يجب على منظمات حقوق الإنسان ومجموعات المناصرة والمؤسسات البحثية مراجعة تأثير الدعوات إلى وضع الشروط على المساعدات الأمريكية وقانونية عمليات نقل الأسلحة الأمريكية إلى الحكومات المسيئة.
English
(واشنطن العاصمة) —قالت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) اليوم في ورقة سياساتية جديدة أن السياسات القائمة على وضع الشروط للدعم العسكري الأمريكي للحكومات المسيئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فشلت في إحداث إصلاحات فعلية في مجال حقوق الإنسان، وتحولت عن الجهود المركزة لإنهاء عمليات نقل الأسلحة، كما يقتضيه القانون الأمريكي. يجب على منظمات حقوق الإنسان ومجموعات المناصرة والمؤسسات البحثية التي طالبت بربط جزء من الدعم العسكري الأمريكي لحكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المسيئة بإصلاحات في مجال حقوق الإنسان تقييم فعالية وتأثير هذه الدعوات.
بعد ورشة العمل الأخيرة حول "وضع الشروط" على المساعدات الأمريكية التي استضافتها منظمة (DAWN) ومركز الدراسات الدولية التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والتي ضمت أكثر من 30 منظمة رائدة في مجال السياسة الخارجية، أصدرت منظمة (DAWN) قائمة مفصلة من التوصيات لمجتمع السياسة الخارجية، وحثت على مراجعة قانونية عمليات نقل الأسلحة الأمريكية المستمرة إلى الحكومات المسيئة وتأثيرها على السكان المتضررين، وكذلك مزاياها الأخلاقية والاستراتيجية. تستند التوصيات مباشرة إلى نتائج ورشة العمل تلك، التي عُقدت في 7 مايو/أيار 2021 وتم إجراؤها بموجب "قواعد تشاثام هاوس". يمكن الاطلاع على تقرير متعمق يوثق جلسات ورشة العمل والنقاش هنا.
حثّت منظمة (DAWN)، من خلال التوصيات الواردة، مجتمع السياسة الخارجية على ضرورة التشاور مع أعضاء المجتمع المدني المستقلين في البلدان المعنية وإدراج أصواتهم في مناقشات ومناصرة سياسة الولايات المتحدة تجاه بلدانهم.
قال رائد جرار، مدير قسم المناصرة في منظمة (DAWN): "كان الكثير منا في مجتمع المناصرة منساقًا خلف افتراض مشكوك فيه وهو أن أفضل استراتيجية للتعامل مع الحكومات المسيئة هي وضع شروط خاصة بحقوق الإنسان على جزء من مساعدتها العسكرية، بدلًا من الإصرار على إنهاء كل هذه المساعدات". وأضاف: "لم يحقق هذا النهج تقدمًا ضئيلًا في مجال حقوق الإنسان فحسب، بل فشل أيضًا في الطعن في قانونية وأخلاقيات ومزايا تقديم الولايات المتحدة لأي دعم للحكومات التي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".
في إطار التأكيد على أهمية النقاش حول شروط المساعدات، يدرس وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن حاليًا ما إذا كان سيتم الموافقة على منح 300 مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي لمصر، وهو المبلغ الذي اشترط الكونغرس أن يتم الموفقة عليه عند القيام بتحسينات في سجل مصر في مجال حقوق الإنسان. يمكن لوزير الخارجية بلينكن التنازل عن هذه الشروط من خلال التذرع بإعفاء الأمن القومي لمصر. ويواجه مهلة إلى نهاية سبتمبر/أيلول بشأن الموافقة على المساعدات الأمنية—مع تزايد الأدلة على جهود الحكومة المصرية لإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر وحتى في الولايات المتحدة. حتى إذا استمرت إدارة بايدن في حجب 300 مليون دولار من المساعدات العسكرية، فإن تأثير حجبها يفوقه بكثير حقيقة أنه لا يزال هناك ما يقرب من مليار دولار من الدعم الأمريكي المستمر للحكومة المصرية هذا العام.
ترى الورقة السياساتية الصادرة عن منظمة (DAWN) بأن عمليات نقل الأسلحة الأمريكية إلى الحكومات المسيئة لا تنتهك القانون الأمريكي فحسب—وفقًا للمادة 502 (ب) من قانون المساعدات الخارجية، الذي يحظر المساعدات العسكرية للحكومات التي ترتكب انتهاكات جسيمة—ولكن أيضًا القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يحظر على الدول المساهمة في انتهاكات حقوق الإنسان. إنّ الدعوات إلى ربط الدعم العسكري الأمريكي بالإصلاحات جزئية وغير كافية بطبيعتها، ويمكن أن تسهم أيضًا في إلحاق الضرر. فهي تفشل في الطعن في قانونية الدعم العسكري الأمريكي للحكومات المسيئة والمبررات الاستراتيجية له، وتسعى فقط إلى وضع شروط على جزء منه في أفضل الأحوال.
