فريدريك ديكناتل المحرر التنفيذي لمجلة الديمقراطية في المنفى الخاصة بمنظمة (DAWN)
أسطورة أسلحة الدمار الشامل و "الصدمة والرعب". حقائق الاحتلال الأمريكي: من النهب ومخالفة القانون وسجن أبو غريب.
بدأت القصة قبل 20 عامًا، عندما تم شن الحرب في العراق بضربات جوية أمريكية ضخمة على بغداد—في إطار ما أطلق عليه جورج دبليو بوش، في خطابه المتلفز من المكتب البيضاوي: "المراحل الأولى من العمليات العسكرية لنزع سلاح العراق وتحرير شعبه والدفاع عن العالم من خطر جسيم". بدا الأمر وكأنه وهم المحافظين الجدد، وقد كان بالفعل كذلك.
بعد مرور عشرين عامًا، بعد مقتل ما لا يقل عن مئات الآلاف من العراقيين—وربما أكثر من مليون وفقًا لبعض التقديرات الموثوقة—ومقتل ما يقرب من 5,000 جندي أمريكي، فإن إرث الحرب يبدو وكأنه نقاش لا ينتهي حول حماقة القوة الأمريكية و إخفاقات السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. لقد كُتب وقيل الكثير عن الدروس التي يُفترض تعلمها من الحرب، على الرغم من أن مهندسي ومشجعي الحرب قد تجنبوا بالتحديد أي محاسبة ومساءلة—وتملصوا من القضية دون حساب.
ولفهم وجهات النظر من الشرق الأوسط وإبرازها، بدلًا من وجهات نظر المشتبه بهم المعتادين في واشنطن، قامت مجلة الديمقراطية في المنفى بالتواصل مع العراقيين وأصوات أخرى في المنطقة، إلى جانب خبراء ومراقبين إقليميين آخرين، وطرح سؤال في هذه الذكرى. ما هو الدرس الذي لم نتعلمه من الحرب في العراق بعد مرور 20 عامًا من الغزو؟
يكاد يكون من المستحيل تحقيق نتيجة صادقة من هدف غير صادق. كانت حرب الولايات المتحدة ضد العراق مبنية على عدم الصدق.
زيد العلي
يكاد يكون من المستحيل تحقيق نتيجة صادقة من هدف غير صادق. كانت حرب الولايات المتحدة ضد العراق مبنية على عدم الصدق.
– زيد العلي
انعدام مستمر للمصداقية
الدرس الوحيد الذي لم يتم تعلمه هو أنه يكاد يكون من المستحيل تحقيق نتيجة صادقة من هدف غير صادق. كانت حرب الولايات المتحدة ضد العراق مبنية على عدم الصدق: لم تكن هناك أسلحة دمار شامل، وهو ما كان واضحًا لي قبل اندلاع الحرب وكان واضحًا لأي شخص أعطى الأمر حقه من بالتفكير. كانت الولايات المتحدة ممثلًا غير صادق، وجذبت حلفاء عراقيين لهم تفكير مشابه—أفراد كذبوا بشأن نواياهم الحقيقية. لقد زعموا أنهم يريدون جلب الديمقراطية إلى العراق ولكن ما قاموا به هو تأسيس نظام كليبتوقراطي. إنهم يشغلون الآن جميع المناصب العليا في الدولة، والتي يستخدمونها لاستنزاف الدولة وإثراء أنفسهم.
السؤال الآخر، الذي لم تتم الإجابة عنه بعد هو كيف يمكن معالجة هذا الوضع؟ منذ عام 2008 على الأقل، ظل المراقبون يقولون أنه بدون تغيير كامل في نهج الحكم في العراق، ستكون هناك انتفاضة شعبية لا يمكن السيطرة عليها وربما تكون هناك ثورة. بعد مرور خمسة عشر عامًا، لم يحدث ذلك بعد، ولا يوجد زخم تجاه الوصول إلى هذه النتيجة. نفس الشيء في لبنان. لقد قامت نفس الأطراف بإفلاس البلاد ولا يبدو أن لدى أحد أية أفكار واضحة حول كيفية تجاوز هذا الوضع. في غضون ذلك، فإن العراقيين الذين يريدون أن يعيشوا حياتهم على أكمل وجه غادروا البلاد. هذا لغز من صنع أمريكا ولكن على العراقيين أن يتعايشوا معه، مع عدم وجود رؤية حقيقية لمعالجة هذا الوضع في أي وقت قريب.
زيد العلي مستشار رفيع حول بناء الدستور في المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية، ومؤلف كتاب "الكفاح من أجل مستقبل العراق: كيف أدى الفساد وعدم الكفاءة والطائفية إلى تقويض الديمقراطية".
غزت الولايات المتحدة العراق بهدف نبيل وهو جلب الديمقراطية إلى البلاد. ومع ذلك، بدلًا من ذلك، انتهى الأمر بالعمل مع قادة غير مسؤولين وغير ديمقراطيين حولوا العراق إلى نظام حكم كليبتوقراطي.
