DAWN’s experts are the driving force behind the organization’s mission and vision. Our experts complement our research work and bolster our advocacy efforts.

No posts found!

Read all the latest articles from the DAWN team of Experts and Contributors.

عدم جدوى وضع شروط لتقديم الأسلحة الأمريكية: كيف تدعم المساعدات العسكرية الأمريكية القمع في الشرق الأوسط

Avatar photo

أسلي بالي أستاذة القانون في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس ومديرة معهد الوعد لحقوق الإنسان بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس.

ملاحظة المحرر: هذا المقال مقتبس من ورقة بحثية تم تقديمها في ورشة عمل حول شروط المساعدة شارك في استضافتها DAWN مع مركز MIT للدراسات الدولية.

 

باعت الولايات المتحدة ما قيمته 200 مليار دولار من الأسلحة التقليدية الكبيرة وأشكال الدعم الفني ذات الصلة لما يقرب من 170 دولة منذ عام 2002. في العام الماضي فقط، وافقت الولايات المتحدة على مبيعات أسلحة تزيد عن 175 مليار دولار. جعل الرئيس السابق دونالد ترامب توقيع صفقات الأسلحة هدفًا مهمًا في السياسة الخارجية لإدارته، متفاخرًا بصفقات الأسلحة بمليارات الدولارات التي أبرمها شخصيًا.

ويواصل الرئيس جو بايدن معظم مبيعات الأسلحة هذه، بما في ذلك 23 مليار دولار من طائرات F-35 وطائرات بدون طيار وأسلحة متطورة أخرى إلى الإمارات العربية المتحدة، على الرغم من الإعراب عن مخاوفه بشأن استخدام الإمارات لمثل هذه الأسلحة في استهداف المدنيين في اليمن.

أعلنت إدارة بايدن، في نمط مألوف، عن مراجعة لمبيعات الأسلحة، مقترحة تعليق عمليات النقل كجزء من محاولة لتهدئة التوترات في الشرق الأوسط—لكنها تراجعت عن ذلك. إن الاختلاف بين إدارتي ترامب وبايدن، في نهاية المطاف، على هذه الجبهة يتعلق بالشكل أكثر من الجوهر. قد يكون بايدن أكثر حماسًا للإشارة إلى النوايا الحسنة لأمريكا، ولكن في النهاية، تظل عمليات نقل الأسلحة العسكرية إلى منتهكي حقوق الإنسان سياسة ينتهجها الحزبان.

في هذا السياق، فإن أي شروط مرتبطة بهذه المساعدات العسكرية هي بمثابة سراب وتعكس استراتيجية إخفاء درجة التواطؤ الأمريكي في تسهيل انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. تذهب الأسلحة الأمريكية إلى البلدان المنخرطة في صراعات أهلية وتدخلات عسكرية قاتلة، وأنظمة ترتكب الفظائع والانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان. لا يمكن إثبات أن أيًا من الشروط القانونية المفترضة المفروضة على هذه المبيعات قد خدم أي غرض في تحديد أين ينتهي المطاف بهذه الأسلحة أو كيفية استخدامها.

ولا يقتصر قياس الضرر الناجم عن هذه المبيعات على فعالية الأسلحة المباعة. فبالإضافة إلى تأثيرها العسكري وقيمتها المالية، فإن المساعدات العسكرية وعمليات نقل الأسلحة تُدخل الولايات المتحدة في علاقات مع الدول المتلقية لهذه الأسلحة، حيث تقدم هذه المبيعات غطاءً دبلوماسيًا لانتهاكات الحكّام المستبدين.

تشير مزاعم الولايات المتحدة بفرض شروط على مبيعات الأسلحة إلى أن الأنظمة التي تتلقى مساعدات عسكرية أمريكية يجب أن يكون لديها سجلات حقوق إنسان تفي بالمعايير. وبهذه الطريقة، فإن عمليات نقل الأسلحة تؤدي وظيفة غسيل السمعة: فالدول المتلقية المسيئة لا تشتري الأسلحة فحسب، بل تشتري أيضًا نفوذ الدعم الأمريكي، وتشتري بشكل فعال الإفلات من العقاب عن المزيد من الانتهاكات.

مصر مثال صارخ على كيفية عمل هذه العلاقات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يصادف شهر أغسطس/آب الذكرى الثامنة لمجازر ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة في القاهرة، عندما قتلت قوات الأمن المصرية ما لا يقل عن 800 من أنصار أول رئيس منتخب ديمقراطيًا في مصر، محمد مرسي، الذي أطيح به في انقلاب عسكري قبل أسابيع من تلك المجازر.

في البداية وردًا على عمليات القتل الجماعي تلك، راجعت إدارة الرئيس باراك أوباما المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر وعلقت مؤقتًا تسليم الطائرات المقاتلة والمروحيات الهجومية والدبابات والصواريخ.

لكن بعد أكثر من عام بقليل، رفع أوباما تعليق عمليات النقل العسكرية هذه، على الرغم من سجل القمع المتزايد على يد القائد الذي اختاره المجلس العسكري في مصر، عبد الفتاح السيسي، الذي أشرف على المجازر كوزير للدفاع.

