داريو صباغي صحفي مستقل ظهرت مقالاته في "الإندبندنت" و "ميدل إيست آي" و "دويتشه فيله" ومنصات أخرى.
هناك ردود أفعال متزايدة تجاه اللاجئين السوريين في لبنان، تغذيها المفاهيم الخاطئة المنتشرة التي تكشف عن مدى تأجيج المشاعر المعادية للاجئين ليس فقط هناك، ولكن في بلدان أخرى في المنطقة استضافت ملايين اللاجئين السوريين. اللاجئون الذين تعرضوا بالفعل للتمييز اليومي يواجهون الآن خطر الاعتقال والترحيل إلى سوريا ضد إرادتهم. فاقمت الأزمة الاقتصادية في لبنان مشاعر الاستياء من وجودهم وسرّعت من خطط الحكومة لإعادة اللاجئين، بعد إعلانها العام الماضي إعادة حوالي 15,000 لاجئ إلى سوريا شهريًا.
يستضيف لبنان أكبر عدد من اللاجئين لكل فرد في العالم، مع ما يقرب من 1.5 مليون لاجئ سوري من بين 6 ملايين نسمة. لكن حوالي 805,000 فقط من هؤلاء اللاجئين مسجلين رسميًا لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بعد أن علقت المنظمة تسجيل اللاجئين في عام 2015 بناءً على طلب من الحكومة اللبنانية. لم تنسق الحكومة خططها للترحيل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، التي قالت إنها "لا تسهل أو تشجع العودة الطوعية على نطاق واسع للاجئين إلى سوريا". وادّعى رئيس الأمن العام في لبنان، وهو الجهاز الذي يدير حدود البلاد، أن عمليات العودة هذه ستكون طوعية—"للاجئين السوريين الذين يرغبون في العودة".
ومع ذلك، هناك احتمال ضئيل أو معدوم لعودة آمنة إلى سوريا بالنسبة لمعظم اللاجئين، حيث وثقت منظمات حقوق الإنسان انتهاكات واسعة النطاق ارتكبتها القوات العسكرية والأمنية السورية ضد العائدين السوريين، بما في ذلك الاحتجاز غير القانوني أو التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة والاغتصاب والعنف الجنسي والإخفاء القسري. ونددت هذه المنظمات بإخفاق لبنان في الامتثال لمبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي، الذي يحظر إعادة اللاجئين أو طالبي اللجوء إلى بلد قد يواجهون فيه التعذيب أو الاضطهاد.
أعادت الحكومات في المنطقة العلاقات الدبلوماسية مع الرئيس السوري بشار الأسد وتقوم بإعادة تأهيل نظامه، وأوضحت أنها تريد عودة اللاجئين إلى سوريا، واستخدمت لغة "العودة الآمنة والطوعية". لكن اللاجئين السوريين، بمن فيهم أولئك الموجودون في لبنان، يخشون ما يعنيه ذلك حقًا. فقد قالت دارين خليفة، الخبيرة في الشؤون السورية في مجموعة الأزمات الدولية، لصحيفة نيويورك تايمز مؤخرًا: "هذا بالتأكيد لا يعني العودة الطوعية والآمنة. كل هذا يعني إعادة الأشخاص بأي شكل من الأشكال أو يجعل من الصعب عليهم البقاء".
في لبنان، تم اعتقال عدد مقلق من اللاجئين السوريين وترحيلهم قسرًا في عدة مداهمات موثقة من قبل الجيش اللبناني وقوات الأمن هذا العام، بما في ذلك اللاجئين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والذين كان من المفترض استبعادهم من خطة العودة "الطوعية". وبحسب رويترز، تم اعتقال أكثر من 2,000 لاجئ سوري وترحيل أكثر من 1,400 إلى سوريا في الأشهر الأخيرة.
إنّ الطبقة السياسية في لبنان، على وجه الخصوص، قد جعلت اللاجئين السوريين كبش فداء في الوقت الذي تسعى فيه إلى إلقاء اللوم في الانهيار الاقتصادي في البلاد على اللاجئين والاستفادة من شكاوي جزء من السكان اللبنانيين الذين يريدون خروج السوريين من البلاد.
