أحمد الغباري صحفي يمني مستقل قدّم تقارير عن حرب اليمن لوسائل الإعلام الدولية منذ اندلاع الحرب في عام 2015. وقد ظهرت أعماله في الغارديان والجزيرة الإنجليزية ووسائل إعلامية أخرى. قام الغباري، بصفته مخرج مشارك للتصوير الفوتوغرافي، بتصوير الفيلم الوثائقي "سماء الإرهاب في اليمن" في عام 2018، والذي تم ترشيحه لجوائز إيمي وشيفيلد، وفاز بجائزة الصحافة الإلكترونية. أطلق الغباري أيضًا حملة تبرع عامة عبر حسابه على تويتر لتقديم الدعم للأطفال ضحايا الحرب.
English
كان الوقت ينفد بالنسبة لمحمد زبارة عندما كان المسعفون يعالجون ابنته الرضيعة المريضة، أبرار، التي تم نقلها إلى المستشفى في صنعاء. كانت تعاني من أشهر من سوء التغذية والتهاب الكلية الحاد ومشاكل مزمنة في القلب. احتاجت الطفلة إلى رعاية طبية عاجلة لم تكن متوفرة في اليمن، حيث دمرت سنوات الحرب النظام الصحي في البلاد. كان مطار صنعاء الدولي على بُعد مسافة قصيرة بالسيارة، لكنه لم يكن خيارًا. تم إغلاق المطار أمام الرحلات الجوية التجارية في إطار الحصار الذي تفرضه السعودية على اليمن جوًا وبحرًا، والذي فرضته منذ أن شنت حربها ضد المتمردين الحوثيين في مارس/آذار 2015. هناك حاليًا عدد محدود من الرحلات الجوية للأمم المتحدة وغيرها من الرحلات الإنسانية التي تهبط إلى المطار وتُقلع منه.
كان خيار زبارة الوحيد هو الذهاب إلى مطار عدن في الجنوب، وهي رحلة طويلة وخطيرة ومكلفة، حيث تسيطر عليه الحكومة اليمنية المتحالفة مع السعودية. لا يزال هناك عدد قليل من الرحلات الجوية من مطار عدن، وخاصة إلى مصر والأردن، وهما وجهتان رئيسيتان لليمنيين الذين يبحثون عن علاج طبي عاجل. ولكن كان ذلك بعد فوات الأوان. لم يستطع زبارة الوصول إلى عدن في الوقت المناسب، فقد توفيت أبرار وهي بعمر سبعة أشهر فقط. يعتقد زبارة، وهو سائق سيارة أجرة يبلغ من العمر 27 عامًا، أنه كان من الممكن إنقاذ طفلته إذا كان مطار صنعاء مفتوحًا. قال: "نحن محاصرون"، في إشارة إلى الحصار السعودي. وأضاف: "قبل كل شيء، كان إغلاق المطار أكبر كارثة للشعب اليمني. إنه قتل لكامل الشعب".
كانت أبرار البالغة من العمر سبعة أشهر واحدة فقط من بين آلاف الضحايا الذين حُرموا مؤخرًا من مغادرة اليمن للحصول على رعاية طبية عاجلة بسبب الحصار الذي تقوده السعودية، ما يبرز الخسائر الكارثية لإغلاق المطار في العاصمة اليمنية. اليوم، يحتاج حوالي 80 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة إلى مساعدات إنسانية. قبل الحرب، كان مطار صنعاء الدولي يتعامل مع أكثر من ثلاثة أرباع جميع المسافرين الذين يسافرون من وإلى اليمن—بما فيهم حوالي 7,000 يمني يسافرون كل عام إلى الخارج لتلقي أنواع العلاج الطبي غير المتاح في اليمن، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب والكلى والكبد وأمراض الدم، وفقًا لوزارة الصحة اليمنية وتقارير مجموعات إغاثة مثل المجلس النرويجي للاجئين ومنظمة الصحة العالمية.
في أغسطس/آب 2019، قدّرت وزارة الصحة أن ما يصل إلى 32,000 يمني ربما توفوا لأنهم لم يتمكنوا من السفر خارج البلاد لتلقي العلاج. قال محمد عبدي، المدير القُطري للمجلس النرويجي للاجئين في اليمن، في ذلك الوقت: "كما لو أن الرصاص والقنابل والكوليرا لم تقتل ما يكفي من الناس. إنّ إغلاق المطار يحكم على الآلاف بالموت المبكر". وأضاف: "لا يوجد أي مبرر لمنع المدنيين المرضى بشدة من مغادرة البلاد لتلقي العلاج الطبي المنقذ للحياة".