كمال شوماني
تجاهل المواطنين العراقيين
تواصل الولايات المتحدة تسييس الديمقراطية، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط. الدرس الذي لم نتعلمه من غزو العراق هو أن الدولة الديمقراطية في الشرق الأوسط لن تكون بالضرورة حليفًا قويًا لأمريكا. أظهرت تجربة العراق المستمرة مع التحول الديمقراطي أن المواطنين وممثليهم لديهم وجهات نظر مختلفة على نطاق واسع حول السياسة الدولية، مما أدى في كثير من الأحيان إلى استقطاب داخلي. حتى أولئك المتعاطفين مع الغرب ما زالوا يتأثرون بالسياسات والأيديولوجيات الإقليمية، بسبب الحدود والتاريخ والثقافات المشتركة. لم يتم فهم هذا الأمر ولم يقدّره صانعو السياسة الأمريكيون الذين دفعوا باتجاه غزو العراق والذين استمروا في الحكم على نجاح العراق أو فشله بناءً على مدى قربه من السياسة الخارجية الأمريكية—لا سيما تجاه إيران—وليس من خلال حالة مؤسساتها الديمقراطية، مثل الانتخابات التنافسية والمنتظمة وحرية التعبير والتجمع. نتيجة لذلك، من المفارقات أن الولايات المتحدة أصبحت أكثر قبولًا للأفراد والممارسات غير الديمقراطية في السياسة العراقية، طالما أنهم "حصن" ضد إيران. هذا يدل على عدم احترام المواطنين العراقيين، الذين من المفترض أن الغزو والاحتلال برمته كان من أجل حقوقهم.
– حمزة حداد باحث ومحلل سياسي مقيم في بغداد، وزميل مساعد في مركز الأمن الأمريكي الجديد.
*
لا محاسبة ولا مساءلة
الجواب ببساطة: المساءلة.
نعترف بأن غزو العراق كان غير قانوني. يقول البعض أننا لو علمنا أن صدام حسين لا يمتلك أسلحة دمار شامل أو يقوم بتطويرها ، لما غزينا العراق. إذن، كيف نحاسب الناس على الفوضى والعنف الناتج، ليس فقط في العراق، بل في كامل المنطقة نتيجة غزو عام 2003؟ في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية عام 2004، قال الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بشكل واضح عن الغزو: "لقد أشرتُ إلى أن ذلك لا يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة من وجهة نظرنا، ومن وجهة نظر الميثاق، كان الأمر أيضًا غير قانوني". لكن إدانة عدم شرعية الحرب لا تكفي دون اتخاذ إجراءات فعلية تجاه المسؤولين عنها. ففي نهاية المطاف، اعترف جورج دبليو بوش في مقابلة في عام 2010 حول الحرب، بعد أن ترك منصبه: "كنت مسؤولًا … كان القائد الأعلى مسؤولًا. أتمنى لو وجدنا أسلحة دمار شامل. ومع ذلك، هذا لا يجعل القضية قضية خاسرة". لم يكن هناك تفكير في قرار شن الحرب على العراق من قبل صناع القرار الذين خاطروا بـ "الغزو الوحشي غير المبرر كليًا" للعراق، والذي سيشوه أمريكا وحلفائها إلى الأبد.
–نور غازي ناشطة سلام دولية ومترجمة للغة العربية. وُلدت ونشأت في بغداد، وبعد مكوثها فترة في سوريا، هاجرت إلى الولايات المتحدة كلاجئة في عام 2008. نور غازي باحثة زائرة ومحاضرة في اللغة العربية في جامعة نورث كارولينا بجرينزبورو.
*
لا يمكن تأسيس الديمقراطية بدون ديمقراطيين
أعتقد اعتقادًا راسخًا أن كلا من القيادات الأمريكية والعراقية لم تتعلم أي دروس من الغزو الكارثي عام 2003، وقد كان ذلك واضحًا من خلال استمرارهم في لعب نفس الألعاب الكلاسيكية القديمة للسياسة التي تركز على مصالحهم الضيقة. وعلى الرغم من ذلك، فإن الأمر المقلق أكثر هو أن العالم بأسره يبدو أنه فشل أيضًا في فهم الدروس المستفادة من غزو العراق وأفغانستان. نرى كيف تذكرنا حرب روسيا على أوكرانيا بشكل يومي بالصدمات التي خلفها الغزو الأمريكي للعراق، ومع ذلك لا يبدو أن أحدًا قد تعلم من هذه الأخطاء الماضية.
