DAWN’s experts are the driving force behind the organization’s mission and vision. Our experts complement our research work and bolster our advocacy efforts.

No posts found!

Read all the latest articles from the DAWN team of Experts and Contributors.

الحنق هي الكلمة المناسبة لوصف رد الفعل الدولي على مقتل جمال خاشقجي، فقد أدانت الدول والمنظمات الدولية والشركات وهيئات المجتمع المدني جريمة القتل وطالبت بالعدالة لجمال. شملت ردود الفعل البيانات الصحفية والتقارير وحظر منح التأشيرات والعقوبات ومقاطعة المؤتمرات والصفقات التجارية الملغاة والتحقيقات والقرارات وحظر توريد الأسلحة والدعاوى القضائية.

ينبع جزء من هذا الحنق من وقاحة ووحشية القتل ومن انعدام كفاءة السعوديين المذهل وهم يحاولون التستر على ما اقترفوه. وقد تلاشى إنكار المسؤولين السعوديين المصبغ بالمظلومية الساعة تلو الأخرى كلما  كشفت الحكومة التركية شيئا فشيئا عن أجزاء من الأدلة في سعي منها لإلحاق أقصى الأضرار بسمعة المملكة العربية السعودية. وبالفعل، لم يكن من الواضح، لأسابيع عدة، ما إذا كان العقل المدبر لجريمة القتل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سينجو  من العاصفة ويحافظ على قبضته على السلطة في المملكة العربية السعودية أم لا.

بيد الحنق تبدد وألقت الولايات المتحدة، الراعي الرئيسي للسعودية، في شخص الرئيس ترامب، بطوق النجاة لابن سلمان وقبلت ادعائه غير المعقول بمعقولية الإنكار. وإن لم يكن ذلك كافياً، فإن السعوديين هم المصدر الأول للنفط في العالم والمشتري الأول للأسلحة في العالم ولديهم ثروة فاحشة. لقد استخدموا نفطهم وثروتهم لتلميع الحواف الخشنة لسلوكهم الفظيع. ففي غضون أشهر من مقتل خاشقجي، بدأت العديد من الدول والشركات في استئناف معاملاتها المعتادة مع المملكة العربية السعودية.

غير أن الوصمة لم تختف. فقد رفضت بعض الحكومات والشركات، على قلتها، استئناف معاملاتها كما اعتيد سابقا. في الآن نفسه، حافظت منظمات المجتمع المدني على نفس وتيرة وزخم المطالبة بمحاسبة قتلة خاشقجي. ونتيجة لذلك، وبغض النظر عن رؤى المستقبل العظيمة لمحمد بن سلمان وإبرامه للعديد من الصفقات التجارية، فما يزال هناك وصم لصيق باسمه ألا وهو  القاتل.

البلدان

تباينت ردود فعل الدول وقادتها على مقتل خاشقجي. فقد آثرت العديد من البلدان عدم إصدار تصريح بهذا الشأن، فيما سارعت أخريات، بما في ذلك جميع دول الخليج ومعظم الدول العربية الأخرى، للدفاع عن ولي العهد محمد بن سلمان والنظام السعودي.

كقاعدة عامة، أدانت الحكومات الغربية مقتل خاشقجي ودعت إلى التحقيق والمساءلة، حيث أعربت الواحدة تلو الأخرى عن إدانتها بالانسحاب من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار المزمع عقده في 23-25 أكتوبر/ تشرين الأول بالرياض. شكل مؤتمر الرياض، الذي أطلق عليه اسم "دافوس في الصحراء"، أول ظهور دولي لولي العهد محمد بن سلمان عقب مقتل خاشقجي مما أتاح فرصة قياس مدى عزلته. كان الحدث كارثة لولي العهد فيما يتعلق بالغرب حيث انسحبت أستراليا وكندا والدنمارك وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى من المؤتمر.

كما فرضت دول غربية حظر السفر على 18 من الذين يشتبه في تورطهم في جرائم القتل حيث نسقت ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة بشأن إصدار أوامر حظر السفر الذي سرى مفعولها في جميع البلدان الـ 26 في منطقة شنغن الأوروبية المفتوحة الحدود.

كما فرضت العديد من الدول الغربية، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة، عقوبات اقتصادية وجمدت أصول الجناة الـ18 المشتبه بهم. لكن الملاحظ هو غياب العقل المدبر لجريمة القتل ولي العهد محمد بن سلمان عن جميع قوائم حظر السفر والعقوبات.

ومع ذلك، كان هناك اختلاف كبير في ردود الفعل بين الدول الغربية التي صدرت معدات عسكرية إلى المملكة العربية السعودية. في أعقاب مقتل خاشقجي وفي خضم وجود أدلة على جرائم حرب ارتكبها السعوديون في اليمن، أعرب جميع موردي الأسلحة الغربيين عن تحفظات جدية بشأن استمرار بيع الأسلحة للسعودية، لكن قلة قليلة فقط هي التي اتخذت القرار الصعب بتعليق تصدير الأسلحة إليها.

يستعرض هذا القسم ردود فعل 21 دولة ويقسمها إلى أربع فئات حسب طبيعة ردها على مقتل خاشقجي. الفئة الأولى تتكون من الدول التي أوقفت تصدير الأسلحة إلى السعودية بعد مقتل خاشقجي، وهي الفئة الأقل عددا. إنها الفئة الأصغر، لأن حوالي 12 دولة فقط كانت تصدر فعليا الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية إبان مقتل خاشقجي، ولأن إصدار إدانة وحظر تأشيرة أمر وخسارة عميل جيد أمر صعب ومكلف آخر.. بل إنه عميل يدفع الكثير في كثير من الحالات.

للتوضيح، لم يكن حظر تصدير الأسلحة بالأمر القطعي، فقد تسربت معلومات عن تسليم دول الفئة الأولى، على سبيل المثال، قطع الغيار خاصة بطلبات سابقة، فتجار الأسلحة لا يخضعون أنفسهم بالضرورة لتصنيفات قطعية. ومع ذلك، فقد تكبدت جميع دول الفئة الأولى تكلفة باهظة في خفض صادراتها من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية في أعقاب مقتل خاشقجي.

الفئة الثانية تشمل الدول التي زودت السعودية بالأسلحة إبان مقتل خاشقجي وواصلت إمدادها بها بعد ذلك. أما الفئة الثالثة فهي تلك الدول التي لم تحرك ساكنا أو هبت للدفاع عن ولي العهد محمد بن سلمان والنظام السعودي في أعقاب جريمة القتل. وتتألف الفئة الرابعة من  الحالات الاستثنائية أي البلدان التي تصرفت بطرق غير متوقعة ولا تتناسب وإحدى الفئات الثلاث الأخرى.

الفئات الأربع ليست شاملة. فهي لا تدرج  نيوزيلندا، مثلا، والتي أدانت مقتل خاشقجي وأصدرت أمرا بحظر سفر الجناة المشتبه بهم،  غير أنها لم تزود المملكة العربية السعودية بالأسلحة كما لم يكن عليها أن تقرر ما إذا كانت ستستمر في ذلك. . إلا أن الفئات الأربع ترسم صورة عامة للخيارات، السهل منها والصعب، والتي كان  على كل دولة اتخاذها في أعقاب مقتل خاشقجي.

الفئة الأولى: الدول التي علقت بيع وتصدير الأسلحة إلى السعودية

الدنمارك

في 20 أكتوبر / تشرين الأول 2018، انتقد رئيس الوزراء الدنماركي لارس لوك راسموسن افتقار الحكومة السعودية للشفافية فيما يتعلق بوفاة جمال خاشقجي وقال: "إن تأكيد السعوديين الليلة الماضية وفاته بعد أن أقروا سابقا أنه غادر القنصلية حيا يظهر أننا لم نخبر بالحقيقة كاملة، وعليه فإنه يجب أن نصر على الحصول عليها".

وفي 22 نوفمبر / تشرين الثاني 2018، أعلنت الدنمارك تعليق جميع مبيعات الأسلحة والمعدات العسكرية للسعودية ردًا على الاغتيال. وإلى حدود 1 سبتمبر / أيلول 2020، ما تزال الدنمارك تعلق بيع الأسلحة وتصديرها إلى المملكة العربية السعودية.

فنلندا

في 20 أكتوبر / تشرين الأول 2018، غردت وزارة الخارجية الفنلندية بشأن مقتل خاشقجي بأن "هناك حاجة إلى تحقيق شفاف ونبغي تقديم المسؤولين عن ذلك إلى العدالة". واستطردت التغريدة أن "الدفاع عن حرية الصحافة يمثل أولوية رئيسية بالنسبة لفنلندا". 

وفي 22 نوفمبر / تشرين الثاني 2018، فرضت فنلندا حظراً على إصدار تراخيص جديدة لتصدير أسلحة إلى المملكة العربية السعودية. وقد ذكرت وزارة الخارجية الفنلندية أن الحكومة "قررت أنه في الوضع الحالي لا توجد أسس تنبني عليها تراخيص تصدير أسلحة جديدة إلى المملكة العربية السعودية". وإلى حدود 1 سبتمبر / أيلول 2020، ما تزال فنلندا تعلق مبيعات الأسلحة وتصديرها إلى المملكة العربية السعودية.

ألمانيا

تميزت ألمانيا بأنها أكثر الدول تضحيةً بتعليقها الغالبية العظمى من شحنات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية. ففي 2018، باعت ألمانيا ما يقرب من 500 مليون دولار من الأسلحة الألمانية للمملكة العربية السعودية. وفي 2019، انخفض هذا الرقم إلى ما يقرب من مليون دولار.

في 21 أكتوبر / تشرين الأول، أعلنت ألمانيا تعليق صادرات الأسلحة إلى السعودية، فقد صرح وزير الاقتصاد بيتر التماير أن " الحكومة متفقة على أننا لن نصادق على المزيد من صادرات الأسلحة في الوقت الحالي لأننا نريد أن نعرف ما حدث"، كما حث ألتماير الدول الأوروبية الأخرى على أن تحذو حذوها قائلاً: "لن يكون لذلك أثر على الحكومة في الرياض إلا عندما تتفق كل البلدان الأوروبية".

في مكالمة هاتفية مع الملك سلمان في 25 أكتوبر / تشرين الأول 2018، أدانت المستشارة أنجيلا ميركل عملية القتل "بأقوى العبارات الممكنة" وطالبت بـ "تحقيق سريع وشفاف وذي مصداقية".

