سلسلة من الرسائل المسربة من المعتقلين في سجن بدر المصري، الذي تم الإعلان عنه بأنه مجمع تم إصلاحه حديثًا، توضح بالتفصيل الظروف الجسيمة والمعاملة السيئة
(واشنطن العاصمة، 8 مارس/آذار 2023): قالت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) أنه ينبغي على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة التحقيق في مزاعم الانتهاكات الجسيمة التي تم الكشف عنها مؤخرًا في سجن بدر سيئ السمعة، حيث تؤكد ثلاث رسائل مسربة من معتقلين داخل جناح سجن بدر 3، تم التحقق منها من قبل منظمة (DAWN) في مقابلة في 6 مارس/آذار مع مصدر له أصدقاء وأقرباء معتقلين داخل سجن بدر، التقارير التي تفيد بوجود إساءة معاملة واسعة النطاق ومحاولات انتحار في المجمع.
قال جون هوفمان، مدير الأبحاث في منظمة (DAWN): "الرسائل المسربة من سجن بدر والتي توضح بالتفصيل الانتهاكات المروعة هناك تسلط الضوء على اليأس المتزايد الذي يشعر به السجناء والفشل الذريع لإصلاحات السيسي المزعومة في السجن". وأضاف: "إنّ الكشف عن الأوضاع الجسيمة داخل المجمع هو دلالة على انتهاكات منهجية أوسع مستمرة في السجون في جميع أنحاء مصر وتستدعي التحري الدقيق".
ظهرت أول رسالة من محتجز غير مؤرخة تم تهريبها من جناح سجن بدر 3 في أواخر فبراير/شباط وتوضح بالتفصيل العديد من الانتهاكات الجارية داخل مجمع السجن، بما في ذلك الحظر المطول للزيارات للمحتجزين وعدم كفاية التغذية وتدهور الأوضاع الصحية والحرمان من الخدمات الطبية. وبحسب المذكرة المسربة، ففي أعقاب مداهمة لزنزانة من قبل قوات أمن السجن، قام السجين حسام أبو شروق بشنق نفسه، وحاول اثنان آخران—محمد ترك أبو يارا وعوض نعمان—الانتحار بقطع شرايين معصميهما، لكن تم إسعافهما ونقلهما إلى مستشفى السجن.
بالتزامن مع إطلاق الرسالة المسربة، نشر أفراد من عائلة المعتقل في سجن بدر عوض نعمان، على مواقع التواصل الاجتماعي، ما تردد عن محاولته الانتحار في السجن. ذكرت زوجة نعمان أنها ذهبت إلى سجن بدر بعد أنباء عن محاولته الانتحار وسألت مديري السجن عن حالته. قالت إنهم نفوا محاولته الانتحار لكن منعوها من تأكيد ذلك أو التواصل معه. وبحسب الرسالة، أصيب معتقل آخر يُدعى "تا" بنوبة قلبية في أعقاب المداهمة، كما أن مكان وجوده غير معروف. ووفقًا للرسالة، بدأ السجين الآخر الدكتور محمد بديع إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على سوء المعاملة داخل سجن بدر. لم يتم تأريخ هذه الحوادث المحددة في الرسالة المسربة، ولا يزال مكان وجود هؤلاء السجناء الخمسة غير معروف حاليًا. وذكر نفس المصدر الذي تحقق من صحة الرسالة في مقابلة مع منظمة (DAWN) أن سلطات السجن تمنع التواصل الخارجي مع أفراد الأسرة أو المحامين أو وسائل الإعلام.
