المساعدات العسكرية لمصر تنتهك قوانين الولايات المتحدة وتجعل الولايات المتحدة متواطئة في انتهاكات الحكومة المصرية لحقوق الإنسان.
English
(واشنطن العاصمة، 14 سبتمبر/أيلول، 2021)- قالت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) أن قرار إدارة بايدن بإخضاع 170 مليون دولار من أصل 300 مليون دولار محجوبة من المساعدات العسكرية لمصر للإعفاء على الرغم من فشلها في تلبية شروط حقوق الإنسان يقوض التزام الولايات المتحدة المعلن بحقوق الإنسان وينتهك القوانين الأمريكية التي تحظر المساعدة للحكومات المسيئة لحقوق الإنسان بشكل منهجي.
أبقت الإدارة الحجب عن 130 مليون دولار من المساعدات المقيدة حتى تلبية شروط غير محددة متعلقة بحقوق الإنسان: يشير الإعفاء عن معظم المساعدات المحجوبة إلى دعم إدارة بايدن لحاكم مصر الاستبدادي، الرئيس السيسي، على حساب حقوق الإنسان وسيادة القانون للشعب المصري.
قال جون هيرش، مدير البرامج في منظمة (DAWN): "إن إدارة بايدن تتحدث باتجاهين مختلفين، فهي تحاول الحفاظ على خطابها الخاص بحقوق الإنسان من خلال ترك جزء صغير من المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر محجوبًا، مع جعل 90 بالمئة—أكثر من مليار دولار—تتدفق في أيدي الرئيس السيسي". وأضاف: "تراجعَ الرئيس بايدن عن أحد وعوده الرئيسية في حملته الانتخابية، ويبدو أنه عالق في نفس الشراكة التي عفا عليها الزمن مع الحكومة الاستبدادية في مصر".
شملت الشروط المفروضة على 300 مليون دولار أحكامًا غامضة لتعزيز سيادة القانون والمؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر، وتنفيذ إصلاحات للمجتمع المدني، وتحميل قوات الأمن المصرية المسؤولية عن انتهاكات لحقوق الإنسان، والتحقيق في عمليات القتل خارج نطاق القضاء ومقاضاة مرتكبيها، وتزويد المسؤولين الأمريكيين بالوصول لرصد مكان استخدام المساعدات الأمريكية.
كما أن هناك بندًا محددًا يطالب وزير الخارجية الأمريكي بتحديد ما إذا كانت الحكومة المصرية "تحقق تقدمًا واضحًا ومتسقًا في إطلاق سراح السجناء السياسيين وتزويد المعتقلين بالإجراءات القانونية الواجبة." لم تستوفِ الحكومة المصرية أيًا من هذه الشروط. إذا كان هناك أي تغيير في الوضع في مصر، فإن ذلك في إطار ازدياد تدهور انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بهذه الشروط منذ أن فرض الكونغرس هذه القيود.
وبحسب ما ذكرت بعض التقارير، ستفرج إدارة بايدن عن 170 مليون دولار من المساعدات المحجوبة لكنها ستقصر استخدامها على مكافحة الإرهاب وأمن الحدود ومنع انتشار الأسلحة النووية.
قال هيرش: "التخصيص المزدوج الذي تقوم به إدارة بايدن للمساعدات العسكرية لمصر هو نفس نوع الكلام المزدوج الذي سمعناه عندما أوقف مبيعات الأسلحة "الهجومية" للسعودية أبقت على مبيعات الأسلحة الدفاعية." تمامًا مثل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يتمتع الرئيس السيسي بكل الطمأنينة التي يحتاجها بأنه لن يتغير الكثير في ظل هذه الإدارة الجديدة."
تحظر قوانين الولايات المتحدة تقديم المساعدات العسكرية للحكومات التي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. يتناول قانون تصدير الأسلحة ومراقبتها انتهاكات حقوق الإنسان من خلال أحكامه العامة، بينما يحظر قانون المساعدات الخارجية تحديدًا تقديم المساعدات الأمنية للحكومات الأجنبية التي شاركت في "نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليًا". لا يجوز للرئيس إعفاء قيود قانون المساعدات الخارجية إلا إذا قدم للكونغرس شهادة خطية تفيد بأن هناك "ظروف استثنائية" تبرر الإجراء.
