الإفراج عن مجموعة صغيرة من السجناء السياسيين يتجاهل الحاجة إلى الإفراج الفوري عن جميع المصريين المحتجزين ظلماً.
(واشنطن العاصمة، 7 يوليو/تموز 2022) – أعلنت الحكومة المصرية اليوم عن الإفراج عن 60 سجيناً سياسياً، بينهم 18 عاملاً وصفوا بأنهم إرهابيون لمطالبتهم بتحسين حقوق العمال، وسجناء سياسيين محتجزين دون محاكمة منذ أكثر من أربع سنوات ونصف. وفي حين أن الأخبار سارة لهؤلاء السجناء وعائلاتهم، فإن الإفراج عن 60 سجيناً سياسياً بينما ما يزال أكثر من 60,000 سجين سياسي في السجن أو الاحتجاز لا يعالج الإنتهاكات الممنهجة التي ارتكبتها حكومة السيسي القمعية، وفقاً لما ذكرته منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN).
وقال محمد كمال، الباحث في الشؤون المصرية في منظمة(DAWN) : "نرحب بالإفراج عن سجناء الرأي ال 60 هؤلاء، ولكننا ندرك أيضاً أن عشرات الآلاف من السجناء السياسيين ما زالوا مسجونين أو محتجزين ظلماً، وكثير منهم لم يحصلوا على محاكمة بعد وما زالوا مسجونين في ظروف مروعة".
احتجز المسؤولون المصريون جميع السجناء ال 60 بموجب قواعد الحبس الاحتياطي المسيئة التي تسمح للسلطات باستخدام التهم المعاد تدويرها لسجن المحتجزين لسنوات دون تلقي محاكمة.
وواجه 18 معتقلاً الملاحقة الجماعية في القضية رقم 855 لسنة 2020. هذه هي نفس القضية التي استخدمتها نيابة أمن الدولة العليا لتوجيه اتهامات ضد سلافة مجدي، الصحفية البارزة والمدافعة عن حقوق الإنسان، وسجناء الرأي الآخرين، واكتفت بإعادة تدوير نفس التهم التي لا أساس لها من الصحة من القضايا السابقة في هذه القضية "الجديدة".
وكان 12 آخرون من أصل 60 محتجزاً يعملون في الشركة المصرية للتأمين، ويواجهون الاعتقال لأكثر من عام ونصف العام بتهم غير مثبتة بالانضمام إلى منظمة إرهابية ونشر أخبار كاذبة عن الدولة. ووصف طارق العوضي، عضو لجنة العفو الرئاسي التي أعيد تفعيلها مؤخراً، قائمة المحتجزين ال 60 الذين تمت الموافقة على الإفراج عنهم بأنها أكبر عدد من المعتقلين المفرج عنهم في مجالات محددة، مثل حقوق العمال، في إشارة واضحة إلى 18 معتقلاً في القضية رقم 855 و 12 معتقلاً كانوا يعملون لدى الشركة المصرية للتأمين.
ويأتي الإعلان عن الإفراج عن هؤلاء السجناء السياسيين بعد يومين من بدء الحكومة المصرية حوارها الوطني، وهو سلسلة من المشاورات المنظمة بين الحكومة والمعارضة السياسية المختارة بهدف معلن هو مواجهة التحديات التي تواجهها مصر. ويشكك العديد من السياسيين المعارضين في هذه العملية السياسية، حيث يصفها البعض بأنها "حيلة دعائية". وقالت مصادر في (DAWN)إن الحكومة حددت السجناء السياسيين الذين سيتم الإفراج عنهم قبل بدء الحوار الوطني، وأطلقت سراحهم في محاولة لتهدئة مخاوف الأفراد الذين يفكرون في المشاركة في الحوار الوطني.
قال كمال: "إلى أن تجري الحكومة إصلاحات هيكلية حقيقية، سيرى المصريون هذه الإفراجات على أنها خطوات غير كافية بشكل صارخ وتهدف إلى استرضاء المنتقدين، وغير كافية إطلاقًأ لإنهاء أسوأ نواحي دولة السيسي القمعية". وأضاف: "وإلى أن يتمكن المصريون من التحدث بحرية عن أهم القضايا في البلاد، بما في ذلك السجناء السياسيون وخطة لإطلاق سراحهم، سيظل الحوار الوطني نقاشاً واهياً وغير مجدٍ في أحسن الأحوال وإلهاءً ضاراً في أسوأ الأحوال".
ومن بين السجناء السياسيين ال 60 الذين سيتم الإفراج عنهم، هناك 23 سجينا محتجزاً في سجن طرة، و26 في سجن أبو زعبل، وثمانية في سجن القناطر، وواحد في سجن المنيا، واثنين في السجن المركزي. واجه جميع المحتجزين تقريباً تهماً تتعلق بقوانين الأمن القومي الغامضة، التي تستخدمها الحكومة المصرية بشكل روتيني لاستهداف الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وقادة المجتمع المدني والسياسيين وغيرهم.
ومن بين المعتقلين الذين سيتم الإفراج عنهم أيضاً بعض من "قضايا الاتحاد المصري لكرة القدم"، بمن فيهم مصطفى جمال كامل. احتجز المسؤولون المصريون كامل، الذي انضم إلى جمعية مشجعي الزمالك، لمدة أربع سنوات ونصف السنة واتهموه بالانضمام إلى منظمة إرهابية.
منذ وصوله إلى السلطة في انقلاب عسكري عام 2013، أشرف الرئيس السيسي على تدابير شاملة ومنهجية لقمع الحرية في جميع أنحاء البلاد. ويتكدس السجناء السياسيون في السجون المصرية، ويبلغ عددهم 60,000 سجين على الأقل. كما أن ظروف السجن وحشية، حيث أن التعذيب والمعاملة اللاإنسانية وحجب الرعاية الطبية المتعمد أمر شائع.
في يناير/كانون الثاني الماضي، ألغت إدارة بايدن 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر، لكنها سمحت لما تبقى من 1.3 مليار دولار بالمضي قدماً على الرغم من سجل البلاد السيئ في مجال حقوق الإنسان ومخاوف الكونغرس بشأن كيفية استخدام حكومة السيسي لهذه المساعدات. وجاء قرار إلغاء 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية بعد أيام فقط من موافقة الحكومة الأمريكية على بيع أسلحة إضافية للبلاد بقيمة 2.5 مليار دولار.
وقال كمال: "بينما يعمل المشرعون الأمريكيون على تحديد ميزانيات التمويل الأجنبي والمبيعات العسكرية الأجنبية لعام 2022، من الضروري أن تتوقف الحكومة الأمريكية عن تمويل جيش السيسي طالما كثرت انتهاكات حقوق الإنسان واستمرت أزمة السجناء السياسيين".