اختار يوسف الشرقاوي الهجرة من مدينة بنغازي شرق ليبيا إلى أوروبا عبر البحر بعد مداهمة مسلحي حفتر منزله وإحراقه كاملا وتهديده بالقتل وخوفا من ملاحقته في العاصمة طرابلس.
يوسف اختار تسميته بالشرقاوي نظرا لأن أصوله ترجع إلى مدن شرق ليبيا وكان يشتغل قبل الثورة الليبية عام 2011 في شركة ألمانية ليبية تعمل في ليبيا في مجال الإنشاءات والتعمير.
ويقول الشرقاوي لمنصة داوون إن مشاركته في الثورة الليبية بمدينة بنغازي كانت مقتصرة على تدريب الشباب في مجال التنمية البشرية في جهاز الأمن الوقائي التابع للمجلس الوطني الانتقالي واللجنة الأمنية العليا التابعة لوزارة الداخلية ثم نصب مديرا ماليا وإداريا لمشروع إعداد القادة بهيئة شؤون المحاربين قبل أن يلتحق بالمنظمة الليبية للإدارة الحكومية.
ويؤكد الشرقاوي أن مدينة بنغازي كانت تنعم بالأمن والاستقرار والهدوء قبل أن يبدأ مشروع حفتر بالمدينة واصفا تلك الفترة بالذهبية مشيرا إلى أن بعض المجرمين استغلوا ضعف الأجهزة الأمنية لتنفيذ الاغتيالات ضد الضباط والمسؤولين والنشطاء والمشايخ والفاعلين بالمدينة.
وقبل أن يغادر بنغازي حاول الشرقاوي الالتقاء بعدد كبير من قادة مكونات المدينة لتشكيل جسم أمني يدافع عن مصالح المواطنين في بنغازي ليلجأ إليه المواطن والأجنبي في أي مشكلة بالتنسيق مع المجلس البلدي بنغازي.
وعند ازدياد التهديدات بالقتل ترك الشرقاوي مدينته قائلا إن مغادرة منزله وأهله وأصدقائه ببنغازي لم يكن قرارا هينا عليه حيث خرج مع أطفاله الستة وزوجته ليلا بعد أن طالت يد حفتر بالمدينة وكثر اغتيال الضباط والقادة واختفاء رموز ثورة 17 من فبراير.
وسافر الشرقاوي من بنغازي إلى مصراتة غرب ليبيا واستقر فيها لأشهر وشكل مع شباب بنغازي المهجرين لجنة أزمة تهتم بالمهجرين والنازحين الذين خرجوا من بنغازي بعد ازدياد سطوة حفتر في مدن الشرق كما أقام مع صحفيين في عامين متتالين اليوم الوطني لحرية الصحافة والإعلام.
وأفاد الشرقاوي بأن خروجه على وسائل الإعلام في اليوم العالمي لحرية الصحافة والإعلام تسبب في تهديده من جديد بالقتل من قبل مسلحي حفتر في بنغازي عبر الهاتف رغم ابتعاده عن بنغازي ووجوده في مصراتة.
وانتقل للسكن بعد أشهر في طرابلس التي وصلها اختطاف القيادات البارزة حيث تعرض لحادثة ذات يوم للتهديد المباشر من أحد رؤوس الجماعات المسلحة هيثم التاجوري.
وتابع الشرقاوي "والداي وإخوتي لم يستطيعوا الرد على اتصالاتي نتيجة خوفهم من إجرام حفتر في بنغازي وانقطعت العلاقة بأهلي ببنغازي وضاقت عليا ليبيا بما رحبت، لقد تعبت من الترحال مع زوجتي وأبنائي والكثير من المدن لم تعد آمنة مثل قبل وفي كل يوم أشعر أن الخطر اقترب مني ومن أبنائي".
