أندرو فاراند هو زميل رفيع غير مقيم في برنامج الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي وزميل زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية. عاش في الجزائر من 2013 إلى 2020 وهو مؤلف كتاب "الحلم الجزائري: الشباب والبحث عن الكرامة."
English
احتفلت الجزائر الشهر الماضي بالذكرى الستين لاستقلالها الذي تحقق بشق الأنفس من الحكم الاستعماري الفرنسي، والذي تحقق بعد عقود من المقاومة بلغت ذروتها في حرب التحرير الوحشية التي استمرت سبع سنوات. وعلى النقيض من الشعار الذي أعلنه المسؤولون لهذه لاحتفالات—"تاريخ مجيد وعهد جديد"—فإن القليل من فعاليات الذكرى يوحي ببداية فصل جديد. بدلًا من ذلك، عكس الاحتفال الهيمنة المستمرة للدائرة الصغيرة من النخب العسكرية والسياسية التي حكمت الجزائر منذ عام 1962.
أُقيم عرض عسكري في العاصمة الجزائر احتفالًا بذكرى 5 يوليو/تموز. كان من بين الحضور الرئيس عبد المجيد تبون ورئيس أركان الجيش اللواء سعيد شنقريحة بالإضافة إلى بعض من كبار الشخصيات العربية والأفريقية الذين شاهدوا العرض العسكري من المنصة، حيث كان الجنود يتقدمون في خطوات عسكرية ومن ورائهم سلاح الفرسان والدبابات. طافت البوارج عبر خليج الجزائر، بينما كانت القاذفات والطائرات المقاتلة تحلق في سماء المنطقة.
ومن الواضح أن الجزائريين العاديين غائبون عن هذه الاحتفالات. كان الشعار الرسمي للذكرى عسكري بحت، تهيمن عليه صور العتاد العسكري والجنود. لم يشتمل الموكب نفسه على عروض مدنية للتراث الثقافي الجزائري الغني، ولم يُسمح سوى لعدد قليل من المواطنين بأن يصطفوا حول مسار العرض. بدلًا من ذلك، كان على معظم الجزائريين أن يكتفوا بمشاهدة الاحتفال بعيد استقلالهم على شاشة التلفزيون.
العسكري فوق السياسي
قبل ستين عامًا، احتفل الجزائريون باستقلالهم بأسابيع من الحفلات المبهجة في الشوارع—مع إحياء ذكرى عدد لا يحصى من الشهداء. كان الشعار الشائع في ذلك الوقت يعترف بجميع الجزائريين كمشاركين في الانتصار: "بطل واحد هو الشعب." لكن الأحداث اللاحقة أعادت تشكيل هيكل السلطة في الجزائر ومفاهيم من يجب أن تخدمه.
خلال حرب الاستقلال، التي بدأت عام 1954، وضع الثوار الجزائريون سلسلة من المبادئ التوجيهية لنضالهم، بما في ذلك "أسبقية السياسي على العسكري." قامت مجموعة أساسية من الضباط السياسيين في جبهة التحرير الوطني بتوحيد الجهود العسكرية والدبلوماسية لحركة التحرير، مستخدمة القوة من خلال أدوات غير عنيفة مثل التعبئة الجماهيرية والحملات الصحفية، وكلها منسقة لتقويض الدعم للحكم الفرنسي والفوز باستقلال الجزائر.
وقت بداية انهيار هذا التسلسل الهرمي بالضبط هو موضع نقاش. يقول بعض المؤرخين والمراقبين أن حكام الجزائر العسكريين قاموا بتخريبه خلال حرب التحرير، بينما يشير آخرون إلى أحداث لاحقة، مثل الانقلاب الذي قاده هواري بومدين—وهو قائد سابق قوي في الجناح العسكري لجبهة التحرير الوطني—ضد أول رئيس منتخب ديمقراطيًا للبلاد في عام 1965، عندما كان بومدين يشغل منصب وزير الدفاع. وبعض النظر عما سبق ذلك، فإن صعود بومدين أدى إلى زوال مبدأ "أسبقية السياسي على العسكري." أرست رئاسته، التي استمرت حتى وفاته عام 1979، نموذجًا للحكم العسكري بواجهة مدنية لا تزال قائمة في الجزائر إلى اليوم. كما أنه أسس المبادئ الأساسية للعقد الاجتماعي الذي سعى حكام الجزائر إلى فرضه منذ ذلك الحين: في مقابل الأمن والرفاهية، يجب على الجزائريين أن يظلوا مطيعين وأن يطرحوا القليل من الأسئلة.
