فريدريك ديكناتل المحرر التنفيذي لمجلة الديمقراطية في المنفى الخاصة بمنظمة (DAWN)
English
حذّر مبعوث إدارة بايدن إلى إيران روب مالي من "أزمة متصاعدة" إذا فشلت المحادثات في فيينا في إنقاذ الاتفاقية الدولية المبرمة في عام 2015 التي تحدّ من برنامج إيران النووي، والتي انسحبت منها إدارة ترامب بشكل أحادي وحاولت نسفها بعقوبات شديدة على إيران. في الأسبوع الماضي، فشلت الجولة السابعة من المحادثات النووية بين إيران والأطراف المتبقية في الاتفاق، المعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، في إحراز تقدم كبير، على الرغم من أن المحادثات قد تُستأنف مرة أخرى قبل نهاية العام. يقال إن هناك اتفاقًا مبدئيًا على مسودة النص بناءً على ما وصلت إليه الأمور في المفاوضات في يونيو/حزيران، قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية. موقف إدارة بايدن، الذي كرره مالي هذا الأسبوع، هو أنها ستدخل الصفقة مرة أخرى "كما تم التفاوض عليها في عامي 2015 و 2016 لا أكثر ولا أقل".
لكن المفاوضين الإيرانيين اتخذوا موقفًا أكثر تشددًا في عهد الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، حيث قاموا بتوسيع برنامج إيران النووي وقدرته على التخصيب، على الأرجح لكي يكسبوا نفوذًا أكبر في المحادثات، من وجهة النظر الإيرانية. المطلب الرئيسي للمفاوضين الإيرانيين هو رفع جميع العقوبات، بما في ذلك تلك التي فرضها ترامب كجزء من سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران. قال كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري كاني للصحفيين في فيينا قبل انتهاء المحادثات الأسبوع الماضي: "إذا قَبِل الطرف الآخر وجهات النظر المنطقية لإيران، فإن الجولة التالية من المحادثات يمكن أن تكون الجولة الأخيرة".
ولكن الوقت يمر. حذّر مالي من برنامج إيران النووي قائلًا: "إذا استمروا في وتيرتهم الحالية، يتبقى لدينا بضعة أسابيع ولكن ليس أكثر من ذلك، وعندها، على ما أعتقد، ستكون النتيجة أنه لا توجد صفقة يمكن إنقاذها".
في محاولة لفهم كيف تسير الأمور في المفاوضات وما الذي سيعنيه إحياء الاتفاق النووي—أو انهياره النهائي—بالنسبة لإيران ولمنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، تواصلت مجلة "الديمقراطية في المنفى" مع مجموعة متنوعة من الخبراء والمحللين والمراقبين، بما في ذلك الزملاء غير المقيمين في منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN). طرحنا سؤال حول إذا كانوا يتفقون مع النهج الحالي لجميع الأطراف في المحادثات لإنقاذ الصفقة، وما هو التأثير الأكبر على المنطقة إذا تمت استعادة الاتفاق.
*
لسوء الحظ، ينتهي عام 2021 دون اتفاق حول كيفية إحياء الاتفاق النووي الإيراني. استنفد الفريق التفاوض الإيراني الجديد وقتًا ثمينًا في الأسابيع الماضية، فقط للعودة إلى جدول الأعمال الذي قبلته جميع الأطراف عندما توقفت المحادثات في يونيو/حزيران الماضي لإجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية. ومع ذلك، ليس هناك أفضل من الوقت الحالي للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، والتي من شأنها أن تجعل إيران تتراجع عن التقدم النووي العدواني مقابل تخفيف كبير في العقوبات الأمريكية. لا يمكن لأي غارات جوية أو هجمات إلكترونية أن تدمر الخبرة النووية الإيرانية، كما أن التهديدات من قبل المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين—وبعض المسؤولين الأمريكيين—تقلل فقط من فرص تحقيق نتيجة ناجحة. يجب على إدارة بايدن أيضًا التفكير في فرصة العام الجديد التي تسمح للدول الأجنبية بإلغاء تجميد جزء من عائدات النفط الإيراني، حتى تتمكن طهران من شراء اللقاحات والأدوية الحيوية الأخرى. يجب على الولايات المتحدة، بصفتها أول من ينتهك خطة العمل الشاملة المشتركة، أن تأخذ الخطوة الاستباقية لاستعادة الاتفاق التاريخي.