لكن اليوم، يقول خالد الشايف، مدير مطار صنعاء الدولي، أن ثلاثة أضعاف هذا العدد من اليمنيين ربما توفوا لأنهم لم يتمكنوا من السفر إلى الخارج للحصول على رعاية طبية عاجلة. ويضيف أن هناك حاليًا حوالي 400,000 مريض يعانون من حالات حرجة ويحتاجون إلى السفر خارج اليمن لتلقي العلاج الطبي.
وضعت حملة القصف التي تقودها السعودية في اليمن، وبدعم من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، قيودًا صارمة على مطار صنعاء منذ إغلاقه لأول مرة في أواخر مارس/آذار 2015، عندما فرض التحالف السعودي منطقة حظر طيران فوق الأجواء اليمنية. مع إغلاق المجال الجوي اليمني وبعد أن أصبحت البلاد منطقة حرب، لم تتمكن الطائرات من القدوم إلى صنعاء حفاظًا على سلامة ركابها. في السنة الأولى من الحرب، سمحت الرياض في البداية بخروج عدد قليل من الرحلات الجوية من صنعاء، على متن شركة طيران واحدة، اليمنية، والتي كان عليها، بحسب توجيهات سعودية، أن تهبط أولًا في مطار في جنوب السعودية لتفتيشها قبل انطلاقها إلى وجهتها. لكن ذلك لم يدم طويلًا. فمنذ أغسطس/آب 2016 حتى الآن، تم إغلاق مطار صنعاء بالكامل أمام الرحلات الجوية التجارية.
منذ أن بدأت حربها الجوية، قصفت القوات الجوية السعودية مطار صنعاء الدولي عدة مرات، بما في ذلك المدرج الوحيد ومبنى الركاب. وقصف التحالف السعودي المطار مرة أخرى أواخر ديسمبر/كانون الأول، بعد حملة إعلامية سعودية مكثفة زعمت أن الحوثيين يستخدمون المطار لأغراض عسكرية، وهو ما نفاه الحوثيون. قال الشايف: "مزاعم التحالف الأخيرة بأن المطار يُستخدم في عمليات عسكرية هي مجرد أكاذيب تهدف إلى تضليل الجمهور ووقف الجهود المبذولة لإعادة فتح المطار واستهدافه في نهاية المطاف".
قالت ياسمين لافوي، المتحدثة باسم المجلس النرويجي للاجئين في اليمن، أن تأثير الإغلاق المستمر للمطار كان "شديدًا"، مشيرة إلى الرحلة المحفوفة بالمخاطر من صنعاء للوصول إلى المطارين الوحيدين المفتوحين في البلاد في عدن التي تزيد مدتها عن 230 ميلًا جنوبًا، وسيئون على بعد 400 ميل تقريبًا شرقًا—وكلاهما تحت سيطرة الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية. وقالت لافوي في مقابلة عبر البريد الإلكتروني: "طريقهم الوحيد لمغادرة البلاد هو قيادة السيارة لمدة 15 إلى 20 ساعة، على طرق خطرة مليئة بالجنود المنتمين إلى جماعات مختلفة". وأضافت: أن إغلاق المطار أدى إلى وقف شبه كامل للشحنات التجارية، مثل الأدوية والإمدادات الطبية والمعدات القادمة إلى البلاد. كما ذكرت أنه: "إلى جانب القيود المفروضة على ميناء الحديدة، أدى ذلك إلى تضاعف بعض أسعار الأدوية، ما جعلها خارج القدرة الشرائية لمعظم السكان، وهو ما يساهم بشكل أكبر في تدهور النظام الصحي في اليمن الذي دمره الصراع". يدخل حوالي 70 في المئة من واردات اليمن إلى البلاد عبر ميناء الحديدة الذي يديره الحوثيون، وهو الميناء الرئيسي لليمن على ساحل البحر الأحمر، والذي وقع أيضًا تحت حصار المملكة العربية السعودية.
