كايا جينك روائي وكاتب مقالات من اسطنبول، ظهرت كتاباته في صحيفة نيويورك تايمز ومجلة باريس ريفيو ومجلة نيويورك ريفيو أوف بوكس وصحيفة الغارديان وصحيفة ذا فاينانشيال تايمز ومجلة لندن ريفيو أوف بوكس، ومنصات نشر أخرى. وهو مؤلف لأربعة كتب: "الأسد والعندليب" و "تحت الظل" و "مختارات من إسطنبول" و "ما جرى".
"سوف يرحلون".
عندما جاءت أحزاب المعارضة التركية بهذا الشعار، الذي يستهدف اللاجئين في البلاد، قبل أيام فقط من الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي انعقدت في مايو/أيار، لم يكن ذلك مفاجئًا. فقد ظهرت لوحات إعلانية تحمل شعارًا قوميًا آخر لإثارة الحماسة المعادية للاجئين—"الحدود هي الشرف"—فوق المدن التركية على مدار السنوات الثلاث الماضية بعد أن قرر كمال كيليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري أن مثل هذا الخطاب سيؤدي إلى فوزه في الانتخابات. لكن لم يكن كذلك، فالناس لم يصوتوا لصالح شعار "سوف يرحلون".
وبدلًا من تسليط الضوء على هجوم الرئيس رجب طيب أردوغان الاستبدادي على حقوق مجتمع الميم أو احتضانه مؤخرًا لمجموعة من الديكتاتوريين، من فلاديمير بوتين في روسيا وبشار الأسد في سوريا إلى عبد الفتاح السيسي في مصر، لماذا لعبت المعارضة التركية بورقة اللاجئين؟ تساءل كيليجدار أوغلو في مقطع فيديو دعائي لحملته التي تم تصويرها في مكتبه في مقر حزب الشعب الجمهوري في أنقرة: "ألا يكفي وجود عشرة ملايين لاجئ في تركيا؟ هل تريدون أن يأتي 10 أو 20 مليون شخص آخرين؟" من الصعب معرفة من أين جاء برقم 10 ملايين الذي ذكره. فوفقًا لإحصاءات الحكومة التركية الرسمية، يقيم ما يقرب من 3.4 مليون لاجئ سوري في تركيا، إلى جانب 320,000 لاجئ إضافي من دول أخرى، ولا سيما أفغانستان.
ومن أجل ترسيخ أجندته المعادية للاجئين، تحالف كيليجدار أوغلو مع أوميت أوزداغ، وهو زعيم يميني متطرف يتبنى أقسى خطاب ضد اللاجئين بين السياسيين الأتراك—ففي مارس حذر من دخول "الإرهابيين المحتملين وتجار المخدرات والمغتصبين" إلى تركيا كلاجئين وخلق الظروف لنشوب "حرب أهلية". ابتسم كيليجدار أوغلو وأوزداغ للكاميرات بعد التوقيع على تعهد بإعادة "جميع اللاجئين خلال عام واحد" قبل فترة وجيزة من الجولة الثانية من الانتخابات. تبنى كيليجدار أوغلو أيضًا لغة الجسد المعادية للأجانب كشخصية دهماوية طموحة: ضربَ على صدره بقبضته وضرب على الطاولة، وحاول أن يتحول إلى نسخة تركية من مارين لوبان—مدافع عن الجمهورية ومحارب للإسلاميين المتطرفين. كيليجدار، الذي تم تشبيهه بشكل سخيف بغاندي أو أوباما في بعض وسائل الإعلام الغربية، كان يعتقد أنه من أجل إسقاط مستبد، كان عليه أن يكسب القوميين المتطرفين واليمين المتطرف. لكن خطابه فشل في تحقيق ذلك.
إذا كنت تعيش في اسطنبول، فلا يمكنك تجاهل كيف سيطر رد الفعل المعادي للعرب على الحياة اليومية.
