قوات الاحتلال الإسرائيلي تسجن جمال النسر البالغ من العمر 76 عامًا دون تهمة أو محاكمة لمدة 7 أشهر بدوافع سياسية
(واشنطن العاصمة، 4 أبريل/نيسان 2023): قالت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) يوم الثلاثاء أنه ينبغي على إسرائيل الإفراج الفوري عن المواطن الأمريكي البالغ من العمر 76 عامًا، جمال النسر، المعتقل فيما يسمى بـ "الاعتقال الإداري"، والذي تم سجنه دون تهمة أو محاكمة لمدة سبعة أشهر الآن.
احتجزت إسرائيل جمال النسر في 24 أغسطس/آب 2022 على أسس يبدو أنها ذات دوافع سياسية، كما هو مفصل في تحقيق أجرته منظمة (DAWN) حول اضطهاد النسر من قبل السلطات الإسرائيلية.
ما لم يتم الإفراج عنه قريبًا، يجب على وزارة الخارجية الأمريكية أن تعلن أن جمال النسر محتجز ظلمًا بموجب قانون روبرت ليفينسون لاستعادة الرهائن والمساءلة عن أخذ الرهائن على أساس أن احتجازه يعتبر تعسفيًا، من بين أسباب أخرى. وقد أعلن فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي أن جمال النسر قد اعتُقل ظلمًا في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، عندما احتجزته إسرائيل لأول مرة. وذكر تقرير حديث لمسؤولين في القنصلية الأمريكية زاروا جمال النسر في السجن أنه في حالة صحية سيئة ويحتاج إلى عملية جراحية.
قالت سارة لي ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة (DAWN): "من الصعب تصديق ما يحدث حيث أنه على الرغم من قيام دولة أجنبية بسجن مواطن أمريكي مُسن استنادًا إلى أدلة سرية وحرمانه من أبسط حقوق الإجراءات القانونية، إلا أن حكومتنا لم تتخذ حتى الحد الأدنى من الخطوات لتأمين إطلاق سراحه، بدءًا بالتصريح بأن اعتقاله كان ظلمًا". وأضافت: "لم تتهم إسرائيل جمال النسر بارتكاب أي جريمة، لكن الحقائق تشير إلى أن إسرائيل تعاقبه لأنه كان ناشطًا سياسيًا في الضفة الغربية، حيث لا يتمتع الفلسطينيون بأي حق في حرية تكوين الجمعيات أو التعبير الممنوح للمستوطنين الإسرائيليين".
وكما هو مفصل في تحقيق أجرته منظمة (DAWN)، عندما احتجزت السلطات العسكرية الإسرائيلية جمال النسر لأول مرة في عام 2021، أشارت وثائق المحكمة السرية بوضوح إلى أنها احتجزته بسبب مشاركته في الانتخابات الفلسطينية المقرر إجراؤها في ذلك العام، والتي تم إلغاؤها في نهاية المطاف. وعند إطلاق سراحه، حاول جمال النسر العودة إلى الولايات المتحدة لكن السلطات الإسرائيلية رفضت السماح له بمغادرة الضفة الغربية المحتلة على الرغم من تدخل عضو الكونغرس تيم رايان. وعندما تم احتجازه مرة أخرى في أغسطس/آب 2022، زعمت السلطات الإسرائيلية أن اعتقاله يتعلق بمسألة مالية دون تقديم أي دليل على ارتكاب مخالفات.
راجعت منظمة (DAWN) وثائق ونصوص المحكمة من جميع جلسات الاستماع المغلقة الخاصة بقضية جمال النسر في المحاكم العسكرية الإسرائيلية، وراجعت قرار الأمم المتحدة باحتجازه التعسفي، وقابلت العديد من أفراد عائلته، وتلقت معلومات وبيانات من منظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية تعمل في مجال حقوق الإنسان مهتمة بقضية جمال النسر.
