أميد معماريان مدير التواصل لدى منظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن «DAWN».
English
لعب لاري دايموند، لأكثر من أربعة عقود، دورًا رائدًا في الدراسة المعاصرة للديمقراطيات. فهو عالم اجتماع سياسي ومؤلف لسبعة كتب، ومحرر لعدة كتب أخرى. ركزت أبحاثه على الظروف والسياسات اللازمة للدفاع عن الديمقراطية وتعزيزها في جميع أنحاء العالم. وضع دايموند علمه الأكاديمي موضع التنفيذ، ودعم المعارضين في ظل الأنظمة الاستبدادية، وعمل مستشارًا سياسيًا، بما في ذلك في العراق في عام 2004، عندما عمل لفترة وجيزة كمستشار أول لشؤون الحوكمة في سلطة الائتلاف المؤقتة في بغداد بعد الغزو الأمريكي.
دايموند زميل أول في معهد هوفر ومعهد فريمان سبوجلي للدراسات الدولية بجامعة ستانفورد، حيث يعمل أيضًا أستاذًا للعلوم السياسية وعلم الاجتماع. يقود، في معهد فريمان سبوجلي، برنامج الإصلاح العربي والديمقراطية التابع لمركز الديمقراطية والتنمية وسيادة القانون.
في أحدث كتاب له "الضارة النافعة: إنقاذ الديمقراطية من الغضب الروسي والطموح الصيني والقبول الأمريكي" الذي تم نشره في عام 2019، أعلن دايموند عن تحذير عاجل: "بعد ثلاثة عقود انتشرت فيها الديمقراطية، وعقود أخرى أصبحت فيها راكدة وتتآكل ببطىء، نشهد الآن تراجعًا عالميًا للحرية." دايموند هو مناصر لتعزيز الديمقراطية—ليس كما أصبح مفهومًا باستخدام القوة والحرب في العراق، ولكن من خلال المشاركة مع المجتمع المدني لبناء مؤسسات ديمقراطية.
في مقابلة موسعة مع مجلة الديمقراطية في المنفى، يوضح دايموند الدروس المستفادة من "تجارب الديمقراطية" الأمريكية في أفغانستان والعراق، وما تعنيه تلك الإخفاقات "في عالم تتضاءل فيه القوة الأمريكية، وبشكل عام القوة الأوروبية والأمريكية، ولا يبدو أنها فعالة." ويضيف دايموند: "في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هذا هو أسوأ وقت بالنسبة للحرية والديمقراطية منذ بزوغ الربيع العربي."
في أعقاب الفترة الرئاسية لدونالد ترامب في الولايات المتحدة، يقول: "إننا نقترب حقًا من لحظة الحقيقة للديمقراطية الأمريكية،" حيث "يبدو أن نسبة متزايدة من أعضاء حزب واحد على استعداد للابتعاد عن القواعد الديمقراطية الأساسية." ومع ذلك، لم نفقد كل الأمل، وهو يحث المواطنين على التحرك. يقول: "من الواضح أن الواجب الأول هو المشاركة. لكن المشاركة لها أشكال عديدة تتجاوز التصويت والتعبير. الواجب الآخر هو اليقظة."
أدناه أبرز النقاط في المقابلة:
كان رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الرابح الأكبر في الانتخابات البرلمانية العراقية الشهر الماضي، حيث فازت حركته بأكبر عدد من المقاعد بهامش كبير. لقد كان الصدر من أكثر قوى المقاومة صراحة ضد الوجود الأمريكي في العراق. بعد عشرين عامًا وإنفاق مليارات الدولارات على تأسيس ديمقراطية برلمانية على النمط الغربي ونظام الشخص الواحد والصوت الواحد، باءت الجهود الأمريكية بالفشل. ما يقرب من 60 في المائة من العراقيين لم يشاركوا حتى في العملية الديمقراطية. ما هي الدروس المستفادة من مشاريع بناء الديمقراطية الأمريكية في الخارج؟
اسمح لي أن أحاول تلخيصها بهذه النقاط. في البداية، أعتقد أنه من الخطأ القول بأن أهدافنا الرئيسية في أفغانستان والعراق كانت تعزيز الديمقراطية. ينطوي تعزيز الديمقراطية على استخدام المساعدات السلمية في البداية، والشراكات والدبلوماسية، لمحاولة تشجيع ودعم التغيير الديمقراطي وإضفاء الطابع المؤسسي على الآليات الدستورية في المجتمع المدني. إنّ الترويج للديمقراطية لا يتم عن طريق غزو دول أخرى، أو فرض أشكال جديدة من الحكم. ينتج عن مثل هذا الأمر شيء آخر.