وفي 19 نوفمبر / تشرين الثاني 2018، أصدرت ألمانيا حظر سفر على 18 سعوديًا متورطًا في مقتل خاشقجي. وقد تم تطبيق القيود، التي صدرت بالتنسيق مع فرنسا والمملكة المتحدة في جميع الدول الـ 26 في منطقة شنغن الأوروبية المفتوحة الحدود. لم تكشف ألمانيا علنًا عن هويات الأفراد الخاضعين للعقوبات مستندةً في ذلك على قوانين حماية الخصوصية السارية بها.

وفي 19 نوفمبر / تشرين الثاني 2018، أعلنت وزارة الاقتصاد الألمانية أن تعليق مبيعات الأسلحة لا ينطبق فقط على صفقات الأسلحة المستقبلية ولكن أيضًا على تلك التي تمت الموافقة عليها مسبقًا.

وفي 24 مارس / آذار 2020، مددت الحكومة الألمانية الحظر المفروض على مبيعات الأسلحة للسعودية لمدة ستة أشهر حتى 31 ديسمبر / كانون الأول 2020. ويعد هذا التمديد لحظر الأسلحة التمديد الثالث لألمانيا منذ مقتل خاشقجي.

وكانت إحدى التعقيدات المبكرة في حظر الأسلحة الألماني استخدام فرنسا للمكونات الألمانية في الأسلحة المصدرة إلى المملكة العربية السعودية. وقد تم حل الخلاف المحيط بالمسألة بين البلدين في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، عندما وافقت ألمانيا على عدم منع صادرات الأسلحة الفرنسية إذا كانت الأسلحة الفرنسية تحتوي على أقل من 20٪ من المكونات الألمانية.

النرويج

في 21 أكتوبر / تشرين الأول 2018، وصفت وزيرة الخارجية النرويجية، إين إريكسن سوريد، مقتل خاشقجي بأنه "غير مقبول ومأساوي للغاية ومؤسف"، ودعت إلى "تحقيق سريع وشفاف وذي مصداقية في ملابسات الوفاة " و"محاسبة المسؤولين عن هذه الفظائع". وقد استدعت وزيرة الخارجية سوريد السفير السعودي في أوسلو لتقديم احتجاج رسمي على جريمة الاغتيال.

وفي 10 نوفمبر / تشرين الثاني 2018، علقت وزارة الخارجية النرويجية إصدار تراخيص تصدير الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية. وإلى حدود 1 سبتمبر / أيلول 2020، ما تزال  النرويج تعلق مبيعات الأسلحة وتصديرها  إلى المملكة العربية السعودية.

السويد

 في 23 أكتوبر / تشرين 2018، وصف رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفن مقتل خاشقجي بأنه "أمر فظيع، أمر مروع".

إلا أنه رفض دعم حظر صريح ومنفصل لمبيعات الأسلحة للمملكة، مشيرًا إلى أن التشريع الأخير الذي يهدف إلى منع بيع الأسلحة إلى الأنظمة الديكتاتورية تشريع كافٍ.

وقد أدى هذا التشريع الأخير والمخاوف بشأن الحرب في اليمن بالفعل إلى عدم دخول الحكومة السويدية في أي صفقات أسلحة جديدة مع السعوديين. وقد عزز مقتل خاشقجي سياسة الحكومة. وبيد أن  السويد واصلت بيع قطع الغيار والمكونات العسكرية للحكومة السعودية بموجب عقود سابقة.

الفئة الثانية: الدول التي واصلت  بيع الأسلحة للسعودية

أستراليا

في 20 أكتوبر / تشرين الأول 2018، صرح رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون قائلا: "ستقف أستراليا إلى جانب جميع الدول الأخرى التي تشاطرنا نفس التفكير في إدانة هذه الوفاة، هذا الاغتيال، ونتوقع أن يكون هناك تعاون تام." وفي 24 أكتوبر / تشرين الأول 2018، صرحت وزيرة الخارجية الأسترالية ماريز باين أن "جميع الخيارات مطروحة" ردًا على أسئلة حول تعليق صادرات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية.

وعلى الرغم من بعض التصعيد اللفظي، لم تعلق أستراليا تصدير الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية عقب مقتل خاشقجي.

كندا

في 20 أكتوبر / تشرين الأول، أصدرت وزيرة الخارجية فريلاند بيانًا يدين مقتل خاشقجي ويذكر أن "التفسيرات السعودية المقدمة حتى الآن يعوزها الاتساق والمصداقية". وفي 29 نوفمبر / تشرين الثاني 2018، فرضت كندا عقوبات على 17 مسؤولًا سعوديًا يشتبه في تورطهم في مقتل خاشقجي. كما فرضت العقوبات تجميد أصول المسؤولين في كندا وأقرت عدم قبول هؤلاء المسؤولين  بموجب قانون الهجرة وحماية اللاجئين الكندي.

وصرحت وزيرة الخارجية الكندية، كريستيا فريلاند، عند فرضها للعقوبات بأن "مقتل جمال خاشقجي أمر مقيت ويمثل هجومًا لا يطاق على حرية التعبير جميع الأفراد. وتواصل كندا دعوتها إلى إجراء تحقيق موثوق ومستقل. يجب محاسبة المسؤولين عن مقتل جمال خاشقجي ويجب أن يقدموا إلى  العدالة ".

وفي 17 ديسمبر / كانون الأول / 2018، قال رئيس الوزراء جاستن ترودو إن الحكومة الكندية تدرس إمكانية إنهاء اتفاقية الأسلحة بشأن  شحن المركبات المدرعة والبالغة قيمتها 13 مليار دولار مع المملكة العربية السعودية والتي تم التفاوض عليها في 2014. وقال ترودو: "أننا قيد النظر في تصاريح التصدير لمحاولة معرفة ما إذا كانت هناك طريقة للتوقف عن تصدير هذه المركبات إلى المملكة العربية السعودية".

على الرغم من ذلك، طبع التردد القادة الكنديين بشأن التخلي عن أكبر سوق لتصدير الأسلحة لديهم. وعلى الرغم من عبارات قلق ترودو، واصلت كندا شحن الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية في 2019. وفي 9 أبريل / نيسان 2020، أنهت كندا رسميًا "وقفها" الغامض وغير الرسمي وغير الساري المفعول لصادرات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية وأصدرت تصاريح جديدة لتصدير شحنة من المركبات المدرعة.

تشير الأحداث الأخيرة في كندا إلى أن محمد بن سلمان لم يرتدع للرد الدولي على مقتل خاشقجي، حيث أرسل محمد بن سلمان والحكومة السعودية، 13 يوما فقط على مقتل خاشقجي، فريق تصفية لاغتيال ضابط المخابرات السعودي السابق سعد الجابري وذلك وفقًا لدعوى تم رفعها أمام محكمة بواشنطن العاصمة  في 6 أغسطس / آب 2020. 

يقيم الجابري أحد كبار المسؤولين السابقين في المخابرات السعودية بتورنتو. تزعم دعوى الجابري أن محمد بن سلمان سجن اثنين من أبنائه منذ مارس / آذار واعتقل وعذب أقارب آخرين في محاولة لإجبار الجابري على العودة إلى المملكة العربية السعودية.

وفي يونيو / حزيران 2020، حذرت الشرطة الكندية الناشط السياسي والمنفي السعودي عمر عبدا لعزيز من أن لديها معلومات موثوقة بأنه "هدف محتمل" للسعوديين وأنه يجب عليه اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية نفسه، غير أن التهديدات السعودية ضد مقيم كندي لم تدفع الحكومة الكندية إلى إعادة تقييم موقفها من استمرار صادرات الأسلحة إلى السعودية.

وفي 7 أغسطس / آب 2020، في اليوم  الموالي لرفع الجابري دعواه، أصدرت رئاسة المحكمة استدعاءً لولي العهد لإخطار محمد بن سلمان بالدعوى المرفوعة ضده.

وينص الاستدعاء على ما يلي: "إذا تخلفت عن الاستجابة، فسيتم إصدار حكم غيابي ضدك يقضي بجبر الضرر الذي تم طلبه في الشكوى". وثمة أنباء عن إخضاع الجابري لحماية الشرطة وحراس الأمن الخاص.

فرنسا

في 20 أكتوبر / تشرين الأول 2018، أدان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان مقتل خاشقجي "بأشد العبارات".

وفي 22 نوفمبر /تشرين الثاني، فرضت فرنسا عقوبات وحظر سفر على 18 مواطنا سعوديا على صلة بجريمة القتل. وذكرت وزارة الخارجية الفرنسية أن "مقتل السيد خاشقجي جريمة بالغة الخطورة، وهي علاوة على ذلك تتعارض مع حرية الصحافة وأهم الحقوق الأساسية".

وقد أصبحت  القيود، الصادرة بالتنسيق مع ألمانيا والمملكة المتحدة، سارية النفاذ في جميع الدول الـ 26 في منطقة شنغن الأوروبية.

لكن فرنسا لم تحظر بيع وشحن الأسلحة إلى السعودية. في 26 أكتوبر / تشرين الأول 2018، صرح الرئيس ماكرون قائلا: "ما الصلة بين مبيعات الأسلحة وقتل السيد خاشقجي؟ … لا علاقة لذلك بالسيد خاشقجي".

وفي 25 مارس / آذار 2019 حذرت السفيرة الفرنسية في ألمانيا آن ماري ديكوت، الحكومة الألمانية من "تسييس" مبيعات الأسلحة الذي قد يعرض المشاريع المشتركة للطائرات النفاثة والطائرات بدون طيار والدبابات للخطر.

والحال أنه، وخلال الفترة من 2014 إلى 2018، كانت فرنسا ثالث أكبر مورد للأسلحة للسعودية بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

إيطاليا

في 22 أكتوبر / تشرين الأول 2018، صرح رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي أنه ينتظر أن يقدم السعوديون "إجابات موثوقة" بشأن مقتل خاشقجي.

وفي 28 ديسمبر / كانون الأول 2018، صرح رئيس الوزراء كونتي أنه في ضوء مقتل خاشقجي والحرب السعودية على اليمن، فإن الحكومة الإيطالية لا تؤيد بيع الأسلحة للسعودية. ومع ذلك، لم يؤد بيان رئيس الوزراء كونتي إلى وقف صادرات الأسلحة من إيطاليا إلى المملكة العربية السعودية.