—باربرا سلافين هي مديرة مبادرة مستقبل إيران وزميلة رفيعة غير مقيمة في المجلس الأطلسي.
*
يّذكرنا الوضع الحالي للتوترات بين الولايات المتحدة وإيران بما حذّر منه الكثيرون منا سابقاً: أن خروج دونالد ترامب أحادي الجانب من الاتفاق النووي وسياسة "الضغط الأقصى" على إيران سينتج عنهما فشلًا تامًا ولن يحققا أي أهداف سياسية. نشهد حاليًا قيام إيران بتخفيض التزامها بخطة العمل الشاملة المشتركة وتوسيع نطاق برنامجها النووي تدريجيًا. نسمع تهديدات متزايدة بشن هجمات عسكرية من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران. وشهدنا ضغوطًا اقتصادية هائلة على الشعب الإيراني نتيجة استمرار العقوبات الأمريكية خلال الجائحة المميتة.
قبل فوزه بالرئاسة الأمريكية، حذّر جو بايدن ترامب من الخروج من الاتفاق النووي وانتقده لفرضه عقوبات شديدة على إيران خلال فترة الجائحة. يتولى الرئيس بايدن منصبه منذ عام تقريبًا، لكن سياسة "الضغط الأقصى" لا تزال مستمرة. يحتاج الشعب الإيراني إلى تخفيف العقوبات والازدهار الاقتصادي. والشعب الأمريكي بحاجة إلى الدبلوماسية للحفاظ على السلام وتجنب حرب أخرى مكلفة في الشرق الأوسط. تريد كل من إيران والولايات المتحدة أن تنجح الدبلوماسية، لكنهما تتوقعان من الآخر تقديم تنازلات. كلاهما بحاجة إلى تقديم المزيد من التنازلات للوصول إلى نقطة في الوسط لإبرام اتفاق، لأن فشل الدبلوماسية سيؤدي إلى مزيد من التصعيد وصراع عسكري محتمل. ستكون البدائل مكلفة وكارثية لكل من الإيرانيين والأمريكيين، فضلًا عن غيرهم ممن يعيشون في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
—نيجار مرتضوي صحفية إيرانية أمريكية ومحللة سياسية تعيش في العاصمة الأمريكية واشنطن وهي مقدمة ومحررة إيران بودكاست.
«يعرف شعوب المنطقة بالفعل أنه لا يمكنهم الاعتماد على حكوماتهم لحماية حقوقهم، وأن الحكومات الأخرى لن "تنقذهم" ما لم يكن الثمن مناسبًا. لم تقدم المفاوضات النووية أي تغيير في تلك التوقعات. بدلًا من ذلك، فهي تؤكد فقط أن الشعب الإيراني، بمساعدة التضامن العالمي، سيكون نصير نفسه.»
جيسو نيا
*
لم تكن إدارة بايدن جادة في التفاوض مع إيران لإحياء الاتفاق النووي. أتيحت لبايدن فرصة للتصرف بشكل حاسم وببساطة إعلان عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق في يناير/كانون الثاني 2021، ورفع الحظر المالي والتجاري المفروض من جانب إدارة ترامب على إيران منذ عام 2018، بشرط عودة إيران على الفور لالتزاماتها في الاتفاق. قال الرئيس الإيراني آنذاك حسن روحاني علانية أنه سوف يذهب إلى مثل هذه الصفقة. لكن بدلًا من ذلك، وصل الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي إلى السلطة في انتخابات يونيو/حزيران الإيرانية. عندما استؤنفت المفاوضات أخيرًا، كان بايدن لا يزال يرفض رفع الحصار. أصبحت نخبة الأمن القومي في واشنطن تؤمن بفكرة غير واقعية وهي استخدام عقوبات "الضغط الأقصى" لإخراج إيران من سوريا والعراق واليمن وإيقاف برنامج الصواريخ الباليستية الخاص بها. كان الاتفاق ناجحًا لأن الولايات المتحدة في ذلك الوقت تخلّت عن جميع الأهداف، باستثناء تمديد فترة الأسلحة النووية الإيرانية إلى عام على الأقل، وانضمت إلى تعهد الأمم المتحدة برفع جميع العقوبات. لا يمكن لبايدن أن ينجح إلا بنفس الطريقة.
