة من أجل الضغط على حماس ماليًا، مما أثر بشدة على العديد من الأسر الفلسطينية، بما في ذلك العديد من الأشخاص غير المنتسبين الى أو المرتبطين بحركة حماس. حتى أن هذا أثّر على الأشخاص الذين كانوا يحاولون الحصول على تحويلات طبية لتلقي العلاج من السرطان خارج غزة. لذلك بدأ الناس يتحدثون أكثر فأكثر ضد هذا النوع من القمع من قبل السلطة الفلسطينية.
كان الأبرز نزار بنات. كان لديه صفحة على الفيسبوك، وكان يصور مقاطع فيديو قصيرة، مدتها 5 أو 10 دقائق، ولديه متابعون واسعون. لاحقته السلطة عدة مرات، وضربته، وأطلقت النار على منزله—حتى عام 2021، دخلوا منزله واعتقلوه، وفي غضون 15 دقيقة، نُقل إلى المستشفى، مات فور وصوله من الضرب الذي تعرض له. تعرض للضرب حتى الموت حرفيًا.
في اليوم التالي، بدأ الناس في التظاهر مطالبين بالعدالة لنزار بنات. لقد بدأ الأمر مع خروج الناس إلى الشوارع بشروطهم الخاصة. كانت هناك دعوة على وسائل التواصل الاجتماعي للتجمع في الساعة 1:00 مساءً، وتجمع الجميع. ثم تحولت إلى سلسلة من المظاهرات الكبرى ضد السلطة الفلسطينية. كان للمظاهرات ثلاثة مطالب رئيسية. أولًا الديمقراطية، وثانيًا المساءلة عن مقتل نزار، وثالثًا حماية الحريات العامة.
ومع ذلك، قامت السلطة الفلسطينية بقمع هذه المظاهرات بشدة. واعتقلت شرطة السلطة الفلسطينية العديد من الأشخاص. لقد تم اعتقالي مرتين خلال هذه المظاهرات، بتهم وهمية تتعلق بالتجمهر غير القانوني والتشهير بالسلطة الفلسطينية. لقد تم تبرئة العديد منا ممن وجهت إليهم التهم أمام قضاة فلسطينيين، لكن هناك بالفعل العديد من النشطاء الذين لا يزالون يُحاكمون بهذه التهم السخيفة.
لذلك بدأ الناس يتجمعون في الشوارع ويخرجون قائلين إننا بحاجة إلى الديمقراطية. وبدأنا نتعرف على بعضنا البعض، نحن النشطاء في الشوارع. بدأنا أيضًا في التعرف على الأشخاص الصامدين، والمستعدين للمواجهة، والمستعدين للدفاع عن حقوقنا، والمستعدين لعدم التراجع عندما تكون هناك دعوة للتظاهر السلمي.
ارتكبت السلطة الفلسطينية خطأً كبيرًا واعتقلتنا جميعًا ووضعتنا في زنازين. لمن نكن جميعًا في نفس الزنزانة. لقد تم وضعنا مع مجرمين صغار، لكننا كنا كثيرين لدرجة أنه كان هناك عدد قليل منا يتقاسم العديد من الزنازين. في سجن السلطة الفلسطينية، تمكنا من مناقشة سبل المضي قدمًا وكيفية تحقيق التغيير المنشود.
وظهرت فكرة إنشاء تحالف شعبي من أجل التغيير، بما في ذلك القوائم التي كانت خاضعة لانتخابات المجالس المحلية الملغاة. الحركة الوطنية الديمقراطية، وهي حركة مستقلة كانت تحاول التنظيم منذ عامين على الأقل، وحركة "كفاية" الاجتماعية، وهي حركة اجتماعية مناهضة للاحتكار في الأراضي الفلسطينية. اتفق جميع الأشخاص من هذه الخلفيات المختلفة على الحاجة إلى التغيير الديمقراطي. وبعد ذلك عندما بدأنا بالتفاعل مع الشتات الفلسطيني، كان السؤال المطروح هو، "ماذا عنا؟"
لقد تمكنا من دمج كل تلك المجموعات الناشطة والحركات الاجتماعية في المؤتمر الشعبي- 14 مليون، مطالبين بإجراء انتخابات عامة لمنظمة التحرير الفلسطينية، بينما نحافظ أيضًا على مطالبنا بإجراء انتخابات عامة للسلطة الفلسطينية، سواء انتخابات رئاسية أو تشريعية.
