إميلي ميليكين هي نائبة الرئيس والمحللة الرئيسية في (Askari Associates)، وهي شركة استشارية في مجال الدفاع والاستخبارات تركز على منطقة الشرق الأوسط.
English
عندما انتهت الهدنة في اليمن في 2 أكتوبر/تشرين الأول، تبادل الطرفان الرئيسيان في هذه الحرب—الحكومة المعترف بها دوليًا ومقرها عدن وتدعمها المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، والمتمردون الحوثيون المدعومون من إيران والذين يسيطرون على العاصمة صنعاء—اللوم على انتهاء الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة دون تجديدها. دخلت الهدنة حيز تنفيذ في البداية في أبريل/نيسان ومُددت مرتين، في يونيو/حزيران وأغسطس/آب. قال الحوثيون أن الهدنة وصلت إلى "طريق مسدود"، ودعوا إلى الرفع الكامل للحصار الذي تقوده السعودية على الحديدة، الميناء الرئيسي لليمن، وإعادة فتح مطار صنعاء الدولي بالكامل، والذي شهد بموجب الهدنة فتح لعدد محدود من الرحلات التجارية من وإلى العاصمة لأول مرة منذ ست سنوات. رفضت الحكومة اليمنية وداعموها الإقليميون والدوليون هذه المطالب ووصفوها بأنها "متطرفة ومستحيلة"، على حد تعبير المبعوث الأمريكي الخاص لليمن تيم ليندركينغ.
لحسن الحظ، تواصل الأطراف المتحاربة في الغالب الالتزام بشروط الهدنة في الوقت الحالي، على الرغم من انهيارها، وما زالت تسمح باستمرار الوساطة تحت رعاية الأمم المتحدة. لكن انتهاء الهدنة يضع اليمن في حالة جديدة من التوجس. وعلى الرغم من عدم اندلاع حرب شاملة مرة أخرى، إلا أن هناك مخاوف جدية من احتمال حدوثها في أي وقت. وشكّل هجوم الحوثيين الأخير بطائرة بدون طيار في 21 أكتوبر/تشرين الأول على محطة الضباء النفطية في جنوب اليمن، بمحافظة حضرموت، أول تصعيد خطير منذ انهيار الهدنة، مما زاد من تلك المخاوف.
خلال الأشهر الستة التي كانت فيها الهدنة سارية، كان هناك تقدم إنساني طال انتظاره في اليمن. فقد انخفض عدد الضحايا المدنيين بشكل كبير، واستفاد ملايين اليمنيين من زيادة الإغاثة، ودخلت المنظمات الإنسانية البلاد بسهولة أكبر، وتمكنت الرحلات الجوية المقيدة سابقًا التي تقل المحتاجين إلى رعاية طبية عاجلة في الخارج من دخول ومغادرة البلاد.
قالت فينا علي خان، محللة في الشؤون اليمنية في مجموعة الأزمات الدولية: "إنّ الوقف المؤقت للأعمال العدائية في اليمن، وهو الأطول منذ بداية الحرب، قد أتاح للمدنيين اليمنيين متنفسًا هم في أمس الحاجة إليه بعد ثماني سنوات من الحرب" وأضافت: "كانت الهدنة بالتأكيد خطوة إيجابية نحو مفاوضات سياسية أوسع، والوضع الحالي مقلق لأنه يمكن أن يعود بسهولة إلى الحرب مثلما يمكن أن يؤدي إلى استمرار الهدنة".
على الرغم من أعمال الإغاثة الإنسانية التي تمت خلال الفترة الماضية، إلا أن الوضع في اليمن في ظل الهدنة ظل متوترًا وصعبًا، حيث اتهم الحوثيون والتحالف الذي تقوده السعودية بعضهم البعض بانتهاك الهدنة. رفض الحوثيون رفع حصارهم الطويل على تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن، ما جعل من المخاطرة مغادرة المدنيين المنطقة والحصول على الرعاية الطبية والمساعدات.