—خوان كول هو أستاذ التاريخ في كلية ريتشارد بي ميتشل في جامعة ميتشغان، وزميل في منظمة (DAWN)
*
عندما توصلت إيران والقوى العالمية إلى اتفاق في عام 2015 للحد من القدرات النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية، كان فريق التفاوض الإيراني، بقيادة وزير الخارجية آنذاك جواد ظريف، منسجمًا مع القيادة الإيرانية، بما في ذلك المرشد الأعلى علي خامنئي والمجلس الأعلى للأمن القومي. على الرغم من كل الخلافات بين المتشددين، تمكنت طهران من إجراء مفاوضات صعبة وبناءة.
بعد انتخاب إبراهيم رئيسي رئيسًا جديدًا لإيران والتغيير في الإدارات في طهران الصيف الماضي، اختار رئيسي المفاوضين الذين انتقدوا اتفاق 2015 لأكثر من خمس سنوات. إنهم يقولون أنه إذا ما تمكنوا من عقد صفقة، فستكون لدى إيران صفقة أفضل بكثير. لهذا السبب، عندما بدأ كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري كاني الجولة السابعة من المحادثات في نوفمبر/تشرين الثاني بعد تأخير دام خمسة أشهر، توصل إلى اقتراحين يتجاهلان إنجازات الجولات الست من المناقشات السابقة، وأتى بقائمة من المطالب التي وجدتها حتى الصين وروسيا غير واقعية وغير مقبولة.
الآن، فريق التفاوض الإيراني بين المطرقة والسندان. إذا عادوا إلى حيث انتهى الفريق السابق في يونيو/حزيران وتراجعوا عن الجولة الأولى من المحادثات، فإنهم سيواجهون تكلفة ضخمة لسمعتهم وصورتهم، حيث لن يُنظر إليهم على أنهم دبلوماسيون أكفاء. وسيتعين عليهم أيضًا أن يبرروا للإيرانيين تكلفة الإبقاء التعسفي على العقوبات القاسية لأكثر من خمسة أشهر. وإذا كانوا سيبدؤون من حيث توقفت الاتفاقات السابقة، سيتساءل الإيرانيون عن سبب عدم بدء المحادثات على الفور.
هذا الخطأ في قراءة الشؤون الدولية هو أحد نقاط التركيز الرئيسية بين العديد من الإيرانيين الذين يعانون من التأثير اليومي للعقوبات المستمرة، حيث يزداد الناس فقرًا ويعاني اقتصاد البلاد بشكل كبير. المفاوضون المتشددون يتطلعون إلى حفظ ماء الوجه وتجنب الإحراج الفادح مع الاحتفاظ ببعض المساحة للعودة إلى المحادثات الأصلية.
ما قد يبقي إيران على المسار الصحيح للتوصل إلى اتفاق، على الرغم من مقترحاتها الأولية التي رفضتها الولايات المتحدة وقوى أخرى، هو السياسات والحقائق الداخلية لإيران: الاقتصاد الإيراني ينهار، ويفقد الناس الأمل في أن الجمهورية الإسلامية قادرة على حل القضايا الكبرى والمعلقة، وهناك احتجاجات وإضرابات ظهرت في جميع أنحاء البلاد، ويمكن أن تتوسع قضايا المياه في محافظتي أصفهان وخوزستان إلى محافظات أخرى، واستمرار الفساد الاقتصادي على نطاق واسع، والأهم من ذلك، أن هجرة العقول الإيرانية من الأطباء والمهندسين وخبراء التكنولوجيا وغيرهم آخذة في الازدياد.
وضعت هذه القضايا ضغطًا هائلًا على إدارة رئيسي لإجراء تغيير كبير في سنته الأولى في منصب الرئاسة. هذا هو الأمل الوحيد لتوقيع أي اتفاق. من المستحيل تخيل سيناريو يعود فيه المفاوضون إلى طهران دون أي اتفاق، مع ذهاب الملف النووي الإيراني عندها إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة واستمرار العقوبات الشديدة. هذا من شأنه أن يؤدي إلى اضطرابات كبيرة واحتجاجات عامة. إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، يمكن أن يصبح رئيسي أول رئيس لإيران لفترة واحدة، بالنظر إلى أنه قد لا ينجو حتى من رد الفعل العنيف في الأشهر القليلة المقبلة. على الرغم من أن الصفقة لن تحل جميع مشاكل إيران الاقتصادية، إلا أنه بدون الصفقة ستعاني الجمهورية الإسلامية بشكل كبير على العديد من الجبهات المختلفة.
