عمر حسن عبد الرحمن زميل زائر في مركز بروكنغز الدوحة، وهو في صدد تأليف كتاب عن الانقسام الفلسطيني في حقبة ما بعد اتفاقية أوسلو.
English
في صباح ذلك اليوم اغتالوا نزار بنات، حيث داهم عناصر من الأمن الفلسطيني منزل قريبه الذي كان يقيم فيه بمدينة الخليل بالضفة الغربية. قبل إلقاء القبض على نزار، رشّوا عليه رذاذ الفلفل وضربوه بشدة بالهراوات أمام زوجته وأطفاله. وفي غضون ساعات قليلة من احتجازه، تم الإعلان عن وفاته.
نشر نزار بنات، وهو نجّار وناشط سياسي بارز من قرية في ضواحي الخليل، انتقادات لاذعة على الإنترنت للسلطة الفلسطينية وكبار مسؤوليها، بما في ذلك رئيسها الاستبدادي محمود عباس البالغ من العمر 85 عامًا.
لكن من الناحية السياسية، لم يكن نزار ناشطًا فحسب، بل كان مرشحًا للبرلمان في الانتخابات التي كان من المفترض إجراؤها في 22 مايو/أيار—والتي كانت ستكون أول انتخابات فلسطينية منذ 15 عامًا—قبل أن يلغي عباس الانتخابات من جانبه في أبريل/نيسان. بدأت حركة فتح التي يتزعمها عباس في الانقسام في الفترة التي سبقت الانتخابات، ما أدى إلى إضعاف فرصه الانتخابية. لم تحظ هذه الخطوة بشعبية، حيث طالب أكثر من 70 في المائة من الفلسطينيين في أحد الاستطلاعات التي تمت لاحقًا بإجراء الانتخابات.
بدت وفاة نزار بنات في البداية بمثابة غطاء لحملة قمع ضد النشطاء والمعارضين السياسيين من قبل أجهزة الأمن والاستخبارات التابعة للسلطة الفلسطينية، منذ أواخر أبريل/نيسان، بعد إلغاء الانتخابات. لكن الأمور ساءت بعد ذلك، حيث تصاعد القمع مع تصاعد عمليات الضرب والاعتقالات ضد النشطاء والمحامين والصحفيين البارزين، بعد أيام من المظاهرات التي ندّدت بمقتل بنات في عدة مدن في جميع أنحاء الضفة الغربية.
من ناحية، تبدو حملة القمع المتزايدة التي تقوم بها السلطة الفلسطينية كرد فعل على تآكل الدعم لعباس في أعقاب كل ما حدث في فلسطين هذا الربيع، بدءًا من الانتخابات الملغاة إلى عمليات الإخلاء التي تلوح في الأفق للفلسطينيين في القدس الشرقية. ولكن يجب أيضًا أن يُنظر إليها من خلال ارتباطها بالتوجهات طويلة المدى لتعميق الاستبداد والأسس المتداعية لشرعية السلطة الفلسطينية.
كان توقيت إلغاء عباس للانتخابات في غاية السوء. ففي الأسابيع التي سبقت وتبعت ذلك القرار، نزل الفلسطينيون الذين يعيشون في القدس إلى الشوارع، حيث كانوا يحتجون على الإجراءات التعسفية التي تتخذها السلطات الإسرائيلية لإغلاق أماكن التجمعات الفلسطينية خلال شهر رمضان المبارك، وعلى الطرد الوشيك لعائلات فلسطينية من منازلهم في حي الشيخ جراح بحسب قرار محكمة إسرائيلية.
ومع قيام القوات الإسرائيلية بقمع الاحتجاجات بعنف—حتى وصل الأمر إلى مداهمة المسجد الأقصى، وتفريق المصلين داخل المسجد بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية—وقف عباس والسلطة الفلسطينية موقف المتفرّج بشكل واضح.
وتناقضت سلبيتهم بشكل ملفت مع حماس، الحركة الإسلامية التي تحكم قطاع غزة، والتي أطلقت الصواريخ على إسرائيل "دفاعًا" عن القدس. على الرغم من عدم دعم كل الفلسطينيين لإطلاق حماس للصواريخ الأخيرة، فقد احترم الكثيرون أن حماس كانت على الأقل مستعدة للرد على الإسرائيليين وهم يهاجمون الفلسطينيين في القدس وخارجها، على عكس موقف السلطة الفلسطينية.
الدعم الشعبي لعباس والسلطة الفلسطينية، الذي كان يتراجع بالفعل منذ سنوات، انهار فجأة. في استطلاع للرأي أُجري في يونيو/حزيران، قال 14 في المائة فقط من الفلسطينيين إن فتح تستحق تمثيلهم وقيادتهم. لقد كان سقوطًا ملحوظًا للحزب الذي أسسه ياسر عرفات، والذي قاد حركة التحرير الفلسطينية منذ أواخر الستينيات. وهو أيضا اتهام آخر لقيادة عباس.
