يسمح "قانون منع الجرائم" المتعسف لمحافظي المحافظات باحتجاز الأشخاص تعسفيًا دون توجيه اتهام أو أدلة قضائية
English
(6 أبريل/نيسان 2022، واشنطن العاصمة) – قالت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) أن الحكومة الأردنية لجأت إلى "قانون منع الجرائم" السيء كذريعة جديدة لاعتقال ما لا يقل عن 150 ناشطًا وصحفيًا ومُعلمًا وأعضاء سابقين في البرلمان ونشطاء من الحراك سبق اعتقالهم خلال الأسبوعين الماضيين، فيما يبدو أنه تكتيك جديد. بذلت السلطات جهودًا لمنعهم من المشاركة في احتجاجات على المستوى الوطني.
يبدو أن الاعتقالات مرتبطة بجهود الحكومة لتجنب الاحتجاجات المتعددة المخطط لها ضد الحكومة، بما في ذلك الاعتصام ضد الفساد وإحياء ذكرى هجمات مارس/آذار 2011 على المتظاهرين واعتصام نقابة المعلمين الأسبوعي. أطلقت قوات الأمن سراح جميع المعتقلين بعد فترة وجيزة من إحباط خططهم للاحتجاج.
قالت سارة لي ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة (DAWN): "إنّ الاعتقالات الجماعية للنشطاء قبل حتى أن يتظاهروا للاحتجاج لا يدل على الثقة في استقرار الحكومة الأردنية وثقتها بنفسها، ناهيك عن احترامها لحقوق المواطنين." وأضافت: "بينما يحاول الرئيس بايدن حشد العالم ضد آفة الديكتاتوريات، تعتمد الديكتاتورية الملكية الأردنية التي ترعاها الولايات المتحدة على الدعم الأمريكي لسحق مواطنيها "بشكل استباقي" لمنعهم من التعبير عن آرائهم، وهو مستوى متدني جديد في الحكم."
من غير الواضح كيف تراقب الحكومة النشطاء في الأردن وتقرر أن لديهم خططًا للمشاركة في الاحتجاجات. يبدو أنهم يراقبون وسائل التواصل الاجتماعي حيث دعا بعض النشطاء للاحتجاجات. في 5 أبريل/نيسان، أصدرت منظمة فرونت لاين ديفندرز وسيتيزن لاب تقريرًا جديدًا يوثق استخدام الحكومة الأردنية المستمر لبرامج التجسس الخاصة بـ "مجموعة إن إس أو" ضد نشطاء حقوق الإنسان والمحامين والصحفيين في البلاد، بما في ذلك اختراق هاتف مؤخرًا في 5 ديسمبر/كانون الأول 2021.
أجرت منظمة (DAWN) مقابلات مع بعض المعتقلين، وكذلك الشهود وأفراد الأسر والمحامين.
بدأت الاعتقالات الكبرى في 24 مارس/آذار استباقًا لإحياء ذكرى احتجاجات 24 مارس/آذار 2011 الشعبية التي أسفرت عن مقتل أحد المتظاهرين. ومن بين المعتقلين في ذلك اليوم نواب سابقين في البرلمان وصفي الرواشدة من مدينة الشوبك بمحافظة معان، وغازي الحواملة من محافظة الطفيلة، واللواء المتقاعد محمد العتوم الذي خدم في المخابرات العسكرية، ونقيب المعلمين كفاح أبو فرحان، والمهندس والناشط النقابي ميسرة ملص، والقياديين في حزب الشراكة والإنقاذ خالد حسنين وأيمن صندوقة، والصحفي أحمد حسن الزعبي، والمحامي محمد العضيمات، وأستاذ الدراسات البيئية سفيان التل، البالغ من العمر ثمانين عامًا، وهو أيضًا المنسق العام لحركة "التغيير." وفي حين أعلنت الحكومة أسماء الكثيرين الذين اعتقلتهم، أشارت تقارير إلى أنه تم أيضًا اعتقال العديد من الأشخاص الذين لم تذكر أسمائهم.
ومن بين المعتقلين في 24 مارس/آذار، أنس الجمل، بائع متجول أردني من أصل فلسطيني في إربد، معروف بتوجيهه الهتافات في الاحتجاجات، لمنعه من المشاركة في الاحتجاج المخطط له. كان الجمل في المنزل عندما وصلت الشرطة لاعتقاله. وهو المعيل الوحيد لوالدته وشقيقيه الأصغرين. الجمل هو الوحيد من بين هؤلاء الرجال الذين اعتُقلوا ولم يُطلق سراحهم. ويواجه تهمًا جنائية، منها ما ورد في المادة 118 من قانون العقوبات الأردني بتهمة "الإضرار بعلاقات الأردن مع دول أخرى" المتعلقة بتعكير صفو العلاقات مع دولة صديقة وفقًا لقانون الجرائم الإلكترونية.