- داريو صباغي
بالنسبة لمعظم اللاجئين السوريين، فإن مخاطر الترحيل الجديدة هي عبء جديد على حياتهم غير المستقرة في لبنان، حيث قلصت الحكومة بشدة تصاريح العمل للاجئين السوريين واستبعدتهم فعليًا من نظام التعليم في لبنان. يواجه اللاجئون السوريون تمييزًا متزايدًا من مجتمع يلقي باللوم عليهم بشكل متزايد وغير عادل في مشاكل لبنان الاقتصادية العديدة. إنّ الطبقة السياسية في لبنان، على وجه الخصوص، قد جعلت اللاجئين السوريين كبش فداء في الوقت الذي تسعى فيه إلى إلقاء اللوم في الانهيار الاقتصادي في البلاد على اللاجئين والاستفادة من شكاوي جزء من السكان اللبنانيين الذين يريدون خروج السوريين من البلاد.
يشكّل اللاجئون السوريون ما يصل إلى ربع إجمالي سكان لبنان، الأمر الذي غذّى الخطاب المعادي للاجئين الذي يصوّر وجودهم على أنه تهديد ديموغرافي للبنان، نظرًا للتوازن الطائفي غير المستقر في البلاد. على سبيل المثال، أعلن اتحاد نقابات عمالية مؤخرًا "حملة وطنية لتحرير لبنان من الاحتلال الديموغرافي السوري". ومع ذلك، فإن عدد اللاجئين المسجلين قد انخفض بالفعل بشكل مطرد في السنوات الأخيرة. منذ عام 2016، عاد ما يقرب من 80,000 لاجئ سوري طواعية إلى سوريا، وفي كل عام، يسعى الآلاف إلى إعادة التوطين التي تيسرها الأمم المتحدة في بلدان أخرى.
يدعم الخطاب المناهض للاجئين الأسطورة القائلة بأن اللاجئين السوريين يريدون البقاء في لبنان، حيث يقال أنهم يتمتعون بحياة سهلة—وهو ما يتناقض بوضوح مع الواقع على جبهات متعددة. غالبًا ما يُبلِغ العديد من اللاجئين السوريين الذين يسعون إلى إعادة التوطين في بلدان أخرى عن تعرضهم للتمييز والاستغلال في لبنان. فوفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ارتفعت نسبة عائلات اللاجئين السوريين الذين يعيشون في فقر مدقع بشكل كبير من 55 في المئة في عام 2019 إلى 89 في المئة في عام 2020 بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية المدمرة في لبنان، والتي تفاقمت بسبب وباء جائحة كورونا.
منذ أواخر عام 2019، انهارت العملة اللبنانية، وانخفضت قيمتها بأكثر من 90 في المئة، ما دفع ما يقدر بـ 80 في المئة من السكان اللبنانيين إلى الفقر، وأثار اضطرابات اجتماعية جديدة—والمزيد من الاستياء تجاه اللاجئين. في بعض أنحاء البلاد، يُنظر إلى اللاجئين السوريين على أنهم السبب الجذري للأزمة الاقتصادية، على الرغم من أن الاقتصاد اللبناني، بفساده السيئ السمعة وسوء إدارته، كان يعاني حتى قبل أن تدفع الحرب الأهلية السورية الكثير من الناس إلى مغادرة البلاد.
من خلال استضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين، تلقى لبنان مساعدات دولية كبيرة—أكثر من 9 مليارات دولار منذ عام 2015—تم ضخها في الاقتصاد وربما ساعدت في تأجيل انهياره. إنّ الحرب السورية، وليس تدفق اللاجئين السوريين، هي التي ساهمت في الأزمة الاقتصادية في لبنان. وكما أفاد صندوق النقد الدولي في عام 2016، باستخدام بيانات من البنك الدولي في عام 2013، أدت الحرب الأهلية السورية إلى خفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي للبنان بمتوسط 2.9 في المئة بسبب "تدهور ثقة المستهلك والأعمال، نظرًا للطبيعة المطولة وغير والواضحة للنزاع في سوريا المجاورة، إلى جانب التداعيات الأمنية المحتملة".
وبطبيعة الحال، تسبب اللاجئون السوريون في إجهاد البنية التحتية المُهمَلة والمدمرة في البلاد، لا سيما نظام الكهرباء. فقد أفاد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن الطلب الإضافي على الكهرباء، بناءً على احتياجات 1.5 مليون نازح سوري، يتطلب 486 ميغاواط إضافية من الطاقة. وبحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن "هذا يعادل 5 ساعات من الإمداد بالكهرباء يوميًا"، ما يتسبب في خسائر للحكومة اللبنانية والمواطنين اللبنانيين بنحو 333 مليون دولار سنويًا.