تأسست السلطة الفلسطينية عام 1994 بموجب اتفاقية أوسلو لفترة مدتها خمس سنوات فقط. لكن مع استمرارها في العمل إلى أجل غير مسمى على الرغم من انهيار إطار عمل اتفاقية أوسلو، فقد تم فصلها تمامًا عن العملية الدبلوماسية التي أوجدتها إلى حيز الوجود. بينما تستمر السلطة الفلسطينية في أعمالها في حالة من النسيان السياسي، إلا أن سلطتها محصورة في الغالب في رام الله، وتواصل إسرائيل توسيع مستوطناتها وتعزيز سيطرتها الدائمة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإغلاق الباب أمام السلطة الفلسطينية في تحقيق مهمتها في أن تصبح دولة فلسطينية.
ما تبقى هو التزاماتها غير المؤممة المتمثلة في مراقبة المراكز السكانية الفلسطينية وإدارة الخدمات الأساسية—بمعنى آخر، الالتزامات القانونية لقوة الاحتلال التي كانت إسرائيل، بعد الانتفاضة الأولى، تسعى بشدة إلى التخلي عنها.
ومع ذلك، لا يريد الفلسطينيون أن يعيشوا كأجانب محرومين بشكل دائم من حقوقهم تحت الحكم الإسرائيلي. وهم لا يريدون أن تتصرف حكومتهم كمقاول فرعي للاحتلال الإسرائيلي. وعلى الرغم من ذلك، ليس لدى الجمهور أيضًا وسيلة لتحدي قيادتهم، التي رفضت التنازل عن السلطة على مؤسساتهم على الرغم من عدم وجود استراتيجية لتحرير الفلسطينيين من الاحتلال الإسرائيلي إلا من خلال عملية سلام لم تعد موجودة بالنسبة لحركة فتح، أو من خلال المقاومة المسلحة غير الفعالة بالنسبة لحركة حماس.
يرجع ذلك جزئيًا إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية، على الرغم من الاعتراف بها على أنها "الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني"، بدأت في التدهور التدريجي نتيجة لاتفاقية أوسلو—والتي يقودها عباس أيضًا. كما أن ذلك التدهور كان أيضًا بسبب انهيار الديمقراطية في السلطة الفلسطينية في أعقاب الانتخابات الأخيرة التي أجريت في عام 2006.
في ذلك الوقت، ردت الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وإسرائيل على انتصار حماس غير المتوقع في صناديق الاقتراع بقطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية. ونظرًا لاعتماد المؤسسات الفلسطينية على هذه الأطراف الخارجية، تعرّض عباس لضغوط هائلة لإلغاء نتائج الانتخابات. في نهاية المطاف، أدى ذلك إلى صراع داخلي بين فتح وحماس نتج عنه انقسام النظام الفلسطيني إلى قسمين، حيث تسيطر السلطة الفلسطينية على الضفة الغربية وتسيطر حماس على قطاع غزة. وفي حين عارض مؤيدو السلطة الفلسطينية بشكل عام المصالحة بين الفصيلين، وجدت فتح وحماس أيضًا أن الوضع مفيد، مما سمح لهما بتعزيز احتكارهما للسلطة على مناطق كل منهما دون تدخل من الطرف الآخر.
مع تنامي الاستياء العام ردًا على الاستبداد المتعمق داخل السلطة الفلسطينية وحماس، كان على كليهما الاعتماد بشكل متزايد على قواتهما الأمنية لمنع أي تحديات لسيطرتهما المؤسسية. بعبارة أخرى، تم استبدال الحكم بالرضا بالحكم بالقمع.
في حين أن الفلسطينيين كانوا مستائين من هذا القمع في كل من الضفة الغربية وغزة لسنوات، فإن مواجهة السلطة الفلسطينية وحماس صعبة للغاية لأنهما مجرد طبقات فرعية من السلطة تعمل في ظل الهيمنة النهائية لإسرائيل.
إذا انتفض الفلسطينيون على السلطة مثلًا، فمن سيحل محلها؟ لقد شكل عدم الوضوح حول هذا السؤال معضلة لسنوات للنشطاء الفلسطينيين والمجتمع المدني. وبالمثل، من الذي سيدير الخدمات، مثل الصحة والتعليم والمرافق في الضفة الغربية إذا لم توجد السلطة الفلسطينية؟ قبل اتفاقية أوسلو، كانت إسرائيل هي التي تقوم بذلك من خلال الفرع المدني لجيشها. فبدون السلطة الفلسطينية، من غير المؤكد ما إذا كانت إسرائيل ستضطلع بهذا الدور مرة أخرى في ظل الاحتلال—ناهيك عن حتى قبول الفلسطينيين بالعودة إلى الحكم العسكري الإسرائيلي المباشر.