كما كان التحالف الذي تقوده السعودية بطيئًا في السماح لعدد كامل ومتفق عليه من سفن الوقود بدخول الحديدة المحاصرة والرحلات المدنية من مطار صنعاء. أدى الوضع في تعز المحاصرة على وجه الخصوص، وعدم إحراز تقدم في القضايا الخلافية الأخرى—مثل إدارة مداخيل البلاد ورواتب الموظفين العموميين، الذين لم يتقاض آلاف منهم رواتبهم منذ سنوات—إلى انتهاء الهدنة في نهاية المطاف. في الوقت نفسه، ظلت بعض الأسئلة الأساسية حول حرب اليمن، مثل أهداف الحوثيين النهائية، مفتوحة على مصراعيها.
تطالب الأمم المتحدة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى في المجتمع الدولي حاليًا بتمديد الهدنة. ومع ذلك، فإن القيام بذلك يتطلب إقناع أصحاب المصلحة الأقوياء في اليمن، وخاصة الحوثيين، بأنهم يمكن أن يستفيدوا من تمديد الهدنة—وهو تحدٍ، على أقل تقدير. يرى الحوثيون أن الوضع الراهن مواتٍ لهم. انتزع المتمردون المدعومون من إيران فوائد كبيرة أثناء الهدنة، من خلال الهدوء الذي سمح لهم بالاستعداد لاستئناف القتال وتحصين مواقعهم على جبهات مختلفة. يشعر الحوثيون الآن أنهم استعادوا ما يكفي من القوة بحيث يمكنهم الاستفادة من انتهاء الهدنة أكثر من تمديدها.
قال توماس جونو، الأستاذ المشارك في كلية الدراسات العليا للشؤون العامة والدولية بجامعة أوتاوا وزميل غير مقيم في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية: "يدرك الحوثيون بحق أن لهم اليد العليا في الحرب". وأضاف: "من وجهة نظرهم، من المنطقي بالتالي السعي لمواصلة الحرب وتأجيل المفاوضات الجادة، لأنهم يعتقدون أن التوصل إلى تسوية في وقت لاحق ستوفر لهم ظروفًا أفضل من اليوم".
وذكرت إليزابيث كيندال، الخبيرة في شؤون اليمن في كلية جيرتون بجامعة كامبريدج، مثل هذا الرأي، حيث قالت: "يبدو أن الحوثيين يشعرون بأن موقفهم قد تعزز خلال الأشهر الستة الماضية منذ تنفيذ الهدنة لأول مرة. فقد قدم التحالف الذي تقوده السعودية تنازلات كبيرة، مثل وقف الضربات الجوية وفتح مطار صنعاء لبعض الرحلات التجارية والاعتراف بجوازات السفر الصادرة عن الحوثيين والسماح بوصول المزيد من سفن الوقود".
وبينما أوقف الحوثيون ضرباتهم بطائرات بدون طيار في السعودية، لم يقدموا أهم تنازل خلال فترة الهدنة التي استمرت ستة أشهر: تخفيف حصار تعز—إحدى النقاط الرئيسية في اتفاق الهدنة—. وقد أظهر ذلك ضعف النفوذ الدولي على الحوثيين.
وأضافت إليزابيث كيندال "استفاد الحوثيون من الهدنة بينما قدموا القليل من التنازلات. والأهم من ذلك أنهم رفضوا مقترحات متتالية من الأمم المتحدة لفتح طرق لتعز المحاصرة. كان تصاعد مطالب الحوثيين في الفترة التي سبقت الموعد النهائي لتجديد الهدنة غير واقعي في غياب عملية سلام منظمة. بدا الأمر وكأنه محاولة متعمدة من قبل الحوثيين لإعادة تصعيد الصراع".