—أميد معماريان، صحفي ومحلل وحاصل على جائزة المدافع عن حقوق الإنسان من منظمة هيومن رايتس ووتش، وهو مدير التواصل في منظمة (DAWN)
«إنّ من الشروط الضرورية لإحياء حركة إيرانية مؤيدة للديمقراطية بشكل مستدام هو الحل السلمي لمواجهة إيران النووية مع الغرب. يعتبر المجتمع المدني الإيراني أحد أكبر المستفيدين من هذه النتيجة. ستُضعف هذه النتيجة المتشددين الإيرانيين والحرس الثوري الإسلامي.
»
نادر هاشمي
*
بدأ هذا الجمود مع انسحاب الولايات المتحدة، تحت قيادة دونالد ترامب، بشكل خاطئ في مايو/أيار 2018 من اتفاق نووي متعدد الأطراف مع نظام تفتيش يعتبر الأكثر صرامة في العالم—على الرغم من عدم انتهاك إيران للاتفاق. بدأت إيران، عندما أصبحت غير قادرة على الحصول على العقوبات المخففة بعد إعادة فرض العقوبات الأمريكية والحظر النفطي، في الانسحاب من جوانب من الاتفاق النووي في مايو/حزيران 2019، وعززت برنامجها النووي بعد أن أقر البرلمان قانونًا بهذا الشأن في ديسمبر/كانون الأول 2020 ردًا على اغتيال كبير علمائها النوويين من قبل إسرائيل. وفي حين اعتُبرت هذه الإجراءات إشكالية من قبل الموقعين الباقين في الاتفاق، بدا أن هناك إجماعًا على أن إدارة ترامب كانت مخطئة.
مع رحيل ترامب، أظهرت إدارة الرئيس جو بايدن حسن النية—وإن كان ذلك متأخرًا—من خلال العودة بشكل غير مباشر إلى المحادثات النووية والموافقة على اتفاق "الامتثال مقابل الامتثال" الذي ورد أنه تم التوصل إليه قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو/حزيران. الآن، صبر الموقعين الباقين ينفد حيث عاد فريق التفاوض النووي الجديد بقيادة الرئيس إبراهيم رئيسي، ومن المفارقات بطريقة شبيهة لما قام به ترامب، إلى الاتفاق المبدئي الذي توصل إليه الفريق المفاوض السابق، وتذكر التقارير أن الفريق دعا إلى رفع جميع العقوبات المفروضة.
من غير الواضح إلى أين ستؤول إليه الأمور. ومع ذلك، فإن الدبلوماسية هي السبيل الوحيد للمضي قدمًا، لأن فكرة الخطة ب من شأنها أن تؤدي إلى نتيجة كارثية قد تضر بالمنطقة بأكملها.
—هولي داجريس زميلة رفيعة غير مقيمة في المجلس الأطلسي ورئيسة تحرير مدونة إيران سورس.
*
في حال إحياء الاتفاق النووي، سيظهر التأثير الإقليمي الأكبر داخل إيران، وتحديدًا بين أوساط الحركة المؤيدة للديمقراطية في إيران. هذا البعد لم يتم إدراكه إلى حد كبير. سيطرت المخاوف الأمنية الأوروبية الأمريكية المتعلقة بإسرائيل، والانتشار النووي، والعوامل التي تؤثر على الحلفاء العرب الموالين للغرب، وسياسات إيران الإقليمية المزعزعة للاستقرار على النقاش الأمريكي حول البرنامج النووي الإيراني. تم تجاهل الكيفية التي يمكن أن تستفيد بها الحركة الإصلاحية والمؤيدة للديمقراطية، التي كانت ذات يوم هائلة في إيران، من حل الأزمة النووية.