يفشل وضع الشروط على المساعدات في الاعتراف بالتزامات الولايات المتحدة في مجال حقوق الإنسان من خلال تحميل المسؤولية الكاملة عن الانتهاكات—وبالتالي إلقاء اللوم—على الحكومة المتلقية. على الرغم من حقيقة أن المساعدات العسكرية لم يتم قطعها فعليًا، إلا أن الدعوات المستمرة لحكومة الولايات المتحدة "للضغط" على الحكومات المسيئة التي تتلقى المساعدات الأمريكية من خلال هذه الشروط تروّج لمفهومين مريبين: أن الحكومة المسيئة مستعدة للإصلاح، وأن الولايات المتحدة تفرض شروطًا فعلية على الدعم العسكري. تصرف شروط المساعدات هذه النظر عن الاعتراف بأن الدعم العسكري الأمريكي المستمر للحكومات المسيئة يجعل الولايات المتحدة متواطئة في انتهاكاتها، ويضر بشعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويضر كذلك بمكانة الولايات المتحدة ومصالحها.
تهدف التوصيات المقترحة من قبل منظمة (DAWN) إلى المساهمة في العمل المهم الذي يقوم به مجتمع السياسة الخارجية الأمريكي للدعوة إلى قرارات أفضل وأكثر استنارة للسياسة الخارجية الأمريكية وتصحيح الكثير من الأضرار التي نتجت عن عمليات نقل الأسلحة الأمريكية والدعم المالي والدبلوماسي للحكومات المسيئة والاستبدادية والتي تمارس الفصل العنصري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
قال جون تيرمان، المدير التنفيذي وعالم أبحاث رئيسي في مركز الدراسات الدولية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: "على مدى الثلاثين عامًا الماضية، نالت الشروط على المساعدات الأمريكية مقابل إصلاحات في مجال حقوق الإنسان نصيبها من النقد." وأضاف: "حتى الشروط المفروضة لأسباب وجيهة تميل إلى أن تكون متقلبة وغير عملية، وغالبًا ما يتم عدم الالتزام بها. يكشف هذا التحليل بوضوح أسباب عدم جدوى وضع الشروط على المساعدات".
تم وضع الأوراق العديدة المقدمة في ورشة العمل على شكل مقالات، وتم نشرها هذا الأسبوع في مجلة "الديمقراطية في المنفى" الخاصة بمنظمة (DAWN).
تناولت ورشة العمل أولًا وضع الشروط على المساعدات كمفهوم، بما في ذلك استخدامه وفعاليته. تناول المتحدثون والحضور في المقام الأول نقاط الضعف في شروط المساعدات، سواء تلك التي تؤيدها منظمات حقوق الإنسان أو مجموعات المناصرة أو المؤسسات البحثية. أولًا، هل سيؤدي وضع الشروط على المساعدات الأمريكية في الواقع إلى تغيير حسابات الجهات المتلقية؟ نظرًا لأن الكثير من هذا الدعم الأمريكي يُستخدم لدعم سلطة الأنظمة الحاكمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فمن غير المرجح أن يؤدي استمرار ذلك الدعم أو قطعه إلى تغيير الهدف الأساسي لتلك الأنظمة في تعزيز سلطتها. ثانيًا، هل يخدم هذا الدعم فعليًا تعزيز المصالح الأمريكية، التي يتم تصورها بشكل عام على أنها ترتكز على الأمن أو الازدهار الأمريكي؟ نظرًا لأن الحكومات المسيئة في المنطقة تستخدم الدعم الأمريكي لأغراضها الضيقة، فقد أثيرت شكوك كبيرة في ورشة العمل بشأن ما تحصل عليه الولايات المتحدة بالفعل مقابل مساعداتها.
ثم درست ورشة العمل البدائل الممكنة لوضع الشروط على المساعدات. فقد أكد المتحدثون والمشاركون أن وضع الشروط على المساعدات لم يعد مجديًا لأن الإصلاح الجاد في هذه الحكومات غير ممكن، خاصة بعد الانتفاضات العربية في عام 2011، عندما كان ردة فعل الأنظمة في جميع أنحاء المنطقة على المطالب الشعبية بالإصلاح من خلال القمع السياسي والانقلابات والثورات المضادة. وسواء كان ذلك في إطار دعم عسكري أو مساعدات اقتصادية أو حماية سياسية، فإن هذا الدعم الأمريكي سوف "يغذي" بطريقة أو بأخرى هذه الأنظمة الديكتاتورية، التي قمعت بوحشية المجتمع المدني وأي حركات احتجاجية في الداخل.