ربطَ نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي اعتقال الجمل بتغريدة هاجم فيها الاجتماع الثلاثي الذي عقد الشهر الماضي في شرم الشيخ، الذي جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، حيث يواجه الجمل بسبب تلك التغريدة عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات.
قال جمال الطاهات، مستشار لمنظمة (DAWN): "إنه من المشين أن يتم إسكات بائع متجول للحفاظ على" علاقات الدولة." ومن المحزن أن الحكومة في الأردن لا تزال تستخدم سطوتها ضد أردني فقير تجرأ على الدعوة إلى الإصلاح والديمقراطية."
استأنفت السلطات الأردنية في 27 مارس/آذار اعتقالات محمد ربيحات وخالد الحراسيس وعبد الله عكيله وجهاد السعود من أنصار "حركة العاطلين عن العمل" في الطفيلة، التي تبعد 300 كيلومتر جنوب عمّان، بأمر من المحافظ، تركي أخو ارشيدة. تم اعتقال هؤلاء الأشخاص أمام مبنى المحافظة حيث اعتصموا مع آخرين لمدة 43 يومًا احتجاجًا على قلة فرص العمل. كان الغرض من الاعتقالات منعهم من السير إلى عمّان كجزء من احتجاجهم. كما أمر باعتقال 31 شخصًا من أيمة الطفيلة في 27 مارس/آذار كانوا قد بدأوا اعتصامًا في 14 فبراير/شباط. وأطلق سراحهم جميعًا في 28 مارس/آذار.
وقال الطاهات: "إنّ اعتقال النشطاء لفترة وجيزة والإفراج عنهم ثم إعادة اعتقالهم مرة أخرى هو تكتيك جديد تنتهجه المملكة لإشاعة الرعب في أنحاء البلاد دون إثارة الانتقادات على سياسات الحكومة." وأضاف: "الأجهزة الأمنية الأردنية تلعب لعبة الضرب المتعدد مع المواطنين الذين يسعون يومًا بعد يوم إلى الاحتجاج، بينما تسعى الحكومة إلى تفادي انتقادات المانحين الدوليين."
بدأت عمليات توقيف المعلمين لمنعهم من المشاركة في الاحتجاجات الأسبوعية لنقابة المعلمين في وزارة التربية والتعليم في عمّان في 29 مارس/آذار. وكان المعلمون يحتجون على تعهدات الحكومة التي لم يتم الوفاء بها الخاصة بزيادة الرواتب وجهودها لإغلاق النقابة. اعتقلت قوات الأمن الحكومية علاء أبو طربوش، 50 عامًا، مدرس فيزياء وناشط في نقابة المعلمين، التي تأسست عام 2010. اعتقلته الشرطة أثناء تواجده في المنزل مع زوجته وأطفاله.
إضافة إلى ذلك، اعتقلت الشرطة الأردنية كفاح أبو فرحان، 55 عامًا، مدرس علوم الحاسوب وعضو مجلس نقابة المعلمين المنحل، والدكتور معن مقبله، والدكتور عابد أنور هزايمه، وحسين أبو الشيخ صاحب محل تجاري صغير. وجميعهم من مخيم البقعة الذي يبعد 20 كيلومترًا شمال عمّان. كما أقامت الشرطة حاجزًا على الطريق بين عمّان وإربد على بعد 80 كيلومترًا شمال عمّان لمنع المعلمين من الوصول إلى عمّان للاعتصام.
جاءت جهود الأردن لسحق نقابة المعلمين في أعقاب المنافسة على التمويل الدولي "لتدريب المعلمين" المقدم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). كان هناك نمط مستمر من قبل أفراد العائلة المالكة في إنشاء منظمات مجتمع مدني مزعومة كأدوات للحصول على المساعدات الاقتصادية والتنموية من الحكومات الأجنبية.
أنشأت الملكة رانيا "أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين" في عام 2009 وأنشأت "الدبلوم المهني لتعليم المعلمين قبل الخدمة" في عام 2016. وبينما تصف الأكاديمية نفسها بأنها "منظمة غير حكومية"، إلا أنها في الواقع مرتبطة بالعائلة الملكية، وتم تدقيقها وفقًا لمعايير المراجعة الحكومية. حصلت الأكاديمية على منحة مجددة في عام 2019 لمدة أربع سنوات من التمويل لتدريب المعلمين من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. كما أبرمت الأكاديمية اتفاقية مع عدة دول خليجية لتقديم شهادة حصرية للمعلمين الأردنيين.