"النظام السياسي الفلسطيني مسيطر عليه بالكامل من قبل رجل واحد. كل ما يقرره محمود عباس هو ما تقرره منظمة التحرير الفلسطينية، وهو نفسه ما تقرره السلطة الفلسطينية، وهو الموقف الرسمي الفلسطيني – أيا كان. ليس لديه أي رقابة، ولا نوع من المساءلة تجاه أحد. "
أُبَي العبودي
للاستمرار على هذا المسار لما كان يحدث فيما يتعلق بالقمع – حاولت تنظيم مؤتمر وجاهي، وكذلك عبر الإنترنت في نوفمب، ولم ينجح ذلك بشكل جيد. وواجهت مشاكل منها اعتقال زميلك عمر عساف. ماذا الذي حدث؟
في نوفمبر، عقدنا المؤتمر الذي كنا نخطط له لمدة عام تقريبًا. استأجرنا مكانًا في رام الله، وتمت الموافقة على تأجيره من قبل بلدية رام الله. ويتسع هذا المسرح لما بين 300 و 500 مشارك، وسيسمح لنا على Zoom بتضمين الفلسطينيين في غزة، 48 والشتات الفلسطيني. مارست السلطة الفلسطينية ضغوطًا على البلدية، رغم أننا دفعنا مقدمًا وليس للسلطة الفلسطينية الحق في التدخل في حدث مغلق، وفقًا للقانون الفلسطيني، الذي لا يتطلب موافقة مسبقة.
ضغطت السلطة الفلسطينية على بلدية رام الله لإلغاء تسجيلنا. كما أنهم مارسوا ضغوطاً على الشركة الإعلامية التي تعاقدنا معها من أجل تسهيل تقنية Zoom والتواصل التكنولوجي، فضلاً عن تسجيل الحدث.
كان علينا الانتقال إلى الخطة ب واستخدام مقر التحالف الشعبي، الذي يتسع لعدد أقل من الأشخاص، كمكان لعقد المؤتمر. وتمكنا من جمع 50 شخصًا على الأقل وجاهيا. لكن السلطة واصلت الضغوط وحاصرت المبنى وأغلقته. لم يسمحوا للناس بالمشاركة في المؤتمر. وأخيراً، اعتقلت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية عمر عندما كان في طريقه لفتح القاعة لاستقبال الناس. توقعنا أن يتم القبض على عمر، لذلك قمنا بتسجيل خطابه مسبقًا. وهكذا أثناء وجوده في سجن السلطة الفلسطينية، تم بث خطابه للجميع.
وجدنا في النهاية موقعًا بديلاً في رام الله، حيث كان لدينا أشخاص يجتمعون في مجموعات أصغر ويتواصلون عبر الإنترنت. تمكنا من اتمام المؤتمر، وتصفح البيانات والاقتراحات، وكذلك انتخاب لجنة توجيهية للمؤتمر الشعبي – 14 مليون.
تم الإفراج عن عمر في وقت لاحق من نفس اليوم، لأن السلطة الفلسطينية أدركت أن مساعيها لتخريب المؤتمر قد باءت بالفشل. لكن هذا لم يوقف الممارسات القمعية السلطة الفلسطينية. بعد أسبوع من ذلك، في ديسمبر، كان هناك أيضًا مؤتمر صحفي حيث أردنا شرح برنامجنا وجدولنا الزمني وخططنا القادمة. وأيضا تم استهداف هذا من قبل السلطة الفلسطينية، وأغلقوا المكاتب ولم يسمحوا لنا بمواصلة عملنا. لم يجروا أي اعتقالات، لذا تقدمنا وعقدنا المؤتمر الصحفي في الشارع.