أحد الدروس الهامة التي يجب أن أؤكدها، والذي يبدو أنه تم تجاهله تمامًا—وهنا أريد أن أشير إلى اقتباس من أول رئيس منتخب في ألمانيا، الزعيم الاشتراكي الديمقراطي فريدريش إيبرت—هو أنه لا يمكن تأسيس الديمقراطية بدون ديمقراطيين. غزت الولايات المتحدة العراق بهدف نبيل وهو جلب الديمقراطية إلى البلاد. ومع ذلك، بدلًا من ذلك، انتهى الأمر بالعمل مع قادة غير مسؤولين وغير ديمقراطيين حولوا العراق إلى نظام حكم كليبتوقراطي. أصبح الاقتصاد اقتصادًا ريعيًا، وأصبح المجتمع طائفيًا وزبائنيًا، ما جعله غير متسامح مع التغيير. من الواضح أنه لن يتم تأسيس أي ديمقراطيات من خلال قادة غير ديمقراطيين. ومن أجل المساعدة على ظهور قادة ديمقراطيين، ينبغي على الولايات المتحدة تحويل سياستها التقليدية من إعطاء الأولوية "للاستقرار" إلى إعطاء الأولوية للديمقراطية. إنّ السياسة المختلة المتمثلة في إعطاء الأولوية للاستقرار قد ساعدت القادة غير الديمقراطيين على أن يصبحوا مستبدين طغاة، كما رأينا في العراق والشرق الأوسط بأكمله.
قصة غزو العراق لا تنتهي عند هذا الحد. إنه لأمر مأساوي أن نرى أن العديد من العراقيين ما زالوا يتوقعون من الولايات المتحدة أن تؤسس الديمقراطية لهم، على الرغم من مرور 20 عامًا منلفشل الولايات المتحدة كدولة فشل العراق كدولة ومجتمع. لقد حان الوقت للولايات المتحدة للاعتراف بهذا الفشل وتغيير سياساتها من أجل نهج أكثر ديمقراطية، وعندها فقط يمكننا أن نبدأ في رؤية تقدم حقيقي نحو الديمقراطية والاستقرار في الشرق الأوسط.
–كمال شوماني صحفي ومحلل من إقليم كردستان العراق وأحد مؤسسي صحيفة كوردستان تايمز.
*
العواقب الدائمة للتدخل الأمريكي
قبل عشرين عامًا، كنت في بغداد عندما بدأ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق. بعد عقدين من الزمن، أنظر إلى الوراء وأتساءل، ما هي الدروس التي تعلمناها من هذه الحرب الكارثية؟ بصفتي شخصًا أمضى جزءًا كبيرًا من حياته في العمل على قضايا الشرق الأوسط، يمكنني القول أنه لم يتم تعلم درس واحد بعد: يجب أن ينتهي التدخل الأمريكي والدعم للحكومات المسيئة في المنطقة.
لفترة طويلة، تدخلت الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط تحت ستار نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان. ومع ذلك، فإننا نواصل دعم الأنظمة الاستبدادية التي تنتهك نفس القيم التي ندّعي الدفاع عنها. لقد غضينا الطرف عن انتهاكات حلفائنا في المنطقة، من إسرائيل إلى السعودية إلى مصر، كل ذلك باسم "الاستقرار".
كما ساهمت عقدة المنقذ لجماعات حقوق الإنسان في واشنطن في حدوث هذه المشكلة. غالبًا ما تعمل العديد من المنظمات على الترويج لأهداف السياسة الأمريكية، بدلًا من مصالح أولئك الذين تدّعي أنهم يمثلونهم. في حالة العراق، دعمت العديد من هذه المنظمات الحرب وساعدت في تبرير الغزو للجمهور الأمريكي.
لكن الحرب في العراق كانت فاشلة وما زالت نتائجها محسوسة حتى اليوم. يمكن إرجاع الكثير من ظهور الطائفية وزعزعة الاستقرار في المنطقة إلى الغزو الأمريكي. يجب أن ندرك أن أفعالنا لها عواقب حقيقية ودائمة، ويجب أن نتحمل مسؤوليتها.
إذن، ماذا يمكننا أن نفعل الآن؟ يمكننا أن نبدأ بإنهاء دعمنا للأنظمة الاستبدادية والفصل العنصري في المنطقة والعمل على تعزيز الديمقراطية الحقيقية وحقوق الإنسان. يمكننا الاستماع إلى أصوات الناس على الأرض، بدلًا من الاعتماد على النخب المهتمة بأنفسها وجماعات الضغط ذات المصلحة الخاصة. ويمكننا الاعتراف بأن تدخلاتنا في المنطقة غالبًا ما جعلت الوضع أسوأ وليس أفضل.
حان الوقت للتعلم من أخطائنا ورسم مسار جديد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مسار يقوم على احترام سيادة الدول، ودعم الديمقراطية الحقيقية وحقوق الإنسان، والالتزام بالسلام والاستقرار للجميع.
– رائد جرار مدير المناصرة في منظمة (DAWN).
لقراءة المحتوى الكامل للمائدة المستديرة باللغة الإنجليزية، انقر هنا.