أميد معماريان مدير التواصل لدى منظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن «DAWN».
English
تثير التفاصيل الجديدة حول جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي أسئلة أكثر من الإجابات التي قد تقدمها. كشف مايكل إيزيكوف، كبير المراسلين الاستقصائيين لياهو نيوز، عن أمر مهم يذكر فيه أنه من المزعوم أن مصر زودت فرقة الاغتيال السعودية بالسم القاتل الذي تم استخدامه لقتل خاشقجي، أثناء توقفهم في القاهرة قبل انطلاقهم إلى إسطنبول، في إطار الموسم الجديد من البودكاست الخاص به "أرض المؤامرة" الذي تطرق فيه إلى "الحياة السرية لخاشقجي والقتل الوحشي الذي تعرض له". التورط المصري هو جزء مما يسميه إيزيكوف "العلاقة السلطوية السعودية المصرية".
إيزيكوف هو كبير المراسلين الاستقصائيين لياهو نيوز، حيث يعمل أيضًا كمحرر للتقارير والتحقيقات. غطى إيزيكوف، خلال حياته المهنية الطويلة في إعداد التقارير، بما في ذلك العمل كمراسل استقصائي لـ إن بي سي وكاتب في نيوزويك والواشنطن بوست، قضايا الأمن القومي والمال في السياسة وغير ذلك الكثير. وهو أيضًا مؤلف كتابين من أكثر الكتب مبيعًا: "الكشف عن فضائح كلينتون: قصة مراسل"، ومع ديفيد كورن كتاب "الكبرياء: القصة السرية لنسج وفضيحة وتسويق حرب العراق".
في مقابلة مع منظمة (DAWN)، يناقش إيزيكوف ما كشفته تقاريره، بما في ذلك المحاكمة المغلقة لقتلة خاشقجي في المملكة العربية السعودية، والأمور التي لا تزال غير معروفة عن جريمة القتل. كان بإمكان إدارة بايدن المساعدة في الكشف عن بعض هذه الأمور، لكنها فشلت بدلًا من ذلك في جعل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، المعروف باسم مبس "يدفع ثمن ما فعله"، وفقًا لإيزيكوف.
بعد أن وعد أثناء حملته الانتخابية بمعاملة السعودية على أنها "منبوذة" دوليًا، اتبع جو بايدن بدلًا من ذلك كتاب قواعد اللعبة الذي اتبعه العديد من الرؤساء الأمريكيين قبله، حيث قام بحماية حليفه في السعودية وهو ما يتعارض بشكل مباشر مع التزام أمريكا المعلن بالديمقراطية وحقوق الانسان.
تتطرق سلسلة البودكاست الخاصة بإيزيكوف بعمق إلى حياة خاشقجي، قبل وقت طويل من استدراجه إلى القنصلية السعودية في إسطنبول من قبل أتباع ولي العهد. كما يشرح بالتفصيل إلى أي مدى ذهبت إدارة ترامب لمحاولة تغطية جريمة القتل—وما الذي لا يزال مجهولًا إلى اليوم. يقول إيزيكوف: "من الواضح أنه لا تتوفر لدينا بعد القصة الكاملة".
تم تحرير النص التالي بشكل طفيف من أجل الإيضاح وجعل طول المادة مناسبة
منظمة (DAWN): منذ وفاة جمال خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول 2018، كانت هناك العديد من التقارير عنه، بما في ذلك فيلمان وثائقيان على الأقل—"المنشق" و "مملكة الصمت"—والعديد من المقاطع التلفزيونية ومئات المقالات الإخبارية والكثير من المقابلات. ما الذي دفعك لبدء العمل على هذه القصة؟
على الرغم من كل التغطية التي نالتها جريمة قتل جمال خاشقجي الوحشية—وكل تداعياتها السياسية—كان من الواضح لي أنه لا يزال هناك العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها حول الجريمة وأسباب حدوثها والسياق الذي حدثت فيه. على وجه التحديد، نوع العلاقة الغريبة—أو التحالف الغريب—بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، والتي عانت من الكثير من الاضطرابات على مر السنين ونتج عنها العديد من التوترات. واعتقدتُ أنه من المهم محاولة تجميع ما هو معلوم ثم أقوم بإعداد تقاريري الاستقصائية لمعرفة ما يمكنني كشفه من الصناديق السوداء العديدة، حول حياة جمال وأيضًا ما حدث له داخل تلك القنصلية وأسباب ذلك.
منظمة (DAWN): ما هو الجزء الذي شكّل التحدي الأكبر أو غير المتوقع؟
من الصعب عندما تتعامل مع مجتمع مغلق، مثل السعودية، أن تحصل على نوع التعاون الذي تريده. لم يكن السعوديون صريحين، ولم يوافقوا على إجرائي لمقابلات معهم، ولم أتمكن من الوصول إلى محمد بن سلمان نفسه أو أي من النافذين لديه، لكي أتمكن من طرح أسئلة رئيسية عليهم. لكن على الرغم من ذلك، تمكنا من تحقيق بعض الاختراقات الحقيقية. أحد أكبر الألغاز حول هذا الأمر هو محاكمة السعودية للمشتبه بهم من السعوديين.