لقد فشلت جهودهم لايقافنا لأن وسائل الإعلام كانت أكثر اهتماما بتغطية أنشطتنا وبياناتنا بعد هجمات السلطة الفلسطينية.
إذا كانت فكرة المؤتمر الشعبي الفلسطيني هي إعادة الدمقرطة إلى منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة إشعال العمليات الديمقراطية التي كانت جزءًا من إرثها ، فماذا ستقول لأولئك الذين قد يقولون أن منظمة التحرير الفلسطينية نفسها كمؤسسة ليست ديمقراطية حقًا؟ أم أن منظمة التحرير الفلسطينية ليست حقًا مكانًا لإرساء الديمقراطية بسبب الإرث الذي لديها، والمشاكل التي كانت قائمة فيها تاريخيًا، بما في ذلك الانقسامات العميقة جدًا التي أدت إلى حرب داخلية بين الفصائل الفلسطينية المختلفة؟ ربما ما هو مطلوب بدلاً من ذلك هو شيء مختلف عن منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، لأن الفساد موجود في جوهرهما، وكلتا المؤسستين تخضعان لسيطرة نفس الشخصيات؟
بدأت منظمة التحرير الفلسطينية بنقابات فلسطينية مختلفة، بما في ذلك نقابة المهندسين، واتحاد الطلاب، والاتحاد النسائي. كانت كل هذه المؤسسات في الواقع جزءًا من منظمة التحرير الفلسطينية منذ البداية. عندما نفكر في منظمة التحرير الفلسطينية، فإن لوائحها الداخلية تتحدث عن الانتخابات. لذلك في الواقع لديها طريقة لإرساء الديمقراطية، ولكنها تحتاج إلى تحديث فقد تمت كتابة اللوائح في الستينيات.
هذا صحيح ، لكن هذا لا يعني أيضًا أنه لا يمكن القيام بذلك، خاصة اليوم، مع الفرص التي يوفرها لنا التصويت الإلكتروني، و [حقيقة] أن الفلسطينيين يتمتعون بالفعل بتمثيل جيد عبر السفارات الفلسطينية. هذا شيء لوجستي يمكن أن يحدث. ولجنة الانتخابات الفلسطينية لديها في الواقع رؤية حول كيفية إجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني. لذا فإن المشكلة ليست في الخدمات اللوجستية، حيث يمكن ترتيب لوجستياتها، وهذا أمر وافقت عليه جميع الفصائل الفلسطينية.
وقد تحدثنا مع محمد بركة، وهو من لجنة المتابعة الفلسطينية العليا عام 48، عن أعضائها المشاركة والتمثيل في المجلس الوطني الفلسطيني. قد يواجه الفلسطينيون في إسرائيل المزيد من القمع من قبل النظام الإسرائيلي. الأمور هناك لا تتطور في اتجاه جيد في الوقت الحاضر للفلسطينيين من مواطني إسرائيل.
أما بالنسبة لمنظمة التحرير الفلسطينية، فإن الإنجاز الرئيسي للنضال الوطني الفلسطيني منذ عام 1948 هو وجود منظمة التحرير الفلسطينية. هناك العديد من قضايا التحرر الوطني الأخرى في جميع أنحاء العالم، لكن لا أحد منها لديه اعتراف بالقضية الفلسطينية. ويرجع ذلك إلى الاعتراف الذي حصلت عليه منظمة التحرير الفلسطينية، خاصة في السبعينيات، كعضو مراقب في الأمم المتحدة. كيانان فقط لهما المكانة: منظمة التحرير الفلسطينية والفاتيكان. لديها أوسع اعتراف كممثل رسمي للشعب الفلسطيني، لكن المشكلة مع منظمة التحرير الفلسطينية هي انها بالفعل، كانت نوعًا من تنسيق تقاسم السلطة بين الفصائل الفلسطينية المختلفة.