عندما تم الإعلان عن خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2015، احتفلت حركة حقوق الإنسان والديمقراطية برمتها في إيران. إنّ رفع العقوبات القاسية وإزالة تهديد الحرب كانا يبشران بخلق ظروف اجتماعية داخلية أفضل للنضال الديمقراطي ضد نظام قمعي للغاية ومستبد بشكل متزايد. بعبارة أخرى، لن يؤدي الفقر الجماعي في المجتمع الناجم عن العقوبات إلى التحول الديمقراطي.
كان انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي هدية للمتشددين الإيرانيين. في عهد ترامب، أدت السياسة الجديدة الخاصة بإيران المتمثلة في "العقوبات الصارمة" والآمال في تغيير النظام إلى تعزيز سلطة الموالين لخامنئي، وفي الوقت نفسه إضعاف أيدي الإصلاحيين الإيرانيين. ولعب المحافظون الإيرانيون بسهولة الورقة القومية من خلال التذرع بموضوعات قوية مثل الاستقلال القومي وتقرير المصير ومعارضة التنمر الإمبريالي.
إنّ استعادة الاتفاق النووي يمكن أن تغير المشهد السياسي في إيران باتجاه الديمقراطية. مثل هذا التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها، وليس هناك ضمانات لتحقيقه. ولكن من المهم الإشارة إلى أنه مثل حال الأنظمة الاستبدادية الأخرى في الشرق الأوسط، تعيش جمهورية إيران الإسلامية في الوقت الضائع. إنها تعاني من أزمة شرعية عميقة ومتوسعة. السخط المجتمعي عميق، والفساد واسع النطاق والرغبة في التغيير السياسي بطريقة غير عنيفة واسعة الانتشار. هزّت احتجاجات الشوارع الضخمة الجمهورية الإسلامية في الأعوام 2009 و 2017 و 2019. ومؤخرًا، في صيف وخريف عام 2021، اندلعت احتجاجات بسبب نقص المياه في خوزستان، بينما انتفض المزارعون في أصفهان.
إنّ من الشروط الضرورية لإحياء حركة إيرانية مؤيدة للديمقراطية بشكل مستدام هو الحل السلمي لمواجهة إيران النووية مع الغرب. يعتبر المجتمع المدني الإيراني أحد أكبر المستفيدين من هذه النتيجة. ستُضعف هذه النتيجة المتشددين الإيرانيين والحرس الثوري الإسلامي. هذا هو السبب الأساسي وراء تباطؤ هذه الأطراف في مفاوضات فيينا. إنّ التسوية التفاوضية مع الولايات المتحدة تقوّض وجهة نظرهم الأيديولوجية، في حين أن عدم حل هذا الصراع واستمراره يعزز الركائز الاستبدادية للجمهورية الإسلامية. من أجل كل هذه الأسباب، نأمل أن تنتصر الدبلوماسية في فيينا.
—نادر هاشمي هو مدير مركز دراسات الشرق الأوسط وأستاذ مشارك لسياسة الشرق الأوسط والسياسة الإسلامية في كلية جوزيف كوربل للدراسات الدولية بجامعة دنفر. وهو أيضًا زميل في منظمة (DAWN).
*
منذ أن بدأت الجولة السابعة التي تمت مؤخرًا من المحادثات في فيينا لإحياء الاتفاق النووي، حدث ما يلي في إيران: قمع عنيف من قبل الدولة للاحتجاجات الشعبية التي قام بها المزارعون في أصفهان بسبب نقص المياه، ما أدى إلى إصابات بالعمى وإصابات أخرى، وإعدام حيدر قرباني، وهو سجين سياسي كردي، رغم احتجاجات خبراء الأمم المتحدة على تلك الخطوة، واعتداء جسدي من قبل مهاجمين مجهولين على جوهر إشغي، التي كانت في طريقها إلى قبر ابنها المدون الذي توفي تحت التعذيب أثناء الاحتجاز، والذكرى السنوية الأولى لإعدام الصحفي المعارض روح الله زام، الذي اختُطف وأُعدم بما يخالف التزامات إيران القانونية الدولية، والذكرى السنوية الثانية لاحتجاجات "أبان" في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، حيث تم خلالها سجن وقتل آلاف المتظاهرين على أيدي قوات أمن الدولة الإيرانية ولم يتم محاسبتها على ذلك. وهذه ليست قائمة شاملة بانتهاكات الحقوق التي ارتكبتها الدولة الإيرانية في هذه الفترة الزمنية القصيرة.
