تغريد الرشق هي مديرة الإعلام العربي في منظمة (DAWN) وهي صحفية ثنائية اللغة حائزة على جوائز ولديها خبرة في تغطية الشؤون الخارجية والدبلوماسية والسياسة وحقوق الإنسان.
English
على مدى ست سنوات، كان خليل الحلبي يرحّب بكل شخص يستمع له لمحاولة مساعدته في السعي لإطلاق سراح ابنه، محمد الحلبي، مدير منظمة وورلد فيجن الإنسانية في قطاع غزة، من السجون الإسرائيلي.
عندما اعتقلت إسرائيل محمد الحلبي في عام 2016 واحتجزته بمعزل عن العالم الخارجي لأسابيع، اتهمته بتحويل الأموال والموارد إلى حركة حماس التي هي حكومة الأمر الواقع في غزة والتي تعتبرها إسرائيل وبعض الدول الأخرى منظمة إرهابية. منظمة وورلد فيجن، التي علقت عملياتها في غزة بعد أن قدمت إسرائيل هذه المزاعم، لم تجد بعد ذلك أي دليل على ارتكاب مخالفات، وقد مولت المنظمة بالكامل الدفاع القانوني عن محمد. لم تجد مراجعة مستقلة أجرتها مؤسسة ديلويت أي مؤشر على أن الحلبي أو أي شخص آخر في منظمة وورلد فيجن قد حول أموالًا أو موارد إلى حماس.
في الأسبوع الماضي، أدانت محكمة إسرائيلية الحلبي بجميع التهم تقريبًا، بعد أكثر من ست سنوات من اعتقاله الأولي. لا يزال الحلبي ينفي جميع التهم الموجهة إليه، ووفقًا لمحاميه وعائلته، فقد رفض ما لا يقل عن خمس صفقات قضائية كانت ستطلق سراحه منذ سنوات بسبب إصراره العنيد على قول الحقيقة.
كان هذا العناد قائمًا على فكرة أنه يمكن أن يحصل على محاكمة عادلة في إسرائيل. في مقابلة مع مجلة "الديمقراطية في المنفى" في اليوم التالي لصدور الحكم على محمد، وصف والده خليل المحاكمة بأنها "هزلية وانتقامية."
قال خليل، الذي عمل لمدة أربعة عقود في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا): "تعرض محمد لتعذيب شديد لمدة 52 يومًا في سجن عسقلان. أرادوا انتزاع اعتراف منه لحفظ ماء الوجه."
تنتهي معظم لوائح الاتهام في إسرائيل ومحاكمها العسكرية في الأراضي المحتلة بصفقات قضائية، ومن المعروف أن أجهزة الأمن والمدعين العامين الإسرائيليين يمارسون ضغوطًا كبيرة على المتهمين الفلسطينيين للاعتراف بالذنب مقابل فترات سجن قصيرة أو حتى إطلاق سراح فوري.
ومن المتوقع أن تحكم عليه محكمة بئر السبع المركزية في الأسابيع المقبلة.
تم تحرير النص التالي بشكل طفيف من أجل الإيضاح وملائمة طول المادة.
هل تعتقد أن محمد حصل على محاكمة عادلة؟ بما أنه كان مؤمنا بأنه سيحصل على محاكمة عادلة، بعد رفضه لكل الصفقات التي عرضت عليه للإعتراف سابقًا وتصميمه على برائته لاعتقاده انه سيحصل على فرصة لإثبات ذلك.
محاكمة هزلية انتقامية من محمد، قبل محكمة الأربعاء زاره أفراد من النيابة والمخابرات لكي يتفاوضون معه للاعتراف بالتهمة وقالوا له أن يختار أي تهمة، من ضمن قائمة لديهم، لكي يخرج من السجن الا انه رفض الاعتراف. وقالوا له انه ما دام الموضوع أصبح عنادا فسترى ما سيجري في المحكمة.
في المحكمة لم يسمحوا له أو لمحاميه بالكلام، وقرأ القاضي الحكم وخرج فورا.
هذا كان يوم أسود في تاريخ العدالة الإسرائيلية، اذا كان السجين لا يستطيع الكلام والمحامي يمنع من التحدث.
ما رأيك بالتهم الموجهة له؟
اتهموه بأنه في عام 2010 كان دخل معبر ايريز ومعه هاتف جوال وانه قام بتصوير المعبر، وردا على هذا قام محاميه بالتواصل مع الشؤون المدنية، وهي الجهة التي تصدر التصاريح لدخول إسرائيل، وتبين أن محمد لم يصدر أي تصريح منذ عام 2006 ولغاية عام 2011، بمعنى انه لم يدخل إسرائيل طوال تلك الفترة، هي فقط تهمة ملفقة.
تهمة أخرى هي أنه أخذ أموالا جاءت من بريطانيا وأعطاها لـ "حماس"، بينما اثبتت المؤسسة التي يعمل بها انها لم تستلم أي دولار من أي جهة بريطانية سواء حكومية أو خاصة.
كما اتهموه أنه والمؤسسة التي يعمل بها أحضروا أطنانا من الحديد عبر معبر (كرم أبو سالم)، وأن حماس أخذتها.