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، كانت أفغانستان حرب ضرورة لإزاحة حركة طالبان التي رعت واستضافت أسامة بن لادن، ومنح البلاد فرصة لبداية جديدة. لا أعتقد أن أي شخص توقع أن تصبح أفغانستان سويسرا أو الدنمارك، أو أي ديمقراطية ليبرالية أخرى في أي وقت في المستقبل المنظور. كان الأمل في أن تصبح دولة فاعلة وتعددية ذات آليات ديمقراطية، وأن تكون دولة قابلة للحياة وفعالة لا تضطهد شعبها ولا تشكل تهديدًا لأي دولة أخرى. النقطة التي يجب التأكيد عليها هي أننا فشلنا في تحقيق ذلك.
إن السبب الرئيسي وراء إحباط تجارب الديمقراطية في أفغانستان والعراق—وفشل تجارب الديمقراطية في حالة أفغانستان—هو الفساد. من الصعب جدًا بناء دولة متجاوبة وتعددية عندما يتم اختراق تلك الدولة بشكل كامل وشامل من قبل قوى فاسدة لديها ثرواتها الخاصة—وتعمل على الإثراء على أساس ونطاق مفترس حقًا—كهدف رئيسي لها، بدلًا من تطوير المجتمع. كان لكل من أفغانستان والعراق موارد غير متوقعة سهلت ومكنت من حدوث هذا الفساد. في حالة العراق، كان ذلك هو النفط، وفي حالة أفغانستان، كان ذلك هو المساعدات الخارجية، التي كانت تأتي في المقام الأول من الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، يعاني كلا البلدين من انقسامات عرقية عميقة للغاية تحتاج إلى تقريب مما يعقد عملية بناء الدولة. كما يعاني كلا البلدين من جيران عدائيين كانوا أعداء مخلصين لمشروع بناء دول قابلة للحياة ومستقلة وتعددية يمكنها أن تقف بمفردها دون أي تأثير خارجي. في حالة أفغانستان، كان الخصم الرئيسي لبناء الدولة التعددية باكستان. وفي حالة العراق، كانت تلك الدولة هي إيران.
كانت ولا تزال أفغانستان والعراق دولتين مضطربتين تعانيان من كارثة الفساد والمؤسسات الضعيفة والانقسامات العرقية العميقة والأقاليم السيئة. ربما ركزنا أنظارنا بشكل غير واقعي على ما كنا نحاول القيام به. في العراق، القائمة تطول وتطول. وفي حالة أفغانستان، فإن الانتصار العسكري لطالبان وانهيار الدولة الأفغانية هو في الحقيقة مأساة للشعب الأفغاني.
كيف يمكن لتجارب الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان أن تؤثر على التطورات الديمقراطية الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟
لست متأكدًا من نتيجة الجهود المبذولة لبناء شكل حكم تعددي ومستقر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أفغانستان ليست دولة شرق أوسطية. إنها دولة في جنوب آسيا. لست متأكدًا من أن العواقب ستكون عظيمة جدًا، إلا أنها تضيف إلى الانطباع السائد بأن القوة الأمريكية تتضاءل. في عالم تتضاءل فيه القوة الأمريكية، وبشكل عام القوة الأوروبية والأمريكية، ولا يبدو أنها فعالة، يصبح المستبدون أكثر جرأة. هناك القليل من الشك حول ذلك. إذا كان هناك تأثير غير مباشر، فهو ليس، في رأيي، بسبب انهيار نموذج. إنه مجرد ظهور نظام دولي غير مواتٍ.