في بعض النواحي، تخلت السلطات الحاكمة عن التزاماتها من ذلك العقد. يضمن الدستور الجزائري منذ فترة طويلة حقوق المواطنين في التعليم والرعاية الصحية والسكن والعمل، في حين أن الثروة الهائلة للبلاد من النفط والغاز—التي تم اكتشافها قبل فترة وجيزة من الاستقلال وتم تأميمها من قبل بومدين—وفّرت وسائل كثيرة للوفاء بهذه الوعود.
على مدى ستة عقود، تمكنت الحكومة الجزائرية من عكس اتجاه معدلات الأمية والفقر المرتفعة في وقت الاستقلال، من خلال بناء مستشفيات وعيادات ومدارس وجامعات وملايين الوحدات السكنية المدعومة، وقدمت إعانات سخية للأغذية الأساسية والمرافق. من خلال هذه الجهود، نجحت في تربية ملايين الجزائريين على الأقل على الحد الأدنى من أنماط الحياة المريحة وضمان عدم وجود سوى القليل خارج هذا الإطار.
"بلد شاب"
وفي حين أن هذه الإنجازات جديرة بالثناء، فقد صاحبتها إخفاقات كبيرة وصغيرة. بدأ أبرزها في الثمانينيات من القرن الماضي، عندما أجبر انهيار أسعار النفط الدولة على خفض الدعم، ما أثار احتجاجات حاشدة. ولإرضاء السكان، أعلن القادة عن انفتاح سياسي. وللمرة الأولى، سمحوا بوجود الصحف المستقلة وجماعات المجتمع المدني والأحزاب السياسية ما أنهى دولة الحزب الواحد في ظل جبهة التحرير الوطني التي سادت منذ الاستقلال. احتشد الجزائريون بالملايين وراء حزب إسلامي متطرف، جبهة الإنقاذ الوطني التي شكّل أسلوبها التقشفي المتدين تناقضًا صارخًا مع فساد القادة العسكريين العلمانيين الجزائريين الذين حكموا لفترة طويلة (ما يعكس ديناميكية مشتركة في جميع أنحاء العالم العربي في العقود الأخيرة).
في عام 1990، اكتسح الإسلاميون انتخابات المجالس المحلية والإقليمية، ثم في عام 1991، فازوا في الجولة الأولى من التصويت للبرلمان، في أول انتخابات تعددية منذ الاستقلال. مع تأكيد تواجد الجبهة الإنقاذ الوطني بأغلبية برلمانية قيادية في الجولة الثانية، تدخل الجيش وألغى العملية الانتخابية بأكملها باسم "الحفاظ على الديمقراطية." حمل الإسلاميون السلاح، ورد الجيش الجزائري بوحشية، وأعقب ذلك عقد من الحرب الأهلية الدموية للغاية، حيث وقع المواطنون العاديون في مرمى النيران. توفي حوالي 200,000 شخص، ولا يزال الكثيرون في عداد المفقودين حتى اليوم.
هذه التجربة الكارثية، التي وُلدت في نهاية المطاف من الاعتماد المفرط للجزائر على ثروة النفط والغاز، أوضحت الحاجة إلى التنويع الاقتصادي. لكن حتى بعد خروج الجزائر من "العقد الأسود"، ظل اقتصادها معتمدًا بشكل خطير على الهيدروكربونات التي تهيمن عليها الدولة، ما حرم الجزائريين من مجموعة غنية من الفرص التي يمكن أن يوفرها قطاع خاص نابض بالحياة.
