زملاء منظمة (DAWN) يقدمون تحليلات لتأثير وفعالية تقديم المساعدات الدولية.
(واشنطن العاصمة، 3 مارس/أذار، 2024)– إنّ عمليات الإنزال الجوي للمساعدات من قبل الولايات المتحدة في غزة هي "إشارة ضمنية إلى مذبحة مستمرة" و"ليست أكثر من غثاء سيل، وتمثيلية لصرف الانتباه"، كما قال زملاء غير مقيمين في منظمة (DAWN) في تحليلهم لاستجابة إدارة بايدن الأخيرة للحرب الإسرائيلية في غزة. "لا يمكن لأي عدد من المواد التي يتم إسقاطها جوًا أن تؤدي ولو إلى شيء بسيط من الإغاثة التي تحتاجها غزة بشدة والتي هي: إنهاء القصف الإسرائيلي وإنهاء الحصار الإسرائيلي". في 2 مارس/آذار، دعت منظمة (DAWN) مجلس الأمن الدولي إلى "إنشاء قوة حماية دولية لحماية المدنيين الفلسطينيين وضمان إيصال المساعدات الإنسانية دون عائق إلى غزة كمحاولة أخيرة لتجنب المجاعة الوشيكة هناك".
بدأت طائرات الشحن العسكرية الأمريكية إسقاط المواد الغذائية من الجو على غزة يوم السبت، بعد يومين من فتح القوات الإسرائيلية النار على المدنيين الفلسطينيين اليائسين الذين تجمعوا حول قافلة من شاحنات المساعدات بالقرب من مدينة غزة، ما أسفر عن مقتل 117 شخصًا على الأقل. وأعلن الرئيس جو بايدن عن عمليات الإنزال الجوي الأمريكية يوم الجمعة، قائلًا إنّ "الولايات المتحدة ستفعل المزيد". وتقول الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 576,000 فلسطيني في غزة، أي ربع سكان القطاع المحاصر، أصبحوا على بعد خطوة واحدة من المجاعة.
***
جوش بول، المدير السابق لمكتب الشؤون السياسية العسكرية في وزارة الخارجية الأمريكية:
"إنّ عمليات الإنزال الجوي في مناطق النزاع هي عمليات معقدة ومكلفة وخطيرة في كثير من الأحيان، ويعتبرها الخبراء اللوجستيون والمخططون العسكريون خيارًا نهائيًا لا يمكن اتباعه إلا بعد فشل جميع الجهود الدبلوماسية لتسهيل توصيل المساعدات. ففي عام 1993، على سبيل المثال، عندما رفض الجنرال الصربي راتكو ملاديتش السماح لشاحنات الغذاء التابعة للأمم المتحدة بالوصول إلى المدنيين المحاصرين في سراييفو وسريبرينيتشا (وهي جرائم حرب حُكم على ملاديتش بسببها في وقت لاحق بالسجن مدى الحياة)، لجأت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى عمليات الإنزال الجوي لدرء التهديد الوشيك بالمجاعة. تلك العملية في البوسنة هي مجرد واحدة من عدة مناسبات في حقبة ما بعد الحرب قامت فيها الولايات المتحدة بعمليات إنزال جوي في مناطق الصراع للتغلب على العقبات التي يضعها العدو. لكنني لست على علم بأي حالة سابقة لجأت فيها الولايات المتحدة إلى عمليات الإنزال الجوي للتغلب على عقبات يضعها حليف.
واليوم غزة هي التي تتضور جوعًا، ومن المؤكد أن أي مساعدة يمكن تقديمها هي موضع ترحيب. ولكن لا يمكن لأي عدد من المواد التي يتم إسقاطها جوًا أن تؤدي ولو إلى شيء بسيط من الإغاثة التي تحتاجها غزة بشدة والتي هي: إنهاء القصف الإسرائيلي وإنهاء الحصار الإسرائيلي. وبالنظر إلى أن القصف هنا يتم باستخدام أسلحة أمريكية مدفوعة بالدولار الأمريكي، فإن الولايات المتحدة لديها نفوذ هائل لدفع إسرائيل إلى الموافقة على وقف إطلاق النار وفتح أبواب غزة على مصراعيها حتى تتمكن المساعدات الإنسانية من التدفق إلى الناس. وبدلًا من ذلك، اختار الرئيس بايدن نهجًا، بعيدًا عن مواجهة إسرائيل، يتجنب فيه حتى أي ذكر لدورها ومسؤولياتها كقوة احتلال. وحقيقة أنه وجد أن نشر الجيش الأمريكي هي عملية أسهل من الوقوف في وجه نتنياهو يدل على الطبيعة الجبانة لعلاقة هذه الإدارة مع إسرائيل. وفي سراييفو، لجأنا إلى عمليات الإنزال الجوي لأن خصومنا لم يستجيبوا. أما في غزة، نلجأ إلى عمليات الإنزال الجوي لأننا لسنا على استعداد حتى لطلب ذلك".
