على حكومة الولايات المتحدة أن تطالب بإجراء تحقيق مستقل ومحايد وتشريح ثان لجثة أيمن هدهود. خمسة مصريين على الأقل لقوا حتفهم في حجز الدولة هذا العام.
English
(واشنطن العاصمة، 27 أبريل/نيسان 2022)- تشير صور جثة أيمن هدهود التي التُقطت بعد وفاته في حجز الدولة والتي حصلت عليها منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) وصحيفة نيويورك تايمز بشكل واضح إلى تعرضه للتعذيب أو سوء المعاملة، كما أكده طبيب شرعي استشارته منظمة (DAWN).
قالت منظمة (DAWN) أن المجتمع الدولي، ولا سيما الولايات المتحدة التي هي المانح الرئيسي لمصر، يجب أن يطالب بتحقيق مستقل ونزيه في وفاة هدهود وإجراء تشريح جثة ثان للسماح لأسرته بمعرفة الحقيقة بشأن اختفائه ووفاته.
قال جون هيرش، مدير البرامج في منظمة (DAWN): "الحكومة المصرية كذبت على عائلة أيمن هدهود لأشهر بشأن اختطافه واحتجازه ووفاته في حجز الدولة، ودون تحقيق محايد من قبل خبراء دوليين—بما في ذلك تشريح آخر للجثة يسمح بوجود مراقبين مستقلين—ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن عائلته ستعرف أبدًا كيف مات أيمن ومن سيتم محاسبته." وأضاف: "أيمن هدهود هو خامس مصري على الأقل يموت في حجز الدولة هذا العام وواحد من بين أكثر من 1,000 مصري يموتون في معتقل أو سجن مصري منذ انقلاب 2013 الذي أوصل الرئيس السيسي إلى السلطة."
في 20 أبريل/نيسان، حصلت منظمة (DAWN) على عدة صور غير منشورة من قبل لجسد هدهود، تظهر الجروح والكدمات وتغير لون وجهه ورأسه وذراعيه. الصور قاسية للغاية بحيث يتعذر على منظمة (DAWN) نشرها. تحققت منظمة (DAWN) من أن هذه الصور تم التقاطها في مشرحة المستشفى في 12 أبريل/نيسان، وبعد ذلك قامت أسرة هدهود بأخذ جثته. شاركت منظمة (DAWN) هذه الصور مع أخصائي طب شرعي الذي أكد أن وجه أيمن وساعديه يحتويان على علامات لا تفسرها العمليات الطبيعية وأنها تمثل إصابات لحقت به. ذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير في البداية عن الاحتمال القوي لتعرض هدهود للتعذيب قبل وفاته، من خلال مجموعة أخرى من الصور المسربة التي عاينها اختصاصي الطب الشرعي ديريك باوندر.
يقدم البحث الجديد الذي أجرته منظمة (DAWN) أدلة إضافية تطعن في ادعاء الحكومة المصرية بأن هدهود مات "دون شبهة جنائية" في 5 مارس/آذار. وكما أفادت منظمة العفو الدولية، فإن العلامات الظاهرة على جسد هدهود، وتوزيعها على ذراعيه ووجهه، تشير بقوة لـ "إيذاء منهجي متكرر،" أي تعرضه للتعذيب أو المعاملة السيئة حينما كان هدهود على قيد الحياة.
كان أيمن هدهود باحثًا اقتصاديًا مرموقًا ومؤسسًا مشاركًا لحزب الإصلاح والتنمية، الذي يقوده الآن محمد أنور السادات. أخفى المسؤولون المصريون هدهود قسرًا في 5 فبراير/شباط، لكنهم نفوا مرارًا احتجازه عندما قدمت الأسرة طلبات رسمية بشأن مكان وجوده. ووفقًا للحكومة المصرية، فقد توفي هدهود في مستشفى العباسية للصحة النفسية في 5 مارس/آذار، لكن المسؤولين المصريين لم يبلغوا أسرة أيمن حتى 9 أبريل/نيسان، بعد أكثر من شهر من وفاته، ما أثار تساؤلات حول ملابسات وفاته.
بعد وفاة هدهود، قدم المسؤولون المصريون تفسيرات متناقضة لاختفائه. ففي 10 أبريل/نيسان، نشرت وزارة الداخلية بيانًا زعمت فيه أن هدهود حاول اقتحام شقة في حي الزمالك في القاهرة في 6 فبراير/شباط، وأن المسؤولين نقلوه إلى مستشفى العباسية نتيجة لذلك. وأنكروا أنه تم إخفاؤه قسرًا. يختلف هذا الادعاء عن سجلات المستشفى التي تفيد بأن أيمن حاول سرقة سيارة في السنبلاوين خارج القاهرة على بُعد حوالي 100 كيلومتر من المكان الذي كان يعيش فيه. تتعارض كلا الروايتين مع ادعاء النيابة العامة بأنه ليس لديها أي سجل باعتقال أيمن عندما تواصلت معها الأسرة مرارًا وتكرارًا في فبراير/شباط ومارس/آذار.
ادعى النائب العام في البداية أن هدهود مات بسبب انخفاض مفاجئ في ضغط الدم تسبب في سكتة قلبية، وفي 12 أبريل/نيسان، أجرت الحكومة تشريحًا للجثة. لكن الطبيب الذي قام بالفحص رفض السماح بمراقبين مستقلين. وفي اليوم نفسه، أصدر النائب العام بيانًا ادعى فيه أنه لا يوجد سبب للاشتباه في "شبهة جنائية" في وفاة هدهود. وكانت عائلة أيمن قد شاهدت جثته قبل التشريح ولم يقتنعوا. كما استدعى النائب العام عمر شقيق أيمن واستجوبه، والذي كان قد أعرب بالفعل عن خوفه من الاعتقال بسبب حديثه إلى وسائل الإعلام بشأن قضية أيمن.