علاوة على ذلك، تقدّر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية دور السلطة الفلسطينية في مراقبة السكان الخاضعين لسيطرتها، ما يجعلها صاحبة مصلحة في وجود السلطة الفلسطينية. هذا صحيح بشكل خاص لأن عباس ورفاقه كانوا على استعداد لمواصلة التنسيق الأمني مع إسرائيل حتى دون أي تقدم لسنوات على المستوى السياسي فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية. إنهم في الحقيقة الشركاء المثاليون للإسرائيليين. لم يكن مفاجئًا أن نرى قوات الأمن الإسرائيلية تتصرف بالتنسيق الواضح مع السلطة الفلسطينية لاستهداف المعارضين خلال الحملة القمعية الحالية. لا مصلحة لإسرائيل في سقوط قيادة السلطة الفلسطينية هذه.
كان المنزل الذي كان يقيم فيه نزار بنات وقت اعتقاله في منطقة في الخليل تخضع لسلطة إسرائيلية كاملة. كان على السلطة الفلسطينية أن تحصل على إذن خاص من إسرائيل لدخول المسكن، وهو ما منحته على الرغم من أن إسرائيل كانت تعلم أن التهديد الوحيد الذي يشكله هذا الناقد الفلسطيني هو تهديد سياسي للسلطة الفلسطينية، وليس تهديدًا أمنيًا لها أو لأي طرف آخر.
منذ وفاة نزار بنات، اعتقلت إسرائيل منتقدين آخرين للسلطة الفلسطينية، بما في ذلك المحامي والعضو البارز في اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان ومقرها رام الله، فريد الأطرش، الذي اعتُقل عند نقطة تفتيش إسرائيلية بالقرب من بيت لحم في 4 يوليو/تموز أثناء عودته من مظاهرة مناهضة للسلطة الفلسطينية في رام الله. كما تم اعتقال الصحفي المعروف علاء الريماوي، الذي سبق وأن اعتقلته إسرائيل في رام الله في أبريل/نيسان، من قبل السلطة الفلسطينية في 4 يوليو/تموز، على ما يبدو بعد إلقاء تأبين لصديقه نزار بنات في مسجد انتقد فيه مسؤولي السلطة الفلسطينية.
ومن خلف هذه الأفعال التعسفية من قبل إسرائيل والسلطة الفلسطينية، هناك الداعمون الدوليون للوضع الراهن، ولا سيما الولايات المتحدة وأوروبا. فمن منظورهم، تظل السلطة الفلسطينية ضرورية لأنها تساعد على توفير الأمن لإسرائيل، وتحافظ على الاستقرار في الضفة الغربية، وتعتبر عنصرًا هامًا فيما يسمى بعملية السلام، في حالة إعادة إحيائها.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وأوروبا قد تدعم خطابيًا الديمقراطية الفلسطينية وحقوق الإنسان، إلا أنها لا تعتقد أن المساعدات والدعم التي تقدمه للسلطة الفلسطينية له ذلك التأثير على حقوق الإنسان. وهذا يساعد في تفسير سبب عمل السلطة الفلسطينية بإفلات نسبي من العقاب تجاه الأشخاص المفترض أنها تمثلهم.
في الواقع، بعد أن ألغى عباس الانتخابات في أواخر أبريل/نيسان، نشر نزار بنات رسالة موجهة إلى ممثلي الاتحاد الأوروبي في فلسطين على صفحته على الفيسبوك التي تتمتع بشعبية عالية، قائلًا إنه يعتزم تقديم التماس إلى محاكم الاتحاد الأوروبي لوقف تمويل السلطة الفلسطينية. في الليلة نفسها، هاجم مسلحون منزل قريته بالذخيرة الحية والقنابل الصوتية بينما كان نزار بنات وعائلته في الداخل. كان ذلك الاعتداء هو الذي دفعه إلى البحث عن الأمان في منزل قريب له في وسط الخليل، خارج نطاق سلطة السلطة الفلسطينية.
بعد مقتل نزار بنات، أدان الاتحاد الأوروبي الحادث ودعا السلطة الفلسطينية إلى التحقيق في الأمر. لكن الاتحاد الأوروبي تبرأ أيضًا من أي لوم بقوله أنه لم يقدم أموالًا مباشرة لقوات الأمن الفلسطينية. لكن هذا العذر يتجاهل أن المال قابل للحركة وأن قوات الأمن الفلسطينية لا تعمل بشكل مستقل عن القيادة في رام الله التي تتخذ القرارات.
في الواقع، بدون برلمان فلسطيني فاعل أو قضاء مستقل، تعمل قوات الأمن بأمر من عباس، دون أي رقابة مؤسسية أخرى، وتستحوذ على ما يقرب من ثلث ميزانية الحكومة بأكملها. طالما أن السلطة الفلسطينية تتلقى هذا النوع من التمويل الغربي دون شروط لدعم الديمقراطية، بما في ذلك إجراء الانتخابات وحماية حقوق الإنسان، فسيستمر استخدام قوات الأمن الفلسطينية كأداة للقمع الاستبدادي، وسيكون المزيد من النشطاء مثل نزار بنات ضحايا لذلك.