وفي 20  مايو / أيار 2019، رفض عمال مرفأ جنوة تحميل الإمدادات على متن سفينة سعودية كانت تحمل أسلحة. وقد كان العمال يحتجون على الحرب على اليمن. وفي الشهر الموالي، في 26 يونيو / حزيران 2019، أصدر البرلمان الإيطالي قانونًا يحظر تصدير قنابل الطائرات والصواريخ وأجزائها إلى المملكة.

وعلى الرغم من هذا التشريع، تفيد أنباء بأن إيطاليا تواصل بيع الأسلحة للسعودية.

إسبانيا

في 20 أكتوبر / تشرين الأول 2018، صرحت الحكومة الإسبانية بأنها "استاءت من التقارير الأولية من المدعي العام السعودي حول وفاة الصحفي السعودي جمال خاشقجي" ودعت إلى تقديم المسؤولين عن ذلك إلى العدالة. ومع ذلك، رفضت إسبانيا وقف صادرات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية.

ففي سبتمبر / أيلول 2018، قبل مقتل خاشقجي، ألغت وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبلز بيع 400 قنبلة موجهة بالليزر للسعودية بسبب مخاوف من استخدام القنابل ضد المدنيين في اليمن. رداً على ذلك، وردت أنباء عن تهديد السعوديين بإلغاء عقد أكبر بكثير تبلغ قيمته ملياري دولار لشراء خمس سفن من شركة نافانتيا الإسبانية.

وقد احتج عمال بناء السفن الإسبان على الإلغاء المحتمل لعقد بناء السفن. وفي خضم هذه الضغوط السياسية الداخلية، نقض رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، في 24 أكتوبر / تشرين 2018، قرار وزيرة دفاعه ووافق على بيع الصواريخ الموجهة بالليزر. في تبرير لموقفه، قال رئيس الوزراء سانشيز للبرلمان الإسباني: "إن سألتموني عن موقفي اليوم،  موقفي دفاع عن مصالح إسبانيا والوظائف في القطاعات الاستراتيجية في المناطق التي تأثرت بشدة بمأساة البطالة. "

المملكة المتحدة

في 21 أكتوبر / تشرين الأول 2018، أصدرت المملكة المتحدة بيانًا مشتركًا مع فرنسا وألمانيا ذكرت فيه الدولتان أنه "لا يوجد شيء يمكن أن يبرر هذا القتل ونحن ندينه بأشد العبارات الممكنة".

وفي 19 مايو / أيار 2019، أصدرت المملكة المتحدة، بالتنسيق مع فرنسا وألمانيا، حظر سفر ضد 18 سعوديًا يشتبه في تورطهم في مقتل خاشقجي. تم تطبيق حظر السفر أيضًا عبر 26 دولة في منطقة شنغن والتي لا تعد المملكة المتحدة جزءًا منها.

ومع ذلك، رفضت المملكة المتحدة وقف مبيعات الأسلحة إلى المملكة، وفي 31 أكتوبر / تشرين الأول 2018، صرح وزير الخارجية البريطاني قائلا: "هناك وظائف في المملكة المتحدة … على المحك، لذلك عندما يتعلق الأمر بمسألة بيع الأسلحة، لدينا إجراءاتنا".

ففي الفترة ما بين عامي 2014 و 2018، كانت المملكة العربية السعودية أكبر سوق صادرات الأسلحة في المملكة المتحدة. وفي 12 نوفمبر / تشرين الثاني 2018، صرح وزير الخارجية البريطاني هانت قبيل زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية، في إشارة إلى خاشقجي، أنه "من الواضح أنه من غير المقبول أن تظل الظروف الكاملة وراء مقتله غامضة".

وفي 20 يونيو / حزيران 2019، قضت محكمة الاستئناف في لندن، رداً على الدعوى التي رفعتها منظمة الحملة ضد تجارة الأسلحة والتي انضمت إليها فيما بعد كل من هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ومنظمة الحقوق والأمن الدولية وأوكسفام إنترناشونال، بعدم قانونية إصدار تراخيص تصدير حكومة المملكة المتحدة الأسلحة دون القيام أولا بتقييم مخاطر استخدام هذه الأسلحة في انتهاك لقوانين الحرب.

ووفقًا لـهيومن رايتس ووتش، لم يؤد الحكم إلى الإنهاء الكلي لمبيعات المملكة المتحدة للأسلحة إلى المملكة العربية السعودية أو لإصدار حكومة المملكة المتحدة تراخيص لهذا الغرض لكنه أدى إلى خفضها.

وفي 7 يوليو / تموز، أصدرت وزيرة الدولة البريطانية للتجارة الدولية وعضوة البرلمان إليزابيث تروس بيانًا مكتوبًا قالت فيه إن المملكة المتحدة قد قيمت المخاطر على النحو المطلوب من قبل محكمة الاستئناف ووجدت أنه "لا يوجد خطر واضح من أن تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية للمملكة العربية السعودية يمكن استخدامها في ارتكاب انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي".

بناءً على "تحليل" الوزيرة تروس، أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستستأنف إصدار تراخيص تصدير وبيع الشركات البريطانية للأسلحة لفائدة المملكة العربية السعودية.

وفي 6 يوليو / تموز 2020، فرضت المملكة المتحدة عقوبات اقتصادية على 20 سعوديًا يشتبه في تورطهم في مقتل خاشقجي، بمن فيهم أحمد العسيري، نائب رئيس المخابرات السعودية السابق، وسعود القحطاني، أحد مستشاري -أو زعما المستشار السابق- ولي العهد السعودي.

الولايات المتحدة الأمريكية

يبدو أن الفروع والهيئات الحكومية المختلفة في الولايات المتحدة، بما في ذلك الوكالات داخل السلطة التنفيذية، لديها وجهات نظر متباينة تباينا كبيرا  بشأن مقتل خاشقجي، مما أدى إلى رد يشوبه الخلط وأحيانا عدم الاتساق.

الثابت الوحيد هو دعم الرئيس ترامب الراسخ لولي العهد محمد بن سلمان. ففي أعقاب جريمة القتل، قاوم الرئيس ترامب الإنحاء باللائمة  على محمد بن سلمان وبدا أنه يجتهد في طمأنة ولي العهد بأنه لن يدفع ثمن جريمة القتل. وعلى الرغم من نية الرئيس ترامب الواضحة، سربت  وكالة الاستخبارات المركزية، في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، ما خلصت إليه من محمد بن سلمان أمر باغتيال خاشقجي.

وفي الأسابيع والأشهر التي أعقبت تقييم وكالة الاستخبارات المركزية، أدلى  الكونغرس بدلوه في الجدل القائم وعقد جلسات استماع بشأن جريمة القتل ثم أصدر قرارات إدانة وأصدر تشريعات لمحاولة إجبار الإدارة على رفع السرية عن النتائج التي توصلت إليها فيما يتعلق بمسؤولية ولي العهد عن مقتل خاشقجي. حتى الآن، نجحت إدارة ترامب في صد الكونغرس وحماية ولي العهد من أية تداعيات خطيرة لجريمة القتل داخل الولايات المتحدة، غير أنه من المحتمل  أن يتغير هذا، حيث يطلب من المحاكم الأمريكية، المستقلة عن السلطة التنفيذية، إثر دعاوى قضائية رفعت أمامها، اتخاذ قرارات بشأن دور ولي العهد في مقتل خاشقجي وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى بما في ذلك مؤامرة مزعومة لقتل معارض سعودي في كندا.

إن الوقت كفيل بكشف ما إذا كانت المحاكم الأمريكية ستذعن لموقف الإدارة بشأن هذه المسألة أو تشق طريقها نحو إدانة محمد بن سلمان، وفي حال حكمت الإدانة، ما إذا كانت المحاكم قادرة على إنفاذ قراراتها.

في 13 أكتوبر / تشرين الأول 2018، خلال مقابلة على قناة سي بي إس 60 دقيقة، تعهد الرئيس دونالد ترامب "بعقوبة شديدة" في حق السعودية إذا ثبت أنها مسؤولة عن مقتل جمال خاشقجي. وفي 18 أكتوبر 2018، انسحب وزير الخزانة ستيفن منوشين من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، المقرر عقده في الفترة من 23 إلى 25 أكتوبر / تشرين الأول في الرياض.

غير أن رسالة المقاطعة الأمريكية تميزت بالتشويش بسبب زيارتين رفيعتي المستوى إلى الرياض قبيل المؤتمر. ففي 16 أكتوبر / تشرين الأول 2018، سافر وزير الخارجية الأمريكي بومبيو إلى المملكة العربية السعودية للقاء الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان والتشاور بشأن مقتل خاشقجي. في تقرير عن الاجتماع، قال الوزير بومبيو: "تقييمي لهذين الاجتماعين هو أن هناك التزامًا جادًا لتحديد جميع الحقائق وضمان المساءلة". كما زار الوزير منوتشين محمد بن سلمان في الرياض في 22 أكتوبر / تشرين الأول عشية  انطلاق المؤتمر.

وفي 23 أكتوبر / تشرين الأول 2018، ألغت إدارة ترامب وحظرت التأشيرات لـ 21 سعوديًا يشتبه في تورطهم في مقتل خاشقجي. وفي 15 نوفمبر / تشرين الثاني، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على كل من سعود القحطاني وماهر مطرب ومحمد العتيبي و 14 مسؤولاً سعودياً آخرا ثبت تورطهم في مقتل جمال خاشقجي.

وتم تصنيف الأشخاص السبعة عشر بموجب قانون ماغنيتسكي العالمي للمساءلة بشأن حقوق الإنسان ، الذي تم تعزيزه بموجب الأمر التنفيذي (E.O.) 13818. وقد صرح وزير الخزانة ستيف منوتشين أن "المسؤولين السعوديين الذين نعاقبهم متورطون في القتل المقيت لجمال خاشقجي.

هؤلاء الأفراد الذين استهدفوا وقتلوا بوحشية صحفيًا أقام وعمل في الولايات المتحدة يجب أن يواجهوا عواقب لأفعالهم ". بيد أن وزارة الخزانة لم تنشر أي معلومات عن قرارها عدم معاقبة العقل المدبر للجريمة  ولي العهد محمد بن سلمان.