في 18 أبريل/نيسان، أصدر النائب العام بيانًا على صفحته على الفيسبوك زعم فيه أن تشريح الجثة أظهر عدم وجود علامات تعذيب أو سوء معاملة على جسد هدهود، وأن وفاته كانت بسبب مرض مزمن في القلب. في المقابل، أشارت فاطمة سراج، محامية عائلة هدهود، إلى أن أيمن ليس له تاريخ في الإصابة بأمراض القلب. كما رفضت النيابة تزويد الأسرة بنسخة من تقرير التشريح، ولم يتطرق البيان إلى التأخير لأكثر من شهر في إخطار عائلة هدهود بوفاته أو سبب تسمية المسؤولين جثة أيمن بشكل خاطئ على أنها مجهولة الهوية وتحديد موعد دفنها في المقبرة الخيرية رغم أن هويته معروفة.
لا يزال المسؤولون المصريون يرفضون مشاركة تقرير التشريح مع عائلة هدهود أو محاميتهم. علم باحثو منظمة (DAWN) أن المسؤولين سمحوا لسراج برؤية أجزاء من تقرير الطب الشرعي في 23 أو 24 أبريل/نيسان، لكن ليس التقرير بأكمله، والذي يتضمن تشريح الجثة ونتائج فحص الجثة وعينات الدم وتقارير مخطط صدى القلب.
قال هيرش: "استكمل المسؤولون المصريون هذا التشريح دون حضور أسرة أيمن أو محامييه أو مراقبين مستقلين، الأمر الذي يثير تساؤلات واضحة حول المصداقية لأن الحكومة قد كذبت بالفعل على الأسرة منذ شهور." وأضاف: "من الضروري أن تُجري لجنة مستقلة من خبراء الطب الشرعي الدوليين فحصًا ثانيًا لتشريح الجثة دون تدخل الحكومة ووفقًا للمعايير الدولية المنصوص عليها في بروتوكول مينيسوتا التابع للأمم المتحدة بشأن التحقيق في حالات الوفاة المحتملة غير القانونية."
في 24 أبريل/نيسان، قدمت مؤسسة حرية الفكر والتعبير والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالنيابة عن عمر شقيق أيمن، طلبًا إلى نيابة مدينة نصر لرفع دعوى مدنية ضد إدارة مستشفى العباسية للصحة النفسية. قبلت النيابة العامة هذا الطلب في نفس اليوم ما يعني أنه يمكن للأسرة تحصيل تعويضات عن وفاة أيمن في حالة نجاحهم في كسب القضية.
يتناسب اختفاء هدهود واحتجازه مع نمط مألوف في مصر، حيث يتبع الاختفاء الأولي معلومات مضللة وأكاذيب. في هذه القضية، نفى المسؤولون في البداية احتجاز هدهود، ثم حتى بعد الاعتراف بأنه محتجز في مستشفى العباسية، رفضت النيابة العامة ومسؤولو المستشفى السماح لأفراد العائلة أو الأصدقاء بزيارته، ورفضوا 15 طلبًا بذلك على الأقل. توضح قضية هدهود أيضًا مدى تفاهة الأسباب لإخفاء واعتقال المصريين في ظل حكم السيسي الاستبدادي المتزايد. لم يكن هدهود شخصية سياسية صريحة، بل كان باحثًا اقتصاديًا معنيًا بتغير المناخ والاقتصاد المصري.
ولكن مع استمرار تدهور الاقتصاد المصري واستمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية، أصبح حتى التحليل الاقتصادي والتعبير عن عدم الرضا بشأن الصراعات المالية في البلاد بمثابة خط أحمر بالنسبة لحكومة السيسي. في 21 أبريل/ نيسان، اعتقل مسؤولون أمنيون ثلاثة مصريين بسبب مقاطع فيديو ساخرة على التيك توك سلّطت الضوء على ارتفاع الأسعار في مصر. وبعد إلقاء القبض عليهم، اتهمت نيابة أمن الدولة العليا الثلاثة بنشر أخبار كاذبة وأمرت باحتجازهم.
جاء ذلك في أعقاب محاكمة عبد الرحمن سعيد، موظف المصرية للاتصالات، الذي انتقد التضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية على حسابه على الفيسبوك. سعيد، مثل هدهود، ليس ناشطًا سياسيًا، لكن ستة من عناصر الأمن المصري اختطفوا سعيد من منزله في 23 مارس/آذار. في الأسابيع التالية، تجاهلت الحكومة المصرية عدة طلبات من عائلة سعيد للكشف عن مكانه. كما رفض مسؤولو الأمن اتباع أمر النيابة بالإفراج عن سعيد، قبل أن يمثل أمام المحكمة في 20 أبريل/نيسان ويواجه تهما مختلفة. حتى الآن، لم يسمح المسؤولون المصريون لمحامي سعيد بمقابلته.
وقد وثقت منظمات حقوقية التعذيب المنهجي للمعتقلين في منشآت الأمن المصرية وأقسام الشرطة والسجون، ولاحظت الاستخدام المتكرر للتعذيب في حالات الإخفاء القسري، مثل حالة هدهود. منذ وصول السيسي إلى السلطة عبر انقلاب عسكري عام 2013، لقي أكثر من 1,000 معتقل وسجين مصرعهم داخل المعتقلات أو السجون المصرية. يشمل هذا المجموع تسعة قاصرين على الأقل وأربعة أشخاص قبل هدهود هذا العام.