الصادرات غير الهيدروكربونية قليلة، والاستثمار الأجنبي يتخلف عن نظيره في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتتراوح نسبة بطالة الشباب حول 30 في المئة. الشركات الناشئة غارقة في البيروقراطية، بينما عانت الصناعة المحلية والإنتاج الزراعي من سنوات من الإهمال، ما أجبر الجزائر على استيراد العديد من احتياجاتها الغذائية والسلع الاستهلاكية. وتم عزل المنتجين المحليين عن المنافسة الأجنبية، حيث استسلموا للمعايير المتوسطة والمتدنية التي أصبحت، في غياب المعايير الدولية، منتشرة في كثير من الحياة العامة الجزائرية.
إنّ الهوة التي تفصل بين إمكانات الجزائر وواقعها شاسعة لدرجة أنه حتى قادة البلاد لا ينفونها. وبدلًا من ذلك، فقد عادوا منذ فترة طويلة إلى الأعذار المعروفة لتبرير الوضع الراهن. "الجزائر بلد شاب" و "الجزائر ديمقراطية قيد الإنشاء" أو العذر الأكثر جرأة "يجب أن نتقدم بحذر، لأننا رأينا عواقب التقدم بسرعة كبيرة."
لكن الحديث عن "دولة شابة" هو أمر يصعب الترويج له اليوم. في الستين من العمر، إذا كانت الجزائر عاملة في أحد المصانع القليلة التي تديرها الدولة والتي ورثتها من أيام المجد الصناعي في السبعينيات، فستكون الآن مؤهلة للتقاعد.
ومن الصعب الترويج لذلك بشكل خاص في بلد صغير شاب بمعنى مختلف. بالنسبة لأكثر من نصف الجزائريين الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا، فإن ستة عقود تبدو وكأنها وقت طويل للغاية لإحراز تقدم. شكّل استياء الشباب الجزائريين من آفاقهم أحد الدوافع المهمة لانتفاضة الحراك 2019 التي أجبرت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة وأثار نزاعًا لم يدم طويلًا بين الجزائريين والنظام. ورغم أن السلطات تمكنت من خنق الحركة الاحتجاجية، إلا أن الإحباطات التي دفعت الجماهير ما زالت قائمة، إلى جانب رغبة المتظاهرين في قلب النظام الذي يحكم الجزائر باستمرار منذ الاستقلال. وكما قال أحد المتظاهرين الشباب، في ما أصبح شعار الحراك: "يتنحاو قاع."
إطلاق النار من الخاصرة
إنّ التاريخ المضطرب للجزائر المعاصر هو إلى حد كبير نتاج هيكلها الحاكم غير العادي. في حين أن البلاد هي ظاهريًا جمهورية شبه رئاسية، فإن السلطة في الواقع تمارسها الفصائل المتنافسة داخل النخبة السياسية العسكرية الغامضة—المعروفة على نطاق واسع بين الجزائريين باسم "le pouvoir" (السلطة)، وهي السلطات التي تتنافس على السيطرة على الوزارات والمؤسسات الأخرى لتأمين الوصول إلى عائدات الطاقة. لطالما أثْرت هذه النخب نفسها من خلال الرشاوى والمحسوبية وغيرها من مخططات الفساد—كما أكدته التحقيقات الدولية والتسريبات الإعلامية—حيث استولت على جزء كبير من مبلغ تريليون دولار الذي حصلت عليه الجزائر من مبيعات النفط والغاز في العقدين الأولين من هذا القرن.
تقلل الثروة النفطية الجزائرية من مساءلة النخب الحاكمة أمام الجمهور، فضلًا عن الحد من قدرة السكان على المساومة تجاه الدولة. فهي تزيد من حوافز النخب لإدامة النموذج الاقتصادي الريعي ومقاومة الدعوات إلى التنويع الاقتصادي أو اللامركزية السياسية. (ظل القادة يتشدقون بكليهما منذ عقود، مع القليل من التغيير).