تم هذا الأمر بالطبع في نظام العدالة السعودي وليس نظام العدالة الغربي. أعلن السعوديون، تحت ضغط دولي هائل، أنهم سيحاكمون قتلة جمال خاشقجي. وقاموا بإجراء محاكمة مغلقة أمام الصحافة. لم يُسمح لمراقبي حقوق الإنسان بحضور المحاكمة، ولا يوجد سجل متوفر للمحاكمة، ولم يتم حتى نشر أسماء المشتبه بهم الذين كانت تجري محاكمتهم. لقد كان ثقبًا أسودًا كاملًا. أعلن السعوديون أنهم أجروا هذه المحاكمة، وتم إدانة خمسة أفراد وحُكم عليهم بالإعدام—لكن لم يكن أي منهم من المستوى الرفيع. سعود القحطاني، الذراع الأيمن لمحمد بن سلمان، الذي التقى بأعضاء "فرقة النمر" قبل مغادرتهم إلى إسطنبول، لم تتم محاكمته ولم تتم إدانته ولم يتم استجوابه على حد علمنا.
ومع ذلك، فقد حققنا إنجازًا مهمًا. فقد اكتشفتُ أنه سُمح لمراقبي السفارة التركية بالجلوس في تلك المحاكمة، وقاموا بتدوين الملاحظات. ثم أرسلوا تلك الملاحظات إلى المدعين العامين الأتراك في إسطنبول، الذين كانوا يجرون محاكمتهم المنفصلة غيابيًا لقتلة خاشقجي. اتضح أن هناك ثروة من التفاصيل في تلك الملاحظات التركية من المحاكمة السعودية لم يتم الإعلان عنها مطلقًا، وكانت تحتوي على قدر كبير من المعلومات المهمة. هكذا اكتشفنا أن طائرة "غولف ستريم" التي نقلت أعضاء فرقة النمر من الرياض إلى إسطنبول صباح 2 أكتوبر/تشرين الأول، توقفت في وقت متأخر من الليل في القاهرة وأخذت جرعة قاتلة من المخدرات غير المشروعة التي تم استخدامها لقتل خاشقجي. قام طبيب سعودي من وزارة الداخلية، وهو الدكتور صلاح الطبيقي، بحقن هذه الجرعة المميتة في ذراع خاشقجي الأيسر، ما أدى إلى مقتله في غضون دقائق. كان ذلك جزءًا مهمًا من المعلومات الجديدة.
من أين حصلت الفرقة السعودية على تلك المخدرات ومِن مَن؟ يشير هذا على الأقل إلى شركاء آخرين لم يتم تحديدهم من قبل، وهم متآمرون جوهريون في هذا القتل الوحشي. ونظرًا للعلاقة الوثيقة بين المخابرات السعودية والمخابرات المصرية في ظل حكومة عبد الفتاح السيسي، فإن ذلك يثير الكثير من التساؤلات حول ما قد يعرفه المصريون عن نية السعوديين في اغتيال الصحفي السعودي البارز.
منظمة (DAWN): إذا لم يكن يرغب السعوديون في الكشف عما حدث وراء الكواليس في جريمة قتل جمال، فلماذا سمحوا بوجود مراقبين من السفارة التركية أثناء المحاكمة؟
هذا سؤال جيد جدًا. كانت هناك تقارير علنية تفيد أنه سُمح لبعض السفارات الأجنبية بحضور المحاكمة، لكن لم يُسمح لها بتدوين ملاحظات. يبدو أن الأتراك فعلوا ذلك بغض النظر عن تلك التعليمات، ربما في تحدٍ لما أمر به السعوديون—لا نعرف. لكن الحقيقة هي أنهم فعلوا ذلك، وهنا ترى تصريحات المدعين السعوديين بناءً على اعترافات القتلة، والتي أوضحوا فيها أنهم توقفوا في القاهرة لغرض تناول المخدر الذي تم استخدامه في قتل جمال خاشقجي. وبالمناسبة، هناك الكثير من التفاصيل الأخرى في هذه الملاحظات التركية والتي تلقي مزيدًا من الضوء على ما حدث. يتضمن ذلك، على وجه الخصوص، حقيقة أن القحطاني قد التقى بفرقة النمر قبل مغادرتهم إلى إسطنبول، وأن القائد الميداني لفرقة النمر، وهو ضابط مخابرات سعودي يُدعى ماهر المطرب، اعترف بإعطاء توجيهاته بقتل خاشقجي قبل أن يدخل القنصلية. هذا الأمر يكشف الكذبة السعودية الأولى بأن هذا الأمر كان خطأً مأسويًا، أو أنه مات أثناء تعارك بالأيدي خلال تواجده في القنصلية.
بالطبع، هذا الأمر مدعوم بشكل أكبر بتفاصيل تقرير أغنيس كالامارد ]المقررة الخاصة في الأمم المتحدة المعنية بحالات القتل خارج نطاق القضاء] الذي حصلت أغنيس فيه على أشرطة صوتية تركية من داخل القنصلية. من الواضح أن المطرب والطبيقي يشيران إلى خاشقجي قبل أن يدخل القنصلية بأنه حيوان لا بد من التضحية به. كما ناقشوا طرق تقطيع جسده—وهو دليل إضافي، كما لو كان مطلوبًا، على أن هذا كان قتلًا مخططًا له مسبقًا. لم يكن خطأً مأساويًا.
