دانيال لاريسون محرر مساهم في موقع Antiwar.com ومحرر أول سابق في مجلة The American Conservative. حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة شيكاغو. يمكن متابعته على تويتر @DanielLarison وعلى مدونته Eunomia.
English
بذل الكونغرس جهودًا في محاولة استعادة سلطاته الدستورية الخاصة بالحروب في السنوات الأربع الماضية أكثر مما فعل في الخمسين عامًا الماضية. لكن استعادة سلطة الكونغرس في هذا الأمر لا تزال تمثل صراعًا شاقًا، ولا تزال الولايات المتحدة منخرطة في حروب مفتوحة، سواء كان مفوض بها أم لا، في أجزاء مختلفة من العالم.
كانت هناك نجاحات محدودة للكونغرس في عامي 2019 و 2020 في تمرير قرارات صلاحيات الحرب التي تتطلب إنهاء مشاركة الولايات المتحدة في الحرب التي تقودها السعودية في اليمن ومعارضة القيام بعمل عسكري ضد إيران، على التوالي. لكن الرئيس آنذاك دونالد ترامب استخدم حق النقض ضد كلا القرارين، ما يدل على الطبيعة العكسية لكيفية عمل صلاحيات الحرب في الممارسة العملية اليوم.
كان التصويت في الأسبوع الماضي في مجلس النواب الأمريكي لإلغاء تفويض عام 2002 لاستخدام القوة العسكرية ضد العراق، مثالًا نادرًا للتعاون بين الحزبين في معارضة الحرب الدائمة، حيث انضم 49 جمهوريًا إلى الأغلبية الديمقراطية لدعم الإجراء.
وبغض النظر عما إذا كان مجلس الشيوخ سيحذو حذوه بقرار من شأنه إلغاء قراري 1991 و 2002 بشأن العراق، فإن تصويت مجلس النواب هو بداية واعدة لتفكيك السلطات التي استغلتها الإدارات المتعاقبة وأساءت استخدامها لشن حروب لا علاقة لها بالغرض الأصلي للقرارات التي وافق عليها الكونغرس.
لكن التفويض الأكثر استغلالًا هو تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2001، الذي تم تمريره في الأيام التي تلت أحداث 11 سبتمبر/أيلول، والذي تم استخدامه منذ عقدين من الزمن لتبرير العمل العسكري الأمريكي من سوريا إلى الصومال وأماكن أخرى، غالبًا ضد الهدف الغامض الذي يتم تعريفه بـ "القوات المرتبطة" بالقاعدة.
إنّ تفويضات استخدام القوة نفسها هي مجرد أعراض لسياسة خارجية مفرطة في الطموح والعسكرة. يعد إلغاء هذه التفويضات خطوة أولى أساسية لكبح جماح السلطة التنفيذية واعتماد سياسة خارجية أمريكية أكثر سلمية وانضباطًا.
تأتي المعارضة الرئيسية لإلغاء هذه التفويضات من صقور الكونغرس الذين لا يستطيعون التخلي عن أي تفويض لاستخدام القوة العسكرية، بغض النظر عن مدى تقادمه وعدم أهميته. على عكس جهود الكونغرس السابقة، يحظى الجهد الحالي بدعم البيت الأبيض.
النقاد الرئيسيون لإلغاء تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2002 هم المشتبه بهم المعتادون في مجلس الشيوخ، بمن فيهم الجمهوريان ميت رومني وماركو روبيو. فهم يحاولون تعطيل النقاش حول قرار مشترك لمجلس الشيوخ (S.J. Res 10) على أمل منع تمرير القرار، كما أوضحوا في رسالة إلى السناتور روبرت مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الأسبوع الماضي.
معارضو إلغاء تفويض استخدام القوة العسكرية لديهم الجرأة لاستخدام تكتيكات المماطلة كشكل من أشكال إشراف الكونغرس، في حين أنهم في الواقع يحاولون منع الكونغرس من ممارسة دوره الدستوري المناسب.
ليس مفاجئًا أن جميع أعضاء مجلس الشيوخ الذين وقعوا الرسالة إلى مينينديز، باستثناء واحد منهم، عارضوا كل قرار يتعلق بسلطات الحرب تم طرحه للتصويت في السنوات القليلة الماضية. يمكن للمرء أن يفترض أن الجمهوري بيل هاجرتي كان سيصوت بنفس الطريقة لو كان في مجلس الشيوخ في ذلك الوقت.
من المفترض أن يكون هناك عدد كافٍ من الأصوات في مجلس الشيوخ لتمرير هذا القرار، نظرًا لأن السناتور راند بول كان مدافعًا منذ فترة طويلة عن إلغاء تفويضي استخدام القوة العسكرية لعامي 2001 و 2002، لكن نتيجة التصويت قد تكون متقاربة.
إذا تم السماح بتأجيل إلغاء تفويض استخدام القوة العسكرية حتى انعقاد الكونغرس المقبل، وأصبح مجلس الشيوخ تحت سيطرة الجمهوريين مرة أخرى، فهناك إشارات واضحة بأن ميتش ماكونيل لن يقوم بطرح الإلغاء للتصويت.
إن حقيقة أن تفويضي استخدام القوة العسكرية لعامي 2001 و 2002 قد تم تصميمها وتحريفهما لتبرير العمل العسكري في العديد من البلدان ضد أعداء لم تكن موجودة حتى عندما تمت كتابة ذلكما التفويضان، تُظهر سبب الحاجة إلى إلغاء هذه التفويضات وعدم استبدالها.