والأسوأ من ذلك كله، أنها تترك أدوات الدولة منقسمة بين الفصائل المتنافسة. ونظرًا لأنه لا يمكن لأي منهم تأمين السيطرة الكاملة، غالبًا ما يكون صنع القرار في القمة مشلولًا، ما يجعل الحكومة الجزائرية غير قادرة على تنفيذ تحولات استراتيجية كبرى خارج اللحظات النادرة عندما تتوصل هذه النخب المتناحرة إلى إجماع. مرتين في تاريخ الجزائر—في الفترة التي سبقت العقد الأسود واحتجاجات الحراك—أدى عدم القدرة على إجراء التصحيحات الضرورية إلى إغراق الدولة في أزمة.
في حين أن غياب استراتيجية منسقة غالبًا ما يعني أن الإصلاح من المستوى الأعلى يأتي بعد فوات الأوان، فإن السيطرة المتغيرة باستمرار على مؤسسات الدولة تؤدي إلى تغييرات غير منتظمة في السياسات التي تؤثر على حياة الجزائريين اليومية. المنتجات المستوردة التي قد يجدها الجزائريون على أرفف السوبر ماركت، والمناهج التي قد يتعلمها أطفالهم في المدرسة، وقواعد الضرائب والامتثال التي قد تواجهها أعمالهم يمكن أن تتغير من شهر إلى آخر.
على الرغم من عدم فعالية هذا النهج حيث أنه لا يمكن التنبؤ به، إلا أنه النهج الذي أطلق عليه رجل الأعمال الصيدلاني الجزائري البارز نبيل ملاح (tiribarkisme)—وهو تعبير جزائري فريد يمكن ترجمته بـ "إطلاق النار من الخاصرة."
اليوم، أصبح ملاح مثالًا مأساويًا لإخفاقات هذا النهج. كرجل أعمال شاب نشيط، قام بتوسيع صيدلية والدته في ضاحية متواضعة من الجزائر العاصمة إلى أن أصبحت "ميرنال فارماسيوتيكال"، أكبر مصدّر للأدوية في الجزائر. مرينال، التي تزود النظام الطبي الحكومي في الجزائر بالعشرات من الأدوية، هي على وجه التحديد نوع الأعمال التي تدّعي إدارة تبون أنها تريد المزيد منها: تكنولوجيا متقدمة يقودها الشباب وموجهة نحو التصدير. ومع ذلك، تم القبض على ملاح في مايو/أيار 2021 بتهم ملفقة تتعلق بغسل الأموال والإغراق التجاري. واحتُجز على ذمة المحاكمة لمدة 14 شهرًا قبل أن يمثل أخيرًا أمام قاضٍ الشهر الماضي، عندما حُكم عليه بالسجن أربع سنوات.
من المعتقد أن "جريمة" ملاح الحقيقية كانت دعمه الطويل الأمد لمنظمة شبابية ومجموعة إعلامية مستقلة—ولا يمثل أي منهما تهديدًا لدولة أمنية واسعة وغنية، وكلاهما أقل بكثير من قيمة ملاح كقصة نجاح محلية وركيزة في قطاع الأدوية الجزائري الناشئ. لكن مشاكل التنسيق في قمة الدولة الجزائرية تمنع القادة من إجراء مثل هذه الحسابات الاستراتيجية المباشرة. أطلقوا النار من الخاصرة، وأطلقوا النار على قدمهم مرة أخرى.
الموارد الصحيحة
بعد ستين عامًا من الاستقلال، تتخلف الجزائر كثيرًا عن إمكاناتها. تبون، الذي انتُخب في تصويت مثير للجدل بعد استقالة بوتفليقة في مواجهة احتجاجات الحراك، أعلن "جزائر جديدة" وشرع في خطوات لاجتثاث الفساد وتشجيع الاستثمار وتقليص البيروقراطية وغير ذلك. لكن النتائج حتى الآن كانت متواضعة بشكل مؤلم، حيث فشلت في وقف المد السنوي لآلاف المهاجرين الجزائريين الذين يخاطرون برحلات خطيرة عبر البحر الأبيض المتوسط في قوارب المهربين سعيًا وراء حظوظهم في أوروبا.