وهذا يثير السؤال الأكبر على الإطلاق، وهو: إذا كان هذا القتل مخططًا له من قبل عملاء الحكومة السعودية، فمن وافق عليه؟ من هي الجهة العليا التي وافقت على هذه المهمة؟ وهذا سؤال ليس لدينا إجابة قاطعة عليه. بالتأكيد لا يوجد أي شيء في المحاكمة السعودية يتناول هذا التساؤل. لكننا نعلم ما خلص إليه مسؤولو المخابرات الأمريكية، وهو أن هذا الأمر لم يكن من الممكن أن يتم دون موافقة محمد بن سلمان نفسه.
منظمة (DAWN): برأيك، ما مصلحة مصر بالتورط في تقديم المخدر إلى القتلة السعوديين؟ هل قامت مصر فقط بتلبية طلب السعودية ومحمد بن سلمان، أم أن نظام السيسي كان لديه مصلحة أيضًا في قتل خاشقجي؟
لهذا السبب تكتسب الحلقة الرابعة من سلسلتنا أهمية جديدة، لأنها الحلقة التي تتناول الربيع العربي. تم تسمية الحلقة "ثورة محطمة". من المهم أن نتذكر أن جمال خاشقجي تحمّس للربيع العربي. لقد كان سعوديًا مخلصًا لسنوات عديدة. كان لديه بلا شك ميول إسلامية في شبابه. لقد ذهب إلى أفغانستان لمناصرة قضية المجاهدين، بقيادة أسامة بن لادن في ذلك الوقت، وهو صديق جيد لجمال. لذلك كان لديه ماضٍ جعله وثيق الصلة بمعسكر الإسلاميين. لكنه خضع لتطور في فكره، وأصبح متحمسًا ومفعمًا بالحيوية بسبب الربيع العربي، معلقًا الأمل بأن ينتج عن الربيع العربي ديمقراطية وحرية أكبر في التعبير.
أين كانت بؤرة احتجاجات الربيع العربي؟ لقد كانت في العاصمة المصرية القاهرة، احتجاجًا على حكم حسني مبارك الاستبدادي الذي استمر لسنوات، والذي أُجبر بالطبع في النهاية على التنحي. يتم إجراء انتخابات ويصل الإخوان المسلمون بقيادة محمد مرسي إلى السلطة، والسعوديون ينظرون إلى ذلك على أنه تهديد. كما أوضحنا في تلك الحلقة، دعم السعوديون انقلاب السيسي العسكري [عام 2013]. لقد ساعدوا في تنصيبه في السلطة. قاموا بتمويل حكومته، لقد ضخوا مليارات الدولارات لتقوية وتحصين حكم السيسي الاستبدادي في مصر. كان هذا مُحبطًا لجمال خاشقجي. لقد قامت حكومته—الحكومة التي دعمها بإخلاص لسنوات عديدة—بسحق الثورة التي ألهمته وألهمت الملايين من الآخرين في الشرق الأوسط. إذن هذا هو السياق الذي ننظر فيه إلى العلاقة السلطوية السعودية المصرية. تدين حكومة السيسي بالكثير للنظام السعودي، وإذا جاء النظام السعودي يطلب بعض المساعدة، حتى لو لم يعرفوا الغرض من توفير المخدر للسعوديين، فمن شبه المؤكد أنهم سيتعاونون.
منظمة (DAWN): التقيتَ ذات مرة بجمال في الرياض عندما كتبتَ مقالة لمجلة نيوزويك. ما هو انطباعك عن جمال حينها، وكيف أثر عملك في البودكاست على ذلك الانطباع عنه منذ ذلك الحين؟
لقد التقيتُ به في عام 2002. كان هذا بالطبع في الأشهر التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية، وأردتُ أن أقوم بعمل مقال لمجلة نيوزويك حول الثقافة السياسية في السعودية التي جعلت 15 من الخاطفين التسعة عشر، من حاملي الجنسية السعودية—للإجابة على العديد من الأسئلة حول التمويل السعودي للإرهاب على مر السنين. ذهبتُ والتقيتُ بالعديد من الناس، وقام بعض المسؤولين الحكوميين بإعداد لقاء لي مع مجموعة من الصحفيين في الرياض في مطعم في الهواء الطلق. وكما قلتُ في البودكاست، كان جمال شخصًا بارزًا في ذلك اللقاء. من الواضح أنه كان أبرز صحفي هناك. لقد كان مهذبًا، لكن ما أدهشني هو بينما كان الآخرون يحاولون بطريقة معينة تقديم وجهة النظر السعودية حول هذا الموضوع، كان جمال شديد التركيز على محاولة معرفة ما هي الأفكار التي لدي وما الذي سأكتبه في المقالة لمجلة نيوزويك. وأعتقد أن هذا انعكاس لـما كان عليه في تلك المرحلة، السعودي المخلص الذي يبحث عن حماية بلده ويحاول القيام بجمع المعلومات عمّا يمكن أن يتم كتابته في منظمة أمريكية كبرى جديدة حول دولته. لم يكن هناك شيء شائن في هذا الأمر، لكن أدهشني أن لديه مهمة مختلفة نوعًا ما عن الصحفيين الآخرين الذين كنتُ ألتقي بهم. لقد برز ذلك وظل عالقًا في ذهني.
