الحكومة تسعى إلى سجن وتغريم المواطنين الذين يعبّرون عن معارضتهم من خلال الانتحار
English
(واشنطن العاصمة، 9 مايو/أيار)- قالت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) أنه يجب على مجلس الأعيان الأردني رفض مشروع قانون أقره مجلس النواب يجرّم محاولة الانتحار في الأماكن العامة، ويعرّض من تثبت إدانته بالسجن لمدة تصل إلى ستة أشهر وغرامة مالية لا تزيد عن 100 دينار (141 دولار أمريكي). إنّ مشروع القانون الرجعي هذا لا يتماشى مع جهود المؤسسات الطبية وحقوق الإنسان العالمية لإلغاء جميع القوانين التي تجرّم الانتحار.
قالت سارة لي ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة (DAWN): "بدلًا من تحمل قدر بسيط من المسؤولية عن البيئة اليائسة التي تدفع الأردنيين إلى الانتحار في الأماكن العامة والاستجابة لدعوات الصحة العامة العالمية لإلغاء القوانين التي تجرّم الانتحار، فإن الحكومة الأردنية تتملص من المسؤولية، وتبحث فقط عن طرق جديدة لمعاقبة الأردنيين حتى وهم يموتون." وأضافت: "إنّ جهود الحكومة المثيرة للشفقة لمعاقبة الأردنيين الذين يحاولون الانتحار في الأماكن العامة تستحق السخرية على المستوى العالمي، لولا أن الأمر يتعلق بإهانة الأردنيين ومأسوية وضعهم."
وكان قد وافق مجلس النواب على التعديل مع تعديلات أخرى على قانون العقوبات لعام 1960 في 25 أبريل/نيسان في جلسة برئاسة رئيس مجلس النواب عبد الكريم الدغمي وبحضور مجلس الوزراء، حيث تم طرح التصويت على التعديل. ومن المقرر أن يصوّت مجلس الأعيان الأردني على التعديل هذا الأسبوع. وأشارت تقارير إعلامية إلى أن السبب وراء هذا القرار هو تزايد أعداد الأشخاص الذين ينتحرون أو يحاولون الانتحار، وتحديدًا من جسر عبدون، ما تسبب في اختناقات مرورية ومطالبة الشرطة بإقناعهم بعدم القفز من الجسر.
وينص تعديل الانتحار تحديدًا على أن "كل من شرع في الانتحار في مكان عام بارتكاب أي من الأفعال التي تؤدي عادة إلى الموت يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على 100 دينار [أردني] [141 دولارًا]، أو بإحدى هاتين العقوبتين."
ودافع رئيس اللجنة القانونية النيابية، عبد المنعم العودات، عن التعديل، زاعمًا أن الانتحار في الأماكن العامة يشكل تهديدًا للسلم الأهلي والاجتماعي، وأن الأردنيين كانوا يحاولون الانتحار في الأماكن العامة من أجل "الابتزاز ولفت للانتباه والضغط للحصول على منفعة لأن الشخص الذي يرتكب هذا الأمر يعلم أنه لا توجد عقوبة على ذلك."
وعلى الرغم من الأدلة الدامغة على عكس ذلك حول سبب محاولة الناس الانتحار وعدم فاعلية العقوبات الجنائية كرادع للانتحار، أصر العودات على انتشار حالات الانتحار في الأماكن العامة بسبب عدم وجود عقوبة لمحاولة الانتحار في الأماكن العامة.
لا توجد معلومات إحصائية متاحة للجمهور عن حالات الانتحار العامة في الأردن. كانت هناك زيادة حادة في جميع حالات الانتحار في الأردن، ومع ذلك، وفقًا لجمعية معهد تضامن النساء الأردني، التي قالت أن دائرة المعلومات الجنائية الأردنية أظهرت ارتفاعًا كبيرًا في إجمالي حالات الانتحار في الأردن، وهو الأعلى منذ 10 سنوات، إن لم يكن الأعلى على الإطلاق.
وبحسب دراسة تحليلية عن الانتحار أجراها المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأردن، فإن 90 في المئة من الضحايا يعانون من أزمات نفسية. وأوضحت الدراسة أن بعض محاولات الانتحار لم يتم إبلاغ السلطات عنها "لأنها تعتبر مسيئة لسمعة الشخص الذي حاول الانتحار، وكذلك لسمعة عائلته، أو لأنه تم إنقاذ الشخص الذي حاول الانتحار."
وطالب المركز الوطني الأردني لحقوق الإنسان الحكومة بإلغاء القانون، قائلًا في بيان: "من يرتكب هذا الفعل يحتاج إلى دعم اجتماعي ومؤسسي وصحي ونفسي لتجاوز الأسباب التي دفعته إلى القيام بهذا الفعل."
وفي بادرة نادرة لانتقاد يأتي من العائلة المالكة للتشريعات المعلقة، اتهمت الأميرة غيداء طلال، زوجة ابن عم الملك عبد الله ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة ومركز الحسين للسرطان، في تغريدة البرلمان "بعدم "الوعي بما يعانيه أهلنا."
لا زال الانتحار يعتبر جريمة في 20 دولة، ويعاقب عليها بغرامات تصل إلى آلاف الدولارات والسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، ولكن هناك حركة عالمية لإلغاء مثل هذه القوانين الرجعية مع تزايد فهم الجمهور للانتحار على أنه مشكلة صحية عقلية. لم تجد منظمة الصحة العالمية أي دليل تجريبي على أن إلغاء تجريم السلوكيات الانتحارية يؤدي إلى زيادة معدلات الانتحار، وحثت البلدان على "مراجعة أحكامها القانونية المتعلقة بالانتحار للتأكد من أنها لا تثني الناس عن طلب المساعدة."
يتمثل موقف الرابطة الدولية لمنع الانتحار في أن "تجريم الانتحار يقوّض الجهود الوطنية والدولية لمنع الانتحار ويعيق وصول الأفراد والجماعات الضعيفة إلى خدمات الوقاية من الانتحار والصحة العقلية." كما دعت منظمة متحدون من أجل الصحة العقلية العالمية إلى إلغاء تجريم الانتحار في جميع أنحاء العالم، وفي السنوات الأخيرة تم بنجاح إلغاء تشريعات الانتحار أو إبطالها من خلال تشريعات جديدة في بعض البلدان.
كما دعا المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الصحة، الدكتور داينيوس بوراس، ومكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الدول أيضًا إلى تجاوز نهج الصحة العقلية وتبني استراتيجيات قائمة على حقوق الإنسان لمنع الانتحار.
وكما أوضح المقرر الخاص، "يتجاوز نهج حقوق الإنسان في التعامل مع الانتحار التركيز على مخاوف الصحة العقلية ويضع مشاكل عدم المساواة والتشرد والفقر والتمييز في صميم استراتيجيات الوقاية". بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحكومات فحص ومحاولة التخفيف من المشكلات الاجتماعية والعائلية، بما في ذلك الحرمان الاقتصادي والعزلة والتعرض للعنف وسوء المعاملة وضعف الوصول إلى الرعاية الصحية والدعم الاجتماعي.
قالت سارة لي ويتسن: "بدلًا من معاقبة الأردنيين اليائسين الذين يحاولون الانتحار، على الحكومة الأردنية معالجة المشاكل التي تدفعهم إلى الانتحار في المقام الأول، مثل الفقر والبطالة وانعدام الحريات والفساد والمحسوبية."