كان السبب الذي أكدته إدارة أوباما لنقل الأسلحة بعد المراجعة هو أنه من المهم لمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة مساعدة مصر. وعلى حد تعبير المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي آنذاك، برناديت ميهان، فإن المساعدات العسكرية الأمريكية "ستُستخدم لتعزيز الأهداف المشتركة في المنطقة، بما في ذلك وجود مصر آمنة ومستقرة."

وأشار ذلك التصريح إلى أشكال القوة الناعمة التي تنقلها الولايات المتحدة، إلى جانب الأسلحة الأسلحة، لأنظمة مثل تلك الموجودة في مصر. من خلال رفع تعليق المساعدات العسكرية، أرسلت إدارة أوباما، دون وصف مصر بأنها ديمقراطية أو تأييد استيلاء الجيش على السلطة، رسالة مفادها أن مصالح مصر تتماشى مع المصالح الأمريكية.

صوّرت الولايات المتحدة مصر على أنها تقف إلى جانب المصالح التي تزعم واشنطن الدفاع عنها في المنطقة—كحد أدنى، الاستقرار والنظام والازدهار.

كان مفاد الرسالة أنه مهما كانت الانتهاكات أو القمع الذي قد يرتكبه نظام مثل السيسي، فإن تحليل التكلفة والعائد لا يزال يضع مصر في صف أولئك الذين يجب معاملتهم كحلفاء شرعيين لهم مصلحة مشتركة في تصوّر الولايات المتحدة للنظام الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لقد كانت مصر بارعة في تضخيم هذه الرسالة.

حدث نفس النمط في عهد إدارة ترامب. قام وزير الخارجية آنذاك ريكس تيلرسون بتجميد 195 مليون دولار من المساعدات العسكرية للقاهرة لفترة وجيزة، وفي أغسطس/آب 2017، فرض شروطًا لرفع التجميد.

كان يتعيّن على مصر إنهاء تعاونها العسكري والدبلوماسي مع كوريا الشمالية، وحل قضايا المواطنين الأمريكيين والأوروبيين المدانين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب الصارمة في مصر لعملهم مع منظمات غير حكومية مؤيدة للديمقراطية في القاهرة، وتعديل القانون التنظيمي القمعي الجديد للمنظمات غير الحكومية الذي فرضه نظام السيسي.

لكن، وخلال زيارة تيلرسون للقاهرة بعد بضعة أشهر، لم يشر إلى موجة القمع في مصر. لم تتحقق أي من الشروط التي وضعتها الولايات المتحدة بالكامل من قبل الحكومة المصرية عندما أعلنت وزارة الخارجية، في عهد مايك بومبيو، في سبتمبر/أيلول 2018، أنه سيتم رفع التجميد عن المساعدات المعلقة على أساس أن "التعاون الأمني ​​المعزز مهم للأمن القومي الأمريكي".

ما يوحّد إدارتي أوباما وترامب في هذه الأمثلة هو عدم الرغبة في فرض شروط فعلية على الدعم العسكري والدبلوماسي الأمريكي لنظام استبدادي. ما الذي يفسر هذا النمط؟ أولًا، هناك وجهة نظر مشتركة من الحزبين ترى أن الولايات المتحدة لا تستطيع إحداث تغيير ناجح في سلوك مصر.

ثانيًا، هناك اعتقاد مشترك على نطاق واسع في واشنطن بأن القمع قد يكون ضروريًا "لتحقيق الاستقرار في البلاد"، والحفاظ على النظام الاستبدادي الحالي في مكانه خوفًا من أن يخلفه ما هو أسوأ منه. ووفقًا لوجهة النظر هذه، فإن السيسي شخص "معتدل" يمكن للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة التعامل معه. ثالثًا، لا يزال يتم التعامل مع مصر كشريك مهم في جهود مكافحة الإرهاب.

كل هذه الفرضيات الثلاثة التي تقوم عليها شراكة أمريكا مع مصر يمكن دحضها بل ويجب ذلك. في الواقع، أدى الضغط الأمريكي على مصر إلى إحداث تغييرات كبيرة وصغيرة عندما كان هذا الضغط ثابتًا، وكانت أهدافه محددة بوضوح، وكانت هناك وسائل مصممة جيدًا لتحقيق الغايات المنشودة.

ويشمل ذلك المطالب بتحولات سياسية كبيرة، مثل السماح بمشاركة سياسية فعلية لجماعات المعارضة، كما فعل حسني مبارك في عام 2005، وتحقيق أهداف أضيق مثل إطلاق سراح النشطاء المسجونين، كما في حالة محمد سلطان.

السيسي بالطبع ليس معتدلًا. إن الدعم الأمريكي المستمر لنظامه هو الذي يسمح له بأن يستخدم هذه الصفات وأن يتمكن من إدارة سمعته على الرغم من تدهور حالة حقوق الإنسان تحت قيادته. يقف السيسي على رأس مستوى غير مسبوق وغير مستدام من القمع في مصر قد يؤدي إلى تطرف السكان ويخاطر بحدوث انهيار داخلي حقيقي في البلاد.