وزن هذه القائمة وما ينقصها يعكسان قضية أكبر لم يتم تناولها في الاتفاق النووي لعام 2015 ولن يتم تناولها الآن، وهي أن مساحة الحريات المدنية والسياسية في إيران مستمرة في التقلص، وليس هناك تفاوض يحوم في الأفق بين القوى العالمية لمعالجة هذا الأمر.
ومع ذلك، فإن شبح الخيارات العسكرية في حالة فشل المفاوضات لا يقدم إلا خيارًا أكثر إخافة. إنّ شرعية التناسب والضرورة التي تنص عليهما قوانين الحرب لن تمنعان الموت الحتمي والمعاناة للمدنيين نتيجة أي ضربة عسكرية لإيران. كما أن إطار القانون الدولي الإنساني يعني أن الحق في الحياة معلق في نواحٍ عديدة، أثناء النزاع، وهي حقيقة يبدو أن المراقبين يتجاهلونها والذين يعتبرون الحرب "أداة" قابلة للتطبيق في السياسة الخارجية.
في حين أن الحل غير الدبلوماسي هو الخيار الأسوأ، فإن التطبيع الذي ستجلبه أي صفقة يحمل عبئًا خاصًا به. ففي الوقت الذي تسعى فيه القوى الإقليمية إلى تحسين علاقاتها مع إيران في واقع ما بعد ترامب، سيكون الحكام المستبدون في الجوار سعداء برمي مخاوف حقوق الإنسان جانبًا. والجدير بالذكر أن الإمارات العربية المتحدة تحولت من التصويت بـ "نعم" إلى "امتناع" عن التصويت على قرار للأمم المتحدة مؤخرًا بشأن حقوق الإنسان في إيران—على الأرجح نتيجة زيارة قام بها مستشار الأمن القومي الإماراتي إلى طهران في وقت سابق من هذا الشهر. وبينما يشير المراقبون إلى إيجابيات في توصل القوى الإقليمية إلى حلول دبلوماسية، إلا أن الوجه الآخر للصفقة هو أن زيادة التقارب يؤدي أيضًا إلى زيادة مشاركة الطرق الاستبدادية حول كيفية قمع المواطنين بشكل أفضل.
يعرف شعوب المنطقة بالفعل أنه لا يمكنهم الاعتماد على حكوماتهم لحماية حقوقهم، وأن الحكومات الأخرى لن "تنقذهم" ما لم يكن الثمن مناسبًا. لم تقدم المفاوضات النووية أي تغيير في تلك التوقعات. بدلًا من ذلك، فهي تؤكد فقط أن الشعب الإيراني، بمساعدة التضامن العالمي، سيكون نصير نفسه.
—جيسو نيا هي محامية في مجال حقوق الإنسان وترأس برنامج التقاضي الاستراتيجي في المجلس الأطلسي. تشغل منصب رئيسة مجلس إدارة المركز الإيراني لتوثيق حقوق الإنسان.
*
التحليل الناشئ لمحادثات الاتفاق النووي هو أن الولايات المتحدة أخّرت المشاركة الجادة عندما كان الإصلاحي حسن روحاني لا يزال رئيسًا، مع العلم أن رئيسًا محافظًا سيخلفه. الآن نحن ندفع الثمن المتوقع. إنّ كون الولايات المتحدة تُحمِّل المحادثات بقضايا هامشية خاصة بالأمن الإقليمي—والتي نادرًا ما تتم في جميع مفاوضات الأسلحة الناجحة مع الاتحاد السوفيتي—هي استراتيجية خاطئة أيضًا.
يعتبر هذا جزئيًا صدام ثقافات سياسية، ومع ذلك، ليس مجرد أخطاء غير مقصودة. الأمريكيون، الذين تربّوا على أسطورة التوسع اللامحدود في براري العالم، ينظرون إلى الإيرانيين على أنهم متوحشون يجب ترويضهم. الإيرانيون، الذين كانوا تحت هيمنة غرباء لقرون عديدة، يقاومون المتنمرين الأجانب. كان الإنجاز الفريد لروحاني في عام 2015 هو ترويج الاتفاق النووي للقائد الأعلى المتشدد علي خامنئي.