وفي 22 أكتوبر / تشرين الأول 2018، قامت مديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل برحلة سرية إلى تركيا حيث ورد أنها استمعت إلى تسجيل صوتي من التسجيلات التركية للقنصلية السعودية أثناء جريمة القتل. وفي منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني، خلصت وكالة الاستخبارات المركزية إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمر باغتيال الصحفي جمال خاشقجي. وفي 4 ديسمبر/ كانون الأول 2018، أطلعت المديرة هاسبل كبار أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين والديمقراطيين على لجان القوات المسلحة والعلاقات الخارجية والمخصصات والاستخبارات بالإضافة إلى قادة آخرين في مجلس الشيوخ بشأن مقتل خاشقجي.

بعد الإحاطة، قال السناتور بوب كوركر، الجمهوري من ولاية تينيسي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية، إنه "لا ريب لدي في أن محمد بن سلمان هو من أمر بالقتل".

في 20 نوفمبر / تشرين الثاني 2018، أصدر الرئيس ترامب بيانًا قال فيه إن "الجريمة ضد جمال خاشقجي كانت فظيعة، ولا تتغاضى بلادنا عنها". وتابع البيان: "قد يكون من المحتمل أن ولي العهد كان على علم بهذا الحدث المأساوي – ربما كان على دراية بذلك وربما لم يكن. ومع ذلك، قد لا نعرف أبدًا كل الحقائق التي تلوف مقتل جمال خاشقجي ".

إلى ذلك،  أعلن الرئيس ترامب أنه مهما كانت نتيجة أو نتائج التحقيق، فإن علاقة الولايات المتحدة بالمملكة العربية السعودية لن تتغير: "الولايات المتحدة ستظل شريكًا ثابتًا للمملكة العربية السعودية".

في 13 ديسمبر / كانون الأول 2018، وافق مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع على قرار ينحي باللائمة على ولي عهد المملكة بشأن  مقتل الصحفي جمال خاشقجي. وقد نص القرار على أن مجلس الشيوخ "يعتقد أن ولي العهد محمد بن سلمان مسؤول عن مقتل جمال خاشقجي"، ودعا الحكومة السعودية إلى "ضمان محاسبة جميع المسؤولين عن مقتل جمال خاشقجي ".

وفي 13 فبراير / شباط 2019، صوت مجلس النواب الأمريكي على إنهاء المساعدة العسكرية الأمريكية لحرب السعودية في اليمن.

أوضح الراعي الرئيسي لمشروع القانون، النائب رو خانا، الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا، الهدف من  مشروع القانون: "هذه فرصتهم لإرسال رسالة إلى السعوديين مفادها أن سلوكهم تجاه خاشقجي وتجاهلهم الصارخ لحقوق الإنسان يتنافى وطريقة العمل الأمريكية كما لا تتماشى مع القيم الأمريكية ".

وفي 13 مارس / آذار 2019، أكد مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون 13 فبراير/ شباط، وصوت لإنهاء المساعدة العسكرية لحرب المملكة العربية السعودية في اليمن.

بيد أنه في 16 أبريل / نيسان 2019 قام الرئيس ترامب باستخدام حق النقض ضد التشريع الذي أقره مجلسا النواب والشيوخ والذي كان من شأنه أن يفرض إنهاء المساعدة العسكرية الأمريكية للسعودية في حربها في اليمن.

وقال ترامب: "لا يمكننا إنهاء الصراع في اليمن من خلال وثائق سياسية". لقد كان الولايات المتحدة، خلال الفترة من 2014 إلى 2018، أكبر مورد للأسلحة إلى المملكة العربية السعودية حيث مثلت صادرات الولايات المتحدة من الأسلحة 68٪ من إجمالي الأسلحة التي استوردتها المملكة العربية السعودية.

في 20 ديسمبر / كانون الأول 2019، وقع الرئيس ترامب على مشروع قانون الإنفاق العسكري السنوي، قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA) للسنة المالية 2020، والذي تضمن بندًا يطلب من مدير المخابرات الوطنية (DNI) تقديم تقرير غير سري في غضون 30 يومًا. يحدد التقرير أولئك الذين نفذوا جريمة قتل خاشقجي أو شاركوا فيها أو كانوا مسؤولين عنها.

وقد كان الكونغريس، بسنه هذا البند، يعتزم إجبار الإدارة على الإعلان عن أسماء أولئك الذين أثبتت وكالة الاستخبارات المركزية تورطهم في مقتل خاشقجي، ولاسيما محمد بن سلمان. كما سمح بند منفصل من التشريع بإدراج ملحق سري.

في 20 فبراير / شباط 2020، وجهت  المديرية الوطنية للاستخبارات، شهرا بعد انصرام الأجل المحدد لذلك، رسالة إلى لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ ترفض فيها مطلب التشريع بإصدار تقرير علني يحدد المسؤولين عن مقتل خاشقجي.

وأشارت المديرية  إلى أن إصدار مثل هذا التقرير العلني من شأنه أن يعرض للخطر مصادر وأساليب الاستخبارات. ونصت الرسالة على ما يلي: "تماشياً مع حماية المصادر والأساليب، لا يمكن لمكتب مدير المخابرات الوطنية تقديم معلومات إضافية .. علنيا … في المقابل، فإننا نرسل في ظرف  منفصل ملحقًا سريًا يكمل هذه الرسالة بـمعلومات اضافية."

ويبدو أن الملحق السري أماط اللثام  عما سعى الكونغرس لحمل الإدارة على رفع السرية عنه، أي لعب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان دورًا مباشرًا في مقتل خاشقجي.

في 2 مارس / آذار 2020، أرسل السناتور ريتشارد بور، الرئيس الجمهوري للجنة المخابرات بمجلس الشيوخ، والسيناتور مارك وارنر، نائب رئيس اللجنة الديمقراطي، رسالة إلى ريتشارد جرينيل في مكتب مديرية الاستخبارات الوطنية، حث فيها المدير بالإنابة على إعادة النظر قرار الوكالة بعدم رفع السرية عن معلومات تتعلق بمقتل خاشقجي.

وتعليقًا على الرسالة، قال السناتور الديمقراطي رون وايدن، عضو لجنة الاستخبارات: "لقد مر ما يربو عن سنة منذ أن قتل عملاء الحكومة السعودية جمال خاشقجي … ومع ذلك ترفض إدارة ترامب الإقرار علنًا بمسؤولية من أمر بتنفيذ هذا الاغتيال. إنها تختار حماية حكومة استبدادية".

الفئة الثالثة: الدول التي هبت للدفاع عن السعودية أو لم تقل شيئاً

البحرين

 احتشدت وزارة الخارجية البحرينية خلف الحكومة السعودية بعد مقتل خاشقجي. ففي 14 أكتوبر / تشرين 2018، أصدرت وزارة الخارجية بيانا وصفت فيه المملكة العربية السعودية بأنها "حجر أساس أمن واستقرار العالمين العربي والإسلامي والأساس المتين وركيزة الاستقرار القوية في المنطقة". وأضاف البيان أن البحرين رفضت محاولات التعدي على "سيادة وسياسات وهيبة" المملكة في أعقاب جريمة الاغتيال.

الصين

في 25 أكتوبر / تشرين الأول 2018، وصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشاون ينغ مقتل خاشقجي بأنه "حادث مأساوي" وعبرت عن دعمها للتحقيق السعودي في الحادث.

وصرحت المتحدثة الصينية قائلةً: "لقد لاحظنا أن الجانب السعودي أعلن النتيجة الأولية للتحقيق واتخذ خطوات لمعرفة الحقيقة".

بعد الأحكام الجنائية التي أصدرتها محكمة جنايات الرياض في 23 ديسمبر / كانون الأول 2019، على متهمين سعوديين، أيدت وزارة الخارجية الصينية قرار المحكمة السعودية، الذي وصفته بأنه "مطابق للقانون". وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية، جنغ شوانغ، أنه "لا ينبغي تسييس القضية وتدويلها".

مصر

أكدت الحكومة المصرية دعمها للسعودية في أعقاب مقتل خاشقجي. وحذر المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد حافظ، في معرض حديثه في 14 أكتوبر / تشرين الأول 2018، من "محاولة استغلال هذه القضية سياسيا إزاء  المملكة العربية السعودية بناء على اتهامات ". وذكر أن مصر دعمت الحكومة السعودية في"جهودها ومواقفها في التعامل مع هذا الحدث ".

وفي 20 أكتوبر / تشرين الأول 2018، أشادت الخارجية المصرية بالملك السعودي عقب قرار الملك سلمان إعادة هيكلة أجهزة المخابرات السعودية، وفق ما أوردته وسائل إعلام سعودية رسمية: "ترى مصر أن القرارات والإجراءات الشجاعة والحاسمة التي اتخذها الملك السعودي بهذا الشأن تتوافق ونهج جلالة الملك الذي يحترم مبادئ القانون وتطبيقات العدالة الفعالة ".

الهند

 في 29 نوفمبر / تشرين الثاني 2018، خلال اجتماع مجموعة العشرين في الأرجنتين، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أحد رئيسي الدولة –كان الرئيس الروسي بوتين ثانيهما- الذان استقبلا محمد بن سلمان بحرارة علانيةً دون محاولة التواري عن أنظار الكاميرات. بل إن رئيس الوزراء مودي ذهب أبعد من ذلك، حيث التقى ولي العهد في مقر إقامة محمد بن سلمان في بوينس آيرس.

وأوردت الأنباء أن الهدف من اللقاء كان لتدارس استثمارات أرامكو في الهند ومشروع بناء الشركة مصفاة تكرير ضخمة على الساحل الغربي للهند. وفي 29 فبراير / شباط 2019، خالف رئيس الوزراء مودي، إعرابا منه عن دعمه لولي العهد السعودي، البروتوكول الحكومي الرسمي من خلال الترحيب بولي العهد، أثناء زيارة رسمية، على مدرج المطار في نيودلهي.

لبنان

أصدر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في 14 أكتوبر / تشرين الأول 2018 بيانا أعرب فيه عن تضامنه مع السعودية. وصرح الرئيس الحريري أن "الحملات ضد … [السعودية] تشكل … دعوة غير مقبولة لجر المنطقة نحو مزيد من التطورات السلبية".

 كان دعم الرئيس الحريري لولي العهد محمد بن سلمان ملحوظًا بشكل خاص في ضوء المعاملة السيئة التي تعرض لها خلال رحلته إلى المملكة العربية السعودية قبل أشهر فقط.