- كايا جينك
ماذا عن أردوغان، الرجل القوي الذي سيحكم تركيا الآن لنصف عقد آخر؟ كان راعيًا لهؤلاء الملايين من السوريين وغيرهم ممن يفرون من الديكتاتورية والحرب، ولا يزال يجعل اللاجئين هدفًا لنشاطه الانتخابي، ولكن بطريقة أكثر براعة. فبعد أن انتقل السباق الرئاسي لجولة الإعادة في مايو/أيار، فاز أردوغان بدعم سنان أوغان، القومي التركي المتشدد الذي جاء في المركز الثالث في الجولة الأولى وكان يُنظر إليه على أنه مالك قرار الرئاسة في الانتخابات. تعهد أوغان في حملته الخاصة بـ "إعادة 13 مليون لاجئ خلال عام واحد" ووصف اللاجئين السوريين في تركيا بأنهم "تهديد للأمن القومي". استخدم أردوغان لغة أكثر غموضًا بشأن اللاجئين، حيث تحدث عن "عودة آمنة وطوعية" لمليون سوري، حتى في الوقت الذي يتحرك فيه لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد. من المهم ذكره انه لم يوقع على أي وثيقة ملزمة أو يعلن عن تغييرات كبيرة في السياسة بشأن استضافة اللاجئين. ومع ذلك، في ليلة إعادة انتخابه، احتضن أردوغان أوغان، الذي وقف وراءه على بعد متر واحد خلال خطاب انتصاره. كان مشهدًا مزعجًا.
ولكن كجزء من رؤية أردوغان النيوليبرالية، من المرجح أن تستمر تركيا في استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين، حيث يلعب مجتمع اللاجئين دوره كمزود ممتن للعمالة الرخيصة. وفي الوقت الذي يتجه فيه الاقتصاد التركي إلى الانهيار، مع انخفاض سعر العملة وارتفاع التضخم بشكل كبير، أصبحت العمالة الرخيصة أكثر أهمية من أي وقت مضى للنموذج الاقتصادي الذي صممه أردوغان وحزبه العدالة والتنمية والذي يعتمد اعتمادًا كبيرًا على التصنيع والصادرات. ليست هناك حاجة أو رغبة في طرد المحرك الاقتصادي للعمالة الرخيصة الآن. فطالما يمكن توظيف جيش متزايد من العمال ذوي الأجور المنخفضة في القوى العاملة، يمكن لعمالقة الصناعة في عهد أردوغان بيع منتجاتهم بأسعار تنافسية في الخارج، ويمكن لعجلات الاقتصاد التركي أن تستمر في الدوران.
ومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف مشروعة بين المنفيين السياسيين من العالم العربي، الذين تمكنوا من إعادة توطين أنفسهم في تركيا خلال العقد الماضي، والذين يخشون من احتمالية طردهم الآن بعد أن انتشر السرطان المناهض للاجئين على جانبي الانقسام السياسي التركي. إذا كنت تعيش في اسطنبول، فلا يمكنك تجاهل كيف سيطر رد الفعل المعادي للعرب على الحياة اليومية، بما في ذلك التفاعلات الصغيرة في مترو الأنفاق أو في السوبر ماركت أو في المستشفى. شاهدتُ مقطع فيديو لأصحاب متاجر أتراك يضربون شابًا عربيًا متهمًا بتصوير فتاة تركية في مركز تجاري. لقد شاهدتُ صدمة الصحفيين البريطانيين عندما أجروا مقابلات مع التقدميين الأتراك الشباب الذين انتقلوا بسلاسة من توبيخ حكم أردوغان إلى الحديث عن موضوع "العرب يغزون شوارعنا" في لقاءات حية مباشرة. واستمعتُ إلى حديث أحد الأصدقاء وهو مراسل هولندي انفصل عن صديقته التركية بعد أن ضاق صدره بسبب حديث والدها العنصري عن "العرب" بعد العشاء.