إن انعدام الثقة بين البلدين، الذي غذّته عقود من الحدة، متجذر في هذا التصادم الثقافي. من غير المرجح أن يتم حل انعدام الثقة عبر المحادثات النووية، على الرغم من أن إيران قد تتغلب على الشكوك الراسخة في تخيلات الولايات المتحدة في تغيير النظام من أجل تخفيف العقوبات. هذه هي النظرة المتفائلة. ما عدا ذلك، فإن صراع الثقافات سيقضي على ضحية أخرى.
—جون تيرمان هو المدير التنفيذي لمركز الدراسات الدولية التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وهو مؤلف مشارك لكتاب جمهوريات الأسطورة: الروايات الوطنية والصراع بين الولايات المتحدة وإيران، المقرر نشره في أبريل/نيسان. كما أنه زميل في منظمة (DAWN).
*
لقد شابت جهود إدارة بايدن لإنقاذ الاتفاق النووي منذ البداية عدم الاستعداد لتحمل المخاطر السياسية الضرورية في الداخل والإحجام عن القيام بأدنى قدر من حسن النية المطلوبة لإعادة بناء الثقة مع الحكومة الإيرانية. كانت الجهود الأمريكية حتى الآن بطيئة للغاية وغير مرنة، ولم تعرض على إيران أي حوافز لاستئناف امتثالها السابق للاتفاق النووي. الآن، تشير الإدارة إلى احتمال "الخيارات الأخرى" التي قد تسعى إليها إذا فشلت الدبلوماسية، لكنها فشلت حتى الآن في إعطاء الدبلوماسية فرصة جدية. تحتاج الولايات المتحدة إلى تخفيف العقوبات مقدمًا إذا كانت ستحقق أي نجاح.
إذا تم إحياء الاتفاق النووي، فسيوفر ذلك طمأنة حقيقية بأن برنامج إيران النووي سلمي. سيؤدي ذلك أيضًا إلى تقليل التوترات الإقليمية، وتقليل احتمالية الحرب مع إيران وإثبات أن الولايات المتحدة قادرة على تصحيح أخطائها. قد تخلق هذه النتيجة ظروفًا لتحسين العلاقات بين إيران وخصومها الإقليميين، ويمكن أن تؤدي إلى قدر أكبر من الاستقرار في العلاقات الأمريكية الإيرانية.
—دانيال لاريسون محرر مساهم في Antiwar.com ومحرر أول سابق في مجلة The American Conservative.
*
لا تزال العديد من الخلافات الرئيسية قائمة بين إيران والموقعين على الاتفاق النووي لعام 2015، لكن كلا الجانبين يتعرضان لضغوط للتوصل إلى اتفاق. الطرفان الرئيسيان في هذه المفاوضات، إيران والولايات المتحدة، يتفاوضان بشكل غير مباشر. تسببت العقوبات الأمريكية الأحادية التي بدأها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في عام 2017 في أضرار جسيمة للاقتصاد الإيراني وأدت إلى زيادة الاحتجاجات السياسية ضد الحكومة. من ناحية أخرى، ردًا على هذه العقوبات، سارعت إيران بتخصيب اليورانيوم، الأمر الذي أثار قلق الموقعين على الاتفاق النووي بشأن نية إيران تطوير أسلحة نووية. إنهم قلقون من أن إيران تطيل المفاوضات لكسب الوقت للتخصيب. يعتبر الافتقار إلى الثقة من كلا الجانبين قضية رئيسية.
أتوقع أنه في نهاية المطاف، ربما بعد جولتين أخريين من المفاوضات، سيتم التوصل إلى اتفاق ضعيف يرفع بعض العقوبات مقابل التراجع الجزئي عن برنامج إيران النووي. يخضع هذا التوقع لعدة مخاطر، حيث تضغط إسرائيل والمملكة العربية السعودية على إدارة بايدن لاتخاذ موقف أكثر تشددًا. كما أن هناك مخاطرة في أن تؤدي ضربة إسرائيلية لمنشآت نووية إيرانية إلى عرقلة المفاوضات، حيث حذرت إسرائيل مراراً وتكراراً من تقدم البرنامج النووي الإيراني.