بالإضافة إلى ذلك، ترافقت الإصلاحات الهزيلة مع قمع كبير لحرية التعبير. يوجد في السجن حاليًا الآن حوالي 250 ناشطًا سياسيًا ومتظاهرًا في الحراك، ولم تتحقق إلى حد كبير الآمال في إصدار عفو جماعي في ذكرى الاستقلال. النظام الجزائري، الذي لا يزال يخفي نفسه تحت لغة الثورة والتحرر ما بعد الاستعمار، يسجن الآن هذا النوع من المبتكرين والمفكرين الجريئين الذين طالما كانوا يتشدقون بتبجيلهم.
منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط، كان الارتفاع في أسعار النفط والغاز العالمية نعمة للنظام الجزائري، حيث ساعد على إعادة ملء خزائن الدولة المنهوبة وعزز قناعة القادة بأن النفط والغاز سوف يدعمان الجزائر إلى الأبد. كما وقّعت الجزائر صفقات غاز مربحة جديدة مع دول أوروبية تسعى لفطم نفسها عن الطاقة الروسية. ولكن بدلًا من توفير الاكتفاء الذاتي على المدى الطويل، فإن الثروة الهيدروكربونية في الجزائر تبني التبعية من خلال ربط مصير البلاد بتقلبات أسواق الطاقة العالمية. علاوة على ذلك، يرتفع الاستهلاك المحلي بسرعة، ما يهدد بضعف الإنتاج ومحو أهم مصادر الدخل في الجزائر.
التحديات التي تواجهها الجزائر اليوم تعتبر بسيطة أمام التحديات التي تلوح في الأفق في السنوات المقبلة: التحول الديموغرافي وتنوع الطاقة العالمي وتغير المناخ والتصحر، على سبيل المثال لا الحصر. إنّ أفضل طريقة للحكومة الجزائرية للتغلب على هذه التحديات—وتجنب إغراق البلاد في فترة أخرى من أزمة وجودية—هي التحول من إعطاء الأولوية لمواردها من الطاقة إلى إعطاء الأولوية لمواردها البشرية، ومن النظر إلى مواطنيها باعتبارهم مسؤوليات إلى رؤيتهم باعتبارهم أصول. وبدلًا من مجرد استخدام ثروة البلاد من الطاقة لشراء سلام اجتماعي هش، ينبغي على قادة الجزائر الاستثمار في بناء رأس المال البشري الذي يُعد أكبر مصدر للثروة على المدى الطويل في البلاد.
من خلال تعداد سكاني يبلغ 45 مليون شخص متعدد اللغات ومتعدد المواهب في حل المشكلات، يمكن أن تكون الجزائر مركزًا قويًا في العديد من المجالات. لكن الوصول إلى هذا الأمر سيتطلب إعادة تنظيم خدمات التعليم والتدريب المهني والرعاية الصحية والتوظيف، وأخذ مقترحات التحول إلى الطاقة الخضراء على محمل الجد، ومتابعة خطط توجيه الإعانات للمحتاجين، وتقييم آثار الإنفاق الحكومي بأمانة وشفافية وتعديل الإنفاق وفقًا لذلك، وتوفير صوت حقيقي للمواطنين في وضع السياسات التي ستحدد مستقبلهم—وهي رغبة أساسية وراء احتجاجات الحراك. إنّ اتخاذ هذه الخطوات يمكن أن يجعل الجزائر نموذجًا لدول المنطقة والعالم بأسره.
بالنظر إلى ماضي الجزائر وحاضرها، قد يبدو مثل هذا المستقبل غير محتمل، أو حتى ساذجًا. لكن حجم التحديات المقبلة لا يترك سوى بدائل قليلة. بطريقة أو بأخرى، تلوح تحولات دراماتيكية في الأفق في الجزائر. السؤال الذي يواجه قادة البلاد هو ببساطة ما إذا كانوا سيمكّنون الجزائريين لقيادة تلك التحولات بأنفسهم، أم أنهم سيستمرون في تركهم والبلد بأكمله عرضة لتقلبات التاريخ.