كنت أتمنى أن أقول أنني بقيت على اتصال معه على مر السنين. لم أفعل، لكني كنت أتابع كتاباته. كنت أعرف كم كان مهمًا وبارزًا. وعندما بدأ في كتابة عموده في صحيفة الواشنطن بوست مع انتقاداته الحادة لمحمد بن سلمان، توقفت وقلت، "هذا الأمر مثير حقًا". وكنت أظن أنه لن ينتهي به الأمر بشكل جيد.
منظمة (DAWN): هل هناك زوايا أخرى لهذه القصة كنت ترغب في التحدث عنها بشكل أكبر؟
هناك الكثير من الأمور التي يتم التعامل معها. هذه سلسلة من ثماني حلقات، وجزء كبير منها هو ما تمكنا من معرفته عن جريمة القتل نفسها. لكن الأمر يتعلق أيضًا بحياة جمال، وهي حياة غير عادية ورائعة. فقد مرّ بمراحل عديدة مختلفة. إنه، كما قال ديفيد إغناتيوس، صديقه المقرب من صحيفة الواشنطن بوست، رجل التناقضات.
لقد كان رجل سلام، ومع ذلك فقد جذب الانتباه أولًا كمناصر للمجاهدين، حيث كان صديقًا حميمًا آنذاك لأسامة بن لادن. تم تصويره مع المجاهدين في أفغانستان، وهو يحمل قاذفة قنابل يدوية ويبتسم. لقد كان في صف أولئك الذين يحاربون السوفييت الكفار. في وقت لاحق، عندما عاد إلى الصحافة، يتعرض للتهديد لأنه يضغط باتجاه حرية أكبر في ما يمكن نشره، ويعلم حينها أن هناك تهديدًا على حياته—هذا في عام 2003—من قبل أمير سعودي نافذ، ومن ثم من قبل وزير الداخلية آنذاك الأمير نايف. وماذا حدث بعد ذلك؟ يتم إنقاذه من قبل أمير سعودي آخر، وهو تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية السابق، الذي عينه كمستشار إعلامي له عندما أصبح سفيرًا للسعودية في المملكة المتحدة ثم بعد ذلك في الولايات المتحدة. ربما كانت هذه خطوة أنقذت حياة جمال، لكنها عززت أيضًا الانطباع عنه بأنه شخص لا ينفصل عن النظام السعودي. لقد كان مستشارًا لملكية سعودية قاسية ومعادية للديمقراطية. لا شك في ذلك.
كما أنه، كما أوضحنا، أجرى ما كانت في الواقع مهمات استخباراتية للأمير تركي، وجمع معلومات حول الشبكات الإسلامية في أوروبا. وكان هذا سببًا في أن الكثير من المعارضين السعوديين كانوا حذرين من جمال طوال معظم حياته. ولكن هناك بعد ذلك المرحلة التالية من حياته التي أشرتُ إليها من قبل، عندما تحمّس للربيع العربي—وفي النهاية، أصبح مدافعًا قويًا عن الحريات الديمقراطية ومقاومة حملات القمع القاسية لمحمد بن سلمان.
منظمة (DAWN): هل من الممكن أن يكون هذا النوع من التحول قد أثار الخوف لدى النخبة الحاكمة في السعودية من دور جمال المحتمل في المستقبل؟
بسبب شهرته، ولأنه كان صريحًا جدًا، ولأنه كان معروفًا جدًا في السعودية وفي الغرب، فلا شك أن محمد بن سلمان رآه تهديدًا. كانت رؤية محمد بن سلمان أنه يتم تصويره بأنه هو مُحدث التغيير في البلاد، ولكن في نفس الوقت الحاكم الصارم أيضًا: لا يمكن لأحد أن يكون له النفوذ في جميع أجهزة البلاد المختلفة سواه. ونتيجة لذلك، كان مصممًا على حكم بلاده بيد من حديد. وكما أشرنا في الحلقة الخامسة، فقد خلص بن رودس، مستشار السياسة الخارجية السابق للرئيس أوباما—على الرغم من احتضان الكثير في إدارة أوباما لمحمد بن سلمان—أن هذا رجل بلا حواجز، وهو يعتقد أنه يمكنه فعل ما يشاء. ظهر ذلك لأول مرة عندما أصبح وزيرًا للدفاع في عام 2015 وشن هذه الحرب البربرية في اليمن. تقوم الطائرات الحربية السعودية—التي تم شراؤها من الولايات المتحدة، ويتم تزويدها بالوقود من قبل الولايات المتحدة، وتُلقي القنابل العنقودية الأمريكية—بقتل آلاف المدنيين في اليمن، وتخلق هذه الأزمة الإنسانية العملاقة. كان هذا بمثابة إشارة تحذير كبيرة للكثيرين في الحكومة الأمريكية من أن محمد بن سلمان سيتصرف بطريقة يفلت فيها من العقاب وليس بالضرورة بصورة تتماشى مع ما تريد الولايات المتحدة أن يقوم به.
