عبد العزيز الكيلاني
Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin-top:0in; mso-para-margin-right:0in; mso-para-margin-bottom:8.0pt; mso-para-margin-left:0in; line-height:107%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri",sans-serif; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} عبد العزيز الكيلاني. كاتب وباحث عربي-بريطاني
Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin-top:0in; mso-para-margin-right:0in; mso-para-margin-bottom:8.0pt; mso-para-margin-left:0in; line-height:107%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri",sans-serif; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} أطلقت المملكة العربية السعودية، منذ أكثر من خمس سنوات، تدخلا عسكريًا في اليمن. شكلت هذه الحملة تحولًا ملحوظا في سياسة الرياض الخارجية التي ظلت ملتزمة بعدم التدخل على مدى عقود. لقد بررت المملكة العربية السعودية هذا التغيير على أنه "دفاع عن الحكومة الشرعية" لعبد ربه منصور هادي ضد حركة أنصار الله المعروفة أكثر باسم الحوثيين، والذين كانوا يقاتلون تمردًا ضد حكومة هادي منصور. وبالرغم من إعلان الرياض في البداية أن عمليتها ستكون "محدودة في طبيعتها"، فإن هذه الحرب طال أمدها واستمرت لمدة 66 شهرًا مع عدم وجود حل عسكري أو سياسي في الأفق.
إن تدخُل المملكة العربية السعودية يًذَّكرنا بالتورط العسكري لمصر في اليمن في الستينيات، عندما دعمت الجمهوريين بعد ثورة الضباط الأحرار اليمنيين ضد محمد البدر، إمام المملكة المتوكلية اليمنية. لقد أدت ثورتهم الناجحة إلى تأسيس الجمهورية العربية اليمنية في 26 سبتمبر/ أيلول 1962 وشكلت بداية حرب أهلية استمرت ثماني سنوات. ففي الفترة ما بين عامي 1962 و1967، نشرت مصر عشرات الآلاف من القوات لدعم الجمهوريين ضد الملكيين المدعومين من السعودية، حيث أخبر الرئيس المصري جمال عبد الناصر أحد المؤرخين ذات مرة: "لقد أرسلتُ سرية إلى اليمن وانتهى بي الأمر بتعزيزها بـ 70 ألف جندي".
خلال تلك الفترة، خاضت المملكة العربية السعودية حربًا بالوكالة من خلال توفير الدعم المالي والسياسي للملكيين اليمنيين، بدلاً من الانخراط في عمليات عسكرية مباشرة. لكن الأمر ليس كذلك في الصراع الدائر في اليمن. فبدلاً من ذلك، يبدو أن الرياض قد قامت بتكرار الحسابات الخاطئة لعبد الناصر، ويبدو أنها الآن تبحث عن وسيلة للخروج من الحرب تحفظ بها ماء وجهها.
في شهر مارس/ آذار، قام السعوديون بتوجيه الدعوة للحوثيين لإجراء محادثات مباشرة، لكن المبادرة قوبلت بالرفض. غير أنه، وفي شهر يونيو/ حزيران، قام الحوثيون بعكس المسار وأعلنوا استعدادهم للاجتماع في الرياض للتفاوض على إنهاء الحرب. وقال محمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، لبي بي سي: "ليست لدينا أي قيود؛ ليست لدينا أية أجندة نخشى أن يتم كشف أمرها. نحن مستعدون لحوار علني مع الدول المعتدية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، ورفع الحصار الذي فرضه هذا التحالف على اليمن برًا وبحرًا وجوًا منذ خمس سنوات".
حتى الآن، لم يتم إحراز سوى تقدم ضئيل للغاية نحو إنهاء الصراع. فمن جهة أولى، وعلى الرغم من استعداد الرياض الواضح لإنهاء الحرب، إلا أن التحالف الذي تقوده السعودية يواصل شن عشرات الضربات الجوية المدمرة. فقد أخبرني الكاتب والباحث السياسي اليمني أحمد المؤيد أن: "السعودية ليست جادة بخصوص عملية السلام ولا في إعادة ما يسمى بالشرعية. إن للتحالف السعودي أجندة أخرى مرتبطة بإسرائيل وهي القضاء على أي حزب أو حركة ترفض الهيمنة الأمريكية-الإسرائيلية على المنطقة. ولطالما لم يتحقق هذا الهدف، فسوف تستمر السعودية في عدوانها على اليمن."