***
ديانا بوتو، محامية وكاتبة فلسطينية ومستشارة سابقة للفريق المفاوض لمنظمة التحرير الفلسطينية:
"من الواضح أن إسرائيل دولة مارقة—لقد كانت كذلك دائمًا. وحقيقة أن الداعم الرئيسي لها، الولايات المتحدة، يلجأ إلى إسقاط الغذاء من الجو بدلًا من إنهاء الإبادة الجماعية لا تُظهر فقط مدى كون إسرائيل دولة مارقة، بل تُظهر أيضًا مدى ضعف وتواطؤ الولايات المتحدة في هذه الإبادة الجماعية".
***
معين رباني، محرر مشارك في مجلة "جدلية" وزميل غير مقيم في مركز دراسات النزاع والعمل والإنساني:
"تُظهر عمليات الإنزال الجوي تصميم واشنطن على مواصلة دعم حصار الإبادة الجماعية الذي تفرضه إسرائيل. فهي تعلم أن عمليات الإنزال الجوي ليست أكثر من قطرة في دلو، لكنها قررت كمسألة سياسية ألا تقوم بشيء يؤدي إلى تغيير المسار في السلوك الإسرائيلي. إنها ليست أكثر من غثاء سيل، وتمثيلية لصرف الانتباه".
***
عمر الدیوەچی، أستاذ مشارك في الأنثروبولوجيا الطبية والصحة العالمية في روتجرز، جامعة ولاية نيو جيرسي:
"إنّ عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية الأمريكية في غزة هي استهزاء بالرحمة، وليست بادرة مساعدة حقيقية. فبدلًا من قمع الفظائع التي أطلقتها إسرائيل في غزة، تتم تلك العمليات التي هي إشارة ضمنية إلى مذبحة مستمرة. فبإحدى اليدين، تقوم أمريكا بتزويد القنابل، وباليد الأخرى، تقدم مجرد ضمادات. لقد حان الوقت لأن تنضم الولايات المتحدة إلى الاحتجاج العالمي لوقف إطلاق النار في غزة. ويجب على مجلس الأمن الدولي أن يتحرك بسرعة لنشر قوة حماية دولية، لحماية المدنيين الفلسطينيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق".
***
نادر هاشمي، مدير مركز الوليد للتفاهم الإسلامي المسيحي وأستاذ مشارك في شؤون الشرق الأوسط والسياسة الإسلامية في كلية إدموند أ. والش للخدمة الخارجية في جامعة جورج تاون:
"تمثل عمليات الإنزال الجوي الأمريكية في غزة لحظة توضيح أخلاقية. لقد أصبح الأمر رسميًا الآن: بنيامين نتانياهو في مقعد السائق وبايدن مجرد راكب. وسيستمر عرض الرعب هذا لعدة أشهر أخرى ولن تكون هناك أي عواقب على إسرائيل مع استمرارها في تدمير ما تبقى من غزة أمام أعين العالم".
***
يارا عاصي، أستاذة مساعدة في إدارة الصحة العالمية والمعلوماتية بجامعة سنترال فلوريدا، ومؤلفة كتاب "كيف تقتل الحرب: التهديدات التي تم التغاضي عنها لصحتنا":
"تتضمن التقارير الأخيرة الواردة من غزة وفاة ما لا يقل عن اثني عشر طفلًا بسبب سوء التغذية، وتقارير عن حقيقة أن الكثيرين في غزة ظلوا يأكلون الأعشاب وعلف الحيوانات لأسابيع للبقاء على قيد الحياة، وشهادات الوكالات الإنسانية التي تفيد بأن هذا هو أسرع تدهور للظروف المعيشية مرّ عليها على الإطلاق. إنّ هذه الأخبار عن إسقاط الغذاء من الجو من قبل الولايات المتحدة—الدولة نفسها التي عرضت على إسرائيل عشرات المليارات من المساعدات العسكرية وأمضت عقودًا عديدة في حماية إسرائيل من أي مساءلة عن جرائمها وانتهاكاتها العديدة الموثقة—ما هي سوى حيلة مثيرة للشفقة وساخرة لإظهار بعض المحاولات للاعتراف بالمعاناة الفلسطينية التي هي في الواقع غطاء لاستمرار الولايات المتحدة في دعم السياسات التي تؤدي إلى تجويع الفلسطينيين في البداية."