سيكون للاتفاق النووي عواقب إيجابية على الشرق الأوسط، حيث سيقلل من العديد من المخاطر الجيوسياسية. أولًا، من خلال إيقاف برنامج التخصيب النووي الإيراني، ستقل مخاوف السعودية وتركيا بشأن إيران نووية—وهو قلق من شأنه أن يدفع كلا البلدين نحو السعي للحصول على أسلحة نووية خاصة بهما. ثانيًا، سيقلل الاتفاق من مخاطر توجيه ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة. إنّ أي ضربة عسكرية إسرائيلية أو أمريكية كبيرة تنطوي على خطر إثارة رد انتقامي من قبل إيران، والذي قد يتصاعد إلى صراع إقليمي واسع النطاق مع عواقب لا يمكن التنبؤ بها.
في رأيي، إحياء الاتفاق النووي هو أفضل نتيجة محتملة للمفاوضات الحالية للجميع، وخاصة الشعب الإيراني، الذي يعاني من معدلات عالية غير مسبوقة من الفقر والتضخم.
—نادر حبيبي هو أستاذ كرسي هنري لير في اقتصاديات الشرق الأوسط في مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط بجامعة برانديز.
*
يبدو أن إيران تزيد الضغط على الموقعين الآخرين على الاتفاق النووي، وخاصة الولايات المتحدة. تعمل وكالتها الذرية على تسريع تخصيب اليورانيوم. تتحدث الأبواق الإيرانية الرسمية بشدة عن أن الرئيس الإيراني رئيسي هو "العمدة الجديد في المدينة"، الذي "لن تقبل إدارته شروطًا جديدة" للاتفاق النووي وتطالب الولايات المتحدة بـ "ضمان" أنها لن تنسحب من الاتفاق النووي مرة أخرى أبدًا. بل أن إدارة رئيسي اقترحت ميزانية وطنية كاستعداد ظاهري لتشديد العقوبات.
كل هذا خدعة جيوسياسية ودبلوماسية، فهي تهدف إلى تأمين العودة إلى اتفاق نووي. يشير القادة الإيرانيون من خلال التعاون المتجدد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومن خلال مقترحات في محادثات فيينا إلى أنه يمكن التوصل إلى اتفاق. تؤكد وسائل الإعلام الإيرانية كل يوم باللغة الفارسية للجمهور المحلي وباللغة الإنجليزية للجمهور العالمي أن "المفاوضات الجيدة يمكن أن تؤدي إلى صفقة جيدة". لقد أوضحت روسيا، حليف إيران، أن بنود الاتفاق النووي "يمكن تمديدها نظريًا ولكن فقط بالإجماع"، بينما تطالب الصين، داعمة إيران الأخرى، الولايات المتحدة "برفع جميع العقوبات غير القانونية ذات الصلة ضد إيران والأطراف الثالثة".
تدرك الحكومة الإيرانية الآثار السلبية للعقوبات على استقرارها، لذلك، وفقًا لكبير مفاوضيها النوويين، "سيكون التركيز والأولوية الرئيسية لمفاوضات فيينا على رفع العقوبات". حتى التخفيف قصير الأجل و/أو التخفيف الجزئي للعقوبات سيمنح إيران إمكانية الوصول إلى ملايين الدولارات من العملات المجمدة حاليًا في الخارج، وإلى الأسواق الدولية لصادرات النفط والغاز والإلكترونيات، والاستيراد المشروع للتكنولوجيات الحيوية، وهذه كلها تحتاج إليها إيران بشدة.
سيكون التأثير الأكبر لاستعادة الاتفاق النووي—في شكله الحالي أو المعدل—هو تدفق البضائع والأشخاص من وإلى إيران، في الشرق الأوسط وما وراءه. وهذا بدوره سيعزز النمو الداخلي لإيران ونفوذها الإقليمي، وبالتالي يزيد من ترسيخ النظام المتشدد. لذلك، يزداد موقف طهران صلابة مع إصرارها المستمر على استعادة الاتفاق النووي.
—جمشيد تشوكسي هو أستاذ متميز للدراسات الأوراسية المركزية والإيرانية في كلية هاملتون لوغار للدراسات العالمية والدولية بجامعة إنديانا، وكان عضوًا في المجلس القومي الأمريكي للعلوم الإنسانية من 2008 إلى 2019.
—كارول تشوكسي محاضرة رفيعة في الذكاء الاستراتيجي في كلية لودي للمعلوماتية والحوسبة والهندسة في جامعة إنديانا.