غادة نجيب-ناشطة حقوقية وكاتبة مصرية
لم أكن أتخيل وأنا اتجه لمسجد مصطفي محمود فى يوم الخامس والعشرين من شهر يناير 2011 أن أكبر وأهم حلم فى حياتى سيتحول إلى كابوس
الحلم الذى راودني طوال حياتى وسعيت لتحقيقه أملاً فى انتشار العدل والحرية والكرامة ضاع بشكل دراماتيكي..
نعم لم أكن ممن يعانوا من ظلم مباشر، ولَم أعاني كما ملايين المصريين..
فقد حظيت بحياة ميسورة ، فزوجى شخصيه عامة "ممثل مصرى"، ولا توجد لدينا مشاكل مباشره مع جهاز الشرطة..
ولكنى كنت أعلم جيدا مدى معاناة نحو تسعين بالمئة من الشعب المصري من فقر وقمع وتهميش، فكانت الثورة هي الأمل الوحيد ليحظى الجميع بحياه جيدة يستحقونها.
لم أخجل من معارضتي للدكتور مرسي رحمه الله، انطلاقاً من ديموقراطية اؤمن بها، فمكتسبات ثورة يناير كانت عظيمه أبرزها انتخابات حرة ونزيهه هى الأولي فى تاريخ مصر.
كما يحسب للدكتور مرسي أيضا إيمانه بتلك الديموقراطيه التي رسختها ثورة يناير، فلم يتم اعتقالي أو تلفيق تهمه كما يحدث الآن فى عهد السيسي. ولَم نر قلما يُقصف أو برنامج تلفزيونى يتم إيقافه..
عام من حرية التعبير فى تاريخ مصر هو العام الذى حكم فيه رجل كنت من أشد معارضيه، حتى أنني شاركت فى حركة تمرد ظناً منى أنها حركة شعبيه إلى أن أيقنت أنها حركة تابعه للمخابرات، وانسحبت منها قبل الانقلاب العسكرى ب تسعة أيام.
ناهضت الانقلاب العسكرى بكل الطرق، كتبت مقالات وشاركت فى مظاهرات، رافضه للانقلاب، خلال عام ونصف من الانقلاب تم اعتقالى ثلاث مرات، أسوءها عندما تم التعامل معي بقسوة مفرطه أمام اطفالي، بعد أن تم إرغامي والأسلحه موجه إلى رأسي لركوب إحدى سيارات الشرطة، تمهيدا لاعتقالي والزج بي في غياهب سجون السيسي..
نعم كنت من المحظوظات لعدم مكوثي في المعتقل فترة طويله كغيري من رفقاء الثورة، ولكن في المقابل كان التهجير وإرغامي على ترك الوطن هو الحل، فللأسف تم إجبار زوجى على اصطحابي للخارج، بعد أن تلقى تهديدا مغلفا بالنصيحة من جهه سياديه، أما الاعتقال أو التهجير.
وبالفعل تم تلفيق قضية رقم 796حصر أمن الدوله العليا المعروفة إعلاميا بحركة شباب 25 يناير، واضطررت لمغادرة وطني فى ديسمبر 2015 إلى تركيا حفاظاً على حريتي وأمان أسرتي.
عهد السيسي لا يقارن بفترة حكم مبارك، ذلك الديكتاتور الذى كان عنده دائما خطوط حمراء فى التنكيل، أما السيسي فلا سقف لقمع أجهزته، ولا خطوط حمراء عندهم، فالتنكيل لم يتوقف على المعارضين له فحسب، بل نال من أهالي المعارضين أيضا.
لم يكتف نظام السيسي بتهجيرى قسريا إلى المنفى، ولكنهم اعتقلوا اثنين من إخوتى كما اعتقلوا الأخ الاكبر لزوجى.
مصر وصلت لمرحلة من القمع والتنكيل غير مسبوقه، فسجون السيسي مملوءة بآلاف الشباب والفتيات والعجائز بتهم ملفقه، وهى الانتماء لجماعة محظورة أو خدمة مصالح جماعة محظورة.
حلم الثوره وأماني التغيير تكسرت على صخرة الانقلاب العسكري في 2013 ليتحول الحلم إلى كابوس والأماني إلى خوف، فالوطن أصبح سجنا كبيرا ومفتوحا وجميع الشعب رهن الاعتقال.