في حالة العراق، تعتبر التداعيات على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أكثر صراعًا وغموضًا. من ناحية أخرى، هناك دولة مضطربة وفاسدة. ومن ناحية أخرى، فإن الدولة المضطربة والفاسدة تعيش في سلام مع نفسها إلى حد كبير وقد منحت الشعب العراقي فرصًا لتغيير حكومته فيما أصبح الآن تعاقبًا مثيرًا للإعجاب لانتخابات مجدولة بشكل أو بآخر بشكل منتظم لم تشهدها أي دولة عربية أخرى. عندما أقول "انتخابات مجدولة بشكل منتظم،" أعني انتخابات منتظمة وتنافسية ومتعددة الأحزاب. أصبح العراق الآن شبه ديمقراطية حيث يمكن للناس تغيير حكوماتهم وحيث يتعين على القادة السياسيين مراعاة الإرادة السياسية الشعبية أو دفع الثمن. قد يتحول هذا إلى شيء أكثر عمقًا وأصالة وجدية بمرور الوقت. يجب ألا نتجاهل المشاكل—على الرغم من أن الكثير منا يقوم بذلك—بشأن حالة السياسة العراقية وبناء الدولة. في الوقت نفسه، لا ينبغي لنا أن نستبعد العناصر الإيجابية لتجربة بناء الدولة.
ماذا عن مصر؟ انتخب الشعب المصري الرئيس محمد مرسي ديمقراطيًا في عام 2013. وبعد ثماني سنوات من وجود الرئيس عبد الفتاح السيسي في السلطة ومع وجود ما يقدر بنحو 60 ألف معتقل سياسي في السجون، فإن مصر بعيدة كل البعد عن مجتمع ديمقراطي. ومع ذلك، دأبت الولايات المتحدة على تقديم المساعدات العسكرية والدعم الدبلوماسي للحكومة المصرية. كيف يمكن لواشنطن أن تلعب دورًا أكثر إيجابية في التطورات الديمقراطية في مصر؟
لطالما كان الموقف الأمريكي تجاه مصر شديد التنازل ومخيِّب للآمال للغاية—باستثناء الفترة القصيرة التي شهدت حراكًا شعبيًا ضد نظام مبارك خلال الانتفاضات العربية. بعد ذلك، وبينما كان نظام مبارك يترنح، دعا أوباما مبارك إلى الاستقالة وشجّع عملية انتقالية هناك. كان ذلك خروجًا عن القاعدة ولحظة مليئة بالأمل. لكن التجربة المصرية انهارت بعد ذلك لأسباب داخلية جوهرية تتعلق بالرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين المصرية، بالإضافة إلى عدم القدرة العامة للقوى السياسية المتنوعة على توحيد عملهم وصياغة نظام مصالحة وتسويات يمكن أن تُدير عجلة التحول الديمقراطي إلى الأمام.
كما قوضت القوى الخارجية التجربة الديمقراطية في مصر. لطالما نظر السعوديون والإماراتيون بقلق شديد إلى ظهور أي عمليات ديمقراطية حقيقية في المنطقة. تنظر السعودية إلى أي ظهور لديمقراطية حقيقية في الخليج وعلى نطاق أوسع في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، كما هو الحال مع روسيا، كتهديد وجودي لشكل نظامها، وبالتالي فهي تحاول أن تفعل كل ما في وسعها لتخريبه. كانت روسيا عامل تخريبي للغاية في حالة تونس، ولا تزال كذلك.
وبالعودة إلى مصر، لا يمكنك أن تتوقع من أي دولة، لا الولايات المتحدة أو غيرها، أن تعلق تمامًا مصالحها الاستراتيجية في السياسة الخارجية لخدمة أهداف الديمقراطية وحقوق الإنسان. سيكون هناك حتمًا نوع من التوازن. في حالة الولايات المتحدة، هناك الكثير من الأهداف الإستراتيجية وأهداف السياسة الخارجية، وبالتالي فهي ليست حرة مثل السويد أو النرويج في متابعة سياستها الخارجية من خلال عدسة حقوق الإنسان والديمقراطية بشكل أساسي.
بموجب اتفاقيات كامب ديفيد، تلتزم الولايات المتحدة بتقديم قدر معين من المساعدات الاقتصادية السنوية لمصر. سيكون من الصعب علينا التوقف عن فعل ذلك. هناك الكثير من الأشياء الأخرى التي كان بوسعنا فعلها ولم نفعلها، لتحدي نظام السيسي وإدانته والضغط عليه، وللتخفيف من القمع، والسماح لجزء من المجتمع المدني بالعمل، وظهور نوع من التعددية السياسية الحقيقية.