يشير تقرير حقوق الإنسان الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2022 إلى أن قوات الأمن الإسرائيلية "استخدمت الاحتجاز الإداري بشكل مفرط". تحتجز إسرائيل حاليًا (أبريل/نيسان 2023) أكثر من 1,000 فلسطيني رهن الاعتقال الإداري، وهو أعلى مستوى له منذ 20 عامًا، وفقًا للبيانات التي قدمتها السلطات الإسرائيلية إلى منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "هموكيد". وفي عام 2022، أصدرت السلطات العسكرية الإسرائيلية 2,076 أمرًا بالاعتقال الإداري دون محاكمة. يجب على القاضي العسكري مراجعة أوامر الاعتقال الإداري والتصريح بها، لكن السلطات بشكل عام لا تخبر المحتجز أو محاميه بأي مزاعم محددة ضدهم ولا تسمح لهم بالاطلاع على أي أدلة، والتي بدونها يستحيل إطلاق حتى أبسط دفاع قانوني. ووفقًا للبيانات التي قدمها الجيش الإسرائيلي لصحيفة هآرتس الإسرائيلية، وافق القضاة العسكريون على 99 بالمئة من أوامر الاعتقال الإداري في عام 2022.
قال مايكل شيفر عمرمان، مدير الأبحاث لشؤون إسرائيل وفلسطين في منظمة (DAWN): "الاعتقال التعسفي للمواطنين الأمريكيين هو شيء نتوقعه من أنظمة استبدادية مثل المملكة العربية السعودية وروسيا، ولكن بالتأكيد ليس البُلدان التي تدّعي الولايات المتحدة أن لديها قيمًا ديمقراطية مشتركة معها". وأضاف: "على الأقل، يجب على إدارة بايدن أن تعمل على تحرير جمال النسر بنفس القوة والتأثير الدبلوماسيين اللذين تمارسهما نيابة عن الأمريكيين البارزين، مثل بريتني جرينير وإيفان غيرشكوفيتش".
لعب ما لا يقل عن 10 ضباط قانونيين عسكريين إسرائيليين أدوارًا مباشرة في الاعتقال التعسفي لجمال النسر. من بين هؤلاء الرائد (احتياط) ماور إيفين خين، وقاضي المحكمة العسكرية الاحتياطية الذي صدّق على أمر الاعتقال الإداري للنسر في 28 أغسطس/آب 2022. وفي الجانب المدني، هناك إيفين خين وهي نائبة رئيس وحدة الجرائم المالية بوزارة العدل الإسرائيلية. كما أن العميد نعمة روزن غريمبرغ، الملحقة العسكرية الحالية لرئيس إسرائيل، كانت ضابطة استخبارات الجيش الإسرائيلي التي وقّعت على أول أمر اعتقال إداري بحق جمال النسر في عام 2021. يمكن العثور على معلومات عن الأشخاص المسؤولين الأخرين في التحقيق الكامل الذي أجرته منظمة (DAWN). يجب على الولايات المتحدة والحكومات المسؤولة الأخرى فرض عقوبات على هؤلاء الأفراد لدورهم في انتهاكات حقوق الإنسان.
اعتقال جمال النسر
انتقل جمال النسر من فلسطين إلى أوهايو عام 1967، حيث أسس عائلة وامتلك عددًا من محلات البقالة ومحطات الوقود بالإضافة إلى التطوير العقاري. عاد إلى الضفة الغربية المحتلة بعد اتفاقات أوسلو، وهي الفترة التي سمحت فيها إسرائيل لبعض الفلسطينيين بالعودة، وكان يسافر ذهابًا وإيابًا بين منازله حتى منعته السلطات الإسرائيلية تعسفيًا من مغادرة الضفة الغربية في عام 2011. سمحت له السلطات الإسرائيلية بالعودة إلى الولايات المتحدة مرة أخرى في عام 2017، لكنها منعته من مغادرة الضفة الغربية منذ ذلك الحين.