وظهرت رسالتان إضافيتان مسرّبتان، بتاريخ 1 مارس/آذار و 2 مارس/آذار، على التوالي تؤكدان على استمرار الانتهاكات الجارية داخل السجن. وجاء في الرسالة الثانية أن سلطات السجن تواصل حرمان المحتجزين من الخدمات الطبية على الرغم من تدهور الحالة الصحية للعديد من السجناء، وخاصة كبار السن. كما تدّعي الرسالة أنه على مدار الأيام العشرة الماضية منذ توقيعها (1 مارس/آذار)، حاول 55 سجينًا داخل جناح سجن بدر 3 الانتحار بسبب الظروف السيئة التي يواجهونها داخل المجمع. وبحسب الرسالة، يواصل العديد من المعتقلين، ومن بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، إضرابهم عن الطعام احتجاجًا على هذه الأوضاع السيئة. وتوضح الرسالة الثالثة أن إدارة السجن بدأت في نقل بعض المعتقلين إلى مجمعات مختلفة في محاولة لكسر مثل هذه الأعمال الاحتجاجية. ويذكر أن سلطات السجن تواصل رفض توفير الرعاية الطبية للمحتجزين الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة الطبية. وردًا على ذلك، يحرق السجناء الآن بطانياتهم احتجاجًا على الانتهاكات المستمرة، وفقًا للرسالة الثالثة.
كان هناك عدد لا يحصى من التحقيقات التفصيلية في الظروف اللاإنسانية والتعذيب المنتشرة في السجون في مصر، والتي، وفقًا لتحقيقات شاملة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش، من المحتمل أن ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية. ويفصل تحقيق آخر من هذا القبيل، أجرته منظمة العفو الدولية، بالتفصيل كيف أن ظروف الاعتقال اللاإنسانية والافتقار إلى الخدمات الطبية الكافية في السجون المصرية تؤدي بشكل مباشر إلى انتشار المعاناة—وفي بعض الأحيان، الوفاة—للمعتقلين. رسائل سجن بدر المسربة تتفق مع هذه النتائج، وتشير إلى استمرار الانتهاكات نفسها.
في عام 2021، أعلن الرئيس السيسي إطلاق "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" الجديدة، والتي تضمنت خططًا لـ "تحديث" السجون في مصر. وفي إطار هذه الجهود، أعلن عن افتتاح سجون جديدة في جميع أنحاء مصر على غرار "النموذج الأمريكي" بحيث تضمن حماية صحة ورفاهية السجناء. سجن بدر هو أحد هذه المجمعات الجديدة. تم الترحيب بسجن بدر، الواقع خارج القاهرة، باعتباره نموذجًا "للإصلاح"، حيث تم افتتاحه في عام 2022 ويحتجز النشطاء السياسيين من مختلف الأطياف الأيديولوجية في مصر، بما في ذلك قادة الإخوان المسلمين. وعلى الرغم من الدعاية الحكومية حول هذا الموضوع، فإن الظروف داخل سجن بدر مروعة وغير إنسانية: التعذيب منتشر والسجناء محرومون من الاتصال بعائلاتهم أو محاميهم ومحرمون بشكل روتيني من الخدمات الطبية المناسبة. منذ افتتاح هذا السجن، لقي ما لا يقل عن خمسة سجناء مصرعهم داخل السجن بسبب الإهمال الطبي وسوء ظروف الاحتجاز.
قال هوفمان: "سجن بدر يشير إلى إخفاقات حكومة السيسي وتجاهلها الصارخ لحقوق الشعب المصري وحياتهم. السجناء الذين يعانون من أسوأ أشكال الحرمان يخاطرون بحياتهم ويتعرضون للتعذيب والانتقام الوحشي من أجل إبلاغ العالم بأنهم يعانون. أقل ما يمكننا فعله هو المطالبة بإجراء تحقيق دولي".
تحث منظمة (DAWN) على إجراء تحقيق محايد ومستقل في مزاعم الانتهاكات التي تحدث داخل سجن بدر، بما في ذلك إجراء زيارة للمجمع. يجب على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تنظيم تحقيق لقيادة هذا الجهد، وإجراء تحقيق شامل في الانتهاكات الواسعة النطاق والممنهجة التي تحدث داخل السجون في جميع أنحاء مصر.