رحلتي إلى أوروبا
وأردف قائلا "عزمت على الرحيل إلى خارج ليبيا ومن هنا جاء قرار الهجرة الذي لا رجعة فيه وتركت بلادي لأنني قلت لحفتر لا، وسعيت أن اخرج بطريقة رسمية من ليبيا ولم أستطع لعدم وجود سفارات تمنح التأشيرات الأوروبية ولم يكن أمامي إلا ركوب البحر مع زوجتي وأطفالي رغم خطورة الرحلة".
وتحدث الشرقاوي مع أصدقاء هاجروا عبر البحر أوصلوه في أحد رؤوس تجار البشر في مدينة صبراتة لينقل عائلته من طرابلس إلى صبراتة مقيما فيها لأيام رفقة ثلاثة عائلات أخرى قبل أن يخبرهم المهرب بموعد الرحلة ظهرا ويخرج الزورق البحري "لنش" مع زورق آخر للحماية.
وقال الشرقاوي "كنا ثلاثة عائلات دفعنا مبلغا باهظا للمهرب من أجل أن نركب البحر في لنش بحري كبير وآخر للحماية ومع ذلك شعرنا بالخوف، وبعد ثلاثة ساعات وصلنا البارجة الإيطالية في البحر المتوسط التي بقينا فيها لثلاثة أيام كانت تجمع المهاجرين ووفروا لنا الأكل والشراب ثم نقلونا إلى معسكر في إيطاليا".
وأوضح الشرقاوي أن طموحه كان الوصول إلى ألمانيا أو النرويج وليس البقاء في إيطاليا حيث أراد الطليان إجراء البصمة في إيطاليا لكنه رفض وخرج من المعسكر مع عائلته وعائلة صديقه متنقلين من دولة إلى أخرى في رحلة متعبة.
وخرج الشرقاوي مع مهرب من شمال إيطاليا إلى فرنسا مقيما في فندق أجرته عالية جدا نظرا لأنه يتعامل مع الأشخاص الذين ليس لهم أوراق رسمية ثم ركب القطار في اليوم التالي إلى ألمانيا.
وصلت إلى الأمان
وأضاف الشرقاوي "وصلت ألمانيا مع عائلتي وأصبحنا في أمان ونصحني أصدقاء بالذهاب إلى هامبورغ وعندما وصلتها أرجعوني إلى ولاية زاكسن ثم انتقلت إلى كمينتس حيث المقر الرئيسي للمهاجرين وبقينا حتى صرفوا لنا أوراق ثبوتية للتحرك ثم أجريت لي المقابلة مع قاضية ألمانية وتم تحويلنا إلى سكن يتبع الدولة الألمانية في مدينة لايبزيغ إحدى المدن الكبرى شرق ألمانيا".
وتابع الشرقاوي " أنا وزوجتي ندرس اللغة الألمانية وكذلك أبنائي متفوقين في الدراسة حتى على الألمان أنفسهم واعمل واسكن في بيت وأعيش في أمن واستقرار وقد سجلوني لدى طبيب العائلة وطبيب الأطفال وبعد حوالي أربع أشهر وصلتني إقامة اللجوء، لقد أعطاني الألمان ما لم يمنحني إياه أبناء جلدتي في ليبيا ولو اضمن الرجوع دون خطر سوف أعود إلى بلدي".
وأردف قائلا "لم نواجه أي مشكلة في استقبالنا في ألمانيا ووضعونا في سكن نظيف ووفروا لنا الوجبات وتكفلت بنا الدولة ومنحونا مبلغ مالي للملابس أول مرة والدراسة والعلاج مجانيان وراتب شهري يوفر لك حياة طيبة ومؤسسات الدولة معك ما لم تخالف القانون".
وأشار الشرقاوي إلى أن قصته قد تكون مغايرة عن مهاجرين آخرين لم يتحصلوا لأسباب مختلفة إلى الآن على الإقامة في ألمانيا لكن بشكل عام يعتبر الجميع قد وصلوا إلى مكان يمكنهم العيش فيه في أمن وأمان.