في تلك الأيام ، ساهمت الأموال السعودية والخليجية الأخرى التي ذهبت لدعم مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ودفعها للفصائل المختلفة في الفساد. وقد ساهم هذا في اعتياد الناس في منظمة التحرير الفلسطينية على هذا النوع من النظام الأبوي، وهذا النوع من العلاقات الزبائنية. لكن اليوم، أعتقد أننا في مفترق طرق. أعتقد أن الناس لا يتسامحون مع ذلك بعد الآن عندما يتعذر المسؤولون الفاسدون أو يبررون الأشياء ببيانات مثل "نحن الثوار ونحن نعرف أفضل منك". اليوم، أصبح الناس أكثر تعليماً، وأكثر وعياً، وأصبحوا أكثر تواصلاً لأن العالم يشبه قرية صغيرة. من خلال هذا الترابط، يمكنك الاتصال بالفلسطينيين في جميع أنحاء العالم – في الأردن والولايات المتحدة وكندا وأستراليا من خلال مكالمة Zoom.
أدت هذه الأنواع من التواصل إلى مطالبة الناس أكثر فأكثر بتحديد من هم القيادة الفلسطينية، وما هي أدوارهم وكيف يمكن أن تكون هذه القيادة مسؤولة أمام شعبها؟ رئيس وزراء فلسطين السابق الذي توفي مؤخرا [أحمد قريع] قد وجهت له الاتهامات … في الواقع ، ثبت أن شركته زودت الخرسانة للمستوطنات وجدار الفصل العنصري. إنها حالة معروفة وموثقة. لذا فإن هذا النوع من القيادة غير الخاضع للمساءلة تجاه شعبه، إنه جزء من المشكلة، وليس جزءًا من الحل لنا كفلسطينيين وقضيتنا.
لكن بناء منظمة تحرير فلسطينية جديدة بالكامل يطرح مشاكل كبيرة ومجهولة لنا وللقضية. إذا قلنا إن منظمة التحرير الفلسطينية هذه غير شرعية، فمن الذي له الشرعية الدولية مرة أخرى؟ هذا سيعيدنا إلى المربع الأول في نضالنا الوطني. أيضًا، تمتلك منظمة التحرير الفلسطينية، من الناحية النظرية، آليات تحقيق الديمقراطية. ما ينقص هو الضغط الشعبي على القيادة الفلسطينية من أجل التمكين من إجراء انتخابات عامة.
ناشطون يعلقون لافتة فوق مكتب منظمة الحق الفلسطينية غير الحكومية في رام الله ، بعد أن اقتحمه جنود إسرائيليون وأغلقوه ، 18 أغسطس ، 2022 (تصوير إيليا يفيموفيتش / صور تحالف)
بافتراض أنه يمكنك المضي قدمًا والوصول إلى النقطة التي يمكن فيها تنظيم انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، هل كان هناك نقاش حول الحد الأدنى المطلوب للمضي قدمًا؟ مع وجود الشتات مثل فلسطيني الشتات، في العديد من الأماكن المختلفة حول العالم مع وجود عدد كبير من السكان، وفي مواجهة العديد من الظروف المختلفة، يبدو أن هناك تحديات في الحصول على المشاركة الكاملة في جميع الأماكن.