في كانون الأول / ديسمبر 2017، كان الرئيس الحريري قد اعتُقل خلال زيارة للسعودية. ودفع ضباط الأمن السعوديون رئيس الوزراء وصادروا هواتفه المحمولة وأجبروه على قراءة خطاب معد سلفا ينتقد إيران ويعلن استقالته.

وبعد مساعي الرئيس ماكرون لإطلاق سراح الحريري، ألغى رئيس الوزراء استقالته فور عودته إلى لبنان.

باكستان

في 23 أكتوبر / تشرين الأول 2018، أعلن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، بعد حضور اجتماعات "دافوس في الصحراء" في الرياض، أن السعوديين وافقوا على إقراض باكستان 3 مليارات دولار، وتعهدوا بقرض إضافي يصل إلى 3 مليارات دولار على شكل مدفوعات آجلة لواردات النفط.

وفي 18 فبراير / شباط 2019، رحبت الحكومة الباكستانية محمد بن سلمان، أثناء زيارة رسمية قام بها لإسلام أباد، بمنحه لوحة تحمل رسما له وبندقية رشاش مطلية بالذهب، إطلاق  21 طلقة واستعراض لسلاح الجو الباكستاني تحيةً له. وفي الشهر الموالي، فتحت باكستان تحقيقًا مع الصحفيين والأحزاب السياسية الباكستانية الذين يُزعم أنهم استبدلوا صورهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي بصور خاشقجي خلال زيارة الدولة التي قام بها محمد بن سلمان في فبراير / شباط.

روسيا

صرح الرئيس فلاديمير بوتين في 18 أكتوبر / تشرين الأول 2018، أن مقتل خاشقجي لن "يؤدي إلى تدهور العلاقات" بين روسيا والسعودية، لأنه، وفقًا للرئيس بوتين، لا يوجد دليل على تورط رسمي في جريمة القتل.

وعقب الإعلان عن انسحاب العديد من القادة السياسيين ورجال الأعمال الغربيين من مؤتمر المبادرة السعودية للاستثمار المستقبلي الذي عقد في الرياض في 23-25 أكتوبر / تشرين، رفعت روسيا من عدد مندوبيها الذين حضروا الحدث.

وخلال المؤتمر، أشاد الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي بالتحديث والتحول "التاريخي" للمملكة العربية السعودية، وذكر أن المملكة "شريك كبير لنا".

وبعد مضي شهر، استقبل الرئيس الروسي أثناء  قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس، في في 30 نوفمبر / تشرين 2018، محمد بن سلمان مصافحا إياه بحرارة وابتسامة عريضة.

تونس

على الرغم من بعض الاحتجاجات من قبل النشطاء التونسيين، احتشدت الحكومة التونسية للدفاع عن المملكة العربية السعودية وولي العهد محمد بن سلمان. وبعد أسبوع من مقتل خاشقجي، أجرت تونس مناورات عسكرية مشتركة مع القوات الجوية الملكية السعودية.

وفي 26 نوفمبر / تشرين الثاني 2018، عشية زيارة رسمية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نظم نشطاء وصحفيون تونسيون احتجاجًا على الزيارة، وقدمت نقابة الصحفيين التونسيين شكوى رسمية ضد محمد بن سلمان.

وفي 27 نوفمبر / تشرين الثاني 2018، رحب الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي ولي العهد ترحيبا حارا في مطار تونس العاصمة.

الإمارات العربية المتحدة

 قبل مقتل خاشقجي بفترة ليست بالقصيرة، أقام محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة علاقة وطيدة مع ولي العهد محمد بن سلمان بناءً على رؤيتهما المشتركة حول عدد من القضايا، بما في ذلك أهمية مواجهة خطر الإسلام السياسي في الداخل والخارج.

يوصف محمد بن زايد، الذي يكبر محمد بن سلمان بعشرين عامً، على أنه الموجه  لمحمد بن سلمان. فلا غرابة من أن تهب الإمارات للدفاع عن محمد بن سلمان في أعقاب مقتل خاشقجي، وذلك بالنظر إلى العلاقة الوثيقة بين ولي العهد ووجهة نظرهما المشتركة بشأن مجموعة من القضايا.

ففي 11 أكتوبر / تشرين الأول 2018، غرد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، قائلا: "… ستكون تداعيات الاستهداف السياسي للسعودية وخيمة على من يؤججونه".

وفي ديسمبر / كانون الأول 2019، أشادت وزارة الخارجية الإماراتية بالأحكام الصادرة عن الحكومة السعودية بشأن مقتل خاشقجي، مؤكدة أنها "أكدت التزام المملكة بتطبيق القانون بشفافية وإنصاف."

الفئة الرابعة: الدول الاستثناء 

الأرجنتين

في 26 نوفمبر / تشرين الثاني 2018، قدمت هيومن رايتس ووتش (HRW)، وتحسبًا لحضور محمد بن سلمان لقمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس المزمع انعقادها في الفترة من 30 نوفمبر تشرين الثاني إلى 1 ديسمبر / كانون الأول، مذكرة إلى المدعي الفيدرالي الأرجنتيني تطلب فيها رسميًا أن يحقق المدعون الأرجنتينيون  في دور محمد بن سلمان في جرائم الحرب والتعذيب المزعومة.

وأحال تقرير هيومن رايتس ووتش على مبدأ الولاية القضائية العالمية، والذي يمكّن المحاكم من التحقيق في بعض الجرائم الفظيعة ومقاضاة مرتكبيها بغض النظر عن مكان حدوثها، وبغض النظر عن جنسية المشتبه بهم أو الضحايا.

تخول المادة 118 من الدستور الأرجنتيني المحاكم الأرجنتينية النظر في القضايا التي ليس لها صلة مادية بالأرجنتين على أساس مبدأ الولاية القضائية العالمية.

وفي 28 نوفمبر / تشرين الثاني، أكد المدعي الفيدرالي الأرجنتيني راميرو غونزاليس واجب الأرجنتين في التحقيق في الجرائم المزعومة وطلب رسميًا من قاضي التحقيق الأرجنتيني طلب معلومات من الحكومتين السعودية واليمنية حول تحقيقاتهما الخاصة.

ردا على ذلك، أرسل القاضي ليجو طلبات معلومات إلى السلطات التركية واليمنية، وكذلك إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقد توقف التحقيق الأرجنتيني بعد رحيل محمد بن سلمان عن الأرجنتين، ولم يتم الإعلان عن خطوات أو نتائج جديدة.

المغرب

انشق المغرب عن معظم الدول الأخرى في جامعة الدول العربية، ورفض إصدار بيان دعم للسعودية في أعقاب مقتل خاشقجي.

وفي نوفمبر / تشرين الثاني 2018، رفض الملك محمد السادس منح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لقاءً في زيارة كانت مخططة إلى المغرب، الأمر الذي عجل بإلغاء الزيارة. بالإضافة إلى ذلك، وردت أنباء بإرجاء المغرب في الشهر ذاته الاجتماع المقرر بين وزيري خارجية البلدين.

تركيا

حدد موقف تركيا الفريد في أعقاب مقتل خاشقجي رد فعلها. لقد شعر الرئيس رجب طيب أردوغان وغيره من القادة الأتراك بالحرج والغضب من قرار السعودية ارتكاب جريمة القتل في اسطنبول وانتهاك القوانين التركية ب"وقاحة".

وفي الواقع، من غير المرجح أن يجرؤ ولي العهد والسعوديين على إحراج وتحدي مماثل للسلطات الأمريكية من خلال تنفيذ جريمة قتل شبيهة على الأراضي الأمريكية.

فقد كان السعوديون قد رفضوا قبل ذلك بأكثر من عام  القيام بذلك عندما كان خاشقجي يعيش في الولايات المتحدة. ناهيك عن أن تركيا والمملكة العربية السعودية كانتا تتنافسان، أثناء مقتل خاشقجي، وتشنان حربا بالوكالة على عدة جبهات سياسية كما تتهافتان على تبوئ  منصب قيادة العالم الإسلامي.

أخيرًا، لعل بعض قوة رد تركيا نابعة من المشاعر الشخصية التي يكنها الرئيس أردوغان، الذي قيل إنه كان صديقًا لخاشقجي.

في 23 أكتوبر / تشرين الأول 2018، خاطب الرئيس رجب طيب أردوغان البرلمان التركي بشأن مقتل خاشقجي، ووصف الفعل بأنه "قتل شرس"، وذكر أن أي تستر لاحق  "مناف لضمير الإنسانية".

وفي 10 نوفمبر / تشرين الثاني 2018، صرح الرئيس أردوغان أن السلطات التركية شاركت تسجيلات صوتية لمقتل جمال خاشقجي مع السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول غربية أخرى.

وفي الفاتح من  آذار/ مارس، أصدر الإنتربول، وبطلب من وزارة العدل التركية، إخطارات حمراء باعتقال 20 سعوديًا.

كما أعلن مسؤولون أتراك، في 25 مارس / آذار 2020، توجيه لائحة اتهام بحق 20 مواطناً سعودياً بشأن مقتل جمال خاشقجي.

وقد وجهت لائحة الاتهام التركية التهمة التحريض على القتل المتعمد من خلال التعذيب لأحمد العسيري وسعود القحطاني، المساعدين السابقين لولي العهد محمد بن سلمان، وتهمة التعذيب والقتل العمد ل18 مسؤولاً سعودياً آخرا.

وفي 3 يوليو / تموز 2020، شرعت تركيا في المحاكمة الغيابية للمسؤولين السعوديين المتهمين العشرين. وكان المدعون الأتراك يطالبون بالسجن مدى الحياة لجميع المتهمين العشرين. للمزيد من التفاصيل والتحديثات حول الإجراءات القانونية التركية، انقر هنا

منظمات دولية

لقد مثلت المنظمات الدولية أعضاءها بأمانة في الرد على مقتل خاشقجي، فقد احتشدت جامعة الدول العربية خلف السعودية. ودعا الاتحاد الأوروبي إلى إجراء تحقيق مستقل ونزيه.

ولا غرابة في أن يفشل كل من الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن في حشد أصوات كافية لإصدار قرار إدانة.

ذلكم هو نفوذ المصدر الأول للنفط في العالم، وسياسة القوى العظمى. والأهم من ذلك، أصدرت أنييس كالامار، المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو بالإعدام التعسفي..

في يونيو / حزيران 2019 تقريراً عن جريمة القتل التي تضمنت  لائحة اتهام مفصّلة وساخنة لولي العهد والنظام السعودي في قضية مقتل خاشقجي. وغدا تقرير المقررة الخاصة منذ إصداره مرجعية حاسمة في النضال من أجل المساءلة والعدالة لجمال خاشقجي.