على الرغم من القيود التي يفرضها قانون المساعدات الخارجية، والتي كان ينبغي أن تحظر المساعدات لعقود عن الحكومات المصرية المسيئة بشكل منهجي، فقد قدمت الحكومة الأمريكية لمصر ما معدله 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية كل عام منذ عام 1987 من خلال برنامج التمويل العسكري الخارجي.
كانت الجهود المتكررة التي بذلها الكونغرس على مدى العقود العديدة الماضية لوضع شروط على المساعدات العسكرية لمصر تتصل بإصلاحات في مجال حقوق الإنسان، دائمًا تقريبًا، مؤقتة، أو يتم إعفاؤها، أو يتم التصديق بأنها استوفت الشروط المذكورة، مع عدم وجود دليل فعلي على تلك الإصلاحات.
قال هيرش: "إن الإعفاء الذي تقدمه إدارة بايدن على الجزء الأكبر من المساعدات المحجوبة ليس سوى أحدث مثال على سبب عدم نجاح شروط المساعدات العسكرية للحكومات المسيئة مثل مصر: لم يتم تطبيق هذه الشروط على الإطلاق، والقادة الاستبداديون مثل السيسي يعرفون ذلك أكثر من الحكومة الأمريكية". وأضاف: "القضية هنا ليست في الحقيقة ما إذا كانت حكومة السيسي ستجري إصلاحات فعلية—فهي لن تفعل—إنها تتعلق بانتهاك الولايات المتحدة المستمر للقوانين المحلية والدولية التي تحظر تسليح الحكومات المسيئة والمساهمة في انتهاكاتها".
بسبب هذا الإعفاء، ستوفر المساعدات العسكرية الأمريكية دفعة كبيرة للحكومة والقوات المسلحة التي تمارس القتل خارج نطاق القانون والعنف السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان. يوثق تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2020 حول حقوق الإنسان في مصر انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل غير القانوني أو التعسفي والقتل خارج نطاق القضاء من قبل الحكومة أو وكلاء الحكومة والاختفاء القسري والتعذيب والعديد من حالات المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
إنّ الاعتقالات التعسفية والمعاملة القاسية للسجناء السياسيين التي تقوم بها الحكومة المصرية وهجماتها المستمرة على الصحفيين والمجتمع المدني مزعجة بشكل خاص، في حين أن قمعها واسع النطاق لحرية التعبير وحرية المعلومات وحرية التجمع في مناخ من الاضطهاد الخانق. إنّ الإفلات شبه الكامل من العقاب للجهات الحكومية التي ترتكب هذه الجرائم يضيف إلى هذه البيئة القمعية.
قال هيرش: "يجب ألا تدعم المساعدات العسكرية الأمريكية أي حكومة أجنبية أو قوات مسلحة أجنبية لها سجل مروع ومنهجي من انتهاكات حقوق الإنسان مثل تلك الموجودة في مصر في عهد السيسي."
في عهد السيسي، اعتقلت الحكومة المصرية ما لا يقل عن 60 ألف سجين سياسي. يتم احتجاز آلاف السجناء إلى أجل غير مسمى دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة. ظروف السجون مستهجنة، والتعذيب منتشر، والرعاية الصحية في السجون غير موجودة، إن لم يتم منعها عن قصد. وثقت منظمات حقوقية كيف يؤدي تعذيب الحكومة المصرية للمعتقلين إلى التطرف والتجنيد من قبل المنظمات المتطرفة بما في ذلك داعش.
في عام 2020، نفذ المسؤولون المصريون عمليات إعدام أكثر من أي دولة في العالم باستثناء الصين وإيران. تواصل الحكومة المصرية إصدار أحكام بالإعدام على سجناء سياسيين، بينهم 12 رجلًا ينتظرون الإعدام بعد محاكمة صورية شملت 739 متهمًا.
