نورا نور الله باحثة ومستشارة مصرية في مجال حقوق الإنسان، وزميلة باحثة في مركز قانون جمعية المعلومات بجامعة ميلانو. عملت في مناصب مختلفة مع مركز القاهرة 52 للبحوث القانونية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، ومنظمة المادة 19، ومركز بيركمان كلاين للإنترنت والمجتمع بجامعة هارفارد.
English
"غسيل سمعة لدولة بوليسية". هكذا وصفت نعومي كلاين مؤتمر المناخ (COP27) الذي عقدته الأمم المتحدة الشهر الماضي في مصر، في شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر. لم تكن نعومي وحدها في التحذير من أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سوف يستخدم القمة الدولية "لغسل" سجل نظامه في مجال حقوق الإنسان المتدهور باستمرار. الآن، بعد أسبوعين من انتهاء مؤتمر المناخ باتفاق متواضع لإنشاء صندوق لتقديم المساعدة إلى البلدان النامية التي دمرها بالفعل تغير المناخ—في حين عدم إبرام اتفاق على خفض الانبعاثات العالمية—هل انتصر السيسي في الدعاية التي أرادها من استضافة مؤتمر المناخ؟
يقول البعض أن السيسي فشل فشلًا ذريعًا في غسل سمعة نظامه، بينما يعارض آخرون ذلك حيث يقولون أن مؤتمر المناخ كان نجاحًا بالنسبة لنظامه. لكن ذلك يعتمد على كيفية قياسك لنتائج المؤتمر—ليس كمؤتمر مناخي آخر للأمم المتحدة، بالضرورة، ولكن كقمة للسيسي لإبراز الصورة الأكثر ليونة التي كان يحاول ترسيخها كجزء من جهود إعادة تشكيل صورة النظام. لم تكن محاولة غسل النظام تستهدف جمهورًا دوليًا فحسب، بل جمهورًا محليًا أيضًا.
في عشية مؤتمر المناخ، حاول نظام السيسي في البداية إسكات جماعات حقوق الإنسان المصرية المستقلة من خلال منعها من الوصول إلى شرم الشيخ نفسها. لكن النظام سرعان ما أدرك أنه من أجل الحفاظ على واجهة ما يسمى بـ "الحوار الوطني" في مصر الذي تم إطلاقه في وقت سابق من هذا العام، فإنه يحتاج إلى السماح ببعض الأصوات الناقدة في مؤتمر المناخ. يبدو أن السلطات اعتقدت—وبشكل خاطئ—أنه سيكون من السهل التحكم في هذه الأصوات البسيطة وضبطها. ومع ذلك، سرعان ما سيطر عدد قليل من قادة حقوق الإنسان المصريين الذين وصلوا إلى مؤتمر المناخ على المشهد، بقيادة سناء سيف، شقيقة السجين السياسي المصري البريطاني علاء عبد الفتاح، وحسام بهجت من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
نجح كلاهما في جعل جميع وسائل الإعلام الدولية المجتمعة في مؤتمر المناخ تركز على سجل مصر المروع في مجال حقوق الإنسان، وخاصة آلاف السجناء السياسيين في ظل نظام السيسي. علاء عبد الفتاح كان في قلب هذه الحملة. فمع انطلاق مؤتمر المناخ، صعّد إضرابه عن الطعام، الذي بدأ في أبريل/نيسان، برفضه حتى شرب الماء. ولكن بدلًا من محاولة فتح حوار فعلي مع المدافعين عن حقوق الإنسان، ناهيك عن إطلاق سراح المزيد من السجناء السياسيين، سرعان ما لجأت السلطات المصرية إلى محاولات فاضحة وخرقاء لتشويه سمعة النشطاء القلائل الذين تم السماح لهم بالذهاب إلى شرم الشيخ.
من المعروف أن نائبة برلمانية موالية للحكومة قاطعت ووبخت سناء سيف أثناء حديثها في مؤتمر صحفي برعاية الأمم المتحدة. وخرج النائب عمرو درويش من قاعة المؤتمرات برفقة أمن الأمم المتحدة، في عرض محرج لنظام السيسي، حيث تم تصوير ذلك المشهد كاملًا بالفيديو. لكن النظام لم يتوقف عند هذا الحد. فبعد ذلك، نظّم النظام "احتجاجات" زعمت أنه تم انتهاك حق درويش في حرية التعبير.
على الرغم من وجود بعض النشطاء الحقوقيين، كان هذا لا يزال مؤتمر المناخ البوليسي الذي يخشاه الخبراء. تعامل جهاز أمن الدولة في مصر مع مؤتمر المناخ كما لو كان حدثًا محليًا حيث يمكن للشرطة وجهاز النظام التحكم بسهولة في من يتحدث وما يقال. كان هناك تواجد مكثف لقوات الأمن في جميع أنحاء شرم الشيخ—ليس لحماية الحاضرين، ولكن لمراقبتهم وترهيبهم، بما في ذلك أعضاء الوفود الأجنبية. أدى ذلك إلى فضيحة أخرى، عندما حذرت الشرطة الفيدرالية الألمانية وفد المناخ الألماني من أن عملاء الأمن المصريين ربما يتجسسون عليهم—وهي مزاعم حققت فيها الأمم المتحدة بعد ذلك. كانت هذه ضربة أخرى لمحاولات مصر في غسل سمعة النظام. وبدلًا من إخفاء انتهاكات السيسي عن مؤتمر المناخ، استخدمت الأجهزة الأمنية المصرية تكتيكات عدوانية تضع قمعه وعدم قدرته على السماح لأي معارضة أمام مرأى العالم.
لكن حتى مع ظهور هذا الأمر أمام الجميع، ما زال السيسي يفلت من العقاب ويتم فقط توبيخه بشكل بسيط عن سجل مصر في مجال حقوق الإنسان. لم يرفض أي زعيم دولي حضور مؤتمر المناخ احتجاجًا على انتهاكات مصر، وجميع الذين حضروا، بما في ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتز، فضلوا الإدلاء بتصريحات ضعيفة بشأن حقوق الإنسان، مع التركيز بدلًا من ذلك على تعاونهم الاقتصادي والأمني مع نظام السيسي. واكتفى رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بإثارة قضية المواطن البريطاني علاء عبد الفتاح مع السيسي بشكل سريع، وتجاهل الرد على أي أسئلة من المراسلين بشأن هذه القضية. كان من الواضح أن السيسي لا يزال محميًا من أي انتقاد غربي لأهمية مصر الجيوسياسية.
نظرًا لظهور كل هذه الأمور على المستوى الدولي، كان هناك جانب آخر لمحاولة السيسي غسل سمعة نظامه. لم تستهدف دعاية نظامه في مؤتمر المناخ الغرب فحسب، بل مصر أيضًا داخليًا. قبل أسابيع فقط من افتتاح مؤتمر المناخ، أعلنت مصر أنها ستخفض قيمة عملتها، ما تسبب في خسارة ما بين 20 إلى 25 بالمئة من قيمتها، في ضربة اقتصادية أخرى للمصريين العاديين في ظل حكم السيسي. لم يكن توقيت تخفيض قيمة العملة من قبيل الصدفة، حيث كانت الدولة تهدف إلى تخفيف الضربة من خلال التباهي باستضافة مؤتمر المناخ والهيبة التي جلبها لمصر. كان نظام السيسي ناجحًا إلى حد كبير في هذه الجهود، نظرًا لقدوم جميع القادة الدوليين إلى شرم الشيخ.
لم يكن لدى السيسي بشكل عام مشكلة في السيطرة على السردية الوطنية حول مؤتمر المناخ، حتى لو كانت التغطية الدولية أكثر أهمية. ففي نهاية المطاف، وسائل الإعلام المستقلة شبه معدومة في مصر تحت حكمه، ومعظم وسائل الإعلام هي بحكم الواقع وسائل إعلام حكومية. انتشرت صور لقاء السيسي بقادة العالم، ووقوفه وسط الصور الجماعية، في جميع وسائل الإعلام المصرية، التي تباهت بالفخر وطني. لم تكن هذه تكتيكات جديدة لنظامه. فقد تم استخدام مشهد العام الماضي الخاص بـ "العرض الذهبي للفراعنة" بنفس الطريقة من قبل النظام ووسائل الإعلام لإلهاء المصريين عن المشاكل الاقتصادية المتفاقمة.
كان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي لاعبًا رئيسيًا آخر في غسيل سمعة النظام محليًا، حيث أشاد بتنظيم مؤتمر المناخ، متجاهلًا عن عمد انتقادات حقوق الإنسان. تفاخر بأن مؤتمر المناخ كان نجاحًا اقتصاديًا لمصر، حيث وقّعت صفقات استثمار مناخي بقيمة 15 مليار دولار مع كيانات مختلفة. وسارع وزير الخارجية سامح شكري، الذي ترأس مؤتمر المناخ، إلى الاعتراف بالنتائج الإيجابية للمؤتمر، وأبرزها إنشاء صندوق "الخسائر والأضرار" للبلدان الضعيفة التي تضررت بشدة من الكوارث المرتبطة بالمناخ. كما دافع شكري عن اعتقال علاء عبد الفتاح. ففي إحدى المقابلات، أنكر إضراب علاء عن الطعام. وفي مقابلة أخرى، قال أن الاهتمام بعلاء يمكن أن "يحول" دون التركيز على المناخ.
إذن، هل تمكنت مصر من غسل صورتها بنجاح في مؤتمر المناخ؟ ربما لم يكن مؤتمر المناخ هو المسرح الدولي اللامع لمصر الذي تخيله السيسي ومروجوه. ولكن على الرغم من أن نظامه ربما فشل في غسل صورته دوليًا—حيث أعطى مؤتمر المناخ حركة حقوق الإنسان في مصر الضوء الذي هناك حاجة ملحة إليه والذي تم افتقاده لسنوات—كان نظام السيسي لا يزال قادرًا على السيطرة على السردية داخل مصر. كما تمكن من تحويل عاصفة الانتقادات الدولية وعدم الانصياع لأية مطالب لحقوق الإنسان، بما في ذلك إطلاق سراح علاء الذي لا يزال في السجن. فبعد تضخيم قضيته خلال مؤتمر المناخ، تناست وسائل الإعلام الدولية، كالعادة، قضيته بسرعة مع انتهاء المؤتمر. تستمر معاناة علاء وآلاف المعتقلين السياسيين في مصر، حتى لو اختفت عن عناوين الأخبار الدولية.
لم يفلت نظام السيسي من كل هذا إلا بفضل دعم القادة الدوليين، الذين وضعوا مرة أخرى المصالح الاقتصادية والأمنية فوق حقوق ومصالح المصريين العاديين.