ديانا بوتو، محامية ومستشارة سابقة لفريق التفاوض الخاص بمنظمة التحرير الفلسطينية، كما أنها زميلة في منظمة (DAWN).
في صباح يوم السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول، بدأ هاتفي يرن دون توقف. ومن خلال الكم الهائل من المكالمات الواردة من وسائل الإعلام الغربية، ومن دون رؤية الأخبار، عرفتُ أن هناك أرواح إسرائيليين قد أُزهقت. لماذا؟ لأنه بعد أن عشتُ في فلسطين لسنوات عديدة حتى الآن، تعلمتُ أن وسائل الإعلام الغربية نادرًا ما تتحدث بمثل هذه الوتيرة عندما تقتل إسرائيل الفلسطينيين.
في الواقع، لقد كنتُ على حق، وفي هذه اللحظة الفظيعة بدأت عملية التجريد الروتينية من الإنسانية للفلسطينيين. وبات من الواضح على الفور أن حياة الإسرائيليين ذات معنى، في حين أن حياة الفلسطينيين لا معنى لها. أولئك الذين زعموا أن هجوم حماس كان "غير مبرر" اختاروا تجاهل الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون: 75 عامًا من التطهير العرقي، و 56 عامًا من الاحتلال العسكري، وبالنسبة لغزة، 17 عامًا من الحصار الوحشي.
وبتجاهل واقعنا، تجاهلوا مئات الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل فقط في عام 2023 (ربعهم من الأطفال). وتجاهلوا أكثر من 5,000 سجين سياسي فلسطيني يقبعون في السجون الإسرائيلية، و1,400 منهم مسجونون دون توجيه أي تهم بارتكاب جريمة إليهم. كما تجاهلوا الغارات الليلية، وعمليات الاختطاف التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي، وإحراق القرى الفلسطينية على يد المستوطنين الإسرائيليين، وكل الطرق التي يتجلى بها التفوق اليهودي ضد الفلسطينيين. إنهم يتجاهلون تصريحات السياسيين الإسرائيليين مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريش، الذي يحكم الضفة الغربية فعليًا، والذي يدعو إلى "محو" البلدات الفلسطينية مثل حوارة. وهم يتجاهلون ما ذكره إيتامار بن جفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، أن بطله هو باروخ غولدشتاين، الإرهابي الذي قتل 29 فلسطينيًا في مسجد في الخليل في عام 1994.
إنهم يتناسون أن الاحتلال عنيف. إنه موت بآلاف الجروح—يوميًا، وبطريقة مؤلمة ووحشية.
وبات من الواضح على الفور أن حياة الإسرائيليين ذات معنى، في حين أن حياة الفلسطينيين لا معنى لها.
- ديانا بوتو
فقط في عالم تجرد فيه حياة الفلسطينيين من إنسانيتهم، تصبح معاناة الفلسطينيين أمرًا طبيعيًا. وفقط عندما يتم تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، يُنظر إلى هجوم حماس على أنه "غير مبرر"، أي أنه يأتي من العدم. إذ من المفترض علينا نحن الفلسطينيين أن نتحمل لعقود ما عانت منه إسرائيل ليوم واحد. من المفترض أن نبقى في أقفاصنا. وفي هذا العالم المجرد من الإنسانية، تستخف إسرائيل، بشكل مؤلم، برغبة وإرادة شعب في الخروج من أقفاصه.
لكن تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم لا يتوقف عند هذا الحد. ففي الأيام التالية، نشر الجيش الإسرائيلي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الادعاء بأن حماس قطعت رؤوس الأطفال. لقد تصدر هذا الادعاء عناوين الأخبار الغاضبة في جميع أنحاء العالم، على الرغم من أنه لم يتم التحقق منها قط (حتى أن الحكومة الإسرائيلية تعترف بذلك الآن). ومع ذلك، كرر الرئيس جو بايدن ذلك من على منبر البيت الأبيض في وقت سابق من هذا الأسبوع: "لم أعتقد قط أنني سأرى، صور مؤكدة لإرهابيين وهم يقطعون رؤوس الأطفال". وسرعان ما اضطر البيت الأبيض إلى التراجع عن ذلك.
وأتذكر بوضوح مؤلم كيف كانت نفس وسائل الإعلام التي ضخَّمت هذا الادعاء بسذاجة، متشككة عندما أصيبت صحفية الجزيرة شيرين أبو عاقلة برصاصة في مؤخرة رأسها على يد قناص إسرائيلي العام الماضي في الضفة الغربية. وعلى الرغم من شهود العيان—وهم أنفسهم صحفيون—الذين أشاروا إلى أنها قُتلت على يد قناص إسرائيلي، فإن العديد من الصحفيين الغربيين طالبوا بالمزيد والمزيد من "الأدلة". ولكن عندما يتم إطلاق ادعاءات مثيرة للجدل حول الفلسطينيين، لا تكون هناك حاجة إلى مثل تلك الأدلة.
ولا يتوقف التجريد من الإنسانية عند هذا الحد أيضًا. فحين تُجري وسائل الإعلام الغربية مقابلات مع الفلسطينيين في غزة، الذين بالكاد يتمكنون من النجاة من القصف الإسرائيلي، يتم وضعهم في موقف صعب ويسألونهم ما إذا كانوا يدينون هجوم حماس، كما لو أنهم وحدهم يجب أن يتحملوا المسؤولية عن حماس. لا أستطيع أن أذكر مطلقًا أن أحد الإسرائيليين سُئل في وسائل الإعلام عما إذا كان يدين النكبة أم الاحتلال. ولكن علينا نحن الفلسطينيين أن نثبت إنسانيتنا. يجب أن نثبت أننا نستحق وقت البث الممنوح لنا.
هذا هو عالم التجريد من الإنسانية—حيث يتم تجاهل الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين، وحيث أصبحت معاناتنا روتينية، وحيث يتم إلقاء اللوم علينا في النهاية على موتنا.
-ديانا بوتو
ولا يتوقف التجريد من الإنسانية عند هذا الحد. يستخدم المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون علنًا لغة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين. وبينما قطعت إسرائيل الوقود والمياه والكهرباء والغذاء عن غزة، قال المسؤولون الإسرائيليون، بقيادة وزير الدفاع يوآف غالانت، إنهم يقاتلون "حيوانات بشرية". وانفجر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في وجه مذيع بريطاني لسؤاله عن معاناة الفلسطينيين في غزة: "هل تتحدث بجدية عندما تستمر في سؤالي عن المدنيين الفلسطينيين؟ ما خطبك؟" وفي الوقت نفسه، في الولايات المتحدة، قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أن غزة يجب "تسويتها بالأرض"، في حين ناشدت نيكي هيلي، المرشحة الرئاسية عن الحزب الجمهوري، نتنياهو بـ "الإجهاز عليهم".
وفي انتهاك للقانون الدولي، أمرت إسرائيل الفلسطينيين بمغادرة شمال غزة إلى جنوب القطاع المحاصر، على الرغم من أن ذلك مستحيل مع تدمير الطرق وتساقط القنابل. لكن في عالم الفلسطينيين المجردين من إنسانيتهم، يُتوقع منا أن نصدق إسرائيل ونهرب، على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي يقصف الفلسطينيين أثناء فرارهم.
هذا هو عالم التجريد من الإنسانية—حيث يتم تجاهل الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين، وحيث أصبحت معاناتنا روتينية، وحيث يتم إلقاء اللوم علينا في النهاية على موتنا.