في عام 2019، احتجت نقابة المعلمين على هذا الأمر، وبعد أشهر من المواجهة بين النقابة والحكومة، قررت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في عام 2021 تحويل الأموال المخصصة لتدريب المعلمين إلى الجامعات الحكومية في البلاد. وبناءً على ذلك، نقلت الملكة رانيا السيطرة على أكاديمية الملكة رانيا وملكيتها إلى الجامعة الأردنية، لكن استمر صراع الحكومة مع نقابة المعلمين.
وندّد مفوض حقوق الإنسان السابق في المركز الوطني الأردني لحقوق الإنسان الدكتور موسى بريزات بالاعتقالات الاستباقية على صفحته على فيسبوك في 27 مارس/آذار حيث قال: "لا شيء يحزنني أكثر من احتجاز الناس على نيتهم في التظاهر سلميًا… كنت أنا الذي طمأن العالم أن الأردن دولة قانون…"
في الشهر الماضي، في 17 مارس/آذار، أصدر محافظ عمّان، ياسر العدوان، أمرًا سريًا بإعادة اعتقال نشطاء الحراك المحتجزين سابقًا عندما كانوا أمام مركز شرطة زهران عمّان ليتم إطلاق سراحهم لاحقًا. أحضرت القوات الأمنية نشطاء الحراك الأحد عشر الذين اعتُقلوا في 17 مارس/آذار إلى مركز شرطة زهران في عمّان، بعد صدور أمر قضائي بالإفراج عنهم في ضوء انقضاء 30 يومًا كحد أقصى لاحتجازهم على ذمة المحاكمة. ثم اقتادت قوات الأمن الرجال إلى مكتب محافظ عمّان العدوان، وأمر بعدها باعتقال تسعة منهم. لا يزال هؤلاء الأشخاص محتجزين حتى وقت كتابة هذه السطور.
قالت سارة لي ويتسن: "سواء من خلال قانون الجرائم الإلكترونية أو "قانون منع الجريمة" السلطوي، الذي يسمح للمحافظين في الأردن باعتقال أي شخص يرون أنه "قد" يرتكب جريمة، فإن الحكومة الأردنية تستحضر دائمًا طرقًا جديدة لاضطهاد المواطنين المطالبين بالإصلاحات."
ولم يبدِ المحافظ العدوان أي سبب لاعتقال ناشطي الحراك الذين أعيد اعتقالهم بموجب أحكام "الاعتقال الإداري" في قانون منع الجرائم في البلاد. تسمح المادة 3 للمحافظين في الأردن باحتجاز أي شخص دون المثول أمام قاض لمدة تصل إلى عام إذا رأى المحافظ، حسب تقديره وحده، أن شخصًا ما قد يمثل خطرًا على المجتمع. ورفض المحافظ العدوان السماح لمحامي المحتجزين الذي تحدث لمنظمة (DAWN) بعمل نسخة من قرار احتجاز هؤلاء الأشخاص، وطالب بكفالة باهظة قدرها 200 ألف دينار أردني (283 ألف دولار أمريكي) للإفراج عنهم.
في 28 مارس/آذار قررت مجموعة من المحامين، بينهم القاضي المتقاعد لؤي عبيدات، رفع شكوى قضائية ضد المحافظ العدوان. المحامون في هذه المجموعة متطوعون يدافعون بانتظام عن نشطاء الحراك الذين تضطهدهم الحكومة.
وقال جمال الطاهات، المستشار في منظمة (DAWN): "إنّ الدافع وراء إعادة اعتقال هؤلاء الرجال هو انتقام الحكومة الأردنية لأن هؤلاء النشطاء تجرأوا على المطالبة بإصلاحات في البلاد." وأضاف: "يرى الشعب الأردني هذا بوضوح كما يراه بقية العالم، حيث أن المصداقية الضئيلة التي كانت تتمتع بها هذه الحكومة في أعقاب الأدلة على الفساد الهائل تتبخر كل دقيقة."
في الأشهر الستة الماضية، اعتقل الأردن أكثر من 200 ناشط، 132 منهم في 29 مارس/آذار، لمنع اعتصام نقابة المعلمين أمام مبنى وزارة التربية والتعليم، لكن لم يحاكم سوى تسعة من نشطاء الحراك الإصلاحيين في البلاد، حيث تراجع النظام الملكي بعد الكشف عن فساد وأصول سرية للملك وعائلته مخزنة في الخارج في تسريبات وثائق باندورا وكريدي سويس، فضلًا عن مؤامرة الانقلاب المزعومة في المملكة التي قادها العام الماضي شقيق الملك، الأمير حمزة.
هذا الشهر، احتجزت الحكومة أيضًا صحفيَّين اثنين، مديرة الإعلام العربي في منظمة (DAWN) تغريد الرشق، والكاتب الفلسطيني داود كتاب، في المطار. لاحقا، رفضت الحكومة الشكوى ضد الرشق ورفعت حظر السفر الذي فرضته عليها.