اعتقلت السلطات العسكرية الإسرائيلية جمال النسر لأول مرة في 9 يونيو/حزيران 2021، عندما داهم العشرات من القوات المقاتلة منزله في منتصف الليل. لم يخبر المسؤولون الإسرائيليون جمال عن سبب اعتقاله، ولم يخبروا أسرته بالمكان الذي تم نقله إليه، ولم يقدموا مذكرة توقيف أو أمر اعتقال، وفقًا لعائلته ووثائق المحكمة والرأي الذي نشره فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي. وفي 13 يونيو/حزيران 2021، وقّع ضابط مخابرات إسرائيلي ضده أمر اعتقال إداري لمدة أربعة أشهر، ووافق عليه قاض عسكري إسرائيلي في 17 يونيو/حزيران 2021. أيدت محكمة استئناف عسكرية إسرائيلية الأمر، ووصفته بأنه رد على مشاركة جمال في الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي ألغيت في نهاية المطاف.
عندما أطلقت إسرائيل سراحه في أكتوبر/تشرين الأول 2021، طلب جمال وعائلته المساعدة من عضو الكونغرس آنذاك، النائب تيم رايان (عن ولاية أوهايو)، الذي تلقى من وزارة الخارجية الأمريكية تأكيدات من الحكومة الإسرائيلية بأنهم سيسمحون له بالعودة إلى الولايات المتحدة، وفقًا لمراسلات راجعتها منظمة (DAWN). وعلى الرغم من هذه التأكيدات، لم يسمح له الجيش الإسرائيلي بالعودة إلى أوهايو. وبعد عدة أسابيع، نشر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي رأيًا مفاده أن اعتقال وحبس جمال يشكلان "اعتقالًا تعسفيًا".
وفي 24 أغسطس/آب 2022، داهمت القوات الإسرائيلية منزل جمال مرة أخرى في منتصف الليل، وكسرت الباب الأمامي لاحتجازه إذ كان يبلغ من العمر حينها 75 عامًا—وهذه المرة كانوا مصحوبين بطاقم إخباري. لم يقدموا له مذكرة توقيف أو أمر اعتقال ولم يتم اتهامه بارتكاب جريمة. في 28 أغسطس/آب 2022، وقّع ضابط مخابرات إسرائيلي أمر اعتقال إداري آخر لمدة أربعة أشهر مع اتهامات غير مؤكدة تستند إلى أدلة سرية، حسب أمر الاعتقال. ووافق قاضي المحكمة العسكرية الرائد (احتياط) ماور إيفين خين على الأمر رغم أنه قلص مدته شهرين، وهو ما أكده قاضي محكمة الاستئناف العسكرية المقدم (احتياط) إيال نون، بحسب ما تظهره وثائق المحكمة. وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، أصدر القائد العسكري الإسرائيلي اللواء يهودا فوكس أمر اعتقال إداري ثالث، يمدد حبس جمال النسر لأربعة أشهر أخرى، والتي من المقرر أن تنتهي في 22 أبريل/نيسان 2023.
عرض جمال أن يغادر الضفة الغربية بدلًا من الاحتجاز، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت السماح له بالسفر في مناسبات عديدة. ووفقًا لابنته لميس، خلال اعتقاله الأول في عام 2021، أخبر المسؤولون الإسرائيليون جمال أنه لا يمكنه المغادرة إلى الولايات المتحدة إلا إذا تخلى عن إقامته في الضفة الغربية، ما يعني أنه لن يتمكن أبدًا من العودة. لكنه رفض ذلك.
قالت لميس أغبر، ابنة جمال النسر، "أمي وأبي يعيشان معًا منذ أكثر من 50 عامًا. من المفترض أن يستمتعا بسنوات كِبرهما معًا ولا يُفترض أن يفترقا".
وأضافت: "الأمر غير منطقي. إذا كانت هناك جريمة يجب أن يتهموه بها لكنهم لا يخبروك بأي شيء. يقولون فقط أنت مجرد خطر أمني".
