جون هوفمان هو مدير الأبحاث في منظمة (DAWN).
ظهرت الحقائق الصارخة للمساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل للعلن خلال الحرب الأخيرة على غزة، والتي دمرت مرة أخرى القطاع المحاصر. وفقًا للجيش الإسرائيلي، ألقت 160 طائرة مقاتلة إسرائيلية من طراز F-16 أمريكية الصنع 450 صاروخًا على أكثر من 150 هدفًا في غزة في غارة واحدة فقط.
واستهدفت هذه الضربات بشكل غير متناسب أهدافًا مدنية فلسطينية، وكانت منظمة العفو الدولية قد حذرت من أنها "قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية".
القصة مألوفة للغاية عن الآثار المترتبة على المساعدات العسكرية الأمريكية غير المشروطة لإسرائيل، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية حوالي 3.8 مليار دولار سنويًا—أكثر من أي دولة أخرى—وغالبًا ما تُستكمل بصفقات أسلحة ومزايا أمنية أخرى.
لكن هذه القصة قد تتغير أخيرًا. أدت الحرب التي استمرت 11 يومًا بين إسرائيل وحماس في مايو/ أيار الماضي، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 240 فلسطينيًا في غزة و 12 إسرائيليًا، إلى تجدد الدعوات لوقف تلك المساعدات، حيث بدأ الإجماع التقليدي للحزبين في واشنطن، في الانهيار، حول الحاجة لتلك المساعدات، مع قيام العديد من الديمقراطيين التقدميين البارزين بالتدقيق على ذلك بشكل أكبر من أي وقت مضى.
وعلى الرغم من هذه التحولات في حزب الرئيس جو بايدن، وتعهده بـ "تنشيط" "الالتزام القومي لأمريكا بتعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية في جميع أنحاء العالم"، يواصل الرئيس التمسك بقواعد اللعبة التقليدية للرؤساء الأمريكيين السابقين.
فقد عرض دعمًا ثابتًا وغير مشروط لإسرائيل، حتى في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية الموثقة الشهر الماضي—بما في ذلك قصف مكتب أسوشيتد برس الأمريكية في غزة.
منعت إدارة بايدن إصدار ثلاثة قرارات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار مع تصاعد القتال، حيث قصفت إسرائيل المزيد من المباني السكنية في مدينة غزة المكتظة بالسكان.
ادّعى البيت الأبيض أنه كان ينتهج دبلوماسية "هادئة" من وراء الكواليس—كل ذلك بينما أعرب على الفور عن الدعم العلني المعتاد لـ "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
وجاءت أي إشارة إلى سقوط ضحايا مدنيين فلسطينيين بتحفظات ثقيلة وبعد تأخير ملحوظ. كما تجاهلت إدارة بايدن علنًا الاستفزازات الإسرائيلية في القدس—الطرد الوشيك للفلسطينيين من حي الشيخ جراح، واقتحام المسجد الأقصى من قبل قوات الأمن الإسرائيلية، واستهداف المتظاهرين الفلسطينيين هناك—التي عجّلت بالصراع في غزة.
وافقت إدارة بايدن سرًا على بيع أسلحة بقيمة 735 مليون دولار تحتوي على أسلحة دقيقة التوجيه لإسرائيل قبل التوصل إلى وقف إطلاق النار، ما أدى إلى التحايل على نقاش وتصويت الكونغرس بشأنها.
ومع ذلك، فإن الأصوات الأكثر تقدمية تتحدى بثبات الرواية السائدة التي ظلت لفترة طويلة بمثابة الأساس لإجماع الحزبين في واشنطن على كتابة هذه الشيكات على بياض لإسرائيل.
وقد حان الوقت للولايات المتحدة لإعادة تقييم هذه العلاقة بشكل أساسي، وتُظهر الأحداث الأخيرة الأسباب—أخلاقيًا وقانونيًا واستراتيجيًا.
فإلى جانب انتهاك القوانين الأمريكية القائمة التي من المفترض أن تمنع واشنطن من تقديم المساعدات الأمنية للدول التي ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان، فإن المساعدات العسكرية لإسرائيل لا تخدم سوى القليل من الأغراض الاستراتيجية للولايات المتحدة على أفضل تقدير.
بدلًا من ذلك، ما تفعله هذه المساعدات غير المشروطة حقًا هو السماح لإسرائيل بالتصرف مع الإفلات من العقاب وتوريط الولايات المتحدة بشكل مباشر في السلوك الإسرائيلي، ما يجعل أمريكا طرفًا متواطئًا.
قد يكون وقف إطلاق النار في غزة قائمًا في الوقت الحالي، لكنه استلزم فقط العودة إلى الوضع الراهن: فلا تزال غزة تحت الحصار الإسرائيلي، ولا يزال الفلسطينيون يواجهون الطرد من منازلهم في القدس الشرقية المحتلة.
لا يزال ما يقرب من 7 ملايين فلسطيني—في غزة والضفة الغربية وإسرائيل—خاضعين لنظام السلطة والسيطرة الإسرائيلية الذي يطلق عليه العديد من المراقبين الفصل العنصري.
أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرًا شاملاً في أواخر أبريل/نيسان تتهم إسرائيل بارتكاب "جرائم الفصل العنصري والاضطهاد"، كما هو معرّف بموجب القانون الدولي، في محاولة لـ "الحفاظ على هيمنة الإسرائيليين اليهود على الفلسطينيين في جميع أنحاء إسرائيل و [الأراضي الفلسطينية المحتلة]".
وخلص التقرير إلى استنتاج سابق كانت قد توصلت له منظمة بتسيلم، وهي أكبر منظمة حقوقية رائدة في إسرائيل، والتي ذكرت أن الحكومة الإسرائيلية تطبّق "نظام الفصل العنصري". ومع ذلك، لا تزال إسرائيل تحافظ على الدعم الثابت وغير المشروط من واشنطن.
وعلى الرغم من ذلك، فإن القانون الأمريكي واضح: لا يمكن للحكومة الأمريكية تقديم مساعدات أمنية للفاعلين المتورطين في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. هناك قانونان لهما أهمية خاصة في هذا الأمر: القسم 502 ب من قانون المساعدات الأجنبية وقانون ليهي.
ينص قانون المساعدات الأجنبية على أنه "لا يجوز تقديم أي مساعدات أمنية إلى أي دولة تشارك حكومتها في نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليًا".
علاوة على ذلك، فإن هذا القانون يؤكد على واجب أمريكا في "تعزيز وتشجيع الاحترام المتزايد لحقوق الإنسان والحريات الأساسية في جميع أنحاء العالم دون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين".
ويُذكر مثل هذا الأمر في قانون ليهي، فهناك بندان قانونيان، بحسب وصف وزارة الخارجية الأمريكية نفسها، يحظران على "حكومة الولايات المتحدة استخدام الأموال لمساعدة وحدات من قوات أمن أجنبية توجد معلومات موثوقة تشير إلى تورطها في ارتكاب انتهاك جسيم لحقوق الإنسان".
لا يتعين على المرء أن يبحث طويلًا للعثور على دليل على عدم امتثال إسرائيل لهذه القوانين الأمريكية.
فقد انتهكت إسرائيل خمسة قوانين رئيسية لحقوق الإنسان والقوانين الإنسانية المعترف بها دوليًا خلال احتلالها للأراضي الفلسطينية لأكثر من 50 عامًا وتشمل هذه الانتهاكات: القتل غير القانوني والتهجير القسري وبناء المستوطنات غير القانونية والاعتقال التعسفي والقيود غير المبررة على الحركة ومختلف أشكال العنصرية المؤسسية والتمييز الديني. وهناك المزيد من الانتهاكات حدثت في التصعيد الأخير في القدس وغزة.
ومع ذلك، على الرغم من هذه الالتزامات القانونية، فإن واشنطن تلتف حولها باستمرار أو تتجاهلها تمامًا. لن ينتهي التواطؤ الأمريكي في انتهاكات حقوق الإنسان هذه إلا عندما تتوقف المساعدات الأمنية لإسرائيل—كما يقتضيه القانون الأمريكي.
بالنسبة لأولئك الذين يغضون الطرف عن—أو يفضلون تجاهل—الالتزامات القانونية والأخلاقية لإنهاء هذه المساعدات، فإن حجتهم في الدفاع عن هذه المساعدات هي أنها تعمل على تعزيز المصالح الأمريكية. ولكن حتى إذا أخذنا في الاعتبار المصالح الاستراتيجية، فإنه من الصعب تبرير مثل هذا المستوى العالي من الدعم العسكري غير المشروط لإسرائيل.
لقد ظلت الولايات المتحدة تائهة في الشرق الأوسط لفترة طويلة جدًا، دون استراتيجية أو هدف إقليمي محدد بوضوح. إنّ المساعدات العسكرية الطويلة الأمد لإسرائيل—ودول أخرى في المنطقة، مثل مصر، التي تعد ثاني أكبر متلق للمساعدات الأمريكية بعد إسرائيل—تستند دائمًا إلى فكرة غامضة مفادها أنها تصب في صالح "المصالح الأمريكية" الحيوية وغامضة التعريف في نفس الوقت.
وتتجاهل هذه النظرة التقليدية عدم الاتساق في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، والتي عملت بشكل أساسي على دعم القمع الديكتاتوري ومصنّعي الأسلحة في الولايات المتحدة، المدفوعة في جزء كبير منها بتأثير جماعات الضغط المختلفة وجماعات المصالح الخاصة في واشنطن.
إذا كان من الممكن على الأقل تفسير المصالح الأمريكية بشكل عام على أنها أمن وازدهار أمريكا، فكيف تساعد المساعدات العسكرية غير المشروطة لإسرائيل التي تورط الولايات المتحدة في انتهاكات حقوق الإنسان في تعزيز أي من ذلك؟
لا تستفيد الولايات المتحدة أي شيء تقريبًا من مبالغ المساعدات السنوية الهائلة التي يتم تقديمها لإسرائيل. فكما حذر بول بيلار، "ما يريده "الحلفاء في الشرق الأوسط من الولايات المتحدة أكبر مما تريده الولايات المتحدة أو تحتاجه أو تحصل عليه منهم.