نحن نعيش في عالم واقعي حيث توجد للدول مصالح إستراتيجية واقتصادية أخرى، وبالتالي، فهي غير قادرة على اختزال سياستها الخارجية بشكل كامل في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، أو وضع تلك المبادئ دائمًا في موقع مهيمن لا لبس فيه في تأطير السياسات الأجنبية وسياسات الأمن القومي. السعودية، باعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم، وكواحدة من أغنى دول العالم من حيث كمية السيولة النقدية التي تنشرها في جميع أنحاء العالم، سيتم دائمًا التعامل معها بشكل مختلف. الآن وقد دخلنا فترة من نقص النفط والغاز وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري، سيكون للمملكة العربية السعودية المزيد من النفوذ. مرة أخرى، هذه حقيقة أساسية يجب الاعتراف بها. هناك دائمًا أشياء يمكنك القيام بها، حتى في السياق الحالي لتوازن القوى الجيوسياسي والجيو-اقتصادي، للتعبير عن القلق وتحدي النشاط السيئ.
ما الذي يمكن أن تفعله الولايات المتحدة لتشجيع التطورات الديمقراطية بشكل أفضل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع البقاء في نطاق "العالم الواقعي" في أجندة السياسة الخارجية الخاصة بها التي ذكرتها؟
يمكننا استخدام الدبلوماسية العامة وإدانة أكثر صراحة لما تفعله الدولة المصرية. يمكننا أن نفعل المزيد لتحدي مصر في المحافل الوطنية. يمكننا معاقبة أفراد من النظام المصري. يمكننا أن ننظر إلى التدفقات الأخرى للمساعدات إلى مصر، مثل المساعدات العسكرية التي يمكن إجراء تعديل دبلوماسي عليها وإعادة تقييمها.
سأعطيكم مثالًا على شيء كان بإمكاننا فعله ولم نفعله. تم اختيار مصر من قبل القارة الأفريقية لاستضافة قمة الأمم المتحدة المقبلة حول تغير المناخ (COP27)، والتي ستعقد في غضون عام بعد قمة جلاسكو الجارية الآن. هذا أمر فظيع للغاية لدرجة أنه يكاد يكون غير مفهوم. مصر ليست فقط دولة تنتهك حقوق الإنسان بشكل رهيب، بل لديها سجل مروع في حماية البيئة. إنه فشل ذريع للدبلوماسية لدينا أن لا ترى الولايات المتحدة ذلك، وأن لا تقوم بعمل دبلوماسي لتوضيح أن هذا الأمر غير مقبول، ولا حتى محاولة تحديد وتشجيع دولة مضيفة أفريقية أخرى.
هناك مسار متهاوي منذ عدة سنوات حتى الآن، بما في ذلك معظم السنوات التي أعقبت القتل الوحشي لجمال خاشقجي، وتطبيع العلاقة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والتغاضي عن الجرائم التي يرتكبها. إنّ طريقة حكمه وانتهاكاته بحاجة إلى مزيد من الإدانة والاهتمام الدوليين. هناك حاجة إلى مزيد من التأكيد على عواقب تلك الطريقة.
هناك الكثير مما يمكننا القيام به في مجال القوة الناعمة، أو مواجهة ظهور القوة الحادة واختراق مؤسساتنا. تستخدم السعودية أموالها—وهي تفعل ذلك منذ فترة طويلة وبشكل استراتيجي للغاية لتمويل المراكز البحثية والجامعات وإقامة أنواع مختلفة من الشراكات في أوروبا والولايات المتحدة وأماكن أخرى. من الواضح أنها تقوم بذلك لغسل صورتها، عن طريق الصمت والقبول. علينا قبول نوع من المسؤولية المدنية عن ذلك. ليس كل شيء على عاتق الحكومة. المنظمات التي تقبل هذه الأموال ثم تصمت في وجه انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية يجب أن يتم التنديد الأخلاقي بها. يجب أن تخضع للمساءلة من قبل أصحاب المصلحة.