جامعة الدول العربية

رفضت الجامعة العربية التهديد بفرض عقوبات على السعودية، قائلة في 14 أكتوبر / تشرين الأول 2018، إنه "من غير المقبول إطلاقا التلميح إلى استخدام العقوبات الاقتصادية في سياق العلاقات بين الدول كسياسة أو أداة لتحقيق أهداف سياسية أو أحادية الجانب."

وفي 24 ديسمبر/ كانون الأول 2019، قال رئيس مجلس النواب العربي مشعل بن فهم السلمي، في إشارة إلى "محاكمة" السعودية للمتهمين بارتكاب جريمة قتل خاشقجي، إن "الأحكام تؤكد التزام المملكة بالقضية وبمحاسبة جميع المتورطين وتقديمهم لمحاكمة عادلة".

مجموعة السبعة (G7)

في 23 أكتوبر / تشرين الأول 2018، أدان وزراء خارجية مجموعة السبعة بأشد العبارات مقتل الصحفي جمال خاشقجي، ودعوا إلى إجراء المملكة العربية السعودية لتحقيق شامل وموثوق وشفاف وسريع بشأن ملابسات مقتل  خاشقجي.

الاتحاد الأوروبي 

في 24 أكتوبر / تشرين الأول 2018، تبنى البرلمان الأوروبي قرارًا يدين مقتل خاشقجي ويحث السلطات السعودية على الكشف عن مكان وجود جثة خاشقجي. نص القرار على أن "الممارسة المنهجية للاختفاء القسري والقتل خارج نطاق القضاء تشكل جريمة ضد الإنسانية، ودعا إلى تحقيق دولي مستقل ونزيه.

كما دعا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى "الاستعداد لفرض عقوبات مستهدفة، بما في ذلك حظر التأشيرات وتجميد الأصول ضد الأفراد السعوديين، وكذلك عقوبات حقوق الإنسان ضد المملكة العربية السعودية" على كل من مرتكبي جريمة القتل والعقول المدبرة لها.

الأمم المتحدة 

لدى المملكة العربية السعودية العديد من العملاء والزبناء في الأمم المتحدة، فلا غرو إذاً تردد هؤلاء في مناقشة مقتل خاشقجي.

لقد التزم مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة الصمت حيال جريمة القتل. ولم تصدر أي من الهيئتين قرارًا بشأن جريمة القتل أو طلبت إجراء تحقيق جنائي بشأن تصرفات المملكة العربية السعودية.

وقد تطرق  الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى جريمة القتل، لكنه رفض اتخاذ إجراء قد يكون له  عواقب وخيمة على السعودية أو ولي العهد محمد بن سلمان. وفي 19 أكتوبر / تشرين الأول 2018، أصدر الأمين العام بيانًا جاء فيه: "الأمين العام منزعج للغاية من تأكيد مقتل جمال خاشقجي…

وشدد الأمين العام على ضرورة إجراء تحقيق سريع وشامل وشفاف في ملابسات مقتل السيد جمال خاشقجي  والمحاسبة الكاملة للمسؤولين ".

وعلى الرغم من الدعوات التي وجهتها المقررة الخاصة للأمم المتحدة أنييس كالامار وأطراف أخرى، لم يفتح الأمين العام للأمم المتحدة تحقيقًا جنائيًا في مقتل خاشقجي أو يكلف هيئة أخرى تابعة للأمم المتحدة بإجراء هذا التحقيق.

وفي 18 يناير / كانون الثاني 2019، زعم الأمين العام خلال مؤتمر صحفي،  بأن ليس لديه السلطة لإجراء مثل هذا التحقيق إلا إذا حصل على تفويض قانوني من مجلس الأمن أو الجمعية العامة وطلب رسمي من دولة عضو. 

تمسك الأمين العام غوتيريس بموقفه القائل بعدم امتلاكه لصلاحية فتح تحقيق على الرغم من السجل التاريخي لفتح أمناء سابقين  تحقيقات جنائية بشأن تصرفات الدول الأعضاء. 

على النقيض من ذلك، قامت إحدى هيئات الأمم المتحدة بمناقشة جريمة قتل خاشقجي بشكل مباشر. قادت المقررة الخاصة للأمم المتحدة أنييس كالامار تحقيقًا مكثفًا بشأن مقتل جمال خاشقجي. وقد خلص تقريرها، الذي نُشر في 19 يونيو / حزيران 2019، إلى أن خاشقجي كان ضحية "إعدام متعمد مع سبق الإصرار، وجريمة قتل خارج نطاق القانون تتحمل المملكة العربية السعودية مسؤولية اقترافها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان".

كما خلص التقرير إلى أن التحقيقات التي أجرتها تركيا والسعودية لا تفي بالمعايير الدولية المطلوبة في حالات الموت غير القانوني.

كما أصدر تقرير المقررة الخاصة عددا من التوصيات الموجهة إلى مؤسسات الأمم المتحدة والدول الأعضاء في الأمم المتحدة والولايات المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية.

وفيما يتعلق بالمملكة العربية السعودية، دعت المقررة الخاصة الحكومة إلى إجراء تحقيق مستقل ونزيه بالتعاون مع الأمم المتحدة وإصدار اعتذار وتعويضات مالية لجبر ضرر أسرة خاشقجي. للحصول على قائمة أكثر تفصيلاً لتوصيات المقررة الخاصة مع وصف للإجراءات ذات الصلة التي اتخذتها الأطراف المعينة.

عالم المال والأعمال الدولي 

على المدى القصير، كان للقتل الوحشي لجمال خاشقجي والتستر الأخرق عليه آثار سيئة على الأعمال التجارية لولي العهد محمد بن سلمان والنظام السعودي. لقد تحاشى العديد من الشركات والأفراد في أمريكا الشمالية وأوروبا محمد بن سلمان والمملكة العربية السعودية في أعقاب مقتل خاشقجي.

فقد أعتذر عدد كبير من الشركات والرؤساء التنفيذيين عن حضور مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في المملكة العربية السعودية، الذي عقد في الفترة من 23 إلى 25 أكتوبر / تشرين الأول في الرياض.

وقد تضمنت قائمة الحجوزات الملغاة: الرئيس التنفيذي لشركة اوبير،  دارا خسروشاهي، والرئيس التنفيذي لشركة جت مورغن شايس جيمي ديمون، والرئيس التنفيذي لشركة بلاكروك ليري فينك، والرئيس التنفيذي لشركة بلاكستون ستيفن شوارزمان، والرئيس التنفيذي لشركة فورد بيل فورد، والرئيس التنفيذي لشركة ماستر كارد إيجي بانغا، والرئيس التنفيذي لشركة فاياكوم، بوب باكيش، والجنرال ديفيد بترايوس، رئيس مجلس إدارة معهد يككيأر العالمي، والمديرة التنفيذية لشركة غوغل كلاود ديان غرين. للحصول على القائمة الكاملة بالضيوف الذين ألغوا تأكداتهم، انقر هنا.

بالإضافة إلى ذلك، تم إلغاء صفقات وعقود مهمة حيث رفضت بعض الشركات التعامل مع المملكة بعد مقتل خاشقجي.

فقد أنهى ريتشارد برانسون، مؤسس مجموعة فيرجن، محادثاته مع السعوديين حول الاستثمارات المحتملة في أعماله المتعلقة بالسفر إلى الفضاء. كما أعادت وكالة المواهب إيندفر استثمار بقيمة 400 مليون دولار إلى صندوق الاستثمار السيادي السعودي.

وألغت ثلاث من كبريات شركات الضغط في واشنطن العاصمة، وهي مجموعة كليفير بارك،  ومجموعة بيجيأر ومجموعة هاربر ، العقود التي تربطها بالسعوديين لقاء التخلي عن رواتب تصل إلى 150 ألف دولار شهريًا.

ناهيك عن تعليق وزير الطاقة الأمريكي السابق إرنست مونيز ونائب رئيس المفوضية الأوروبية السابق نيلي كروس عضويتهما في مجلس إدارة نيوم، مدينة المستقبل الذكية لمحمد بن سلمان، وعلق جيف بيزوس،رئيس أمازون صفقة بمليار دولار لبناء مراكز بيانات في المملكة العربية السعودية.

لكن سرعان ما تلاشى الغضب من مقتل خاشقجي. ففي أبريل / نيسان 2019، بعد ستة أشهر تقريبًا من مقتل خاشقجي، تم توقيع سلسلة من الصفقات بين السعوديين والشركات الغربية.

في 4 أبريل / نيسان 2019، أعلنت شركة سيكس فلاكس، إينتيرتينمنت أكبر مدينة ترفيهية إقليمية في العالم، عن تعاونها مع صندوق الاستثمار السيادي السعودي لبناء مدينة ترفيهية في الرياض.

وقد صرح ديفيد ماكليبس، رئيس شركة سيكس فلاكس للتنمية الدولية: "إننا نرى إمكانات كبيرة في سوق المملكة العربية السعودية ونتطلع إلى التعاون مع صندوق الاستثمار العمومي لبناء وجهة ترفيهية عالمية المستوى لفائدة الشباب السعودي المليء بالحيوية والنشاط".

وفي 4 أبريل / نيسان 2019 كذلك، أعلنت إي أم سي ثياترز، أكبر مشغل للسينما في العالم، عن عزمها بناء ما يصل إلى 100 دار سينما في المملكة العربية السعودية بحلول 2030.

وفي 9 أبريل / نيسان 2019، بعد مضي خمسة أيام، قدم المستثمرون الدوليون طلبات شراء تزيد عن 100 مليار دولار في بيع سندات شركة النفط الحكومية السعودية أرامكو.

وقد عادت شركة جي بي مورغان، التي كانت قد اعتذرت عن المشاركة في  مؤتمر "دافوس في الصحراء" في أكتوبر / تشرين الأول 2018، وبقوة إلى المملكة العربية السعودية، فهي تساعد على  إدارة بيع السندات.

ومن بين الشركات الأخرى الشريكة في الصفقات السعودية في الأشهر التي أعقبت مقتل خاشقجي نذكر  هاليبرتون وتوتال وهيونداي للصناعات الثقيلة وبلاكستون وبيكر هيوز.