وقال لي عامل توصيل سوري خارج مطعم في اسطنبول: "لقد عشتُ في تركيا منذ أن كنت في التاسعة من عمري. أنا أوصل الطعام وأتبع النظام. لقد نشأت في تركيا، وأنا سعيد هنا يا أخي". الشاب السوري، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، اختار هذا البلد وبنى حياته وذكرياته فيه—لا ينبغي لأحد أن يطرده لتحقيق مكاسب سياسية.
كان بإمكان المعارضة التركية التعامل مع المجتمع السوري كمصدر لدعم محتمل لقضيتها السياسية، لكنها بدلًا من ذلك حولتهم إلى مصدر للخوف وخسرت الانتخابات.
-كايا جينك
ومع ذلك، أصبح اللاجئون هدفًا مناسبًا لبلد يمر بحالة من الانهيار المالي. شرح بعض مؤيدي المعارضة هزيمة كيليجدار أوغلو من خلال المطالبة بالسماح لمليوني سوري بالتصويت. (في الواقع، كان عدد المواطنين الأتراك الذين وُلدوا في بلد أجنبي وسُمح لهم بالتصويت في الانتخابات 240,000 شخص). كم من السياسيين المعارضين استمعوا برحمة لظروف العمل والمعيشة الخاصة بالسوريين، بدلًا من بث نظريات المؤامرة حول عمليات تجنيسهم المفترضة؟ كم عدد الذين زاروا مراكزهم المجتمعية وعالجوا ذعرهم من ترحيلهم إلى ديكتاتورية الأسد؟ كان بإمكان المعارضة التركية التعامل مع المجتمع السوري كمصدر لدعم محتمل لقضيتها السياسية، لكنها بدلًا من ذلك حولتهم إلى مصدر للخوف وخسرت الانتخابات.
وفعلت المعارضة ذلك كله بينما كان السوريون أنفسهم يرفعون أصواتهم بشكل متزايد في تركيا. ففي يناير/كانون الثاني، أضرب عمال المصانع السوريون في مدينة غازي عنتاب الحدودية، مطالبين برفع أجورهم الشهرية البالغة 8,000 ليرة تركية (حوالي 444 دولارًا في ذلك الوقت، مع انهيار العملة التركية) حتى يتمكنوا من تحمل تكاليف المواد الغذائية الأساسية اليومية من الفاكهة والحليب واللحم. ومنذ يونيو/حزيران، كان الحد الأدنى للأجور الذي يحق للأجانب العاملين في تركيا الحصول عليه هو 11,402 ليرة، أو بالكاد 440 دولارًا، مع انخفاض قياسي لليرة مقابل الدولار الأمريكي. ومع ذلك، باستثناء المطاعم ومواقع البناء ومصانع النسيج، فإنه ليس للسوريين وجود يُذكر في قطاعات أخرى من الاقتصاد التركي. في عوالم النشر والفنون النابضة بالحياة في البلاد، على سبيل المثال، حيث يمكن للمعارض والمتاحف ودور النشر التعاون بسهولة مع اللاجئين لإنتاج أعمال فنية وكتب ومنتجات ثقافية أخرى، لا يوجد أي نشاط تقريبًا يتعلق بالسوريين.
بالنسبة لمؤسسة الدولة في تركيا، سواء في برجوازية إسطنبول أو الرأسماليين في حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، يُنظر إلى السوريين بشكل متزايد على أنهم طبقة دنيا، وككبش فداء مناسب للأزمة الاقتصادية في البلاد، حتى عندما يتم استغلالهم كعمالة رخيصة. من خلال عدم احتضان المعارضة التركية لهذا الجزء الضخم الآخر من المجتمع التركي، بل بدلًا من ذلك، الانقلاب على السوريين وغيرهم من المنفيين العرب الذين يتشاركون في أعباء النظام الاستبدادي في تركيا بقدر ما يفعله المعارضون الأتراك، إن لم يكن أكثر منهم، فإن معارضة تركيا لم تخسر فقط أمام أردوغان وحلفائه من اليمين المتطرف. لقد أثبتوا أنهم لا يستحقون حكم هذا البلد حتى يُظهروا تضامنهم مع اللاجئين.