لكن، بالطبع، كان هناك الكثير الذي ظهر على مر السنين: حملة الريتز كارلتون واعتقالات المعارضين والرقابة الواسعة والشاملة. وبالمناسبة، سأضيف أمرًا آخرًا لقصة الرقابة. في الحلقة السادسة، والتي تم تسميتها "عمليات النفوذ"، نتعمق في المخطط السعودي لتجنيد جواسيس داخل مقر شركة تويتر في سان فرانسيسكو، لسرقة المعلومات الشخصية والبيانات والرسائل المباشرة وعناوين الـ IP الخاصة بالنقاد السعوديين المتواجدين على تويتر. قام السعوديون بتجنيد جاسوسين. تحصّل أحدهما على ما يصل إلى 300 ألف دولار كجزء من مبلغ كبير من المال تم إرساله عبر حساب مصرفي في بيروت باسم أحد أقاربه، وكل ذلك لغرض جمع المعلومات وسرقتها من تويتر.
هناك لائحة اتهام قائمة من وزارة العدل الأمريكية في هذه القضية، لوجود مخطط إجرامي للتجسس على الشركات في الولايات المتحدة. لا يزال اثنان من الجواسيس السعوديين يواجهان لائحة الاتهام هذه، على الرغم من أن أحدهما فرّ من البلاد عائدًا إلى السعودية. تم تحديد محمد بن سلمان في لائحة الاتهام الصادرة عن وزارة العدل على أنه "فرد من العائلة المالكة السعودية -1." سكرتيره الشخصي، بدر العساكر، هو الرجل الذي جنّد الجاسوسين. يشار إليه في لائحة الاتهام باسم "مسؤول أجنبي -1." ما نضيفه إلى ذلك، وكأن ذلك لم يكن كافيًا، هو رواية سعد الجبري، أحد كبار مسؤولي مكافحة الإرهاب السعوديين الذي عمل عن كثب مع وكالة المخابرات المركزية "السي آي إيه"، والذي نقل عن طريق ابنه خالد الجبري حقيقة أن محمد بن سلمان لم يكن فقط على علم بهذا المخطط الإجرامي لسرقة معلومات من شركة أمريكية فحسب، بل تفاخر بذلك. فقد قال: "هذا نحن. لقد فعلنا ذلك. لدينا رجلنا في تويتر". هذا الأمر، إن كان صحيحًا، يجعل محمد بن سلمان متورطًا في مؤامرة إجرامية مرفوعة في لائحة اتهام من قبل وزارة العدل الأمريكية.
منظمة (DAWN): لماذا كانت الحكومة الأمريكية مترددة للغاية في ذكر تورط محمد بن سلمان الفعلي ومحاسبته على ذلك؟
هذا سؤال مهم جدًا. الموضوع الذي تدور حوله سلسلتنا بأكملها هو الدور المركزي لمبيعات الأسلحة في العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية. لقد تتبعنا ذلك في الحلقة الثانية منذ البداية، عندما التقى الرئيس فرانكلين دي روزفلت بالملك عبد العزيز على متن السفينة يو إس إس كوينسي في قناة السويس في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، حيث أبرما اتفاق السلاح مقابل النفط، حيث كان ذلك أساس العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية على مر السنين.
يمكنك أن تنظر إلى هذا الأمر في عهد دونالد ترامب. عندما تشاهد تواصل ترامب مع السعوديين مرارًا وتكرارًا، فيما يتعلق ذلك التواصل؟ الأمر كله يتعلق بمبيعات السلاح. عندما أتى محمد بن سلمان إلى البيت الأبيض، كان ترامب يمسك بلوحة لجميع صفقات الأسلحة الكبيرة التي وافق السعوديون على إبرامها. سترى عندما نُصدر الحلقة الأخيرة—الحلقة الثامنة—كيف عرف ترامب أساسًا أن محمد بن سلمان أمر بصورة شبه مؤكدة بالقيام بالعملية التي قتلت خاشقجي. يقول جون بولتون، مستشاره للأمن القومي في ذلك الوقت، أنه بإمكانه القول أن ترامب قَبِل وافترض أن بصمات الحكومة السعودية في أعلى مستوياتها موجودة في جميع أنحاء جريمة القتل هذه، لكنه لم يرغب في تعطيل مبيعات الأسلحة بين السعودية والولايات المتحدة. وقد قال ذلك علنًا: "إذا تخلينا عن السعودية، فسيكون ذلك خطأ فادحًا. إنهم يشترون أمور بمئات المليارات من الدولارات من هذا البلد." جعل ترامب صفقات الأسلحة في محور وصلب هذه العلاقة. وفي نهاية الأمر، تمكّن من—كما قال لاحقًا لبوب وودوارد—حماية محمد بن سلمان. "لقد أنقذتُ مؤخرته".
لكن يجب أن أضيف أن إدارة بايدن ليست حاملة المجد في هذه القصة كذلك. فقد قال جو بايدن، خلال حملته الانتخابية، إنه سيجعل السعوديين يدفعون ثمن قتل خاشقجي. سيجعلهم "منبوذين". وعندما أتى الوقت، أصدر هذا التقرير الهزيل الذي على الأقل حمّل محمد بن سلمان مسؤولية جريمة القتل. لكن من حيث فرض عقوبات أو حظر للسفر أو مصادرة الأصول، أو اتخاذ أي خطوات من شأنها أن تجعل السعوديين يدفعون ثمن ما فعلوه، أو أن يدفع محمد بن سلمان ثمن ما فعله، لم تقم إدارة بايدن بأي من ذلك. وما كان صادمًا جدًا بالنسبة لي في تلك القصة هو أنه قبل أيام فقط—مجرد أيام—من نشر تقرير مجتمع الاستخبارات الأمريكية بتوجيه من بايدن، ذلك التقرير الذي يتهم محمد بن سلمان في الأساس بكونه قاتلًا، اتصل لويد أوستن، وزير دفاع بايدن، بنظيره في الرياض، وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان نفسه، للتأكيد على الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بحسب بيان البنتاغون.
منظمة (DAWN): يبدو، من نواحٍ عديدة، أن علاقة ترامب قد ساعدت محمد بن سلمان على تعزيز سلطته في السنوات القليلة الماضية، واستمر ذلك خلال إدارة بايدن.
بالتأكيد. ليس هناك شك في أن جاريد كوشنر، صهر ترامب، كان شخص التواصل الرئيسي من داخل البيت الأبيض في عهد ترامب مع محمد بن سلمان. عندما قام ترامب بأول رحلة خارجية له كرئيس، سافر إلى الرياض للقاء القادة السعوديين، وأقام محمد بن سلمان عشاءً خاصًا مع جاريد كوشنر وزوجته إيفانكا ترامب. الأمر المثير للاهتمام في ذلك الوقت هو أن محمد بن سلمان لم يكن بعد وليًا للعهد. لقد كان نائبًا لولي العهد. محمد بن نايف كان هو ولي العهد، وكان يتم تهميشه. لم تتم دعوته إلى ذلك العشاء، وبالكاد شوهد في القمة. وهذا بحد ذاته يبعث برسالة مفادها أن محمد بن سلمان هو الرجل الذي ركز عليه البيت الأبيض. إنه الشخص الذي أرادوا التعامل معه في السعودية.
وبالمناسبة، لم يكن ذلك حصرًا على كوشنر فقط. أحد الأشخاص المثيرين للاهتمام في سلسلتنا هو جوزيف ويستفال، الذي كان سفير أوباما في السعودية، والذي يتحدث عن كيف كان يرى أن محمد بن سلمان بالفعل هو مُحدث التغيير كما يدّعي. يتحدث عن كيف كان يذهب لرؤية محمد بن سلمان طوال الوقت وعن حس الفكاهة الذي كان يتمتع به، وكيف كانوا يضحكون ويمزحون ويتشاركون القصص—لقد كانوا يتحادثون بعفوية. عندما جاء محمد بن سلمان إلى واشنطن في يونيو/حزيران 2016، تمت دعوته إلى إفطار رمضاني في منزل وزير الخارجية جون كيري، وأذهل الضيوف بالجلوس على البيانو الكبير وعزف مون لايت سوناتا لبيتهوفن. أعني أن الجميع أشاد بهذا الإصلاحي الشاب الجديد من السعودية، وتم تجاهل كل مؤشرات التحذير من دوافعه الاستبدادية المظلمة.
منظمة (DAWN): حتى مع وجود كل مؤشرات التحذير، كان هناك فترة يصور فيها بعض أبرز الصحفيين في الولايات المتحدة هذه الصورة الوردية لمحمد بن سلمان وهو يحكم السعودية ويرحبون بعصر جديد في المملكة. ما مقدار تطرقك لهذا الأمر في عمليات التأثير التي ذكرتها في الحلقة السادسة؟
كانت هناك عمليات تأثير منسقة طوال هذه الفترة للترويج لمحمد بن سلمان باعتباره مصلحًا، وباعتباره نفَسًا جديدًا. وللإماراتيين دور في ذلك. هناك مسؤولون متقاعدون من المخابرات العسكرية الأمريكية الذين حصلوا على عقود استشارية مربحة في الخليج، والذين عادوا وأخبروا الذين كانوا يتحدثون معهم عن مدى عظمة محمد بن سلمان: إنه رجل المستقبل. كان جزء من هذا الأمر هو تمهيد الطريق لمحمد بن سلمان ليحل محل محمد بن نايف الذي كان المسؤول المفضل لدى الأمريكيين في السعودية، لا سيما بين مسؤولي المخابرات الأمريكية. كانت الحملة هنا هي تصوير محمد بن سلمان على أنه الرجل الذي يجب أن يكون الملك القادم، والذي يجب أن يكون وليًا للعهد.