إضافة إلى قوة الحوثيين على الأرض، تعاني الحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة من انقساماتها الداخلية التي تقوض قدرتها على محاربة خصمها الرئيسي في حرب اليمن متعددة الجوانب. كانت الاشتباكات في جنوب اليمن بين مختلف القوات المناهضة للحوثيين خلال فترة الهدنة مجرد مثال واحد على هذه الانقسامات. قال جونو: "لا تزال الحكومة منقسمة للغاية. فطالما أن هذا هو الحال، فإن الحوثيين سيحافظون على الأفضلية".
تصاعدت التوترات الجديدة بين الولايات المتحدة والسعودية، الداعم الرئيسي للحكومة اليمنية في عدن، بشكل كبير هذا الشهر، مع تداعيات لتلك التوترات على اليمن. بعد ثلاثة أيام من انتهاء الهدنة، أعلنت منظمة أوبك بلس قرارها بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا، ما أثار رد فعل عنيف كبير في واشنطن من قبل إدارة بايدن والديمقراطيين في الكونغرس، عشية الانتخابات النصفية. الخلاف العلني بين واشنطن والرياض يمكن أن يزيد ثقة الحوثيين.
قالت إليزابيث كيندال: "إعلان خفض إنتاج النفط من قبل منظمة أوبك بلس يصب في مصلحة الحوثيين في اليمن. فهو يزيد من والشك والعداء بين أوساط المشرعين الأمريكيين تجاه السعودية. قد يعرّض ذلك مبيعات الأسلحة الأمريكية والدعم العسكري لحملة التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن للخطر. كما أنه يجعل من غير المرجح أن تعيد الولايات المتحدة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، وهو أمر كانت السعودية والإمارات تضغط من أجل حدوثه".
في غضون ذلك، أثّر الغزو الروسي لأوكرانيا على اليمن بشدة—من خلال قطع الإمدادات الغذائية الشحيحة أصلًا مثل القمح، حيث اعتمد اليمن على أوكرانيا للحصول على 40 في المئة من حبوبه. أصبحت واردات الحبوب والأغذية من البلدان الأخرى أكثر تكلفة، إلى جانب أسعار الوقود. كل ذلك يلقي بثقله على المدنيين اليمنيين الذين ما زالوا يعانون من الجوع وسوء التغذية وآثار الحرب الأخرى. قالت الأمم المتحدة الشهر الماضي إنها حصلت على ملياري دولار فقط من حوالي 4.3 مليار دولار تحتاجها لتقديم مساعدات إنسانية منقذة للحياة لحوالي 18 مليون يمني.
لتجنب كارثة إنسانية أسوأ، يجب على وكالات الأمم المتحدة والمانحين في الدول الغربية العمل على إيجاد حلول للقضايا السياسية المعلقة في اليمن على أمل ضمان سلام دائم، وليس مجرد توقف آخر في القتال. قالت شيرين الطرابلسي مكارثي، مديرة المركز الوطني للأبحاث الاجتماعية في المملكة المتحدة، وهو برنامج عالمي للسياسات الاجتماعية أن: "تمديد الهدنة دون ضمان وجود خارطة طريق واضحة لإنهاء النزاع هو مجرد حل مؤقت للأزمة اليمنية. اليمنيون يريدون ويحتاجون سلامًا مستدامًا ليتمكنوا من قيادة مستقبلهم".
لكن هذا سيتطلب تقييم لمتغيرات الشؤون الدولية، لا سيما فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا وتفاقم انعدام الأمن الغذائي في إفريقيا والشرق الأوسط، منذ بداية الهدنة في أوائل أبريل/نيسان.
وأضافت شيرين الطرابلسي: "من خلال الحرب في أوكرانيا وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، ازداد الضغط على اقتصاد اليمن المدمر أصلًا. كما تضاءل دعم المانحين بشكل كبير ومثير للقلق. يجب أن يكون للمجتمع الدولي نظرة أفضل في كيفية ترابط جميع تحديات اليمن—السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية—وكيف تغيرت".