منذ اندلاع الحرب، باءت بالفشل الدعوات التي وجهتها الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة للسعودية لرفع الحصار. ألقت الرياض باللوم في الإغلاق على الحوثيين الذين قالت السعودية أنهم رفضوا اقتراحًا العام الماضي بإعادة فتح مطار صنعاء جزئيًا. كان ذلك جزءًا من خطة لوقف إطلاق النار كانت ستسمح ببعض الرحلات التجارية المحدودة من صنعاء إلى "عدد من الوجهات"، وفقًا للحكومة السعودية، وتخفيف القيود على واردات الوقود والسلع الأخرى عبر ميناء الحديدة، مقابل وقف الحوثيين للهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة على السعودية. رفض الحوثيون المقترح مطالبين بإنهاء الحصار الجوي والبحري بأكمله.
ومنذ ذلك الحين، تم فتح مطار صنعاء فقط أمام رحلات الأمم المتحدة والجماعات الإنسانية الأخرى لتقديم المساعدات. يذكر التحالف السعودي والحكومة اليمنية المتحالفة معه، التي يقيم معظم أفرادها في المنفى في الرياض، باستمرار أن إغلاق المطار هو لمنع تهريب محتمل للأسلحة ونقل عسكريين من إيران، التي يتهمها السعوديون بدعم الحوثيين وتسليحهم.
قال الشايف، مدير مطار صنعاء، أن التحالف الذي تقوده السعودية لم يكن جادًا في إعادة فتح المطار. وأشار إلى "رحلات الرحمة" الطبية—لنقل المرضى الذين يعانون من حالات صحية طارئة—والتي أخلت بعض الأطفال اليمنيين لتلقي العلاج في أوائل عام 2020، لكنها تلاشت بعد ذلك. ووصف استمرار التحالف في إغلاق المطار والمجال الجوي اليمني بأنه "موت بطيء لليمنيين".
قال المجلس النرويجي للاجئين في بيانه الصادر في أغسطس/آب: "استمرار الإغلاق يضر بالمدنيين بشكل غير متناسب. لذلك فهو ينتهك قوانين الحرب وفقًا لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة". وبعد وفاة ابنته الرضيعة، قال زبارة أنه شعر بألم كل شخص في اليمن يحتاج إلى السفر إلى الخارج لتلقي العلاج العاجل لكنه لا يستطيع ذلك. وقال: "في كل دقيقة، هناك شخص يعاني، ومع ذلك لا يمكنه الحصول على الرعاية المناسبة. لا يمكن للناس السفر ولا يمكنهم سوى مشاهدة أفراد عائلاتهم يموتون هنا".
وإلى أن يسمح الاتفاق الذي يتم التفاوض عليه بإعادة فتح مطار صنعاء بالكامل أمام الرحلات الجوية التجارية، فسوف يعاني أناس كثيرون آخرون. قالت لافوي: "نعتقد أنه يجب إعادة فتح المطار لأنه سينقذ الأرواح ويمنع الوفيات المبكرة". وأضافت: "سيكون إدخال السلع والمساعدات إلى البلاد أسرع وأسهل وأرخص". يقدّر الآن عدد الوفيات غير المباشرة من حرب اليمن—بسبب الجوع وسوء التغذية والمرض وآثار أخرى، التي يرتبط العديد منها بالحصار الذي تقوده السعودية—بما يتجاوز 227,000، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. هذا الرقم الضخم يفوق بشكل كبير العدد الرسمي للقتلى من الضربات الجوية المباشرة من التحالف الذي تقوده السعودية، والذي لا يقل عن 18,000 مدني يمني، وفقًا للجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة. يواصل السعوديون إنكار مسؤوليتهم عن المعاناة الإنسانية الهائلة في اليمن، على الرغم من استمرار حصارهم الجوي والبحري.
اليوم، يمكن لملايين اليمنيين في صنعاء سماع الطائرات وهي تحلق فوقهم، ويرون طائرات تهبط من مطار صنعاء الدولي وتقلع منه، لكنها تحمل فقط مساعدات إنسانية أو كبار مسؤولي الأمم المتحدة. بالنسبة إلى زبارة، ركز مجتمع المساعدات بشكل أكبر على تقديم المساعدات لليمنيين القابعين تحت الحصار والقصف، بدلًا من نقل المرضى والمحتضرين جوًا خارج اليمن، حيث قال أن: "هذا ظلم".