كما استهدفت حكومة السيسي المواطنين الأمريكيين. توفي مصطفى قاسم في المعتقل المصري عام 2020. تم اعتقال قاسم عام 2013 وحُكم عليه بالسجن 15 عامًا في 2018. وقبل وفاته، ذكر أنه لم يتم إلى حدٍ كبير علاجه من مرض القلب ومرض السكري. كما تم اعتقال محمد سلطان في عام 2013. وأمضى عامين في سجن مصري بسبب نشاطه السياسي السلمي، حيث قام المسؤولون بتعذيبه وتعريضه لمعاملة غير إنسانية. لم يُطلق سراحه إلا في عام 2015 بعد ضغوط سياسية متواصلة من إدارة أوباما. عاد سلطان إلى الولايات المتحدة، لكن المسؤولين المصريين يواصلون مضايقة أقاربه الذين ما زالوا يعيشون في مصر.
خلال زيارة لواشنطن في شهر يوليو/تموز الماضي، انتقد رئيس المخابرات المصرية عباس كامل المسؤولين الأمريكيين لعدم تأييدهم عقوبة السجن المؤبد على سلطان، وذهب إلى حد تقديم وثيقة للمسؤولين الأمريكيين تزعم وجود صفقة بين مصر والولايات المتحدة بأن سلطان سيخدم ما تبقى من عقوبته في سجن أمريكي. توضح هذه الإجراءات إلى أي مدى ترغب حكومة السيسي في معاقبة منتقديها ومدى قلة اهتمامها بالانتقادات الأمريكية طالما استمرت المساعدات العسكرية الأمريكية في ملء خزائن الحكومة.
قال هيرش: "وعد بايدن بأن يكون مختلفًا، لكن حتى الآن، يستمر الأمر على ما هو. إنّ السماح للحكومة المصرية مرة أخرى بتلقي أكثر من مليار دولار من المساعدات العسكرية دون بذل أي جهد حقيقي لاحترام حقوق الإنسان، يشكل سابقة مروعة للقادة المستبدين في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا". وأضاف: "إنّ من الصعب فهم إصدار إدارة بايدن هذا الإعفاء في ظل سجل مصر المروع في مجال حقوق الإنسان—كما تشهد على ذلك تقارير وزارة الخارجية الأمريكية نفسها—وفي ظل وقوع المواطنين الأمريكيين ضحايا وأهداف لهذه الانتهاكات".
وللتغطية على هذه الانتهاكات، استخدمت الحكومة المصرية العديد من جماعات الضغط البارزة في العاصمة واشنطن لتحسين صورتها وتأكيد ضرورة استمرار الدعم الأمريكي. أعضاء جماعات الضغط هؤلاء يكررون نفس الحجج غير المقنعة لقيمة مصر كشريك أمني بغض النظر عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان. تتلقى مصر بالفعل مليار دولار من التمويل الأمريكي دون أي قيود على حقوق الإنسان. علاوة على ذلك، في 17 فبراير/شباط، وافقت إدارة بايدن على صفقة أسلحة بقيمة 197 مليون دولار مع الحكومة المصرية، لتزويد البلاد بالصواريخ، ووصفت الأمر بـ "الروتيني".
في 10 أغسطس/آب، أدلى مسؤولون كبار في الإدارة الأمريكية بشهاداتهم أمام جلسة استماع للجنة الفرعية للعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بشأن المساعدات الأمنية الأمريكية في الشرق الأوسط لدعم تقديم المساعدات العسكرية للحكومة المصرية. كرر هؤلاء المسؤولون كلامًا مألوفًا، قائلين إن المسؤولين الأمريكيين أثاروا مخاوف بشأن حقوق الإنسان في مصر "على أعلى مستوى في الحكومة"، لكنهم أكدوا أيضًا أن مصر "شريك أمني مهم" للولايات المتحدة.
قال هيرش: "وعدَ الرئيس بايدن الأمريكيين والعالم بأنه في ظل قيادته، ستعطي السياسة الخارجية الأمريكية الأولوية لحقوق الإنسان وسيادة القانون والقيم الديمقراطية، لكن قرار اليوم يكرر الحجج التي عفا عليها الزمن حول قيمة مصر كشريك أمني ويظهر هوة عميقة بين خطاب الإدارة وأفعالها".
يمكن الاطلاع هنا على أبحاث منظمة (DAWN) حول كيف أن شروط المساعدات لا تؤدي إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان لدى الحكومات المسيئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك ورشة العمل التي تم استضافتها مؤخرًا بالاشتراك مع مركز الدراسات الدولية التابع لمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا.