DAWN’s experts are the driving force behind the organization’s mission and vision. Our experts complement our research work and bolster our advocacy efforts.

No posts found!

Read all the latest articles from the DAWN team of Experts and Contributors.

مقتل شيرين أبو عاقلة ومعنى أن تكون فلسطينيًا

Avatar photo

نزار محمد محلّل وكاتب ومحرر يركز على السياسة والأمن في منطقة الشرق الأوسط. يقيم في تورنتو، كندا.

English

شيرين أبو عاقلة، مراسلة الجزيرة المخضرمة التي تلقت رصاصة في رأسها أدت إلى مقتلها خلال مداهمة عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة الأسبوع الماضي، هي اسم معروف في العالم العربي. في حياتها المهنية التي استمرت 25 عامًا في الصحافة، قامت ببث الإهانات اليومية التي ينعرض لها الفلسطينيين في ظل الحكم العسكري، للجمهور الدولي. ولكن إلى جانب مجرد بث تقارير عن وضع انعدام الجنسية تحت الاحتلال الإسرائيلي، قامت بتضخيم أصوات الفلسطينيين، ما سمح لهم بالمشاركة في تقديم روايتهم الخاصة.

في حياتها، كانت شيرين أبو عاقلة عبارة عن دراسة حالة في الاستثنائية الفلسطينية. كانت تقاريرها الشجاعة في مواجهة النزعة العسكرية الإسرائيلية، على الرغم من المخاطر العديدة التي واجهتها، رمزًا لشعب عازم ومرن وفخور. كان إصرارها ينمّ عن توق فلسطيني لا ينضب للتغلب على طبقات الاضطهاد اللانهائية المتأصلة في هيكل الفصل العنصري الإسرائيلي من أجل العيش والحلم بكرامة، كما هو حال جميع الناس. لقد اجتازت الأخطار الموجودة في العيش في الأراضي المحتلة، من نقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية إلى عنف المستوطنين، حتى تتمكن من عرض تفاصيل التجربة الفلسطينية.

نجاح أبو عاقلة كصحفية، على الرغم من الظروف التي كانت تعمل في إطارها، يعكس التطلع الفلسطيني الدائم لتقرير المصير والتحرر والمساواة الذي تجاوز كلا الجانبين من جدار إسرائيل غير القانوني. وبالتالي، فإن حياتها هي رمز للروح الوطنية الجماعية للفلسطينيين، الذين تكمن استثنائهم في إرادتهم الرائعة لمقاومة واقع يتم فيه تأمين وجودهم في وطنهم التاريخي باعتباره تهديدًا ديموغرافيًا. إنّ انجذابها نحو مهنة تركز على تعطيل احتكار إسرائيل لرواية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو جزء من عملية استمرت لعقود من التحدي من قبل النشطاء الفلسطينيين والأكاديميين والصحفيين والفنانين والعلماء الذين حاربوا جميعًا ضد الصعوبات المستحيلة في النضال لاستعادة هويتهم الوطنية ومعارضة القوى العازمة على محو ماضيهم ومستقبلهم بالعنف.

قد يتم تشويه تطلعاتنا ويتم حرماننا من حقوقنا، إلا أن تقارير أبو عاقلة ذكّرت إسرائيل والعالم أننا ما زلنا موجودين. بصريح العبارة، عكست حياتها ومسيرتها المهنية رغبة شعب يتوق إلى وقف تجريده من ممتلكاته وتجريده من إنسانيته.

مع ذلك، في موتها أيضًا، تعتبر شيرين أبو عاقلة  دراسة حالة في ظروف استثنائية تلوّن واقع النضال الفلسطيني. يُجبر الفلسطينيون، دون أي مساعدة خارجية فعلية، على مقاومة قوة عظمى إقليمية مسلحة بترسانة عسكرية وأمنية قوية—مدعومة بالمليارات من المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية—المكرسة لقهرهم الدائم. إذا لم يكن ذلك كافيًا، فعليهم أيضًا مواجهة مشهد سياسي وإعلامي كامل في الغرب ينزع الشرعية بشكل منهجي عن قضيتهم، ويشوه واقعهم، ويحرمهم من المنصات للتعبير عن وجهات نظرهم وأفكارهم، ويعاقب النشاط الذي يدعم حقوقهم.

في أعقاب مقتل شيرين أبو عاقلة على يد قناص إسرائيلي، وفقًا لشهود عيان، بمن فيهم زملائها الصحفيين الذين كانوا معها في جنين المحتلة، كانت العديد من العناوين الصحفية بمثابة تذكير سريع وواضح بأن وسائل الإعلام الغربية، نظرًا للطريقة التي تنقل بها مثل هذه الأحداث، مترسخة في انحيازها للجانب الاسرائيلي. أعادت وسائل إعلامية من أمثال السي إن إن والبي بي سي وصحيفة نيويورك تايمز وأسوشيتد برس وغيرها استخدام نفس الفعل المبني للمجهول الذي تم استخدامه من أجل تجنب تحميل المسؤولية لإسرائيل عن انتهاكاتها، وفي هذه الحالة قتل صحفية فلسطينية أمريكية.

وبدلًا من استخدام لغة واضحة بالفعل المبني للمعلوم، قاموا بإعطاء إشارات غامضة إلى حدوث "عنف" و "اشتباكات"—حتى بالنسبة للاعتداء اللاحق من قبل الشرطة الإسرائيلية في جنازتها في القدس. تم التقاط تلك المقاطع في وضح النهار وعلى التلفزيون المباشر، حيث أظهرت بشكل لا لبس فيه أفراد إسرائيليين يضربون حاملي جنازتها بالهراوات. وكما هو الحال في كثير من الأحيان، فإن إشارات وسائل الإعلام إلى "الضفة الغربية" دون أي ذكر للاحتلال الإسرائيلي—بغاراتها العسكرية وعمليات الإخلاء القسري وهدم المنازل—أزالت السياق الذي حدث فيه مقتل شيرين.

علاوة على ذلك، وعلى الرغم من روايات شهود عيان صحفيين فلسطينيين، بالإضافة إلى التحليلات التي أجرتها مجموعة حقوق الإنسان الإسرائيلية بتسيلم ومنصة التحقيق بيلنجكات والجزيرة وميدل إيست آي، والتي تنسب جميعها مقتل أبو عاقلة إلى قناص إسرائيلي، إلا أن وكالات الأنباء الغربية رددت إلى حد كبير رواية الدولة الإسرائيلية التي زعمت، في البداية، أن المسلحين الفلسطينيين كانوا مسؤولين عن قتلها، وبعد ذلك أن الظروف ببساطة "غير واضحة." رددت الصحافة صدى الإنكار والتشتيت، وهما من السمات المميزة للدعاية الإسرائيلية. يتم التعامل مع الروايات الفلسطينية على أنها مشبوهة ومهملة بطبيعتها، ويتم تهميش تلك التي تدعم شهاداتهم—حتى عندما تأتي من مصادر مستقلة داخل إسرائيل أو الشتات اليهودي—لصالح أولئك الذين يشوهون تلك الروايات.

حتى بعد أن قُتلت على يد القوات الإسرائيلية وتعرض نعشها للهجوم على الهواء مباشرة، لم يحظ مقتل أبو عاقلة بتغطية تذكر في وسائل الإعلام الغربية، على الرغم من عدد قليل من الوسائل الإعلامية التي طعنت في مزاعم السلطات الإسرائيلية أو أشادت بإرثها كصحفية. ثبت أن حملها للجنسية الأمريكية غير كافٍ لجعل وسائل الإعلام تضفي الإنسانية على الفلسطينيين وتمنحهم إحساسًا أساسيًا بالكرامة والرحمة. يسلط مقتل أبو عاقلة الضوء على الشعور المتجذر وغير القابل للمقارنة بالتحيز والتمييز في الخطاب العام الغربي الموجه بشكل فريد ضد الفلسطينيين والمتعاطفين مع قضيتهم—وهو ما وصفه بعض الباحثين والصحفيين بأنه "معاداة للفلسطينيين."

بعد أيام قليلة من مقتلها، ظهر هذا التعصب ضد الفلسطينيين بشكل كامل في برلين، حيث ذهبت السلطات إلى حد حظر وقفة احتجاجية سلمية تكريمًا لحياتها من خلال الإشارة إلى قدرتها على تأجيج معاداة السامية، على الرغم من حقيقة أن التجمع نظمته مجموعات يهودية. كان ذلك جزءًا من حظر شامل على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في برلين في الفترة التي سبقت يوم النكبة، والذي بررته الشرطة الألمانية من خلال الاستشهاد بـ "الخطر المباشر" المتمثل في الهتافات المعادية للسامية والترهيب والعنف.

انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش القرار ووصفته بأنه "قيد متطرف يعمل بشكل فعال كعقوبة جماعية لمن يرغبون في التجمع السلمي، بناء على تكهنات حول أعمال غير قانونية محتملة من قبل أقلية." وعلى الرغم من ذلك، خرج الناس إلى الشوارع، وتم اعتقال ما يقرب من 170 متظاهرًا الأحد الماضي في برلين احتجاجًا على مقتل أبو عاقلة. وبحسب التقارير، تم اعتقال بعض الحاضرين من قبل الشرطة لارتدائهم الكوفية أو النطق بعبارة "فلسطين حرة."

في دول غربية الأخرى، بما في ذلك كندا والولايات المتحدة، هناك سجل راسخ في الخنق الصارخ للأصوات المؤيدة لفلسطين في الحكومة وداخل وسائل الإعلام وفي الجامعات. إنّ عدم التضامن مع أي شخص مضطهَد آخر أو قضية عادلة—من الأويغور إلى الأوكرانيين، والثورة السورية إلى حركة حياة السود مهمة—قد يكلف الأساتذة والصحفيين والسياسيين حياتهم المهنية. التعاطف مع أي مجموعة أخرى يؤدي إلى اتخاذ إجراءات عقابية أو جعل الشخص في وضع المنبوذ المرتبط بمعاداة السامية، التي تم تسليح تعريفها لتشويه سمعة أي انتقاد مشروع لإسرائيل، والذي يرقى إلى حد الانتحار المهني عند استخدامه ضد أولئك الذين يتحدثون علنًا ضد انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان والانتهاكات الواضحة للقانون الدولي.

بدءًا من التصريحات الغامضة والروتينية الصادرة عن السياسيين الغربيين—الذين "يدينون بشدة" ويعبّرون عن "قلقهم الشديد،" لكنهم لا يتخذون إجراءات فعلية ضد إسرائيل—إلى التبييض في كل مكان الذي تقوم به وسائل الإعلام، كانت تداعيات وفاة أبو عاقلة سمة من سمات المأساة المميزة لحياة الفلسطينيين. إنّ إحجام المجتمع الدولي عن معارضة الاحتلال الإسرائيلي والضم الزاحف للضفة الغربية، على عكس موقفها شبه الموحد من الغزو الروسي لأوكرانيا، هو تذكير بأن الفلسطينيين هم ضحايا لمعيار مزدوج عالمي في التضامن السياسي. إنّ حياة وموت شيرين أبو عاقلة يلخص النضال الفلسطيني، ليس فقط من أجل الحق في تقرير المصير، ولكن من أجل الحق في احترام إنسانيتهم.

Want more insights like this?

Get our newsletter straight to your inbox

Support Us

We hope you enjoyed this paywall-free article. We’re a non-profit organization supported by incredible people like you who are united by a shared vision: to right the wrongs that persist and to advocate for justice and reform where it is needed most.

Your support of a one-time or monthly contribution — no matter how small — helps us invest in our vital research, reporting, and advocacy work.

مقالات ذات صلةالمشاركات

related

ساعدوا "دون" على حماية حياة وحقوق الفلسطينيين في غزة.

إننا نناضل من أجل وقف إطلاق النار ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين المسؤولين عن جرائم الحرب في غزة.