بالنسبة للسوريين في لبنان الذين يمكنهم تجنب الاحتجاز أو الترحيل، لا يزال يتعين عليهم تحمل سياسات الإقصاء المتفاقمة ضد اللاجئين.
- داريو صباغي
وفي حين أن مثل هذه الأعباء تساهم في السرديات الشعبية في لبنان التي تطالب بعودة المزيد من اللاجئين السوريين إلى ديارهم، سواء طوعًا أم لا، إلا أن مزاعم أخرى أكثر تآمرًا أثارت رد الفعل العنيف ضد اللاجئين. أحد الادعاءات الشائعة—والكاذبة—هي أن اللاجئين السوريين يتلقون رواتبهم بالدولار الأمريكي، وهو أمر يدعو للغضب بشكل خاص في بلد تبخرت فيه مدخرات كثير من الناس في أزمة العملة. منذ عام 2021، تلقى حوالي 42 في المئة من العائلات اللاجئة المؤهلة مساعدات نقدية من المفوضية، لا تزيد عن 2.5 مليون ليرة لبنانية (تعادل حاليًا حوالي 25 دولارًا في السوق النقدية الموازية). بالإضافة إلى ذلك، تتلقى عائلات اللاجئين مساعدات غذائية بقيمة 800,000 ليرة لبنانية (حوالي 8.50 دولارات أمريكية) للفرد شهريًا لخمسة أشخاص كحد أقصى من برنامج الغذاء العالمي.
هذه مساعدة مباشرة، بالطبع، وليست مدفوعات للاجئين—لكن هذا الفرق اختفى في النقد اللاذع ضد اللاجئين في لبنان. تقدم بعض المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك اليونيسف، مساعدات بالدولار الأمريكي لدعم الأطفال في جميع أنحاء لبنان، وتقدم مساعداتها ليس فقط للأطفال السوريين ولكن أيضًا إلى اللبنانيين والفلسطينيين. أرجأت الأمم المتحدة في مايو/أيار قرارا بمنح اللاجئين السوريين في لبنان مساعدات نقدية جزئيًا بالدولار الأمريكي بسبب تقلبات البورصة بعد اعتراضات من كبار المسؤولين اللبنانيين على أن المدفوعات قد تؤدي إلى تفاقم التوترات مع اللبنانيين المحليين.
وتتداخل هذه المظالم مع اتهامات لسوريين بسحب الوظائف من العمال اللبنانيين. هذه القضية مثيرة للجدل تمامًا، حيث تشير بعض الدراسات، بما في ذلك دراسة من منظمة العمل الدولية، إلى أن توفر العمالة السورية منخفضة التكلفة قد قلل من فرص العمل للبنانيين، ما أدى إلى انخفاض إجمالي الرواتب. ومع ذلك، تشير دراسات أخرى إلى عكس ذلك، مشيرة إلى أن السوريين يعملون بشكل أساسي فقط في قطاعات محددة تمنحهم فيها الحكومة اللبنانية تصاريح عمل، مثل الزراعة والبناء.
عندما يتقاضى السوريون أجورًا أقل من أجور العمال اللبنانيين، فإن ذلك يساهم في تصور أنهم يأخذون الوظائف من اللبنانيين. لكن هذا يثير سؤالًا مهمًا: تحت أي ثمن؟ غالبًا ما يواجه العمال السوريون الاستغلال وسوء المعاملة في أي وظيفة يمكنهم العثور عليها في لبنان.
بالنسبة للسوريين في لبنان الذين يمكنهم تجنب الاحتجاز أو الترحيل، لا يزال يتعين عليهم تحمل سياسات الإقصاء المتفاقمة ضد اللاجئين. ففي يناير/كانون الثاني، علقت وزارة التربية والتعليم—على الرغم من تلقيها أموالًا من مانحين أجانب لتعليم الطلاب السوريين واللبنانيين—حصص ما بعد الظهر للاجئين السوريين في المدارس العامة بعد أن أوقف المعلمون الحصص الصباحية للطلاب اللبنانيين أثناء إضرابهم للمطالبة بتحسين الأجور نظرًا للانخفاض الحاد في قيمة رواتبهم. في شرحه للقرار، عبّر مسؤول في الوزارة عن الشعور بالاستياء من اللاجئين السوريين الذي يتغلغل في المجتمع اللبناني: "من غير المقبول ألّا يتعلم أطفالنا بينما يتعلم أطفال الآخرين".