يجب على صانعي السياسات في الولايات المتحدة أن يضعوا هذا التباين في الاعتبار". ازدادت هذه العلاقة غير المتكافئة سوءًا في ظل إدارة ترامب، مع تنازلاتها الفاضحة لبنيامين نتنياهو وحزبه الليكود—بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان—التي لم تجلب شيئًا في المقابل لواشنطن.
من المؤكد أن الدعم الأمريكي لا يمنح الولايات المتحدة نفوذًا على إسرائيل وأفعالها، كما أظهرت الحرب الأخيرة على غزة مرة أخرى. عندما دعا بايدن، في 19 مايو/أيار، في نهاية المطاف إلى "خفض كبير للتصعيد اليوم"، تجاهله نتنياهو أساسًا—ولم يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ حتى 21 مايو/أيار.
لكن هذا لم يكن بالأمر الجديد. فقد فشلت محاولات إدارة أوباما لكبح جماح المستوطنات الإسرائيلية، وأذلّت بايدن على وجه الخصوص، حيث أعلنت الحكومة الإسرائيلية بتحدٍ عن خطط لبناء مستوطنات جديدة في القدس الشرقية عندما كان يزور إسرائيل كنائب للرئيس في عام 2010.
كما أن جهود الإدارات الأمريكية الأخرى لجعل إسرائيل تنخرط بشكل شرعي مع الفلسطينيين وتقدم تنازلات معينة باءت بالفشل أيضًا (على الرغم من أنه في كثير من الحالات، كان ذلك أيضًا أمرًا اعتياديًا، على اعتبار أن المسؤولين الأمريكيين لم يكونوا أبدًا وسطاء صادقين).
في الواقع، يمكن القول إن إسرائيل أصبحت عبئًا استراتيجيًا. فكما أشار رشيد الخالدي في عام 2014، بعد حرب سابقة على غزة، "تشجيع الولايات المتحدة المستمر للانتهاكات الإسرائيلية للقانون الإنساني الدولي سيزيد من جرأة التيارات العنصرية العرقية اليمينية المتطرفة التي تتغلغل في المجتمع الإسرائيلي، وتشجع على المزيد من الأعمال العسكرية الوحشية مثل تلك التي يتم شنّها على غزة.
وهذا بدوره لا يؤدي إلا إلى تأجيج ردود الفعل المتطرفة والبغيضة، سواء في شكل تشدد جهادي دولي أو معاداة للسامية أو الإرهاب الأعمى الذي يستهدف المدنيين".
في الأشهر الأخيرة، قوبلت جهود إدارة بايدن لإحياء الاتفاقية الدولية للحد من البرنامج النووي الإيراني، والمعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، بمقاومة إسرائيلية شرسة ومفتوحة. في ابريل/نيسان، أدى التخريب المشتبه بأنه إسرائيلي إلى إصابة منشأة نطنز النووية بالشلل.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، اغتيل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده خارج طهران، من قبل إسرائيل بحسب ما تفيد بعض التقارير. لم يقوّض مثل هذا السلوك الجهود الدبلوماسية الأمريكية فحسب، بل أدى أيضًا إلى قيام إيران بزيادة قدرتها على التخصيب ردًا على ذلك.
وفي حين توصف إسرائيل على أنها شريك أمني وثيق—فهي "عيون وآذان أمريكا" في مواجهة "الإسلام الراديكالي"، كما ادّعى السناتور ليندسي غراهام في زيارة أخيرة—فإن إسرائيل في الواقع غالبًا ما زودت الولايات المتحدة بمعلومات استخبارية مبالغ فيها ومثيرة للقلق، كما فعلت فيما يتعلق بالعراق وبرنامج أسلحة صدام حسين الذي أدى إلى غزو أمريكا عام 2003.
كما أنها تتلاعب بشكل متزايد بعودة المنافسة بين القوى العظمى في الشرق الأوسط، من أجل الضغط على الولايات المتحدة للبقاء منخرطة بعمق في المنطقة ومنح المزيد من التنازلات لإسرائيل على طول الطريق.
ما الذي أنجزته فعلًا هذه السياسة المتجمدة، التي تضاف إلى فاتورة دافعي الضرائب الأمريكيين؟ وما الذي ستحققه مزيد من المليارات من المساعدات العسكرية الأمريكية—الممنوحة جميعها دون قيد أو شرط، بغض النظر عن سجل إسرائيل في مجال حقوق الإنسان—في السنوات القادمة؟
لن تؤدي إلا إلى المزيد من الانتهاكات لالتزامات حقوق الإنسان الأمريكية كما يقتضيه القانون الأمريكي القائم، بينما تقوّض باستمرار مصالح الولايات المتحدة ومكانتها في الشرق الأوسط.