ثم يتبع ذلك العديد من عمليات التأثير الأخرى. فبعد انتخاب دونالد ترامب مباشرة، بدأ السعوديون على الفور في شراء غرف في فندق ترامب الدولي [في واشنطن]، حيث يُرسلون أفراد الجيش المتقاعدين من جميع أنحاء البلاد لحملهم على الضغط على الكونغرس نيابة عنهم دون الكشف الكامل عمن يدفع تكاليف ذلك. قام السعوديون، في غضون أسابيع من انتخاب ترامب، بحجز 500 غرفة في فندق ترامب الدولي الجديد، ووجهوا ربع مليون دولار مباشرة إلى أعمال الرئيس الجديد. هذه عملية تأثير واحدة. كانت مؤامرة تويتر، بالطبع، عملية تأثير أخرى لمعرفة هوية المنتقدين والتسلل بشكل أساسي إلى واحدة من أكبر شركات وسائل التواصل الاجتماعي في أمريكا.
منظمة (DAWN): كانت إدارة ترامب شديدة الوضوح بشأن تعاملاتها مع السعودية. كانت مبنية على الصفقات بصورة واضحة. جعلت إدارة بايدن حقوق الإنسان أحد أعمدة السياسة الخارجية للولايات المتحدة، لكنها لا تزال تتصرف مثلما فعل ترامب خلال سنواته الأربع. إلى ماذا يشير ذلك عن الولايات المتحدة؟ ما نوع الرسالة التي ترسلها تلك السياسة إلى بقية العالم حول جدية أمريكا عندما يتعلق الأمر بقيمها الأساسية؟
الولايات المتحدة لديها العديد من المصالح الاستراتيجية في المنطقة، ولا شك في ذلك. وغالبًا ما تتعارض هذه المصالح الاستراتيجية مع قيمنا كدولة—قيمنا الديمقراطية وإيماننا بالحريات الإنسانية الأساسية. ولا يوجد بلد أكثر تحديًا في هذا الصدد من المملكة العربية السعودية، حليف الولايات المتحدة الذي لا يشاركنا أيًا من قيمنا حول حقوق الإنسان والديمقراطية وحرية التعبير. طريقة تعامل الإدارات الأمريكية المختلفة مع هذا التناقض هي قضية مستمرة على مر السنين.
يعود الأمر إلى أيام الرئيس جون كينيدي، عندما جاء الملك سعود آنذاك إلى الولايات المتحدة في عام 1962. كان حينها يتعافى من عملية جراحية طبية، والتقى بكينيدي في البيت الأبيض. تحدث كينيدي عن كل الأمور الجيدة حول أهمية الحفاظ على العلاقة مع السعودية. لكن كينيدي لديه مشكلة مع السعوديين، والتي يعبّر عنها بعد ذلك لولي العهد الأمير فيصل، الذي جاء بعد ذلك بوقت قصير، وهي أن السعوديين ما زالوا يمارسون الاستعباد. كان الاستعباد قانونيًا داخل السعودية في أواخر الستينيات، فقد كان هناك أكثر من 100,000 عبد، معظمهم من الأفارقة السود الذين تم تهريبهم إلى أمراء سعوديين. يتحدث كينيدي عن هذا الأمر ويقول: "أريدك أن تفعل شيئًا حيال ذلك. لا يمكنكم الاستمرار في التغاضي عن الاستعباد وممارسته في بلدكم".
كان لكينيدي أسبابه السياسية الخاصة في ذلك. فقد كان يتعرض لضغوط من أجل الحصول على قانون للحقوق المدنية في الداخل، واستعادة العدالة والمساواة للأمريكيين من أصل أفريقي، كما أنه شن حربًا باردة في جميع أنحاء العالم غالبًا ما يتم تصويرها على أنها صدام بين الحرية الغربية والاستعباد السوفيتي. ومع ذلك، ها هو حليف أمريكي يمارس الاستعباد علانية. النقطة هنا هي أن هذه هي الحالة التي تم فيها وضع حقوق الإنسان في صُلب العلاقة. وبمجرد أن طرح كينيدي الأمر على فيصل، وافق ولي العهد على وضع حد للاستعباد في البلاد. إنها صورة رائعة لكيفية التعامل مع هذه التوترات بين المصالح الاستراتيجية وحقوق الإنسان على مر السنين.
منظمة (DAWN): لقد ذكرتَ بالتفصيل كيف كان كوشنر ومحمد بن سلمان يتبادلان المئات من رسائل الواتساب. هل هناك ما يشير إلى أنه قبل مقتل خاشقجي، كانت إدارة ترامب على علم بخطط محمد بن سلمان لقتله؟
أعلم أنه كان يتم تخمين ذلك، لكنني لم أر أي دليل قاطع على أن الحكومة الأمريكية كانت تعلم ما يخطط له السعوديون في هذا الأمر.