من جهة أخرى، واصل الحوثيون إطلاق الصواريخ الباليستية على الأراضي السعودية في الأشهر الأخيرة. والأهم من ذلك، أنهم كثفوا العمليات العسكرية وحققوا تقدمًا ملحوظًا على الأرض هذا العام، مما قد يشير إلى أن مسار الحرب بصدد التحول.
يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أن عملية السلام في اليمن كانت ولا تزال جهدًا ضائعًا، حيث يبدو أن كل طرف ملتزم بحل عسكري لتحقيق أهداف سياسية. إلا أنه يلقي باللوم الأساسي على الحوثيين، مؤكدًا أن "الخطر الأكبر الذي يكتنف هذه العملية ربما يكون هو وضع الأطراف المتحاربة على قدم المساواة".
فيما يتعلق بالتسبب في هذه الحرب، والواقع أن تحالف الحوثي-صالح يتحمل نصيباً أكبر من المسؤولية عن بدء هذه الحرب واستمرارها. إنه من المؤسف أن المجتمع الدولي يعترف بالتفويض الدستوري والسلطة الشرعية برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي ومع ذلك يواصل دفع عملية السلام على أساس الحقائق العسكرية على الأرض والتي تحابي الحوثيين المدعومين من إيران والإمارات. وأضاف أن الوضع في اليمن قد تأثر بشكل غير ملائم من قبل القوى الدولية المعنية – من خلال وضع خطوط حمراء أمام تقدم الحكومة نحو صنعاء مثلا.
إن استمرار جميع الأطراف المتحاربة في الاشتباكات العسكرية بلا هوادة يشير إلى أن عملية السلام، وبكل بساطة، لا تشكل أولوية، على الأقل في الوقت الحالي. فالقضايا السياسية الكبرى مثل – من يتولى السلطة، وكيفية تقاسم السلطة، وكيفية حكم دولة موحدة – لا تزال دون حل ونادرًا ما تتم مناقشتها.
أخبرني إبراهيم جلال، الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط والذي تتركز أبحاثه على الصراع اليمني، أن: "لا أحد، باستثناء الأدوات العسكرية، يركز على الجزء الأكبر: أي عمليات السلام الشاملة لجميع أرجاء البلاد، فعملية السلام معطلة على جميع المستويات."
لقد دأبت الأمم المتحدة على الدفع في اتجاه التوصل إلى حل سياسي. فكما ذكرت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو: "في اليمن، نحن نناقش بشكل فعال مع الأطراف مشروع إعلان مشترك يتضمن أحكامًا بشأن وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، والتدابير الاقتصادية والإنسانية، واستئناف العملية السياسية." بيد أن إبراهيم جلال يرى أن الجهود الحالية "للضغط من أجل إعلان مشترك -يجمد- نزاعًا شبه مجمّد، هي جهود تكتيكية وهي بالأحرى تتعارض مع بيان مبعوث مجلس الأمن الدولي في يناير/ كانون الثاني 2020 والذي ألمح إلى استئناف غير متوقع للمشاورات السياسية".
لكي تتمكن الأطراف المتحاربة من الجلوس حول الطاولة والتفاوض، يجب عليها أولاً فك الارتباط عسكريًا. هذا الامر لا يحدث اليوم. من أجل كسر هذا الجمود، يجب على الحكومات الغربية، وخاصة الإدارة الأمريكية، أن توقف على الفور مبيعاتها من الأسلحة إلى الرياض. وإلى أن يتم إحراز تقدم نحو السلام، فإن هذه الأسلحة ستطيل أمد الصراع وتفاقمه.
وفي الوقت نفسه، لا يزال المدنيون اليمنيون – وخاصة الفئات الأكثر ضعفاً مثل الأطفال والفقراء – الضحايا الرئيسيون لهذا الصراع المستمر منذ ست سنوات. وبحسب التقرير الثالث لفريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين بشأن اليمن (9 سبتمبر/ أيلول 2020)، تواصل جميع الأطراف إظهار استخفافها بالقانون الدولي وبكرامة وحقوق الشعب اليمني. وما لم تعد الأطراف المتحاربة إلى عملية السلام وتعمل بجدية على إنهاء هذه الحرب، فإن المعاناة في اليمن ستستمر من سيئ إلى أسوأ.