بدلًا من ذلك، ومن أجل التمسك بالمعايير الدولية والقانون الدولي، يجب على الولايات المتحدة اتباع قوانينها المحلية الخاصة بها فيما يتعلق بحقوق الإنسان والمساعدات العسكرية للحكومات الأجنبية المسيئة. يتم تجاهل هذه القوانين، على الرغم من وجودها في الكتب لسنوات، باستمرار من قبل الإدارات الأمريكية الديمقراطية والجمهورية، أو يتم إبطالها فعليًا من خلال إعفاءات الأمن القومي. وبدلًا من ربط المساعدات، سواء كانت عسكرية أو اقتصادية، بأهداف إصلاحية غير قابلة للتحقيق، يجب على الولايات المتحدة قطع مساعداتها تمامًا عن الحكومات المسيئة، مع عدم وجود المزيد من الافتراضات المعيبة بضرورة استمرار تلك المساعدات. يجب على حكومة الولايات المتحدة إعادة التفكير بشكل جوهري في أولويات سياستها الخارجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتأكد من أنها لم تعد متواطئة في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
تجدون أدناه توصيات منظمة (DAWN) الناتجة عن ورشة العمل.
التوصيات
إلى مجتمع السياسة الخارجية
تعزيز البحوث والتوصيات السياساتية إلى حكومة الولايات المتحدة لتشمل:
- مراجعة ودراسة نتائج وفعالية توصيات السياسة السابقة الخاصة بوضع شروط لعمليات نقل الأسلحة الأمريكية والمساعدات الاقتصادية والحماية الدبلوماسية لتقييم ما إذا كانت قد حققت أهدافها وما هو التأثير القابل للقياس الذي أحدثته على سلوك الحكومات المتورطة في انتهاكات منهجية وواسعة النطاق لحقوق الإنسان و/أو القانون الإنساني الدولي.
- التأكد من أن التوصيات تشمل البحث لتمثيل وجهات نظر الأصوات المستقلة بين المجتمعات المتأثرة من الحكومات المسيئة.
- التأكد في الفعاليات العامة من أن أي تجمع يكون متوازن ليشمل أصواتًا مستقلة من المجتمعات المتأثرة.
التأكد من أن جميع التقارير والكتابات المتعلقة بسياسة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقوم بـ:
- إجراء تقييم نقدي ومعالجة دور وتأثير الدعم الأمريكي للحكومات المسيئة. إذا كانت التوصيات تفترض استمرار هذا الدعم، حتى لو كانت مشروطة بالإصلاحات، فينبغي شرح سبب استمرار هذا الدعم وتكاليف وفوائد هذا الدعم.
- تدقيق نقدي يشمل الكيفية التي يؤدي فيها استمرار الدعم الأمريكي لحكومة مسيئة إلى خدمة المصالح الأمريكية أو إعاقتها، وكذلك حقوق الإنسان لسكان البلد المعني. التحقق من أن الدعم الأمريكي المستمر لن يضر بحقوق ومصالح السكان.
- التأكد من أن التقارير تناقش وتميز وتسلط الضوء على المدى الذي يتم فيه انتخاب الحكومة المسيئة بطريقة ديمقراطية ومدى تمثيلها للشعب وخضوعها للمساءلة أمام سكانها. هل يمكن وصفها بشكل عادل بأنها قادرة على التصرف لمصلحة سكانها؟
- التأكد من أن التقارير تحدد بوضوح أن دعم الولايات المتحدة يتم تقديمه إلى حكومة، وليس للدولة أو لشعبها، مثلًا "عمليات نقل أسلحة إلى حكومة المملكة العربية السعودية" وليس "عمليات نقل أسلحة إلى المملكة العربية السعودية."
- تضمين تقييم لالتزامات الولايات المتحدة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان وقوانين الحرب، وكذلك القوانين المحلية التي تحظر نقل الأسلحة إلى الحكومات المسيئة.
- وعلى وجه التحديد، التطرق إلى والمطالبة بامتثال الولايات المتحدة لـ:
- القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني.
- المادة 502 ب من قانون المساعدات الخارجية (في 22 U.S.C. §2304(a)-(i)).
- قوانين ليهي، بما في ذلك المادة 620 م من قانون المساعدات الخارجية لعام 1961 (22 U.S.C. 2378d)، المادة 362 من العنوان 10 من قانون الولايات المتحدة.
- الالتزام بتضمين أصوات الأشخاص من البلدان التي تتلقى الدعم الأمريكي، ولا سيما المنفيين السياسيين، إذ أنهم يقدمون منظورًا مستقلًا يعمل بمثابة ثقل موازن لسرديات حكوماتهم. أي تحليل لعواقب مثل هذه المساعدات لن يكون مكتملًا دون تقديم شهادات مباشرة عن كيفية تأثير هذه المساعدات على الناس على الأرض.