يبدو أن ما يحدث في السعودية ومصر كان له تأثير الدومينو على دول الجوار مثل تونس. قبل بضعة أشهر فقط، تخلى الرئيس قيس سعيّد عن الدستور وقام بخطوات أخرى للاستيلاء على السلطة. كيف يتناسب الوضع في تونس مع الصورة الأكبر للديمقراطية في المنطقة؟
من الواضح أن الرئيس سعيّد قام بانقلاب مؤسسي. أتوقع أن يستمر الأمر في اتجاه واحد: نحو القمع المتزايد لوسائل الإعلام والمجتمع المدني والمعارضة السياسية. كان لفشل الديمقراطية في تونس، كما في مصر، الكثير من الدوافع المحلية التي لها علاقة بفساد الطبقة السياسية القديمة التي عادت، والعديد من أعضاء الطبقة السياسية الجدد، وكذلك من خلال الفشل في توفير السلع الاقتصادية.
لعبت السعودية والإمارات دورًا مشجعًا وداعمًا للتعدي على النظام الدستوري الديمقراطي. قد نعرف مع الوقت إلى أي مدى امتدت هذه التدخلات. هذا محبط حقًا لأن تونس كانت الديمقراطية الوحيدة في العالم العربي، وها هي الآن قد ذهبت أدراج الرياح. وإذا كنت تعتبر السودان جزءًا من العالم العربي، فقد كان لديه على الأقل عملية انتقالية ديمقراطية بدا أنها فرصة واعدة لإعادة الديمقراطية إلى السودان، والآن هناك انقلاب عسكري. من الواضح ومن المنطقي أن نقول أن هذا هو أسوأ وقت بالنسبة للحرية والديمقراطية في المنطقة منذ بزوغ الربيع العربي.
كيف أثر جهل واشنطن المتعمد بالممارسات المناهضة للديمقراطية في الدول الحليفة مثل مصر والسعودية على التصور العالمي وممارسات الديمقراطية؟
هناك القليل جدًا من الأدلة على أن ما نقوم به في الخارج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يؤثر على أمريكا اللاتينية أو آسيا. المشكلة الأكبر ليست في التأثير—على الأشخاص الذين ينظرون في كيفية تعاملنا مع السعودية. إنها مشكلة لكنها متواضعة إلى حد ما. يفهم الناس الجغرافيا السياسية ويفهمون سياسة النفط. المشكلة الأكبر هي أن لديك الآن هذه الدول الخليجية القوية، ولا سيما السعودية وأيضًا الإمارات، وإلى حد ما قطر، من جهة، وإيران من جهة أخرى، التي تتدخل في مناطق بعيدة جدًا.
كانت هناك أدلة لبعض الوقت على أن إيران نشرت مخالبها الاستخباراتية في أمريكا اللاتينية وأماكن أخرى. عندما تُظهر هذه الدول القوة الصارمة والقوة الحادة وقوة الاستخبارات والأمن السري في أجزاء أخرى من العالم، فإن ذلك يضر بالديمقراطية. لذلك هذا هو أكثر ما يثير القلق الآن. بالتأكيد، عندما تظل الولايات المتحدة صامتة في وجه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، أو في مواجهة الكارثة الإنسانية المستمرة في اليمن، فإن ذلك يضر بمكانتنا ومصداقيتنا في المنطقة وأولئك الذين ينظرون من أماكن أخرى من العالم أيضًا.
كيف أثرت رئاسة دونالد ترامب على نزاهة الديمقراطية في أمريكا؟ ماذا سيحدث للمؤسسات الديمقراطية الأمريكية في ظل وجود إدارة ترامب أخرى؟
اسمح لي أن أبدأ بالقول إن هناك جناحًا مهمًا من الحزب الجمهوري، والذي أصبح الآن للأسف الجناح المهيمن، يتبنى كذبة أن الانتخابات الأخيرة قد سُرقت ويقوم بالكثير من المبادرات القانونية والسياسية لضمان الفوز بالسلطة في المرة القادمة. إنهم يمررون قوانين من شأنها أن تمكّن حكومات ولاياتهم من التدخل في فرز الانتخابات ومراجعة النتائج المشروعة بطرق قد تؤدي إلى استبعاد بعض الأصوات. من الواضح أنهم منخرطون في جهود مقلقة وواسعة النطاق لقمع الناخبين والتي من شأنها أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء في المبادرات الديمقراطية الناجحة والتي من شأنها أن تسهل على الناس التصويت.