والحال أنه خلال الفترة ما بين 2018 إلى 2019، سجلت زيادة بنسبة 54 ٪ في عدد الشركات الدولية التي أبرمت صفقات في المملكة العربية السعودية، حسب ما أوردته جريدة سعودي غازيت. وقد شمل ذلك 100 شركة من المملكة المتحدة و 84 من الولايات المتحدة.

أكد مؤتمر "دافوس في الصحراء، الذي عُقد في أكتوبر / تشرين الأول 2019"، بعد مرور عام على مقتل خاشقجي، أن مقتل خاشقجي لم يكن إيذاناً بتوقف علاقات المملكة العربية السعودية ومحمد بن سلمان التجارية مع المجتمع الدولي، وإنما عثرة أبطأت من سرعتها. إذ عاد قادة الشركات الذين انسحبوا من مؤتمر أكتوبر/ تشرين الأول 2018 بهدوء إلى مؤتمر الأعمال في المملكة.

في المقابل، ليس ثمة جرد للشركات التي بقيت بعيدة عن المملكة العربية السعودية ومحمد بن سلمان، أو للصفقات التي لم تتم أبدًا بسبب مقتل خاشقجي.

فوفق البنك الدولي، خضعت المملكة العربية السعودية لعدد قياسي من الإصلاحات في مجال الأعمال في 2019، لتصبح واحدة من العشرة الأوائل من حيث "تحسين مناخ الأعمال العالمي".

فلولا مقتل خاشقجي وما كشف عنه من عدم القدرة  على التنبؤ بردود فعل محمد بن سلمان، لكان من المرجح تسجيل نسبة نمو فائقة تضارع النمو المطرد للأعمال التجارية السعودية الدولية في ظل التحسن الكبير لبيئة الأعمال كبيرا. 

وفي غمرة هذا النمو المطرد، كانت ثمة بعض الصفقات البارزة بين السعوديين والشركات الدولية التي فشلت أو تم إلغاؤها في الدقيقة الأخيرة بسبب مخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان. ففي يناير/ كانون الثاني 2020، انخرطت  مجموعة استثمارية بقيادة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في محادثات لشراء فريق كرة القدم نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث عرضت المجموعة حوالي 445 مليون دولار.

لقد كان ذلك خطوة جريئة من قبل ولي العهد. وكما أفادت صحيفة وول ستريت جورنال، فإن: "من شأن الشراء أن يشكل انقلابًا كبيرًا لصالح المملكة العربية السعودية في تركيزها على الرياضة والترفيه كجزء من خطط الإصلاح الاقتصادي للملكة للأمير محمد ".

لقد احتشدت مجموعات حقوق الإنسان ضد الصفقة. وفي أبريل / نيسان 2020، كتبت منظمة مشاريع فيرسكوير ومنظمة العفو الدولية رسالتين منفصلتين إلى ريتشارد ماسترز، الرئيس التنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز، تحثه على النظر في السجل البشع لانتهاكات حقوق الإنسان قبل المصادقة على الصفقة.

كما ذكرت رسالة فيرسكوير أن ولي العهد محمد بن سلمان  "يمثل تهديدًا واضحًا لحيوية ونزاهة وسمعة لعبة كرة القدم الإنجليزية ومستقبل نيوكاسل يونايتد ".

انضمت هيومن رايتس ووتش إلى طيف المنظمات الحقوقية وأصدرت بيانًا صحفيًا في 21 يوليو / تموز 2018، وحثت الدوري الممتاز على النظر في سجل حقوق الإنسان للمملكة العربية السعودية عند تقييم ما إذا كانت ستوافق على الصفقة. لقد نجح المجتمع المدني بالفعل في حشد معارضة الصفقة في حالة نيوكاسل يونايتد.. وفي 30 يوليو / تموز 2020، سحبت السعودية عرضها لشراء فريق كرة القدم.

في نفس الوقت الذي كان فيه عرض السعودية لشراء نيوكاسل يونايتد ينهار، تم إلغاء صفقة أخرى رفيعة المستوى بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان.

في 30 يوليو / تموز 2020، بعد يوم واحد من الإعلان عن شراكة مع السعوديين، ألغى ريوت غايمز، مطور لعبة ليغ اوف ليجندز اتفاقية رعاية تربطها بنيوم، مدينة المستقبل الذكية لمحمد بن سلمان، وذلك إثر ردة فعل عنيفة من الموظفين والمشاركين من اللاعبين وأفراد المجتمع الذين عبروا عن قلقهم إزاء السجل حقوق الإنسان السعودي.

لا يمثل إلغاء صفقتي نيوكاسل يونايتد ريوت غايمز بالضرورة اتجاهًا في الصفقات التجارية السعودية المستقبلية، لكنها تشكل تحذيرًا واضحًا لولي العهد والنظام السعودي بأنهما قد يكونا مضطرين لتحسين سجل حقوق الإنسان السعودي إذا أرادا تحقيق أهدافهما التجارية الأكثر طموحًا.

كما قد تتعارض رؤية محمد بن سلمان في أفق 2030 ونيوم، "مدينة المستقبل" الذكية لمحمد بن سلمان مع تنفيذ عمليات القتل خارج نطاق القضاء للمنشقين السعوديين في الخارج، وسجن النشطاء السلميين داخل البلاد، وإلقاء القنابل بشكل عشوائي على التجمعات السكانية اليمنية.

إن صفقتي نيوكاسل يونايتد وريوت غايمز تشكلان نموذجان يمكن الاقتداء بهما من قبل مجموعات حقوق الإنسان في التعاون في المستقبل مع الموظفين والمساهمين وإدارة شركات القطاع الخاص، سعيا منها إلى  تنبيه  ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والنظام السعودي للتكلفة الباهظة التي تترتب عن سجل حقوقي شنيع. 

منظمات المجتمع المدني

تحركت منظمات المجتمع المدني غير الحكومية فور اختفاء جمال خاشقجي وطالبت السعوديين بأجوبة بشأن مكان وجوده. وأصدرت بيانات صحفية وبيانات وتقارير مشتركة سعياً لمحاسبة القتلة.

كما عقدت  حلقات نقاش إحياءً لذكرى خاشقجي، علوةً على رفع دعاوى قضائية للحصول على معلومات ووثائق تتعلق بحادث الاغتيال.

كما دعت الحكومات والشركات إلى معاقبة الجناة. اتسمت جهود المجتمع المدني في السعي لتحقيق العدالة لجمال بالتركيز والثبات بلا هوادة.

و يمكن لسرد أنشطة المجتمع المدني ومناصرة قضية جمال خاشقجي أن يملأ بسهولة المجلد الأول والثاني من سلسلة مجلدات ستستمر في الاطراد. ت

قدم الإجراءات الموضحة أدناه جزءًا صغيرًا من أنشطة المجتمع المدني التي تمت في جميع أنحاء العالم. وما تزال هذه الجهود متواصلةً.

دقت منظمات حقوق الإنسان ناقوس الخطر فور اختفاء خاشقجي. في 4 أكتوبر / تشرين الأول 2018، وبعد مضي يومين على اختفائه، أصدرت هيومن رايتس ووتش بيانًا صحفيًا، طالبت فيه المملكة العربية السعودية بتقديم دليل على أن خاشقجي غادر القنصلية السعودية.

تلتها منظمة العفو الدولية في اليوم الموالي، في 5 أكتوبر / تشرين الأول، مطالبةً الحكومة السعودية بتقديم تفسير عن "مصير خاشقجي ومكان وجوده".

وفي 12 أكتوبر / تشرين الأول 2018، أدانت مؤسسة بروكينغز قتلة خاشقجي برفضها التمويل السعودي، معلنةً أن المنحة السعودية الوحيدة التي حصل المعهد عليها قد ألغيت على الفور.

وصرح معهد بروكينغز بأنه "لا يعتزم قبول أي تمويل محتمل من المملكة العربية السعودية أو أي من الهيئات التابعة لها المعروفة".

وفي 29 أكتوبر / تشرين الأول 2018، أصدرت منظمة العفو الدولية مقطع فيديو قرأ فيه صحفيون بارزون من جميع أنحاء العالم آخر عمود لخاشقجي، نشرته صحيفة واشنطن بوست بعد وفاته.

ومن بين القراء: جيك تابر من سي إن إن، ونيك كريستوف من نيويورك تايمز، والصحفي الهندي بارخا دوت، ومهدي حسن من قناة الجزيرة الإنجليزية، ونعومي كلاين من إنترسيبت، وجيسون رضائيان من صحيفة واشنطن بوست، والصحفي المصري كريم شاهين، والكاتبة والصحفية اللبنانية الأسترالية رانيا أبو زيد، وحميد مير من جيو نيوز الباكستانية، والمحرر اللبناني رامي خوري.

وفي 20 نوفمبر / تشرين الثاني 2018، رفعت لجنة حماية الصحفيين ومعهد نايت للتعديل الأول دعوى قضائية بموجب قانون حرية المعلومات في محكمة واشنطن العاصمة ضد خمس وكالات فيدرالية، وتحديدا وكالة الاستخبارات المركزية، ووزارة الخارجية، ووزارة العدل، ووكالة الأمن القومي، ومكتب مدير المخابرات الوطنية – وتسعى من ذلك إلى رفع السرية على المعلومات والوثائق المتعلقة بما إذا كانت وكالات الاستخبارات الأمريكية قد أدت ـ"واجب تحذير" خاشقجي من التهديدات لحياته وحريته.

استجابت جميع الوكالات الفيدرالية، باستثناء وزارة الخارجية، للطلب من خلال الاستناد إلى مبدأ "غلومار"، بدعوى أن مجرد الاعتراف بوجود مثل هذه الوثائق من شأنه أن يقوض الأمن القومي.

في 7 يناير / كانون الثاني 2020، أصدرت المحكمة الفدرالية لواشنطن العاصمة حكماً مستعجلاً لصالح الحكومة. وفي 7 يوليو / تموز 2020، استأنفت لجنة حماية الصحفيين القرار، وما تزال القضية قيد الاستئناف.

وفي 7 فبراير / شباط 2019، دعت عدة منظمات غير حكومية، في رسالة مشتركة، شملت هيومن رايتس ووتش ولجنة حماية الصحفيين ومنظمة حقوق الإنسان أولاً ومبادرة عدالة المجتمع المفتوح ومنظمة بان أمريكا ومراسلون بلا حدود، الكونغرس وإدارة ترامب لدعم الكشف العلني عن القرار الرئاسي بشأن تحديد المسؤولين عن مقتل خاشقجي، ورفع السرية عن جميع وثائق وكالة الاستخبارات المركزية ذات الصلة بجريمة الاغتيال.