كان الاحتفاظ بهذه التفويضات في السجلات مثل ترك العديد من البنادق المحشوة ملقاة في غرفة لرؤساء سعداء بالضغط على الزناد. لا يذكر تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2002 أي شيء يتجاوز العمل العسكري ضد الحكومة العراقية القديمة، لكن هذا لم يمنع كلًا من الإدارات الديمقراطية والجمهورية منذ جورج دبليو بوش من محاولة استخدامه لتبرير جميع أنواع الإجراءات التي لا علاقة لها بـالذريعة الأصلية لحرب العراق.
استشهدت إدارة أوباما بتفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2002 كسلطة ثانوية للحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) واستخدمته إدارة ترامب بشكل سخيف للدفاع عن اغتيال قاسم سليماني في بغداد العام الماضي.
في كلتا الحالتين، كانت هذه انتهاكات فاضحة للتفويض. ومع ذلك، فإن حقيقة استمرار وجود تفويض استخدام القوة العسكرية أعطى أوباما وترامب الفرصة لاستخدام العمل العسكري غير المصرح به على أنه أمر شرعي.
في الوضع الصحيح، يعد تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2002 رسالة ميتة، وانتهت الحرب التي سمح ذلك التفويض بها منذ ما يقرب من عقد من الزمان. ولكن لن تكون هناك مقاومة كبيرة لإلغائه إذا لم يكن الاحتفاظ به كغطاء لحرب مفتوحة في الشرق الأوسط أمرًا ذا قيمة بالنسبة للعديد من الصقور في الكونغرس.
فكما ذكر تيس بريدجمان وريان جودمان، فإن الكونغرس لديه بالفعل كل المعلومات التي يحتاجها لاتخاذ القرار بشأن الإلغاء، وكل هذا مذكور في القرار نفسه.
*سمح ]التفويض[ باستخدام القوة للحماية من التهديد الذي يشكله "العراق"—وهو كيان محدد مسمى، دولة العراق ذات السيادة. عنوان القرار المشترك هو "التفويض باستخدام القوة العسكرية ضد العراق، قرار عام 2002" (التشديد مضاف). عند وضع هذا الأمر في السياق الصحيح، يعتبر هذا تفويضًا لاستخدام القوة ضد دولة معينة محددة على أنها العدو المحدد الذي أصبح الآن بعد ما يقرب من عقدين من الزمان شريكًا أمنيًا للولايات المتحدة. لقد تغيرت الحقائق على الأرض بشكل هائل، ويجب اعتبار تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2002 رسالة ميتة. يجب ألا يحتاج أعضاء مجلس الشيوخ إلى أي معلومات إضافية من السلطة التنفيذية ليكونوا على دراية بهذه الحقائق الواضحة للغاية.
سيؤدي إلغاء تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2002 إلى إنهاء فصل قاتم في تاريخ السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ولكن هناك الكثير مما يتعين القيام به قبل إنهاء حروب أمريكا المفتوحة التي بدأت في عام 2001.
إذا كان تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2002 رسالة ميتة، فإن تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2001 لا يزال يمثل مشكلة مستمرة.
طالما تختار إدارة تلو الأخرى تمديد القرار الأصلي إلى ما هو أبعد من محتواه لتطبيقه على كل ما هو مفترض بأنه "قوة مرتبطة" بتنظيم القاعدة في جميع أنحاء العالم، فمن المتصور أن الولايات المتحدة ستظل منخرطة في أعمال عدائية في عدة بلدان لعقود من الزمن، لمهمات تعتبر رسميًا جزء من نفس "الحرب على الإرهاب" التي بدأت مع غزو أفغانستان.
إن التخلص من تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2002 هو خطوة أولى صغيرة، لكن الإصلاح الحقيقي لن يبدأ حقًا حتى يتحلى الكونغرس بالشجاعة لاستعادة الشيك على بياض الذي منحه للرئيس قبل 20 عامًا.
إنّ إعادة تأكيد سلطة الكونغرس على صلاحيات الحرب أمر مهم، لكن يتعين على الكونغرس أيضًا تفكيك الادعاءات غير العادية التي قدمتها السلطة التنفيذية فيما يتعلق بسلطة الرئيس في استخدام القوة دون موافقة الكونغرس.
ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر الذي يواجه الإصلاحيين يكمن في تغيير أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة لتكون أقل توسعية وتدخلًا، بحيث لا يكون هناك طلب للحصول على تراخيص رئاسية للقتل في المستقبل.
لقد حان الوقت، أخيرًا، للتخلي عن الشكل العسكري لمكافحة الإرهاب الذي حدد السياسات الأمريكية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وفي أجزاء كبيرة من آسيا وإفريقيا على مدى عقدين من الزمن—وبالتالي التخلي عن الغرور الإمبراطوري الذي يقول أن الولايات المتحدة لديها الحق والالتزام بالعمل كشُرطي دولي في النزاعات حول العالم باستخدام القوة متى ما رأى قادتها أن ذلك مناسبًا.
ستكون هذه عملية أطول بكثير من إلغاء قرارات الحرب القديمة، لكن هذا ما يجب أن يحدث لمنع المزيد من الحروب اللانهائية.