هذا أمر مزعج للغاية—يشمل ذلك الجهود المبذولة لقمع الناخبين والجهود الجديدة لتخريب الناخبين. إذا أجرينا انتخابات فاز فيها حزب واحد بشكل واضح، ليس فقط في التصويت الشعبي ولكن في الهيئة الانتخابية، ولكن يتم رفضها بعد ذلك، فستكون هذه نهاية الديمقراطية الانتخابية في الولايات المتحدة. لم تعد الولايات المتحدة تفي بالحد الأدنى من شروط الديمقراطية الانتخابية، حيث يمكن للناس اختيار قادتهم واستبدالهم في انتخابات حرة ونزيهة. وقد يحدث هذا في المستوى الأدنى، في بعض انتخابات الولايات أيضًا. نحن نقترب حقًا من لحظة الحقيقة للديمقراطية الأمريكية، ونحن نفعل ذلك في وقت يبدو فيه أن نسبة متزايدة من أعضاء حزب واحد على استعداد للابتعاد عن القواعد الديمقراطية الأساسية.
حسنًا، لا أعتقد أن المؤسسات الأمريكية ستنهار—لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستبدو مثل نظام السيسي في مصر. ولا أعتقد أنه سيكون لدينا فاشية في الولايات المتحدة. لكن إذا أعيد انتخاب ترامب، أو كان هناك شخص يشبهه إلى حد كبير في النية والأسلوب الشعبوي، أعتقد أن ديمقراطيتنا ستكون بالتأكيد في خطر كبير. سوف يتعمق الاستقطاب. سيكون هناك انتهاك لقواعد اللعبة الانتخابية الديمقراطية، وإساءة لاستخدام وزارة العدل لمضايقة المعارضين السياسيين.
ستشعر إدارة ترامب أخرى بالجرأة والمصداقية لانتهاك الأعراف الدستورية والقيم والقواعد الديمقراطية على نطاق أوسع مما فعل ترامب في المرة السابقة. ضع في اعتبارك أنه في النهاية، كان الأمر شديدًا في المرة السابقة. لقد اختار كلماته بعناية شديدة في مسيرة 6 يناير. أعتقد أنه كان يلهم ويحث الحشد عن عمد على مهاجمة مبنى الكابيتول. أعتقد أنه يعرف بالضبط ما كان يفعله. لسنا متأكدين من هذا حتى الآن، لكنني لا أعتقد أنها قفزة تحليلية كبيرة في الاستدلال لاقتراح تلك النظرية. في الأسابيع الأخيرة من إدارته، كانت نوعية الأشخاص والالتزام الديمقراطي للأفراد تتدهور بشكل مخيف. الأشخاص الذين كانوا يمنعونه من ممارسة أكثر غرائزه الاستبدادية فظاظة تلاشوا بشكل كبير. لقد غادروا أو طُردوا من العمل. إنّ وجود إدارة ترامب أخرى، إذا حدث ذلك، سيكون اختبارًا كبيرًا لهيكلنا ومعاييرنا الدستورية.
بالنظر إلى الخطر الوشيك على الديمقراطية، في جميع أنحاء العالم وفي الولايات المتحدة، ما هي واجباتنا المدنية لحماية الديمقراطية وصيانتها؟
من الواضح أن الواجب الأول هو المشاركة. لكن المشاركة لها أشكال عديدة تتجاوز التصويت والتعبير. الواجب الآخر هو اليقظة. تشمل اليقظة التنبه للانتهاكات الاستبدادية أو الأطروحات الاستبدادية والاستعداد لمواجهتها بشكل ديمقراطي. نحن في عصر التطاول الاستبدادي، على مستوى العالم وفي الولايات المتحدة، ويجب على المواطنين الديمقراطيين أن يكونوا أكثر يقظة ونشاطًا. أعتقد أن كل مكان في العالم يواجه مشاكل استقطاب متزايدة. يحتاج المواطنون الديمقراطيون إلى كبح جماح أنفسهم أيضًا، في اللغة والأفعال وأنماط الخطاب والسلوك التي من شأنها أن تساهم بلا داع في هذا الاستقطاب. نحن بحاجة إلى محاولة إيجاد طرق للتواصل لردم الانقسامات السياسية، والحوار مع الأشخاص الذين يختلفون معنا، لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا خفض درجة حرارة السياسة، وإيجاد أرضية مشتركة كلما أمكن ذلك، لتشمل كل الأطياف الحزبية.