المؤسسة بدفاعها عنه قالت انها لم تستخدم هذا المعبر بتاتا وأنها لم تستورد أو تورد أي شيء عبره اطلاقا. وتساءلت المؤسسة كيف يمكن أن يتم ادخال حديد الى غزة في فترة كانت فيها غزة مغلقة، كما أن المؤسسة لا تحتاج حديد في عملها الإنساني. كلها تهم كاذبة.
تهمة أخرى قالت انه تم تعيين محمد من قبل حماس في غزة. بينما عُيّن محمد في المؤسسة قبل حكم حماس لغزة، كما أن مديرة المؤسسة شهدت في المحكمة ان محمد تقدم لامتحان الوظيفة وتمت مقابلته وتعيينه. فكيف عينته حماس؟
أيضا من التهم أن محمد حول مبلغ 70 مليون دولار لحماس، وعن هذا قالت مؤسسته ان هذا المبلغ أعلى من ميزانية المؤسسة نفسها.
تعرض محمد للتعذيب الشديد لمدة 52 يوما في سجن عسقلان بحيث أرادوا انتزاع اعتراف منه لحفظ ماء وجههم، لأنه بعد أسبوع من اعتقال محمد، خرج رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، ببيان قال فيه انهم قبضوا على شخص أرسل 70 مليون دولار لحماس.
المؤسسة التي يعمل بها محمد شكلت فريق تحقيق اعضاءه من 12 دولة ويرأسهم أمريكي، التحقيق كلفهم حوالي 5 مليون دولار. خلال التحقيق جمعوا حوالي 200 ألف رسالة بريد الكتروني وأجروا مقابلات وقاموا بعمل مهني، وبحثوا في كل دولار في المؤسسة، ولم يجدوا أي دليل يدين محمد بأنه اعطى أموال لأي جهة. بالأصل محمد ليس لديه صلاحية للتوقيع على مبالغ كبيرة مثل هذه. وعلى العكس من التهم، فإن ما وجدوه في الرسائل الالكترونية لمحمد خلال التحقيق هو رسائل ينصح فيها المؤسسة بعدم التعامل مع جهات معينة تابعة لجهات سياسية ممكن ان تسبب مشاكل للمؤسسة.
هل تم عرض التقرير في المحكمة؟
المؤسسة طلبت أن تعرض التقرير للسلطات الإسرائيلية والتي رفضت بدورها مجرد قراءة التقرير وهددتهم بأنه في حال خروج التقرير للإعلام فسيتم اغلاق مكاتب المنظمة في إسرائيل.
لماذا كان محمد مصرا على برائته؟
سأل محمد القضاة سؤالا، خلال محاكمته، " من يفضل السجن على الحرية؟، أنا فضلت السجن على الحرية لأنني بريء وصادق، لذلك أرفض كل الصفقات التي تُعرض علي".
السجناء بالعادة يتعرضون للتعذيب ويرضون بصفقات، الا ان محمد اصر على انه بريء وانه سيستأنف الحكم.
ماذا تأمل ان يحصل الان بعد صدور الحكم؟
آمل أن تسود العدالة في اخر المطاف وأن تعتذر إسرائيل عن الخطأ، اذا كانت دولة ديمقراطية كما تدعي، بخلاف ذلك، فهذا ظلم وافتراء على محمد. 6 سنوات وهم يضغطون عليه ليعترف، هم يعرفون انه بريء ولكنهم يشعرون انهم تورطوا ويريدون النزول عن الشجرة باستخدام محمد.
ماذا تتوقع من المجتمع الدولي في هذه المرحلة؟
في المحكمة يوم الأربعاء الماضي، كان هناك حضور اعلامي كثيف وتم منع الصحفيين من ادخال هواتفهم او كاميراتهم حتى لا يتم التصوير.
أطلب من المجتمع الدولي أن لا يقف موقف المتفرج، وان يتواصل مع إسرائيل فقد أصبحت هذه المحاكمة سياسية، وان يتواصلوا مع السياسيين الإسرائيليين لإيجاد حل لهذه القضية. من ناحيتي، أنا بصدد الكتابة لمقررة حقوق الانسان الأممية ولجميع سفراء الاتحاد الأوروبي في رام الله وتل ابيب والى السفير الأمريكي في القدس والذي كنت راسلته سابقا ورد علي قائلا انه سيتابع القضية. كما انني اراسل منظمات حقوق الانسان ومنها انتم في (داون) وهيومن رايتس ووتش وأمنستي إضافة الى منظمات حقوق الانسان الإسرائيلية.
هل تعتقد ان إسرائيل تستهدف العاملين في المجال الإنساني في فلسطين؟
نعم، تستهدف العاملين في المجال الإنساني في قطاع غزة مثلا، لأنها تريد زيادة الحصار على القطاع وسكانه، لكي يتمردوا على من يحكم غزة.
أخيرا، هل تتعرض لأي مضايقات انت كوالد محمد؟
نعم، موقع فيسبوك اغلق حسابي الشخصي في اليوم التالي لإصدار الحكم، وسابقا كتبت الكثير من المقالات في صحف إسرائيلية وعالمية، وتم نشر مقال لي في صحيفة تايمز أوف إسرائيل الا انه تم سحبه بعد النشر وسألت المحررة المسؤولة عن سبب ازالته من الموقع الالكتروني للصحيفة، أجابت بأنه أتتهم أوامر من اعلى المستويات السياسية في البلاد لازالة المقال.