الاعتقال التعسفي
يتمتع فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي بصلاحية "التحقيق في حالات الحرمان من الحرية المفروضة بشكل تعسفي أو غير المتسق مع المعايير الدولية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أو الصكوك القانونية الدولية التي قبلتها الدول المعنية". وحدد الفريق العامل خمس فئات يكون فيها الحرمان من الحرية تعسفيًا بموجب هذه المعايير. تستنتج الفئة الأولى أن الاحتجاز يكون تعسفيًا عندما يكون "من الواضح أنه من المستحيل التذرع بأي أساس قانوني يبرر الحرمان من الحرية"، بينما تستنتج الفئة الثانية أن الاحتجاز يكون تعسفيًا عندما يكون الحرمان من الحرية ناتجًا عن ممارسة الحقوق والحريات المنصوص عليها في فقرات عديدة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث أن إسرائيل دولة طرف فيها. كما تستنتج الفئة الثالثة أن الاحتجاز يكون تعسفيًا عندما "يكون عدم التقيد الكلي أو الجزئي بالمعايير الدولية المتعلقة بالحق في محاكمة عادلة، المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي الصكوك الدولية ذات الصلة التي قبلتها الدول المعنية، من الخطورة بحيث يضفي على الحرمان من الحرية طابعًا تعسفيًا". وتستنتج الفئة الخامسة أن الاحتجاز يكون تعسفيًا عندما يشكل الحرمان من الحرية انتهاكًا للقانون الدولي على أساس التمييز.
في رأيها الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، خلص الفريق العامل إلى أن احتجاز جمال النسر كان تعسفيًا بناءً على الفئات الأولى والثالثة والخامسة. وإذا كان احتجاز جمال، كما يظهر في وثائق المحكمة، مرتبطًا بمشاركته في الانتخابات، فمن المحتمل أن يكون تعسفيًا ضمن الفئة الثانية أيضًا.
إنّ استمرار اعتقال النسر هو انتهاك للقوانين الدولية لحقوق الإنسان التي تحظر السجن التعسفي إلى أجل غير مسمى دون تهمة، ويمكن أن يرقى إلى جريمة حرب بموجب المادة 8 (2) (أ) (6) من نظام روما الأساسي، التي تحظر "حرمان أسير حرب أو أي شخص محمي آخر من حقه في محاكمة عادلة ونظامية". يُسمح بالاعتقال الإداري بموجب اتفاقية جنيف الرابعة (المادتان 42 و 78) فقط كتدبير استثنائي وفقط عند الضرورة القصوى. تشير الطبيعة السياسية والواسعة النطاق للطريقة التي تستخدم بها إسرائيل الاعتقال الإداري إلى أنها تفعل ذلك بما يتجاوز الضرورة القصوى، كما اعترف بذلك المسؤولون الإسرائيليون في الماضي، ويتضح ذلك من حقيقة أن عدد الفلسطينيين قيد الاعتقال الإداري وصل إلى أعلى مستوى له منذ 20 عامًا في عام 2022، واستمر في الصعود في عام 2023.
يجب على وزير الخارجية الأمريكي أن يصنف على الفور جمال النسر على أنه محتجز ظلمًا بموجب "قانون روبرت ليفينسون لاستعادة الرهائن والمساءلة عن أخذ الرهائن"، وأن يطالب إسرائيل بالإفراج عن جمال على الفور. كما يجب على الرئيس الأمريكي أن يأمر بفرض عقوبات على المسؤولين الإسرائيليين الذين قرروا استمرار احتجازه، على النحو الذي يسمح به قانون ليفينسون.
تعمل منظمة (DAWN) عن كثب مع عائلة جمال للدعوة إلى إطلاق سراحه، والتقت بمسؤولين من وزارة الخارجية الأمريكية ومسؤولين آخرين في إدارة بايدن للدعوة لمطالبة الإدارة بأن تسعى للإفراج عنه بجدية.