وفي 20 فبراير / شباط 2019، عقدت لجنة حماية الصحفيين مؤتمراً صحفياً أمام البيت الأبيض، ودعت حكومة الولايات المتحدة إلى نشر جميع المعلومات ذات الصلة بجريمة القتل.

كان هذا الحدث تتويجًا لحملة "العدالة لجمال" (#JusticeforJamal) التي نظمتها لجنة حماية الصحفيين. وفي اليوم نفسه، أرسلت لجنة حماية الصحفيين بيانًا مشتركًا مع منظمة حقوق الإنسان أولا، ومنظمة هيومن رايتس ووتش ومبادرة عدالة المجتمع المفتوح ومنظمة بان أمريكا ومراسلون بلا حدود إلى البيت الأبيض والكونغرس، معربةً عن  قلقها بشأن عدم محاسبة مرتكبي جريمة مقتل خاشقجي ومواصلة انتهاك حقوق الإنسان في السعودية.

وفي 26 سبتمبر / أيلول 2019، اجتمعت 13 هيئة حقوقية في مبنى مكتب مجلس الشيوخ في واشنطن العاصمة لإحياء ذكرى حياة جمال. الحدث المنظم تحت عنوان "العدالة لجمال: الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بعد عام واحد على مقتل خاشقجي"، عرف مشاركة متدخلين من مجلس الشيوخ والكونغرس ديمقراطيين منهم وجمهوريين.

وفي 13 يناير / كانون الثاني 2020، أعلنت منظمة  الشفافية الدولية الكائن مقرها ببرلين ومنظمة العفو الدولية ومنظمة سيفيكوس ومقرها جوهانسبرغ أنها ستقاطع اجتماعات مجموعة المجتمع المدني التي تنظمها الحكومة السعودية في الفترة التي تسبق قمة مجموعة العشرين، والتي استضاقتها العربية السعودية يومي 21 و 22 نوفمبر / تشرين الثاني 2020 في الرياض.

كما أعلنت منظمة العفو الدولية في مارس / آذار 2020، أنها ستنضم إلى المقاطعة، إلى جانب 220 منظمة مجتمع مدني أخرى. وذكرت منظمة العفو الدولية أن "العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء حقوق المرأة، كوليد أبو الخير ولجين الهذلول ورائف بدوي وسمر بدوي ونسيمة السادة، الذين يقبعون وراء القضبان،  سيستمدون قوتهم من هذا العمل التضامني المنظم من قبل العديد من المنظمات حول العالم، سعيا منها للحيلولة دون التستر على سجل حقوق الإنسان المروع للمملكة ".

وفي يناير / كانون الثاني 2020، شرعت مجموعة استثمارية بقيادة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في محادثات لشراء فريق كرة القدم في الدوري الإنجليزي الممتاز نيوكاسل يونايتد، حيث عرضت حوالي 445 مليون دولار، ما دفع مجموعات حقوق الإنسان للتعاون مع قادة الأعمال وتمكنت من إفشال الصفقة.

وهكذا، سحب ولي العهد والمملكة العربية السعودية العرض في إقرار بالهزيمة في 30 يوليو / تموز 2020. للحصول على سرد أكثر تفصيلاً لإفشال الصفقة. 

تخليدا للذكرى الثانية لوفاة جمال خاشقجي، في 2 أكتوبر / تشرين الأول 2020، أعيد  إطلاق منظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن "DAWN"، وهي المنظمة التي أنشأها خاشقجي.

لقد التقطت المنظمة شعار جمال خاشقجي لمنظمة قوية قادرة على فضح انتهاكات حقوق الإنسان والنهوض بالديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، منظمة تسمع صوتً عشرات الآلاف من المنفيين السياسيين الراغبين في  التغيير.

المؤسسات التعليمية

عادةً ما ينبغي إدراج المؤسسات التعليمية كجزء من المجتمع المدني. بيد أن رد فعل الكليات والمدارس الأمريكية على مقتل خاشقجي اختلف اختلافا لافتا عن فئات أخرى من المجتمع المدني، مما دفعنا إلى تكريس جزء منفصل خاص.

لقد كان للعديد من الكليات والجامعات الأمريكية صلات مالية مهمة مع الحكومة السعودية إبان مقتل خاشقجي، إذ قدمت الحكومة السعودية والمؤسسات السعودية 354 مليون دولار إلى 37 كلية وجامعة أمريكية خلال الفترة ما بين 2011 إلى أكتوبر / تشرين الأول 2018. لم تقم معظم المدارس التي تلقت تبرعات سعودية، بما في ذلك جامعة تافتس وجامعة كاليفورنيا بيركلي وجامعة ميشيغان، بإعادة تقييم علني للترتيبات المالية التي تربطها  بمموليها السعوديين أو التفكير في تغييرها في أعقاب مقتل خاشقجي.

فعلى الرغم من التصعيد اللفظي، لم تتخذ الكليات المستفيدة من الهبات السعودية خطوات ملموسةً. فقد أفادت كلية بابسون، في أكتوبر / تشرين الأول 2018، أياماً قليلة على جريمة القتل، والتي تلقت مليونين ونصف دولار من خلال عقد مع شركة سابك، وهي شركة بتروكيماويات سعودية، أنها "تراقب الأحداث عن كثب وتجمع معلومات من مجتمعنا فيما يتعلق بالسبيل المحتمل اتخاذه للمضي قدمًا".

كما طلبت جامعة نورث وسترن، التي تلقت 13.9 مليون دولار من المنح من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا، وهي وكالة حكومية سعودية للعلوم والتكنولوجيا، من أعضاء هيئة التدريس في الأسابيع التي أعقبت مقتل خاشقجي "إعادة النظر" في علاقتها مع المملكة العربية السعودية.

غير أن "المراقبة" و "إعادة النظر" لم تدفعا أي من المدرسة إلى إعادة التمويل السعودي أو إجراء تغييرات في الترتيبات المالية التي تربطهما بالمانحين السعوديين.

ويعد قرار معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تقييم تمويل الحكومة السعودية الأكثر منهجية وشفافية من أي مؤسسة تعليمية أخرى. ويرجع ذلك إلى ارتفاع أصوات أعضاء هيئة التدريس والموظفين والخريجين للمطالبة بذلك.

ففي 22 أكتوبر / تشرين الأول 2018، أعلن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أنه سيخضع لـ"إعادة تقييم سريعة وشاملة" للعلاقات التي تربطها  بالسعودية والتمويل السعودي في أعقاب مقتل خاشقجي.

وفي 31 يناير / كانون الثاني 2019، أصدر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تقرير ليستر، الذي راجع جميع مصادر التمويل السعودي، لكنه خلص في النهاية إلى استنتاج مشابه للجامعات الأخرى المستفيدة من التمويل السعودي، إذ لم يوصِ التقرير المؤلف من 21 صفحة بأن يقوم معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بإعادة أية أموال سعودية أو وقف العلاقة مع المملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أن "التقدم الاقتصادي والاجتماعي في المملكة العربية السعودية سيتم إحرازه من خلال مشاركة المعهد."

كما سمح التقرير لأعضاء هيئة التدريس الذين يرغبون في الانسحاب من المشاريع السعودية في ضوء الأحداث الأخيرة القيام بذلك، وأشار إلى أن المدرسة ستساعد في تسهيل الانتقال من التمويل السعودي على نحو سلس. وفي 9 فبراير / شباط 2019، وافق رئيس معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على جميع توصيات تقرير ليستر، مع الحفاظ على الوضع المالي الراهن  الذي يربط المعهد بالمانحين السعوديين.

اتخذت جامعة كولومبيا وجامعة هارفارد أهم الخطوات التي ميزتهما عن سائر الكليات والجامعات الأمريكية في أعقاب مقتل خاشقجي.

ففي أواخر أكتوبر / تشرين الأول 2018، ألغت جامعة كولومبيا، التي كانت قد تلقت منحة قدرها 1.1 مليون دولار من وزارة الزراعة السعودية في 2016، محاضرة كان من المقرر أن يلقيها الفنان السعودي أحمد ماطر.

وكان ماطر يشغل آنذاك منصب رئيس معهد "مسك" للفنون التابع لولي العهد محمد بن سلمان.

وفي نوفمبر / تشرين الثاني 2018، ألغت مدرسة كينيدي بجامعة هارفارد دعوة كانت وجهتها للأمير السعودي تركي الفيصل، الذي عمل جمال خاشقجي تحت إمرته  لسنوات عديدة والذي  دافع بالمقابل عن الحكومة السعودية، لإلقاء محاضرة مقررة في المدرسة.

علاوةً على ذلك، اتخذت جامعة هارفارد إجراءً ملموسًا آخر قد ينطوي على بعض التضحية بالتمويل السعودي.

ففي يوليو / تموز 2019، صرح المتحدث باسم جامعة هارفارد أن مدرسة هارفارد للتكوين المستمر بالتعلم عن بعد لن تخصص 100 مقعد في برنامجها الصيفي للطلاب الذين ترعاهم مؤسسة مسك التابعة لولي العهد.

وقد رفضت جامعة هارفارد تفسير السبب الكامن وراء القرار، إلا أن  جريدة هارفارد كريمسون فسرت هذه الخطوة  على أنها محاولة لتسجيل الجامعة  شجب اغتيال النظام السعودي لخاشقجي.

في أعقاب مقتل خاشقجي، بدت الكليات والجامعات الأمريكية غير الهادفة للربح أنها تولي تركيزا أولاً وقبل كل شيء لما ستجنيه من علاقتها بالنظام السعودي، وقد تكون قد فاقت في ذلك الشركات الأمريكية الساعية للربح، والتي ألغى بعضها صفقات ذات أرباحً محتملة.

كما يبدو أن المؤسسات التعليمية التي لها روابط مالية بالسعوديين تركز اهتمامها بحجم أوقافها أكثر من اهتمامها بمصدر أموالها.

"تظل الديمقراطية الوسيلة الأكثر فعالية لمواجهة الإرهاب ووقف إراقة الدماء والعنف السياسي في الدول العربية".

جمال خاشقجي، العربية، 12 يونيو/حزيران 2016

ساعدوا "دون" على حماية حياة وحقوق الفلسطينيين في غزة.

إننا نناضل من أجل وقف إطلاق النار ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين المسؤولين عن جرائم الحرب في غزة.