وبعيدًا عن كونه قوة معتدلة، فقد أدى حكمه إلى تفاقم جميع الأزمات الرئيسية التي أدت إلى الانتفاضة الشعبية في مصر قبل عقد من الزمن. وبالتالي فإنه وبكل المقاييس ذات الصلة—من انتهاكات الشرطة إلى الفساد، ومن الاعتقالات الجماعية إلى الفقر المدقع—تعتبر مصر في عهد السيسي أقل استقرارًا وأقل ازدهارًا وأكثر عنفًا من أي وقت مضى في تاريخ البلاد الحديث.

كما لم يُثبت السيسي أنه شريك فعال في مكافحة الإرهاب. لا يمكن للجيش المصري هزيمة تمرد صغير في سيناء، لا سيما من خلال استخدام المساعدات العسكرية الأمريكية ونقل الأسلحة. شنت القوات المسلحة المصرية حملة استنزاف استمرت ما يقرب من عقد من الزمان في سيناء، دون أن تلوح في الأفق نهاية لهذا التمرد أو إنجازات يمكن الحديث عنها.

تتطلب حملة مكافحة التمرد الناجحة أكثر مما تستطيع الشراكة العسكرية الأمريكية تقديمه، يتطلب الأمر الاستعداد لبحث جذور المظالم المناطقية التي تغذي القتال ومعالجتها. لكن حكومة السيسي لا تقبل أي معارضة وتجرّم انتقاد سياساتها، وسيناء ليست استثناء. إن إستراتيجيتها لمكافحة الإرهاب—من خلال استحداث نقاط تفتيش وفرض حظر التجول والتهجير القسري على نطاق واسع وهدم المنازل وتكتيكات الأرض المحروقة التي قتلت وجرحت الآلاف—تعيد إنتاج انعدام الأمن في سيناء وتضاعف المظالم مما يزيد عدد المنضمين لتلك الجماعات.

مصر هي نموذج مصغر لمشكلة أوسع بكثير: عدم جدوى ما يسمى بشروط الولايات المتحدة على نقل الأسلحة إلى المنطقة، وبالتحديد على أسس حقوق الإنسان. ما نحتاجه في النهاية هو وضع حد لمبيعات الأسلحة هذه، وليس عمل تغطية لها من خلال الشروط التي يمكن التهرّب منها بسهولة. تؤدي المساعدات العسكرية الأمريكية إلى تأجيج الصراع، ودعم أنماط القمع والعنف المزعزعة للاستقرار، وإضفاء الشرعية على أنظمة مثل السيسي بطرق تجعل الولايات المتحدة تتماشى مع الاستبداد، مما يغذي التطرف.

كما أن التأثير المدمر لهذه الشروط ليس فقط إضفاء الشرعية للحكام المستبدين. يمتد الأمر إلى التزامات حقوق الإنسان والمطالب المتعددة الأطراف للامتثال بها والتي تقلّصت بشكل كبير—بل أصبحت في الواقع بدون شرعية—بسبب إنفاذها الانتقائي من قبل القوى العالمية التي تتفاخر بتعزيزها للحقوق. عندما تزعم الولايات المتحدة دعم حقوق الإنسان ووضع شروط للمساعدات العسكرية، ثم تقوم بتوفير الأسلحة لأنظمة مثل تلك الموجودة في مصر والسعودية والإمارات، فإنها تلطخ سمعتها وتؤكد، مرة أخرى، أنه يتم استخدام معايير مزدوجة عندما تتذرع فيها القوى الغربية في المنطقة بحقوق الإنسان.

في نهاية الأمر، لا يمكن أبدًا أن تكون المساعدات العسكرية للدول الاستبدادية المتلقية للأسلحة الأمريكية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "مشروطة" بإصلاحات لحقوق الإنسان أو تغييرات في السلوك.

تهدف هذه المساعدات في جوهرها إلى دعم المستبدين الذين يعتمد استقرارهم على انتهاك حقوق شعوبهم. يتطلب تعزيز حقوق الإنسان في السياسة الخارجية الأمريكية إنهاء مبيعات الأسلحة للأنظمة التعسفية التي يعتمد استمرار حكمها على القمع وليس وضع شروط لها. إنّ القيام بأي شيء أقل من ذلك يشير إلى أن التزام الولايات المتحدة بحقوق الإنسان يظل مشروطًا بشكل أساسي.

Want more insights like this?

Get our newsletter straight to your inbox

Support Us

We hope you enjoyed this paywall-free article. We’re a non-profit organization supported by incredible people like you who are united by a shared vision: to right the wrongs that persist and to advocate for justice and reform where it is needed most.

Your support of a one-time or monthly contribution — no matter how small — helps us invest in our vital research, reporting, and advocacy work.

مقالات ذات صلةالمشاركات

related

ساعدوا "دون" على حماية حياة وحقوق الفلسطينيين في غزة.

إننا نناضل من أجل وقف إطلاق النار ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين المسؤولين عن جرائم الحرب في غزة.