السلطات الأردنية تعتقل رئيس المكتب التنفيذي للحراك سفيان التل وقيادات أخرى في الحراك بسبب التخطيط لانتقاد خطاب الملك عبد الله في البرلمان.
(واشنطن العاصمة، 6 فبراير/شباط 2023): داهمت قوات الأمن الأردنية منزل سفيان التل البالغ من العمر 87 عامًا، رئيس المكتب التنفيذي للحراك الأردني الموحد (والذي يشار إليه غالبًا بـ "الحراك")، وقامت باعتقاله مع اثنين آخرين بتهمة التخطيط لانتقاد خطاب الملك عبد الله أمام البرلمان في نوفمبر/تشرين الثاني 2022. وقالت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) أن قوات الأمن استهدفت الحراك بانتظام، في وقتٍ يشمل فيه الحراك طيفاً واسعاً من النشطاء المؤيدين للديمقراطية في جميع أنحاء الأردن؛ في إطار أوسع تسعى الحكومة من خلاله إسكات المعارضة وسحق المجتمع المدني داخل الأردن، لا سيما حين وجه الحراكُ نقده للملك.
ويتوجبُ على المسؤولين الأمريكيين الضغط من أجل إطلاق سراح المحتجزين وإنهاء المساعدات العسكرية للأردن في ضوء الانتهاكات المنهجية المستمرة لحقوق الإنسان في الأردن.
من ناحيته، قال جمال الطاهات، أحد كبار المستشارين في منظمة (DAWN): "إنّ اعتقال القيادة العليا للحراك، بما في ذلك رئيسه البالغ من العمر 87 عامًا، بتهمة مشكوك فيها، تتعلق بتقويض النظام لمجرد التخطيط لنقد للحكومة، يوضح أن الملك عبد الله مستعد لإسكات أي انتقاد لحكمه". وأضاف: "إنّ استخدام الحكومة لتكنولوجيا المراقبة والسلك القضائي كسلاح ضد النشطاء السلميين، هو اتجاه جديد مقلق يهدف إلى سحق المجتمع المدني الأردني وتعزيز سلطة الملك عبد الله المطلقة".
في 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، اعتقلت السلطات الأردنية ثلاثاً من أعضاء المكتب التنفيذي للحراك بتهمة التخطيط لنشر بيان للعموم يردُ على خطاب الملك عبد الله السنوي أمام البرلمان في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2022. وكان الملك قد أشاد في الخطاب بجهوده في الترويج "للتحديث" السياسي والاقتصادي في الأردن والتعديلات الدستورية والتشريعية الأخيرة التي قال أنه حث مجلس النواب على القيام بها. وزعم أن حكومته تبني "أردنًا جديدًا"، يتكون من "دولة حديثة أساسها المشاركة والمواطنة الفاعلة وسيادة القانون، وتكريس كل الإمكانيات للتنمية، وعنوانها شباب الوطن وشاباته، بطموحهم الذي لا حدود له وعزيمتهم التي لا تلين".
قبل عدة دقائق من اعتزام الحراك إصدار بيانه في 5 ديسمبر/كانون الأول، داهمت قوات أمن الدولة منزل سفيان التل واعتقلته الى جانب اثنين آخرين من أعضاء المكتب التنفيذي، وهما عبد خليفة الطواهية، 65 عامًا، وعمر أبو رصاع، 50 عامًا. وقال سفيان التل في مقابلة مع منظمة (DAWN) في 15 يناير/كانون الثاني، أن الشرطة صادرت هاتفه وجهاز الكمبيوتر الخاص به، بالإضافة إلى هواتف الطواهية وأبو رصاع.
ولم ينشر سفيان التل ولا الحراك ما يفيدُ بنيتهما الرد علنًا على خطاب الملك أمام البرلمان. كما لم يكن لدى السلطات الأردنية طريقة قانونية لمعرفة وجود هذا الرد، أو معرفة محتوياته، أو خطة إصداره علنًا في 5 ديسمبر/كانون الأول، بما يوحي بأنه كان نتيجة رقابة حكومية واسعة النطاق على المواطنين الأردنيين. كما نفذت الحكومة اعتقالات "وقائية" جماعية للأردنيين العام الماضي للاشتباه في أنهم كانوا يخططون للاحتجاج، مما يشير مرة أخرى إلى أن الحكومة تستخدم تكنولوجيا المراقبة ضد المواطنين الذين يمارسون حقوقهم الإنسانية الأساسية.
وقال مصدر مطلع على القضية لمنظمة (DAWN) أن قوات الأمن كانت تراقب منزل سفيان التل قبل عملية الاعتقال وشاهد قوات أمن الدولة في المنزل في وقت سابق من يوم 5 ديسمبر/كانون الأول. وقال نفس المصدر أن دائرة المخابرات العامة أفرجت عن سفيان التل بكفالة مشروطة في 8 ديسمبر/كانون الأول بشرط عدم نشر رد الحراك علانية على خطاب الملك. ولا يزال عبد خليفة الطواهية وعمر أبو رصاع في السجن.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة (DAWN): "يبدو أن الأردن يستخدم تكنولوجيا المراقبة التي تم الحصول عليها ظاهريًا لجهود مكافحة الإرهاب، في التجسس على الموطنين. على الحكومة الأردنية أن تكون صادقة وتخبر مواطنيها بمدى وطبيعة وأساس التنصت على اتصالاتهم الخاصة".
قال نشطاء الحراك ومحاموه الذين يمثلون المحتجزين لمنظمة (DAWN) في 27 يناير/كانون الثاني 2023 أن محكمة أمن الدولة قد اتهمت الثلاثة بـ "تقويض النظام"، مما يسمح للسلطات الأردنية بتقديمهم أمام محكمة أمن الدولة. وطبقًا للمادة 149 من قانون العقوبات، يمكن أن تتراوح عقوبة "تقويض النظام" بين ثلاث سنوات و 20 سنة سجن.
قال جون هوفمان، مدير الأبحاث في منظمة (DAWN): "شر البليّة ما يُضحك، ففي نفس اليوم الذي أعلن فيه الملك عبد الله عن" المواطنة الفعالة وسيادة القانون"، نشر قواته ال أمنية للتجسس واعتقال ومقاضاة المواطنين الأردنيين الذين يفكرون في التعبير عن آرائهم حول حُكمه. وإلى أن يطبّق الملك عبد الله ما يدعو إليه من احترام حق الأردنيين في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، لن يكون هناك تغيير إيجابي في الأردن".
انتقد رد الحراك على خطاب الملك عبد الله، الذي اطلعت عليه منظمة (DAWN)، مجلس النواب الأردني لـ "مدح" و "تقنين" الفساد والاستبداد، باعتبار هذا المجلس امتداداً للدولة الأمنية. ويشدد البيان على أن التوافق الوطني لا يمكن أن يتحقق دون توفير "الحريات العامة" و "التمثيل الحقيقي لجميع المكونات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع". وبدلًا من توفير هذه الحريات، أوجد النظام "جوًا من الرعب والإقصاء والتهميش والتهجير"، كما جاء في البيان، على أمل كسر إرادة الشعب وتأليب مختلف شرائح المجتمع الأردني ضد بعضها البعض. ويذكر البيان أن الملك عبد الله يقود البلاد نحو ملكية مطلقة يتمتع فيها بالسلطة الفردية. وأكد البيان أن الشعب الأردني استمع منذ أكثر من 20 عامًا إلى وعود الملك بالعديد من الإصلاحات، والتي فشل باستمرار في الوفاء بها. ويختتم بالدعوة إلى "حماية حقوق الشعب الأردني المصونة، وإيجاد سلطة قضائية مستقلة حقًا وبرلمان منتخب شرعيًا ووضع حد للفساد المستشري".
ولا يعتبر استخدام السلطات الأردنية للنظام القانوني كسلاح لإسكات المعارضة تطورًا جديدًا. وتم اللجوء لاستخدام هذه التكتيكات بشكل متزايد، بما في ذلك ضد الحراك، لاستهداف النشطاء من مختلف ألوان الطيف السياسي. لكن الحملة الجديدة على الحراك تعتبر تصعيدًا كبيرًا، حيث تستهدف السلطات الأردنية الحراك برمته. وفقًا لثلاث من نشطاء الحراك الذين تحدثوا إلى منظمة (DAWN) في 27 يناير/كانون الثاني 2023، فإن ستة من أعضاء المكتب التنفيذي للحراك البالغ عددهم 16 محتجزين الآن، في حين تم إطلاق سراح خمسة آخرين بكفالة. وتشمل التهم الموجهة إلى هؤلاء الأفراد مزاعم "بتقويض النظام" و "إهانة دول صديقة". ساهم في تعزيز هذا القمع المتزايد عشرات التعديلات الدستورية التي دفع بها الملك عبد الله والتي جعلت سلطات دولته أكثر مركزية.
في مقابلة مع منظمة (DAWN) في 15 يناير/كانون الثاني 2023، قال معين الحراسيس، عضو المكتب التنفيذي للحراك، "إنهم [النظام] يريدون معارضة مروّضة …. الملك يريد أن يحدد أجندة المعارضة … إنه يريد كتم كل صوت وأن يحكم بالترهيب".
تقدم الحكومة الأمريكية حاليًا للحكومة الأردنية 1.45 مليار دولار سنويًا، بعد مذكرة تفاهم أعلنتها وزارة الخارجية الأمريكية تقضي بتمديد الدعم المالي الأمريكي للأردن بمبلغ 1.45 مليار دولار سنويًا للسنوات المالية 2023-2029، ما يجعل عمّان ثاني أكبر مُتلق للمساعدات الأمريكية. ويشمل ذلك 425 مليون دولار كمساعدات عسكرية وما لا يقل عن 845 مليون دولار لدعم الميزانية، بالإضافة إلى 475 مليون دولار في "تحويل نقدي مباشر إلى الميزانية"، ما يدعم بشكل فعال الحكم الاستبدادي للنظام الملكي على الأردنيين. على الرغم من أن النظام الملكي الأردني قد وعد بتنفيذ إصلاحات دستورية لإضفاء الطابع الديمقراطي على البلاد ونقل السلطة إلى البرلمان المنتخب، إلا أن الملك لم يقم بأي من الإصلاحات الموعودة، وبدلًا من ذلك زاد من مركزية سلطاته التنفيذية.
قبل زيارة الملك عبد الله إلى واشنطن العاصمة لعقد اجتماعات مع الكونغرس في 28 يناير/كانون الثاني 2023، نشرت منظمة (DAWN) قائمة من ستة أسئلة يجب على أعضاء الكونغرس طرحها عليه حول تدهور الحقوق السياسية والاقتصادية وحقوق الإنسان في الأردن. على إدارة بايدن والكونغرس الضغط على الملك عبد الله لإطلاق سراح قادة ونشطاء الحراك بالإضافة إلى جميع سجناء الرأي الآخرين المحتجزين حاليًا في الأردن. تدعو منظمة (DAWN) الكونغرس الأمريكي إلى وقف المساعدات المالية والعسكرية للأردن في ضوء انتهاكاته الممنهجة والواسعة النطاق للحقوق وتوسيع نطاق السيطرة الاستبدادية الملكية على البلاد.