هل فكرت في سيناريوهات مختلفة من حيث تنظيم انتخابات لم يكن من الممكن لأي سبب من الأسباب إدراج الفلسطينيين فيها، لنقل، لبنان كمثال؟ هل هو أمر نظرت فيه اللجنة؟ ماذا لو لم يكن من الممكن تمكين كل فلسطيني من المشاركة، ولكن من الممكن الحصول على 75٪ أو 80٪ ، أو شيء من هذا القبيل، من 14 مليون فلسطيني عالمي؟
هناك العديد من التحديات، وأنا أتفق مع ذلك. قد لا ننجح في الوصول الى الجميع، هذا صحيح. نحن نعلم أن الحصول على 70 %أو حتى 60 % من الفلسطينيين على الأقل ليكونوا قادرين على الإدلاء بأصواتهم والحصول على زعيم منتخب ديمقراطياً سيكون إنجازاً كبيراً، حتى أثناء البحث عن وسائل لتمثيل الآخرين بطرق أخرى – علر سبيل المثال من خلال الجمعيات في بلدانهم التي يمكنها إجراء انتخابات.
على سبيل المثال، يوجد في الأردن العديد من الجمعيات أو الجمعيات الخيرية الفلسطينية المحلية التي تجري انتخابات منتظمة وتنتخب من يمثلها، وهذا منتشر. توجد طرق للعثور على هذا النوع من التمثيل المنتخب ديمقراطياً، وهذا يحتاج إلى الكثير من العمل. كما ندرك أن إجراء انتخابات جزئية لاختيار قيادة خاضعة للمساءلة أفضل من الوضع اليوم. الوضع اليوم هو أن النظام السياسي الفلسطيني يسيطر عليه بالكامل رجل واحد.
أيا كان ما يقرره محمود عباس فهو ما تقرره منظمة التحرير الفلسطينية ، هو نفس ما تقرره السلطة الفلسطينية، وهو الموقف الرسمي الفلسطيني – أيا كان. ليس لديه أي رقابة، ولا أي نوع من المساءلة تجاه أي شخص.
هذا النوع من النظام الذي نعيش فيه يحتاج إلى التغيير. والطريقة الوحيدة التي أفكر بها لتغييرها هي بطريقة ديمقراطية. إنها عملية طويلة. نحن نعلم أنه حتى في البلدان التي مرت بالديمقراطية، فإن العملية تستغرق وقتًا طويلاً. في الدول الغربية، لم تحدث عملية الدمقرطة بين عشية وضحاها فقد حصلت النساء على حقوق التصويت في وقت لاحق.
لذا ، بالنسبة لنا كفلسطينيين، ستكون هذه هي المرة الأولى التي نجري فيها انتخابات لمنظمة التحرير الفلسطينية من خلال انتخاب مجلس وطني. من الطبيعي ألا يتم حل كل سؤال، وخاصة في الانتخابات الأولى أو الثانية أو حتى الثالثة. لكن إجراء انتخابات دورية، في اعتقادي، سوف يعزز المزيد من التحول الديمقراطي. وسيؤدي ذلك إلى تعميق ممارستنا للديمقراطية ووجود قيادة منتخبة تكون مسؤولة أمام الشعب وتستطيع تعبئة الموارد الفلسطينية نحو التحرر الوطني.
هذا أيضا عن الأمل في فلسطين حرة. هدفنا هو أن تكون فلسطين ديمقراطية وشاملة، وليس فلسطين حيث يتم التمييز ضد الناس أو حيث يسيطر ديكتاتور أو الأوليغارشية، أو حكم الأقلية، على البلاد.
هدفنا هو بناء مستقبل أفضل من المستقبل الذي لدينا الآن. نحن نعلم أنه ليس لدينا جميع الإجابات لـ 14 مليون فلسطيني، لكننا نعلم أنه من خلال الكفاح، يمكننا تطوير إجابات وأسئلة جديدة. وإذا تمكنا من المضي قدمًا فيها هذه العملية، فلا داعي لاستبعاد أي من الناشطين أو الأشخاص الذين يحاولون العمل من أجل فلسطين أو تحقيق فلسطين حرة. أعتقد أن هذه العملية ستتوج بمجلس وطني فلسطيني منتخب يمكن أن يقودنا نحو التحرر.