منظمة (DAWN): إحدى اللحظات المرعبة في الحلقة الأولى هي مكالمة يتلقاها جمال من سعود القحطاني. نقل فيها رسالة من محمد بن سلمان، ويبدو أن هذه لحظة حاسمة للغاية يمكن أن تغير حياة جمال ومصيره. ماذا تقول تلك المحادثة عن شخصية جمال؟
هذا أمر ملفت للغاية تم التطرق إليه. لقد انتقل جمال إلى الولايات المتحدة، وأصبح في المنفى، وأقام صداقات مع جميع فئات الناشطين الديمقراطيين. هناك شخص ظهر في البودكاست وهو محمد سلطان، الناشط الحقوقي المصري الأمريكي الذي تم سجنه من قبل نظام السيسي، ثم أطلق سراحه في النهاية تحت ضغط الولايات المتحدة. كان هو وجمال يذهبان إلى مطعمهما الإيراني المفضل في شمال فيرجينيا. وفي يوم من الأيام، أثناء قيامهما بذلك، تلقى جمال رسالة خاصة عبر تويتر من سعود القحطاني. وكما روى سلطان، فقد شعر جمال بالخوف. لماذا يراسله القحطاني؟ القحطاني هو من طلب منه الصمت والتوقف عن التغريد والتوقف عن انتقاد ولي العهد.
كان جمال قد نشر تغريدة إيجابية في وقت من الأوقات عندما أعلن محمد بن سلمان أنه رفع الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات. لذلك عندما تحدث جمال هاتفيًا مع القحطاني، شكره القحطاني على تلك التغريدة. وماذا قال جمال؟ قال: "أنا أثمّن ذلك، لكن يجب أن أتحدث عن حقيقة أن محمد بن سلمان قد ألقى مجموعة من المعارضين السياسيين في السجن"، كان أحدهم صديقًا مقربًا لجمال، وأن هذا كان خطأ. وبدأ بتسمية المعارضين الذين ألقي بهم في السجن.
كان محمد سلطان يستمع إلى هذه المحادثة بأكملها. يقول إن يدي جمال كانتا ترتعشان بسبب هذه المكالمة مع سعود القحطاني، ولكن حتى عندما عُرض عليه غصن زيتون، وقف على مبدأه وتحدث عمّا هو مهم بالنسبة له—وهو أن يكون هناك حد للقمع الاستبدادي الذي يمارسه محمد بن سلمان على جميع أشكال المعارضة. وبالنسبة لمحمد سلطان، كانت تلك اللحظة التي أدرك فيها معدن الرجل. عندها أدرك أن جمال، على الرغم من كل ما كان يقال عنه وجميع التحذيرات التي يذكرها الناس من جمال على مر السنين، إذ كانت في الأساس من منظور النظام السعودي، لكن كان لدى الرجل الكثير وكان يتطور باستمرار. وكان هذا التطور هو التحدث علنًا والوقوف على مبدأه من أجل حريات ديمقراطية أكبر.
منظمة (DAWN): في هذه المرحلة، يبدو أن جمال لم يكن لديه أي أمل في أن العمل مع المؤسسة الحكومية السعودية، قد يجدي نفعًا.
لا أعلم إن كان قد فقد الأمل في أن يتمكن بطريقة ما من العودة إلى ما كان عليه، وأن يتمكن من العودة إلى بلده، وأن يلعب دورًا في المساعدة على تشكيل السعودية ومستقبلها. حتى أواخر سبتمبر/أيلول 2017، اقترح إنشاء مركز أبحاث داخل الولايات المتحدة مصمم لمواجهة القصص السلبية عن السعودية. جمال رجل له دوافع مختلفة ومتضاربة. لقد تمسك بالمبدأ، لكنه أراد أن يكون لاعبًا لصالح بلاده. أراد المساعدة في تشكيل مستقبل بلاده. وكان يعتقد أنه إذا كان داخل المؤسسة، فسيكون لديه قدرة أكبر على القيام بذلك. مرّ تطوره بالعديد من التقلبات والانعطافات على طول الطريق. في الحقيقة، لم يقم باتخاذ خطوة فك الارتباط التي لا عودة فيها إلا عندما بدأ في كتابة عموده في صحيفة الواشنطن بوست، في وقت لاحق من ذلك العام.
منظمة (DAWN): هل لا تزال هناك معلومات حول جريمة قتل جمال سنتفاجأ بها إذا تم نشرها، سواء من قبل المخابرات الأمريكية أو الحكومة التركية؟
حسنًا، أولًا وقبل كل شيء، بقدر ما تعلمنا أثناء الإعداد لهذا البودكاست وبقدر ما كانت هناك تقارير استقصائية رائعة من قبل العديد من الصحفيين على مدى السنوات القليلة الماضية، فمن الواضح أنه لا تتوفر لدينا بعد القصة كاملة. ما زلنا لا نعرف على وجه التحديد كيف صدر الأمر بقتل خاشقجي، وما هي عملية اتخاذ القرار النهائية. وهناك الثقب الأسود للمحاكمة السعودية، حيث لم يتم استجواب أي شخص رفيع. لم يتم سؤال أي من الأشخاص الذين تم إدانتهم: من أعطاك الأوامر للقيام بذلك؟ من قال لك يا ماهر المطرب، أنه يمكنك قتل خاشقجي؟ مع من تشاورتَ قبل أن تفعل ذلك؟ ما الذي أخبرتَ به سعود القحطاني عن هذا الأمر؟ ماذا قلتَ لولي العهد نفسه؟
هذه كلها أسئلة معلقة، ومن الواضح أن هناك المزيد لنعرفه.